حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 1950 - 2007 / 6 / 18 - 10:50
المحور:
الادب والفن
أكثر دفاعاتي الواعية وأعمل على تعميقها باستمرار_ الفصل العاطفي مع حدث(مثير أو مؤثر) خارج دائرة مسؤولياتي ومقدرتي الفعلية, أو التخفيف من أثره ما أمكنني ذلك. هو دفاع يشبه المرشّح,يصدّ ويقطع مع الشدّات دون العتبة,ويمرّر الأعلى توترا, وأحيانا ينهار معها.
بقيت سنين مقاطعا لوسائل الإعلام,حماية لجملتي العصبية كما كنت أعتقد, وفي لحظة تجرفني أحداث الخارج وأنصهر وسط القطيع,صراخ وشتائم أو أهازيج,تأتي على البقيّة من عقلي وتفكيري المحدودين بالأصل...كما يحدث معنا جميعا, أجل معنا جميعا, أعرف!
معركة غزّة لا تحتاج لوضعها بين قوسين إلا من باب الغفلة أو الخداع, هي معركة كاملة موصوفة ومتحقّقة, وأغلب الظن ستنتقل إلى بقية الأراضي الفلسطينية, وربما أبعد.
ما يعنيني في القضيّة خطّ واحد_هو البعد الإنساني أو الكرامة البشرية_ وما يتجاوز صراعات السياسة والمصالح ويتعالى على الأفراد والمجتمعات,هو خطّ ضامر وهزيل وبالكاد يرى ويلمح في معسكرات الاعتقال الشهيرة أو النكرة والمجهولة الأكثر رعبا.
_كيف يتشارك البشر على مساحة أو فضاء,دون هدر الدم والحر مات!!!!!!!!!؟
لا اقصد المعنى الديني في كلمة حرمات" لأنه واقعيّا يشجّع على الاعتداء ويبرره أيديولوجيا" والعكس تماما,الحرمات بأبسط المعاني وأوضحها....حرمة الجسد وحريّته في التفكير والطعام والشراب والملبس والمشاركة أو المقاطعة_ الحريّات الأساسيّة: الفرد وحدة الوجود ومادّته.
.
.
بعد الثانية منتصف الليل عدت.
سألت أصدقائي مع كأس في سفينة نوح, عن الرأي فيما حدث في غزة وسيتكرر,للأسف: وكالعادة تدرّج الحديث من السياسة إلى الشعر, ثم اختلفنا...جميل حلبي وأنا,النزاهة يا جميل!
فريدة السعيدة نائمة كعادتها, وعلب الدخان في غرفتها, دخلت...وأخافني خوفها وذعرها.
يا فريدة فقط أريد أخذ علبة دخان,كيف نعالج هذا الخوف أو ذاك الخوف, أو...الخوف المدمّر!
فريدة تتتابع نومها بعدما أنست لملامحي ورائحتي ربما, وأنا في قلب هذا الجحيم.
*
مساء الكحول يختلف عن صباحه.
*
لا أرغب في الكذب ولا الخداع, لأن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, كانت الأقرب لنفسي, أتساءل بمرارة عن دورها ودورهم, ماذا لو كنت أعيش في غزة الآن!؟
عشرات من أصدقائي في غزة,بينهم فقط عائلة أبو علي مع ميناس, كانت طفلة تتلذذ بطعم العرق قبل تعلّم المشي!
هل ستقبل أنها ضلع قاصر وناقص العقل والأهلية, أم تهرب من بلاد أجداد أجدادها؟
وماذا عن علي؟ الطفل الجميل المحبوب؟ هل تحوّل إلى آلة قتل بدائية......تكيّف أم إبداع!
ويلي عليك يا ابن صديقي.....
لولاهم_عائلة أبو علي مع زياد وهشام وعبيدة و....كؤوسنا الفارغة في اللاذقية_لما اكترثت.
نفس اللعبة(القذرة) التي مارستها فتح ورموزها في ثمانينات وما قبل, تكررها الآن حماس, وحسب قول ماركس الشهير: مرّة بشكل مأساة وثانية بشكل مسخرة!
قادة فتح ورموزها وعناصرها أول من استخدم سلاحيّ...التكفير والتخوين, واليوم تحترق القضية مع الأرض, ويبرز الأكثر شرها وكلبية باسم الله والوطن, والسؤال المجروح: من انتصر على من!
هل توجد حلول؟
في كل لحظة أو منعطف أو تفصيل, توجد حلول.
_حل تافه وغبي, هو الشائع والسائد عموما.
_حل متوّسط, كما فعلت فتح ورموزها, سابقا.
_حل إبداعي..:كما فعل الألمان واليابانيون والفرنسيون وسواهم في البلاد الحديثة .
*
الكثيرون..... من الأصدقاء والمعارف والمنافقون, يعيبون عليّ, السهولة والخفّة في ثرثرتي!
أجل ونعم,فيها خفّة وطيش ونقص خطير في التعقّل, ولكن.
لا يبرر للركاكة في النصوص الأدبية, ولا سطحيتها ولا سذاجتها, أخلاق ولا قيم.
الفرق بين البساطة والسطحية أوالسذاجة,موجود,وهو من أهمّ قضايا الأدب والشعر خصوصا.
الفرق بين ما هو موجود وواقعي ومعاش,وبين تصوّراتنا عنها,يحتاج للجهد والنزاهة,وبعدها قد يخفق ويفشل على الأرجح, وفي طريق الخداع والخسّة تزييف حتمي للوعي والإدراك!
_ أنت من فتح,تسقط عنك حقوق الإنسان في غزة.
_أنت من حماس تسقط عنك حقوق الانسان في الضفة وما عدا غزّة.
مسوخ بشرية تتقاتل,مع قسوة العبارة, لا بديل.
أتخيّل نفسي موظفا في الضفّة أو القطاع, وأتخيّل نفسي في أصدقائي وعبرهم!
*
المشكلة في الأسس والمعايير, المشكلة في قبول النفس ويأتي الآخر لاحقا,شبيه أم عدو.
لماذا يفرض علينا قبول وتقبّل وحوش بشرية مثل صدّام وأهله, أو الموت المجّاني والتشويه كما يحصل في العراق اليوم!
هل توجد حلول؟
لا أعرف.
لكن ما أراه وأسمعه,مرفوض في الجملة والتفصيل, لست مع هذا المسخ أو ذاك.
_يسألني الصديق عن رأيي في معركة مخيّم نهر البارد؟
أتوّحد مع الخاسرين, لم أكن يوما في جهة هذا المنتصر أو ذاك.
لو كنت فلسطينيا وأتيح لي المغادرة أو الهرب, لما تردّدت, عدا ذلك سأدافع عن كأسي.
لو كنت لبنانيا_مشروع الجنرال ميشيل عون_ يقنعني:دولة حديثة مع اعتبار مقتضيات الواقع.
وبما أني سوريّ منذ مئة جيل على الأقلّ,هنا توجد العتبة الموروثة..كأس وصديقة حدّ أخير. دونه الموت,وهناك سقف ربما يحمل مشاريع الإنجاز وتحقيق الذات...كما كنا نقول.
*
عودة إلى غزّة.
ماذا عن الفيدرالية أو الكونفيدرالية؟
منظر الدم يثير اشمئزازي ويشلّ تفكيري.
أملأ كأسي!
سأشربه....وأرسل ما ترددت في إعلانه قبل الكأس
.
.
.
ثرثرة لأجل الحب(ليست شعرا,لكنها كتابتي الآن وهنا)
...............................................................................................................
المقعد الفراغ في مكانه
تحت شجرة العنب
قطعة قماش عسكري على البلوك
إبريق مقلوب,
من ينظر إلى طفولته في المرآة؟
من ينظر إلى حزنه من النافذة؟
في بيت ياشوط
ترى الأشياء مقلوبة وصحيحة معا.
أوراق العنب نفسها,
ولا واحدة تشبه الأخرى
لو كنت في إجازة,
أدعو الأصدقاء إلى وليمة,
أرد على التلفون بترحيب واضح,
أشعل سيجارة وأغمض عيناي.
لتحضر كلّ الأرواح التي مرّت من هنا!
الجبال في عنادها الراسخ,
حركاتنا وأنفاسنا المتلاحقة,
ونحن نتبدّد بين الصخر....
آه يا حزيران القاسي
أسمع الصياح والنداء
ولا أستطيع أن أنطق بكلمة
*
تتلاقى الأغصان, تقترب وتبتعد
للجذور حركاتها,
تخطئها الأيدي
وفي الدفاعات الغامضة
وجه يتوهّج في الذكرى....
يا ليل تمهّل
لا صباح بلا حبّ
*
أشعلت الضوء لأبعد النسيان
البرودة وجهي,
ساعة ويوم وشهر
من منا لا يخطئ العدّ؟
أتكلّم عن حرارة وحياة
أنفاس وملامح.....
أنتبه
للحياة حدّ ونهاية
وأداعب أصابعي
وأطيل الرهان
مع كل رشفة من هذا الكأس
تنقص بقية عمري
أضحك وأقلب الطاولة
أوراقي لا تقرأها_
من أكتب لها الرسائل.
*
انظر إلى المصباح فوق بيتك
أنظر إلى الغضون فوق جبينك
النسمة مرّت من هنا
والعاصفة
وأنت
*
يا رياح هذه السنين
يا ذاكرة ليلي الطويل
لا تقترب أكثر
هنا الألم كبير
هنا لا شيء يستعاد
كأننا جميعا أتينا بعدنا
*
أحببت امرأة لا تعرف معنى الحبّ
ابتعدت في محبتها أكثر
الله....الذي يشبه ضحكتها
الله الذي أحبني صغيرا
وتمادى في انتصاره
أنا فكرته عنّي
وهو الغنيّ المحاسب
كلانا نحبو على عتبات رضاك!
*
أولمت لي
وأطعمتني وسقيتني
لأحفظ لك الذكر
لك وجه النجمة, ووجه النار
وليس لي حتّى غفرانك,
تقولين اذهب, فأختفي
تدعيني للدخول فأطير
حذاؤك أنا على الطرقات
والغبار الذي ينعم قربك...
تصرخين!
قولي وافعلي ما يحلو لك
هنا كنت أنتظر
"كل شيء يذكّر بك سواك"
*
إلى ليل بيت ياشوط
أصحبك معي
قميصك محبوب وحذاؤك
وبنطلونك....
يا أخت الله
لمرّة اسمعيني, أرجوك
هنا يبدأ العالم
وهنا ينتهي
معك.
*
أشرب كأسي وأحلم,
أفكر
اللذين نحبهم لا يعرفون
واللذين لا يعرفون ونحبهم....
يا الله
الجمال كيف ينتهي!
"فراشة بيضاء ضاعت في الليل"
كنت هنا أحلم وأنتظر
لا يكفيني أن أعدّ النجوم
وأنظر إلى وجه من أحبّ
جاءت الطيور,
وماتت
على جذع شجرة.
من سيقول أخيرا؟
مرحبا أيها الغريب!
*
في إحدى النجوم
فوقها أو حولها, أو معها
شخص يفكّر بشخص آخر...
وهو ينظر إلى النجوم البعيدة
هذا أنت
بلا كلام!!
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟