اللمسات الأخيرة لتقسيم العمل عالميا


امال الحسين
الحوار المتمدن - العدد: 8134 - 2024 / 10 / 18 - 12:23
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

في عصر سيطر الرأسمال المالي الإمبريالي على السوق التجارية العالمية بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي سقطت كل التحاليل الاقتصادية التقليدية للأساس الاقتصادي العالمي، والتي اعتمدت محورها حول ما يسمى الصراع العربي الصهيوني أساسا للصراعات الطبقية بالشرق الأوسط مركز الطاقة : البترول والغاز، حيث الصهيونية ليست إلا عقيدة استغلتها عصابة يهودية سيطرت على الدول الاحتكارية تسخر اليهودية لتحريف الصراعات الطبقية الحقيقية بين الشيوعية والرأسمالية بالبلدان العربية، لتمرير هدفها الأساسي وهو السيطرة على الثروات الطبيعية والبشرية بهذه البلدان الغنية بثرواتها، واتخذت من الكيان الصهيوني مركز قوة عقيدتها هذه وتفرعاته عبر التطبيع الذي طال البلدان العربية الأساسية بالخليج وشمال إفريقيا علانية وأخرى في الطريق، وتشكيل محورين متناقضين أساسيين في تمرير سياساتها التوسعية بهذه البلدان باسم الصراع حول القدس بين الإسلام واليهودية.

إن ما يجري اليوم عالميا ما هو إعادة تقسيم قوة العمل عالميا التي يتطلبها التطور التكنوجي الهائل : الذكاء الاصطناعي ونانوسيونس، أي تقسيم مواقع الاستغلال الاقتصادي للثروات الطبيعية والبشرية بالخليج، إفريقيا وباقي البلدان المضطهدة من طرف الدول الاحتكارية، بعد بروز الصين كقوة اقتصادية جديدة مما تطلب نشوب حرب امبريالية كضرورة تاريخية لأزمة الرأسمالية تم التحكم فيها حتى لا تطال هاتين القوتين، وروسيا وإيران ما هما إلا أداتان لتأثيت المشهد السياسي للصراعات الطبقية عالميا المتمركزة حول أمريكا والصين.

وما يجري بالشرق الأوسط ما هو إلا التبعات السياسية للصراع بين هاتين القوتين الاقتصاديتين العالميتين حول موارد الطاقة بالخليج، بعد حسم القيادة السياسية للإمبريالية عالميا لصالح أمريكا وبقاء الدولار سيد الرأسمال المالي، مما تطلب تقسيم الثروات الطبيعية والبشرية بالخليج وعزل روسيا عن هذا الصراع، وذلك عبر الحرب بأوكرانيا وإبعاده عن الصراع في الشرق الأوسط خاصة بسوريا، وتغذية الحروب اللصوصية الجديدة بإفريقيا عبر الحرب بالسودان وامتداداتها بالساحل والغرب الأفريقي، أما إيران فقد تم استنفاذ دورها في تأثيت المشهد السياسي بالشرق الأوسط والخليج، مما تطلب تقليم أجنحتها بالعراق، سوريا، اليمن، لبنان وفلسطين : الضربة بالقنابل الإستراتيجية باليمن ونشر منظومة الدفاع الجوية بالكيان الصهيوني في انتظار الضربة من طرف الكيان الصهيوني بعد تدمير غزة وجنوب لبنان.

وقبل ذلك تم وضع الأسس الاقتصادية والسياسية للحرب الإمبريالية الحالية عبر تسخير الإمبريالية الأمريكية للكيانات الظلامية لتأجيج الحروب اللصوصية بالشرق الأوسط والخليج منذ 1975 عبر ما يلي :

أولا : الحرب بأفغانستان ضد الاتحاد السوفيييتي في 1978 التي أسفرت عن تفكيك هذا الأخير وبروز القاعدة، واحتلالها من طرف أمريكا من 2001 إلى 2021 : 20 سنة من سرقة الثروات الطبيعية للشعب الأفغاني، لعبت فيها الوهابية السعودية دورا كبيرا عبر المسمى بلادن.

ثانيا : الحرب الأهلية بلبنان في 1975 لتخريب ما كان يسمى سويسرا العرب : مركز الحركة السياسية والثقافة التقدمية، وتحويلها إلى صراع طائفي وطرد منظمة التحرير الفلسطينية بالجنوب في 1982، شاركت سوريا والعراق في هذه الحرب عبر الصراع التاريخي بين حزبي البعث في البلدين.

ثالثا : الحرب العراقي الإيرانية في 1981 بدعم من الرجعية السعودية بعد إسقاط حكم دركي الخليج شاه إيران في 1979، وبناء كيان ظلامي بإيران يسمى زورا الثورة الإسلامية والقضاء على الحركة الشيوعية.

رابعا : إسكات طبول الحروب اللصوصية بالشرق الأوسط في 1989، واختزالها في الحرب على البعث العراقي فيما يسمى حرب الخليج الأولى في 1991 شاركت فيها الدول العربية بما في ذلك البعث السوري نقيض البعث العراقي : امتداد للصراع بين الأمويين والعباسيين.

خامسا : تمحور هذه الحروب حول ما يسمى الصراع العربي الصهيوني بعد تجثيث المقاتلين الفلسطينيين بعد طردهم من لبنان، وفتح ما يسمى المفاوضات حول الدولة الفلسطينية التي تم اختزالها في السلطة التابعة للكيان الصهيوني في مؤامرة أسلو في 1994.

سادسا : الحرب على العراق واحتلالها من طرف أمريكا وبريطانيا في 2003 وتجثيث البعث العراقي بعد اعتقال ومحاكمة وإعدام صدام، وإدماج الكيان الظلامي بإيران في عملية بناء كيان ظلامي عراقي باسم الشيعة، وما تلى ذلك من حروب أهلية أفظعها ما يسمى داعش وامتداداتها.

سابعا : الحروب الأهلية فيما يسمى الربيع العربي في 2011 عبر توظيف كيانات ظلامية تقود ما يسمى الثورة الإسلامية بليبيا واغتيال معمر القدافي، بسوريا وعزل بشار الأسد، باليمن وقتل علي عبد الله صالح من طرف حلفائه الحوتيين.

في ظل هذه الشروط تم تركيز احتلال فلسطين عبر ما يسمى السلطة الفلسطينية واغتيال ياسر عرفات في 2004 مهندس الصلح مع الكيان الصهيوني، بعد قمع الانتفاضات الفلسطينية واغتيال واعتقال قياداتها وإشعال الحروب الصوصية بلبنان وتصفية الحركة التقدمية واغتيال قياداتها وبروز حزب الله ودعمه من طرف الكيان الظلامي بإيران. ونعيش اليوم أطوار هذه الحروب المأساوية بغزة ولبنان على حساب سفك دماء الشعبين الفلسطيني واللبناني وانتهاك حقوقهم المشروعة في التحرر والديمقراطية، بعد استنفاذ دور إيران في هذا الصراع مما تطلب القضاء على تعبيراتها المتجلية في قيادات حزب الله بسوريا، لبنان واليمن وحركة حماس بفلسطين.

ويبقى مستقبل الكيانات السياسية الظلامية مرهون بتعديل توجهاتها السياسية ضمانا لموقعها في الصراعات الطبقية ما بعد الحرب الإمبريالية الحالية، مما جعل إيران بقوم بزيارة الدول العربية الرجعية بالخليج ومصر، بعد اشتداد الخناق عليها بالعراق، سوريا، لبنان واليمن، وتورطها في الحرب مباشرة مع الكيان الصهيوني مما جعل أمريكا تضعها أمام الأمر الواقع بالمشاركة في هذه الحرب عبر منظومة الدفاع الجوي ثاد.