تحرير القدس يبدأ بتحرير القاهرة

الاشتراكيون الثوريون
الحوار المتمدن - العدد: 8123 - 2024 / 10 / 7 - 09:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الدرس الأهم للسادس والسابع من أكتوبر
تحرير القدس يبدأ بتحرير القاهرة


لا تتحرر الشعوب من نيران الاستعمار إلا بعد تضحيات جسيمة تبذلها في معارك وحروب وانتفاضات ومظاهرات، بالضبط كما حدث في فيتنام، والجزائر والعراق، وذلك بالرغم من الأعداد الهائلة من القتلى والدمار الذي لحق بمجتمع بأكمله.

وهذه الأيام، تمر ذكرى يومين عظيمين للتحدي والمقاومة، الأول هو 6 أكتوبر 1973، والثاني 7 أكتوبر 2023.

كانت حرب 1973 عنوانا لرغبة الشعب المصري في استعادة أرضه السليبة، بعد ست سنوات من حرب الاستنزاف.

يومها زحف الآلاف من أبناء الفلاحين والعمال والمهنيين المصريين بوجوه عنيدة ليتحدوا الموت، ويعبروا خط بارليف ويدمروا أسطورة الجيش الذي لا يهزم، ولولا خيانة القيادة السياسية لكان للحرب نتائج عسكرية وسياسية مختلفة تماما.

كما سجلت المقاومة الشعبية في السويس بطولات ما زالت محفورة على جدران المدينة الباسلة، ودافعت عن المدينة وحررتها بعد تدفق قوات العدو الصهيوني لها عبر ثغرة الدفرسوار التي توسعت جنوبا، لتواجه المقاومة الشعبية الباسلة بأسلحتها الخفيفة مدرعات العدوان.

وباختصار كانت البرجوازية المصرية تريد، بعد الهزيمة الكارثية للنظام الناصري في 1967، امتصاص الغضب الشعبي الجارف منذ مظاهرات 1968، وتحريك القوات المصرية للجلوس على مائدة التفاوض مع الصهيونية والامبريالية الامريكية، بعد أن رفع السادات شعار أن 99 % من أوراق اللعبة في يد أمريكا.

وعلى الرغم من ذلك يظل هذا اليوم يومًا للمقاومة والتحدي في سجل الشعب المصري، ويبرهن على أن هناك إمكانية دوما لهزيمة الغطرسة الصهيونية، لكن المشكلة تكمن في حدود الأنظمة البرجوازية التي تحكمنا.

وبعد مرور 51 عاما تتواصل المعركة في جولة جديدة ضد نفس الأعداء، وفي يوم 7 أكتوبر 2023، شنت المقاومة الإسلامية عملية طوفان الأقصى، وسط ذهول الجميع، واخترقت حدود العدو المتكبر وقتلت وأسرت الآلاف.

كانت الهجمات الفلسطينية في 7 أكتوبر بمثابة نقطة تحول في السياسة العالمية. ومنذ ذلك الحين، شهدنا عامًا من الإبادة الجماعية والمقاومة، التي عزلت إسرائيل وكشفت نفاق الغرب وحفزت حركة تضامن جماهيرية.

وكانت المقاومة الفلسطينية قد اخترقت أسوار سجن غزة في الساعات الأولى من صباح ذلك اليوم. ولفترة قصيرة، استعادوا الأراضي التي سرقها المستوطنون الصهاينة منهم قبل 75 عامًا خلال نكبة عام 1948، وهي عاصفة التطهير العرقي التي أدت إلى قيام إسرائيل.

وتعرضت دولة الاحتلال التي تبدو قوية في نظر العالم الى الاذلال، وقد فوجئت مؤسساتها العسكرية والاستخباراتية بالهجوم وكانت استجابتها كذلك بطيئة.

لقد هزت الهجمات الفلسطينية الطبقة الحاكمة الصهيونية برمتها. لذا، وبدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا، قامت بشن هجوم بكل الأسلحة الفتاكة التي زودها بها الغرب.

وشنت قوات الاحتلال حرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين. وحتى الآن، قتلت الحرب ما لا يقل عن 41 ألف شخص – وأصابت ما يقرب من 100 ألف آخرين – في غزة وحدها.

ولكن بعد مرور عام، لم تتمكن قوات الاحتلال من إلحاق الهزيمة الحاسمة بالمقاومة الفلسطينية، ولا استعادة أسراها، ووسط الأنقاض، صمد المقاتلون – والشبكات الواسعة من الأشخاص الذين يدعمونهم – بشجاعة هائلة.

وحتى بعد موجات القصف الشامل، لا يزال بوسع الفلسطينيين الخروج من أنفاقهم لتفجير العربات المدرعة والقوات الصهيونية التي يفترض أنها لا تقهر.

ربما هي المرة الأولى التي يواجه فيها العدو الصهيوني منذ النكبة المقاومة من كافة الجهات، من غزة وجنوب لبنان والضفة الغربية واليمن والعراق. ورغم تلك المقاومة الجسورة من كافة الجبهات والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني لمدة عام كامل تحت النار وبتكلفة انسانية لم يشهد العصر الحديث مثلها، وسط تواطؤ دولي واقليمي يصل لحد المشاركة في المذابح، فإن غياب الدعم الجماهيري من شعوب المنطقة شكل الحلقة الأضعف في الصراع العربي الصهيوني في هذه المرحلة خاصة في مصر. لقد كان الموقف الجماهيري لشعوب المنطقة التي طالما انتفضت مع المقاومة وشكلت تهديدا جديا لاستمرار حلفاء الصهيونية والامبريالية الأمريكية في المنطقة، وغياب الحركة الجماهيرية الداعمة للمقاومة وصمودها اليوم يمثل ليس فحسب نقصا فادحا لجبهة الدعم والاسناد ولكنه يصل حد الدعم غير المباشر للصهيونية الذي تقدمه أنظمة الاستبداد التي تقمع الجماهير.

إن المقاومة الشعبية الباسلة في فلسطين ولبنان بكل عظمتها، والتي يجب أن نساندها وندعمها بكل الطرق، تستطيع أن تصمد وقد تحرز نقاط في معركة النفس الطويل، عبر عرقلة المشروع الصهيوني للشرق الأوسط، ولكنها لن تستطيع بمفردها أن تحرر القدس، وتقضي على الصهيونية رأس حربة الامبريالية في منطقتنا.

ولعل أهم درس ليومي السادس والسابع من أكتوبر هو أن الطريق إلى تحرير فلسطين يبدأ بتحرير دول الطوق وعلى رأسها مصر، من أنظمتها البرجوازية الحليفة للصهيونية والإمبريالية، والتي لم تقدم على أي فعل لمساندة المقاومين على مدار عام، بل ساندت الصهاينة عبر تكميم أفواه شعوبها والقبض على المناضلين المؤيدين لفلسطين كما فعل ويفعل نظام السيسي، منذ أكتوبر الماضي.

عشان نحرر القدس لازم نحرر مصر

الاشتراكيون الثوريون
6 أكتوبر 2024