باسم الخندقجي
الحوار المتمدن-العدد: 1952 - 2007 / 6 / 20 - 11:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لو أن فيروز التي يأتي صوتها مع اشراقة كل صباح تعلم بأمر " البوسطة" التي يركبها الأسير الفلسطيني كل صباح ومساء لما جادت بصوتها الساحر أغنيتها " على هدير البوسطة " ولربما امتنعت عن غنائها لي تعبر عن استيائها من عالم يدمر باستمرار أجمل المعاني ... إذ أن البوسطة احد أهم أشكال العقاب التي تمارس ضد الأسير الفلسطيني يوميا ... فهي عبارة يتم من خلالها نقل الأسرى من سجن إلى آخر ومن السجن إلى المحكمة .
والبوسطة أثناء مرورها من جانبه يراها العالم الخارجي حافلة سياحية فاخرة بكل ما تحمل الكلمات في معاني لدرجة انه يتفاجا من تلك الأقاويل التي تتحدث عن واقع الأسير المأساوي ويستغربها .. فإذا كانت وسيلة نقل الأسير فخمة إلى هذه الدرجة فان حياته داخل السجن مشابهة لها ؟!!
أن العالم الخارجي معه حق في كل تصور أو فكرة نشأت كنتاج لانعكاسات الحافلة الفريدة من نوعها ومعه كل الحق أيضا لأنه عالم لا يمتلك سوى التصورات السطحية لتفسير الظواهر وانعكاسات عالم آخر ... وهذه هي فطرته المؤلمة ...
أما البوسطة فمعه الحق الأكبر لان هيكلها الخارجي يحاكي جميع أشكال الحضارة ويتلاءم مع تفاصيل الأشياء الخارجية بكل احترام ولكن ....
كل ما لا يعلمه العالم هو أن كل شيء يحمل في ذاته نفيه وهذا بالفعل ما يقترفه صانع البوسطة وسائقها بكل حماقة ... فهي ليست سوى سجن متنقل فخم من الخارج ومؤلم ومظلم من الداخل ...
لا شيء للأسير الفلسطيني باستثناء إرادته الفولاذية سوى مقاعد حديدية ونوافذ حديدية سوداء وطقس حديدي متجمد تارة وملتهب تارة أخرى ... يبقى الأسير داخله لساعات طويلة مقيد اليدين والرجلين ...
أمواج حديدية عملاقة تتلاطم بقسوة لتدل على أنها صنعت لكي لا ترحم المقيد الذي يرتجف من قوة القوة ويرتجف بشدة اشد عندما يدرك أن العالم الخارجي يحسده على وسيلة نقله السادية الفارهة من الخارج والحديدية القاسية من الداخل ......
#باسم_الخندقجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟