معاً نبني سوريا حرة موحدة ديمقراطياً


معتز حيسو
الحوار المتمدن - العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 13:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

السلم الأهلي من جديد
معاً نبني سوريا حرة موحدة ديمقراطياً

معلوماً للجميع أن الوضع السوري بكافة مستوياته وأشكال تجلياته خلال حكم الأسد الأب كان محكوماً بالنار والحديد. بمعنى أن ما كان يبدو أنه استقراراً اجتماعياً كان بفعل التغول الأمني الضامن لحكم نظام الأسد. واستمر الوضع مع بعض التغييرات الشكلية بداية حكم الأسد الإبن.فيما تم لاحقاً إعادة هيكلة الدولة الأمنية والعسكرية العميقة.
لكن مع انطلاق الثورة السورية دخلت سوريا والمجتمع السوري بمختلف مكوناته مرحلة جديدة عنوانها العريض القمع والنهب والقتل والخطف وتدمير المدن والاقتصاد، وتدمير بنى المجتمع السوري ومكوناته بفعل الهيمنة القمعية والقهرية والطائفية. وتم الإشتغال على تعميق الفساد على المستويات كافة.وأيضاً القمع والقتل والإضطهاد، كاشفاً ذلك عن فائض قوة قمعية فاشية. ما أتى على تدمير بقايا الهوية الوطنية، ودخول المجتمع السوري مرحلة عنوانها العريض إنهيار السلم الأهلي. تجلى ذلك بأشكال صراعات بينية محمولة على مفاعيل داخلية ذاتية تقاطع بعضها مع تدخلات خارجية دولية وإقليمية بأشكال مباشرة وغير مباشرة، ما أدى لتدمير البنى المجتمعية. وتدمير كيانية (الدولة السورية) وتشظي مكونات المجتمع المدنية والسياسية، وفقدانها لدورها المستقل.
أما وبعد انتصار الثورة السورية. فإن سوريا العظيمة وشعبها العظيم المتمسك بصناعة مستقبله ديمقراطياً،سيعيد بناء سوريا الحرة بإرادة حرة.
لكن ثمة تساؤل مهم يجب التأكيد عليه: كيف نعيد ترسيخ السلم الأهلي بكونه يشكل مدخلاً لبناء سوريا المستقبل.
مرحلة البناء دخلت حيز العمل لحظة إسقاط الأسد الطاغية. ما يستدعي التأكيد على ضرورة وأهمية تمكين العدالة الإنتقالية وذلك من خلال كشف الإنتهاكات والجرائم التي مارسها نظام الأسد بحق السوريين، ليصار إلى تقديم مجرمي الحرب وكل من تلطخت يده بدماء السوريين إلى محاكم عادلة،وصولاً إلى جبر المظالم، وتمكين المظلومون من حقوقهم المشروعة. ولن يتحقق ذلك في حال تم إعادة بناء نظام حكم شمولي يقوم على هيمنة الديكتاتورية الفردية وإن بأشكال مختلفة. لكن من خلال مشاركة السوريين جميعاً في تكريس نظام حكم وطني ديمقراطي تعددي يضمن الحريات السياسية والمدنية والشخصية الفكرية والسياسية والدينية والمذهبية.... ويضمن أيضاً حرية التعبير والإعتقاد لجميع مكونات الشعب السوري القومية والإثنية والعرقية والدينية والمذهبية. ونؤكد في ذات السياق على تمكين مشاركة المرأة لضمان حقوقها الإجتماعية والسياسية والمدنية والدستورية.ونؤكد في ذات السياق على أن اليات مشاركة السوريين في رسم مستقبلهم يجب ألا يكون من بوابة التمثيل الطائفي والمذهبي والإثني. فذلك يُدخل المجتمع في سياق تمكين بناء نظام محاصصة طائفية يقوم على المكونات الأولية للمجتمع. فمن المعلوم أن المجتمع السوري متعدد ومتنوع، ما يشكل عوامل ثراء وغنى مجتمعي. بالمقابل يمكن أن يكون مدخلاً إلى التشرذم والتفكك ومن الممكن أن نشهد صراعات بينية في حال تم الإشتغال على توظيف التنوع المجتمعي لتمكين نظام سياسي يقوم على التمثيل السياسي للمكونات الإجتماعية.بديلاً عن التمثيل السياسي المدني الذي يقود في سياقه الطبيعي إلى بناء هوية وطنية جامعة لكل السوريين. ما يعني بالضرورة الإشتغال على إنجاز بناء هوية وطنية جامعة تعبّر عن السوريين كافة. وفي السياق ذاته يجب التنويه لمخاطر تمكين هيمنة الأكثرية الدينية سياسياً من بوابة ديمقراطية الطوائف التي تعتمد التمثيل السياسي لمكونات المجتمع. ما يعني التأكيد على التمثيل السياسي والمدني بغض النظر عن الإنتماء المذهبي والطائفي والعرقي والإثني....
يتقاطع ماذكرناه على ضرورة العمل على ضمان مستوى معيشي لائق يضمن كرامة السوريين. وذلك من خلال التوزيع العادل للثروة الوطنية. وإطلاق عجلة بناء اقتصاد وطني يلبي مصالح عموم السوريين دون تمييز. ويمر ذلك عبر الإشتغال على تمكين تنمية مستدامة بشرية وتنموية إنتاجية صناعية وزراعية. ويقطع مع أشكال الطغمة الأسدية التي هيمنت على مصادر الثروة ومفاصل المجتمع بتفاصيلة كافة، وذلك في سياق بناء وتمكين سلطة أمنية متغولة تساهم مع الطغمة المتسلطة والدائرة الضيقة المقربة من السلطة في نهب الثروات الوطنية والمواطن والإيغال في دماء السوريين،وممارسة أشد أشكال النهب والقمع والقهر والإذلال للسوريين.
ولن يتحقق السلم الأهلي دون تجاوز الإشكالية الكردية. فالأكرد جزء من المجتمع السوري وأحد مكوناته التاريخية الأصيلة. وتمكينهم من حقوقهم يمر من بوابة بناء دولة وطنية ديمقراطية يسودها دستور يضمن حقوق الجميع دون تمييز. فالدستور هو ضمانة السوريين جميعاً. لذلك يجب أن يشارك في صياغته السوريين كافة.
إن ضمان السلم الأهلي والإستقرر المجتمعي مدخله الأساس تمكين حقوق المواطنة والعدالة المجتمعية والتوزيع العادل للثروة وبناء اقتصاد حقيقي يقوم على تطوير الإنتاجية بكافة أشكالها ومستوياتها لضمان العيش الكريم للسوريين كافة. وتمكين العدالة الإنتقالية كما أوضحناها سابقاً وذلك للوصول إلى مصالحة وطنية شاملة وعميقة.
إن تحقيق ما أتينا على عرضه يحتاج منا إلى تمكين الحريات الشخصية والسياسية والمدنية وحرية التعبير عن الرأي والإضراب والإحتجاج والتظاهر والإعتصام وصولاً للمشاركة في صناعة القرار في أعلى مستوياته.
نؤكد أخيراً أننا سنبقى في صفوف المعارضة حتى ينال السوريين حقوقهم كافة.