قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 1960 - 2007 / 6 / 28 - 12:07
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
قد أبدو للبعض، لا سيما الذين في السلطة، منحازا لاختصاصي إذا قلت إن لكل سلطة سيكولوجية خاصة بها ومزاج نفسي يميزها عن غيرها من السلطات، بالرغم من وجود ثوابت نفسية تشكل قاسما مشتركا لكل السلطات في الدنيا، أهمها : الاحتفاظ بالسلطة والدفاع عنها سواء بالإقناع أو الإغراء أو الحيلة أو العنف أو قطع الرأس .
والمطلع على تاريخنا العربي والإسلامي يجد أن السلطة فيه قامت على نظرية ( الشخـــــــــص العظيم ) التي ترى أن القادة أشخاص استثنائيون يمتلكون شخصيات تمتاز على الآخرين بثلاث صفات : الشجاعة والذكاء والكارزما...أي جاذبية شخصية القائد التي تدفع الناس إلى تقديسه . وعلى مدى ألف وأربعمائة سنة، فعل هذا المناخ السيكولوجي فعله فينا، حتى صرنا نعتقد بأن القائد العربي يولد بتركيبة بيولوجية وقدرات خارقة تخصه بها قوة سماوية غير تلك التي يولد بها عباد الله . ولقد نجم عن هذا الاعتقاد – الذي جرى تشفيره في العقل الجمعي العربي للناس– أن القائد ( خليفة، ملك، سلطان، رئيس، أمير..) منح لنفسه امتيازات استثنائية بوصفه شخصا استثنائيا .
وراحت السلطة تغريه إغراء فاتنة ( لعوب ) محترفة . فاستجاب أغلبية القادة العرب لهذا الإغراء أو ذاك، كل حسب هواه ومزاجه، وتوزعوا على : الهوس ببناء القصور، أو جمع الثروة، أو جمع النساء، أو اللهو والمتعة، أو ( المكاون- مفردة صدام - ..أي إشعال الحروب امتدادا لغريزة الغزو عند العربي )، أو الهوس النرجسي بالاستماع إلى قصائد المدح بالتعظيم والتفخيم لإشباع الحاجة العصابية إلى الإعجاب التي هي عند معظم القادة العرب، مثل جهنم، يسألونها : هل امتلأت ؟ تقول : هل من مزيد ؟..أعني لن يشبع حاكمنا العربي من المديح، ولن يفرز جبينه قطرة خجل حتى لو كتب فيه دواوين شعر تملأ ناقلة نفط . وكان بينهم أخيرا من هو في هوسه على شاكلة الشاعر ( تأبط شرا ) الذي سئل عما يحب في الدنيا فأجاب : ( أكل اللحم وركوب اللحم وحك اللحم باللحم ! ) .
وللأسف، أن معظم القادة العرب ( ربما باستثناء سوار الذهب ) ورثوا عن أسلافهم القادة هوسهم بالسلطة أكثر مما ورثوا عنهم فضائلهم وترّفع الندرة منهم عن ملذاتها . والشيء الوحيد الذي اختلفوا به عنهم، هو أن وسائل إشباع الحاجات الهوسية تطورت الآن بفعل التكنولوجيا، التي جعلت أمر إشباعها أمتع وأسهل . فبعد أن كان أسلافهم يكثرون من أكل الدبس والتمر الزهدي، صارت حاجاتهم الهوسية تشبعها حبة زرقاء، منحوا لشركة إنتاجها امتيازا خاصا بتصنيعها قريبا من قصورهم . وأظن أن الناس سيستبدلون أسمها من( الفياجرا ) إلى( الفجرة !)
..ليطابقوا وصف الحاجة على المحتاج !.
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟