خطاب مفتوح لرئيس الوزراء العراقي بخصوص أزمة الكهرباء المستعصية
جواد بشارة
الحوار المتمدن
-
العدد: 8034 - 2024 / 7 / 10 - 12:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خطاب مفتوح لدولة رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني الموقر
معضلة الكهرباء التي تعذّر حلها في العراق: هل من حل لهذه المعضلة التي دمرت العراق والعراقيين؟
إذا أراد رئيس الوزراء العراقي السيد محمد شياع السوداني تحقيق مكسب جماهيري سوف يزيد من شعبيته ومحبة العراقيين له ويضمن له ولاية أخرى فعليه حل مشكلة الكهرباء على نحو قطعي قبل أي شيء آخر وعلى الفور قبل أن يفوت الأوان
د.جواد بشارة
قبل عقدين من الزمن تقريباً كنت قد شاهدت مساء يوم 28 تموز 2015 برنامج تحريضي على قناة البغدادية وهو برنامج قضية رأي عام بعنوان: ثورة الكهرباء ثورة شعب ضد الفساد، شارك فيه الناطق الإعلامي باسم وزارة الكهرباء آنذاك الذي بدا محاصرا من قبل الضيفين الآخرين ومعهم مقدم البرنامج وعجز عن تبرير تقصير وعجز الوزارة عن الوفاء بوعودها وتعهداتها للمواطنين على مدى الأعوام منذ سقوط النظام السابق سنة 2003 إلى اليوم. كما شاهدت قبل أيام قليلة برنامج الحق يقال على قناة يو تي في الذي يقدمه الإعلامي البارع عدنان الطائي وتساءل فيه "هل من المعقول أنني أستمر أخصص برامج لموضوع الكهرباء الذي كنت قد تحدثت عنها في برامج سابقة قبل عشرون عاماً؟" وقبل أيام ايضاً وفي لقاء في تموز 2024 مع المتحدث الرسمي الحالي لوزارة الكهرباء رأيته وهو يسخر ويستهزأ بمعاناة الناس جرّاء عدم توفر الكهرباء وعدم صدقية الوعود التي قطعت للشعب العراقي بتوفير الكهرباء خاصة في فصل الصيف. وقد عادت بي الذاكرة إلى تاريخ 4 حزيران 2008 حيث سبق لي أن نشرت مقالاً في إيلاف تحت عنوان :" لوكنت وزيراً للكهرباء" إبان فترة ولاية الأستاذ نوري المالكي سنة 2008 وذكرت فيها إن قضية الكهرباء شائكة ومعقدة وتقنية وهي عصب الحياة الحديثة ويقاس بها مدى تطور البلد أو تخلفه، ومدى انتعاش اقتصاده أو ركوده. فكل شيء تقريباً يعمل بالكهرباء اليوم وبدونها تشل الحياة فالحداد والنجار والسمكري والكهربائي وصاحب المطعم والمعامل والمستشفيات والأطباء ووسائل الإعلام والاتصالات والمختبرات والجامعات ووووو الخ لايمكنها أن تعمل أو تنتج بشكل صحيح بدون الكهرباء وباختصار لامستقبل للبلد و لا لأية استثمارات فيه ما لم تُعالج معضلة الكهرباء المستعصية . لذا ينبغي طرح هذه المسألة بكل صراحة وشفافية ونحن على أبواب صيف لاهب كباقي مواسم الصيف التي مضت وعانى العراقيون جحيمها في بيوتهم أو أماكن عملهم ، بل أستطيع القول أن موسم الحر بدأ مبكراً هذا العام منذ شهر نيسان الماضي، عندما كنت في بغداد وتحملت أولى بشائر الحر القاتل والذي يصل إلى أكثر من 50 درجة في الظل وهو طقس لايطاق بدون كهرباء لأنه الجحيم بذاته. والعراقيون يتساءلون لماذا هذه الأزمة الدائمة والمستعصية على الحل؟
لو أخذت النص السابق ووضعته هنا لما تغير شيء وهو ينطبق بحذافيره على الواقع المزري السائد اليوم والذي يعاني منه المواطن العراقي المسكين وهو يعيش في جحيم الصيف اللاهب حيث وصلت درجة الحرارة في بعض المناطق إلى 55 درجة وبل وحتى 60 درجة في الظل إلى جانب الرطوبة خاصة في مناطق كالبصرة التي ثار أبناؤها سنة 2015 احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي عنها لساعات طويلة وفقدت أحد أبنائها من الشباب الذي سقط جراء إطلاق النار عليه في محاولة لتفريق التظاهرة الاحتجاجية، ثم تلتها تظاهرات احتجاجية أخرى في ذي قار أو الناصرية و في مدن عراقية أخرى قادت إلى اندلاع انتفاضة تشرين سنة 2019. وأتساءل ألا يشعر المسئولون في أعلى هرم القيادة السياسية في العراق بالخجل والخطر الداهم عليهم لو تفاقمت ثورة الغضب في الشارع العراقي؟ سمعت كلاماً كثيرا في هذا الملف الحساس ولدي أرقام ومعطيات وتفاصيل مذهلة عما يدور في كواليس الملحمة الكهربائية العراقية ولكن سأذكر رقماً واحداً له دلالة كبيرة وهو أن العراق كان بحاجة إلى 21 ألف ميغاواط من الإنتاج للطاقة الكهربائية سنة 2015 في حين أنه لا ينتج سوى 11 ألف ميغاواط واليوم تصرح وزارة الكهرباء أن العراق بحاجة إلى 50 ألف ميغاواط - 50 غيغاواط - في حين هي لا تنتج أكثر من 25 ألف ميغاواط. كل الوزراء الذي تعاقبوا على وزارة الكهرباء تعهدوا للمواطنين ووعدوهم بأنهم سيجدون الحل الناجع والنهائي لإنهاء أزمة الكهرباء مرة وإلى الأبد وكل كلامهم ذهب أدراج الرياح ولم يعد المواطن العراقي يصدق أي مسئول عراقي سواء أكان وزيراً أو نائباً في البرلمان أو رئيس أو عضو مجلس محافظة أو محافظ. عندما يحدثونهم عن الجهود المبذولة أو التي ستبذل لحل هذه المعضلة المستعصية رغم ما رصد لها من أموال تكفي لتزويد قارة أفريقيا برمتها بالكهرباء – أكثر من 80 إلى 90 مليار دولار-. هناك بالطبع عوامل معروفة وأخرى مجهولة أو خفية عن المواطنين تفسر هذا العجز واللامبالاة بمعاناة المواطنين. أهم العوامل المعلنة هو الفساد المستشري في نسيج وشرايين الدولة العراقية ووزارة الكهرباء ليست استثناءاً من هذا السرطان. وهناك بالطبع العوائق الطبيعية كالظروف الأمنية ونقص التمويل اللازم وعدم توفر الوقود لتشغيل المحطات الإنتاجية الخ..
هل من المعقول أن بلداً متقدماً ومتطوراً جداً كالولايات المتحدة الأمريكية عندما كانت تحتل العراق وبلداً كالعراق وكوادره المتخصصة العليا وما يمتلكه من إمكانيات مادية ضخمة، والذي أنفق أكثر من 80 إلى 90 مليار دولار على قطاع الكهرباء كما يدّعي القائمون على هذا الملف، عاجزون أو غير قادرون على وضع حد لهذه المحنة ؟ الجواب الأولي كما قلنا هو الفساد المستشري داخل أوصال وزارة الكهرباء وفي عروق مسئوليها من الوزير إلى أصغر موظف فيها منذ 2003 إلى يوم الناس هذا، والإهمال واللامبالاة وانعدام الكفاءات وغياب الإرادة الحقيقية الصادقة ، حيث أن الوزارة لاتقدم للمواطنين سوى الوعود الكاذبة والمشاريع الوهمية، كما جاء على لسان المتحدثين الرسميين باسمها، وتعلق قصورها على شماعة الإرهاب والوضع الأمني المتردي في السنوات الماضية ، وعدم توفر التمويل اللازم والوقود اللازم كالغاز اليوم، وقدم وتهالك بعض المحطات وشبكات التوزيع، وغير ذلك من المبررات، وكلها ذرائع واهية وأعذار غير حقيقية ومبررات كاذبة أو مبالغ فيها. فعندما إدّعى وزير الكهرباء الأسبق المحترم أنه لم يستلم الأموال اللازمة لتحقيق وعوده الكاذبة التي تبجح بها في السابق رد عليه وزير المالية الأسبق أن كلام وزير الكهرباء ليس صحيحاً وأن وزارة المالية سلمت حصة وزارة الكهرباء من الميزانية والأموال التي طلبتها لعملها ، فلماذا ، ولمصلحة من ، مثل هذا التضليل والمراوغة والتهرب من المسؤولية والتصرفات اللامسؤولة؟
ألا يتعظ وزير الكهرباء الحالي بأسلافه وزراء الكهرباء الفاشلين السابقين من أمثال أيهم السامرائي الذي تطارده الانتربول ومطلوب للعدالة العراقية بتهم السرقة والاختلاس والتلاعب بأموال الدولة وتوقيع صفقات وعقود مغشوشة وناقصة أهدرت المال العام ولم تحقق للمواطن أي شيء، و بسبب شرائه محطات تعمل بالغاز وهو وطاقمه في وزارة الكهرباء يعرفون أن العراق يفتقد للغاز بكميات كافية و الذي يشغل تلك المحطات وعليه أن يستورده وبأسعار غالية لاسيما من إيران مما يضعنا تحت رحمتها؟ وأين هي وعود الربط الكهربائي بالخليج وبالأردن ومصر؟ من المعروف أن الوزير السيء الصيت السيد السامرائي كان يوقع عقوداً لشراء محطات توليد الطاقة الكهربائية لاتتجاوز محتوياتها الصفحتين فقط ولاتتضمن أية شروط أو تفاصيل تقنية وملزمة للطرف المورد، بينما المتعارف عليه أن العقد يجب أن يتضمن كل شيء حتى عدد ونوعية البراغي التي تربط الماكنات ناهيك عن التفاصيل التقنية الأخرى والضمانات والكفالات والصيانة وقطع الغيار وغير ذلك، والهدف من التسرع والتغاضي عن التفاصيل هو الحصول على أقصى ما يمكنه من العمولات والقومسيونات، هو وعصابته المتواطئة معه ،من الشركات الأجنبية، دون أن ينعكس ذلك إيجابياً وبشكل ملموس على المواطنين وعلى البنية التحتية لشبكات توليد الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها في البلاد والتي تعاني من تدهور مريع، وكانت النتيجة عشرات المحطات الجديدة التي لاتعمل لعدم توفر باقي المستلزمات التقنية التي تحتاجها، وما تعانيه من نقص في قطع أساسية لتشغيلها كما أخبرني أحد المدراء. يحضرني مثال ذكره الشيخ جلال الدين الصغير في ذلك الوقت في إحدى خطبه أدمى قلبي وفجر الغضب في أعماقي، ولو كان صحيحاً ما نقله الشيخ الصغير، ألا يستحق ذلك الوزير الأسبق للكهرباء أن يقدم للمحاكمة والحساب العسير بعد إقالته من منصبه على الفور وسجنه مدى الحياة في زنزانة ليس فيها ماء ولا كهرباء كي يذوق ما سببه من أذى لهذا الشعب الأبي. ذكر الشيخ في سياق خطبته أن المملكة العربية السعودية كانت قد تبرعت مشكورة بمبلغ 500 مليون دولار لتطوير قطاع الكهرباء في العراق ، وصار المسؤول السعودي المكلف بمنح المبلغ يدور على المسؤولين عن هذا القطاع لكي يتصرفوا بهذا المبلغ وفق الضوابط المتبعة . لكن وزارة الكهرباء كانت تغط في سبات عميق وكأن الأمر لايعنيها لامن قريب ولا من بعيد. . عندها اضطر هذا المسؤول الاتصال بالشيخ جلال الدين الصغير وأطلعه على تفاصيل القضية. وقال للشيخ بالحرف الواحد:" ألا تريدون الكهرباء؟ فرد عليه الشيخ :" ماذا تقول يارجل بالطبع نحن بأمس الحاجة إلى الكهرباء المفقودة " فرد عليه المسؤول المكلف بالمبلغ السعودي المرصود لتطوير شبكة الكهرباء العراقية ،إذاً لماذا لاتأخذوا المبلغ وتتصرفوا به لتحسين وضع الكهرباء المتردي عندكم؟ فما كان من الشيخ الصغير إلا أن اتصل هاتفياً بمعالي وزير الكهرباء الأسبق وأطلعه على حيثيات الموضوع ورتب معه تحديد موعد لمقابلة المسؤول السعودي واعتقد الشيخ الصغير أن المسألة انتهت عند هذا الحد. مرت الشهور ولم يحدث شيء وعاد المسؤول السعودي المكلف من قبل دولته إلى الشيخ الصغير وهو يشكو الإهمال وعدم الاهتمام به من قبل وزارة الكهرباء. فعاود الشيخ الصغير الاتصال بوزير الكهرباء الأسبق نفسه ليستفسر عما جرى . وكان جواب الوزير أن المبلغ السعودي المخصص للكهرباء كان عبارة عن قرض وعقب الوزير كأنه يريد أن يفحم الشيخ ويلقي عليه الحجة" نحن لسنا بحاجة إلى قروض" فرد عليه سماحة الشيخ الصغير بحسم أن المبلغ لم يكن قرضاً بل منحة وهو متأكد من ذلك ورآه بعينه. فتصوروا وزيراً لايميز بين القرض والمنحة وإلا ماتفسير ذلك إذا لم يكن سوء النية المقصود؟ وعندما استدعى مجلس النواب وزير الكهرباء الأسبق لاستجوابه عن أزمة الكهرباء الطاحنة وعاد الوزير إلى وزارته سأله بعض المقربين منه والمدراء العامين في الوزارة كيف واجهت النواب وبماذا أجبت على تساؤلاتهم، رد الوزير عليهم باستهزاء وسخرية أن أعضاء مجلس النواب مجموعة من الجهلة ضحكت عليهم ببعض الكلمات والمصطلحات التقنية. هذا غيض من فيض ، فالدولة كلها مسئولة وكل الحكومات السابقة ويجب أن يُحاسبوا على غياب التيار الكهربائي وانقطاعه لساعات طويلة ولأيام عديدة في أحيان كثيرة وفي كل مكان من العراق عدا مساكن ودوائر السادة المسؤولين الذين لايغيب عنهم الكهرباء ثانية واحدة وكل واحد منهم يشغل ست أو ثمانية مكيفات في بيته ليل نهار وقد شاهدت ذلك بنفسي في المنطقة الرئاسية وهم لايتقون الله في المساكين والمحرومين من أبناء الشعب.
سبق لرئيس وزراء العراق الحالي السيد محمد شياع السوداني أن خاطب الشعب العراقي وتعهد ووعد كغيره من قبله من رؤوساء الوزراء السابقين بأنه سيعمل على إنهاء مشكلة الكهرباء المستعصية و صرح بأن شركة سيمنز الألمانية ستوفر الكهرباء لنحو 23 مليون عراقي خلال بضعة أشهر – صل تعداد سكان العراق إلى حوالي 40 مليار -. وكان مصطفى الكاظمي قبله قد وجّه وزارة الكهرباء بتسريع إجراءات العمل مع شركة سيمنز لتأمين الطاقة الكهربائية. وفي عام 2019 وقع عادل عبد المهدي مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عقد تنفيذ مشاريع تطوير قطاع الكهرباء مع سيمنز الألمانية. وقبله صرح حيدر العبادي إن العراق اتفق مع سيمنز لتطوير قطاع الكهرباء. وقبلهم كلهم كان نوري المالكي قد رعى حفل توقيع عقد بناء محطات كهربائية حديثة مع سيمنز وتبين فيما بعد أنها محطات تعمل على الغاز الذي يفتقده العراق بغباء لأنه يحرق غازه ويضطر لاستيراد الغاز من إيران بأسعار مرتفعة لإنعاش اقتصادها ، ولا أدري سبب هذا التمسك بشركة ضخمة متخصصة ولها سمعتها الجيدة لكنها لم تنجح في إخراج العراق من محنته الكهربائية المستعصية و العيب ليس فيها بالطبع بل في العراق وحكوماته المتعاقبة منذ التغيير سنة 2003.
المعروف أن لكل مشكلة حل ولمشكلة الكهرباء عدة حلول. لو كان هناك وزير للكهرباء وطني ونزيه ومخلص وأمين على مصالح البلد ومتحسساً بمعاناة الشعب ومتفهماً لاحتياجاته اليومية ، لتصرف على الفور ومنذ اليوم الأول لتسلمه مهمة وأمانة هذه الوزارة للبحث عن الحلول الناجعة بأسرع وقت ممكن مهما كلف الأمر من جهد ومال ، واقترح عدة مقترحات منها المؤقتة على المدى القصير والفوري ومنها الاستراتيجية طويلة الأمد وتحتاج للكثير من الوقت والجهد والمال لكنها تعطي ثمارها الأكيدة بعد أشهر أو سنوات قليلة. هناك أولاً مقترح الوحدات والتجمعات السكنية القريبة من بعضها والمشتركة ببعض المزايا الجغرافية حيث يمكن نصب محطات توليد كهرباء صغيرة خاصة بتلك الوحدات السكنية ومعها محطات احتياطية وتكليف القطاع الخاص بإدارتها والإشراف عليها ويقتصر دول الدولة على المراقبة والإشراف وتسهيل المهمات وتوفير الوقود الرخيص وقطع الغيار لإدامة الصيانة وفرض الغرامات العالية جداً والعقوبات الشديدة على المخالفين أو المتلاعبين بحقوق الناس، وليس ترك الأمر لأصحاب المولدات الشرهين يديرون دفة الكهرباء على نحو عشوائي وابتزاز المواطنين خاصة الفقراء ممن لايمتلك إمكانية تسديد الأسعار المرتفعة التي يفرضها أصحاب تلك المولدات وما تسببه من تلوث وضوضاء وخطورة. الكل يعرف أن محطات توليد الطاقة الكهربائية تعمل إما على الهواء وطاقة الرياح “ الأوليونات” أو المراوح الضخمة والعالية التي تستغل الرياح وتحولها إلى طاقة كهربائية كما هو متبع في دول شمال أوروبا والدول الاسكندنافية وهولندا وهي وسيلة تحمي وتحافظ على البيئة ولاتلوثها. وهناك محطات تعمل بالمياه واستغلال الشلالات والسدود لتوليد الطاقة الكهربائية. وهناك محطات تعمل بالغاز وأخرى بالوقود كالكيروزين والنفط الأبيض والكازوال والبنزين والنفط الثقيل الناجم عن المصافي وغيره من أنواع الوقود وهي كلها متوفرة في العراق باعتباره بلد نفطي كبير، أو يمكن توفيرها عن طريق استيرادها في الوقت الحاضر كما يفعل مع الغاز. وهناك محطات توليد الطاقة الكهربائية تعمل بالوقود النووي أي توجد مفاعلات نووية سلمية تقتصر في عملها على توليد الطاقة الكهربائية الرخيصة والمضمونة والوفيرة .وهناك بالطبع الطاقة الشمسية التي يمكن تحويلها إلى طاقة كهربائية شبه مجانية لأن الشمس في العراق متوفرة والحمد لله صيفاً وشتاءاً فلماذا لايتم استغلالها والأمر ليس طوباوياً أو مستحيلاً فلقد دُرست هذه الإمكانية دراسة معمقة ووضعت دراسات جدوى لهذا الغرض ويكفي نصب أجهزة مختلفة الأحجام ذات خلايا خاصة متطورة تستقبل وتختزن الطاقة الشمسية ثم تحولها إلى طاقة كهربائية حسب الطلب والحاجة. وهذه الأجهزة متوفرة بأحجام واسعار مختلفة ومتننوعة منها مايكفي لبيت واحد تثبت على سطحه وعلى النوافذ أو فوق أسطح المنازل أو وسط مجمع سكني محدد أو فوق أسطح بنايات سكنية، ومنها محطات شمسية ضخمة لتجهيز مدن كاملة بالتيار الكهربائي. المشكلة تكمن في ثمنها المرتفع الذي يدفع مرة واحدة عند شرائها، أما المادة الأولية اللازمة لتشغيلها فهي مجانية وهبة من الله للبشر ، والصيانة ليست عسيرة أو معقدة. فلماذا لم يفكر بها أحد أو يبادر إلى تطبيقها ولو على سبيل المثال وتقديم عينات عملية ملموسة على أرض الواقع خاصة أن هناك شركات استثمارية عالمية مستعدة للاستثمار في هذا القطاع وبيع انتاجها للوزارة وربط المحطات الشمسية بالشبكة الوطنية؟
المشكلة أن العاملين في وزارة الكهرباء لايشعرون بمعاناة المواطنين بل أن الكثير منهم يستغلها ويبتزون المواطنين في عمليات القطع والتوزيع غير العادل للتيار على هذه المنطقة دون تلك لأنها تدفع أكثر. وهم يتمتعون بالكهرباء دون باقي المواطنين حيث لاتنقطع الكهرباء عن بيوتهم ولا ثانية واحدة وتقدم لهم مجاناً وهذه معلومة أعرفها جيداً لأنني عندما كنت أزور أهلي في مسقط رأسي أطلب منهم اصطحابي وقت الظهيرة إلى بيت صهري أو نسيبي الذي يعمل في دائرة الكهرباء في المحافظة لكي اتمتع ببعض البرودة من مكيف الهواء الذي يعمل عنده بلا انقطاع وأشاهد برامج التلفزيون دون انقطاع وأفتح الانترنيت دون انقطاع. ونفس الشيء أقوم به في بغداد حيث يستضيفني أحد أقاربي المدير في وزارة الكهرباء لأن بيته لايخلو من هذه الطاقة التي لا أتحمل انقطاعها أو غيابها لأن ذلك يدمر أعصابي. فلايمكنني تحمل الحياة في العراق لاسيما في الصيف بدون الكهرباء فكيف يتحمل هذا الشعب الصابر هذه الكارثة منذ سنوات لاتعد ولاتحصى؟.
ذكرت في مقالي قبل 15 عاماً خبراً إعلامياً كنت قد قرأته قبل بضعة أشهر بهذا الصدد في صحيفة لوموند الفرنسية ، يقول :عندما تعرضت دولة جنوب أفريقيا لشحة في التيار الكهربائي وأصابها نقص حاد في الطاقة الكهربائية التي تحرك عجلة الاقتصاد والانتاج ، استنجدت دولة جنوب أفريقيا بفرنسا الرائدة في مجال توليد الطاقة الكهربائية بالمفاعلات النووية. فما كان من رئيس جمهورية فرنسا آنذاك نيكولا ساركوزي إلا أن طار على وجه السرعة بصحبة جيش من التقنيين والأخصائيين من شركة الكهرباء الوطنية للقيام بما يلزم لتوفير الكهرباء لجنوب أفريقيا في غضون بضعة أشهر تعد على أصابع اليد والواحدة. وليس هناك سر في هذا إذ باشرت فرنسا في نصب بضعة مفاعلات نووية سلمية ومدنية مهمتها توفير الطاقة الكهربائية الكافية وبسعر معقول وهذا الأمر ليس مستحيلاً تحقيقه في العراق شرط توفر النية الصادقة والإرادة الحقيقية والإمكانات المالية من خلال إبرام عقود مماثلة تخضع لإشراف ومراقبة لجنة الطاقة الذرية والدولة المزودة أي فرنسا. فلو كنت وزيراً للكهرباء لطرت فوراً إلى باريس وقابلت القائمين على قطاع الطاقة الكهربائية فيها ولن أغادر باريس قبل التوقيع على عقود تجهيز العراق بالكهرباء إلى أمد غير محدود خاصة وأن فرنسا وعلى لسان مسؤوليها وعلى رأسهم الرئيس السابق ساركوزي نفسه ووزير خارجيته بيرنارد كوشنير ، الذي زار العراق مرتين ، والرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، مستعدة لمساعدة العراق في إعادة البناء والإعمار وبناء وترميم البنى التحتية وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات، وهو نفس الموقف الذي تتبناه حكومة إيمانويل ماكرون الحالية. وهو نداء مفتوح أوجهه للسيد رئيس الوزراء الحالي السيد محمد شياع السوداني ، وللسادة أعضاء مجلس النواب ورئيسه وللسادة أعضاء مجلس الرئاسة وفخامة رئيس الجمهورية أن ينقذوا الشعب العراقي وإخراج العراق مرة وإلى الأبد من أزمة الكهرباء القاتلة وليعلم الجميع أن صبر العراقيين مهما طال فسوف ينفذ وعندها ستحل الكارثة.
سبق لي أن التقيت بوزير الكهرباء العراقي الأسبق المهندس السابق في التصنيع العسكري قاسم الفهداوي وبرفقتي رئيس لشركة فرنسية هو باتريك هايو، متخصصة بالطاقة الشمسية واقترحنا عليه الاستثمار في محطة لانتاج 1000 ميغاواط على أن تلتزم وزارة الكهرباء بشراء كامل إنتاج المحطة واتفقنا على سعر 11 سنت للكيلواط ووقعنا معه مذكرة تعاون ولكن بعد أسابيع تلقى رئيس الشركة الفرنسية رسالة من الوزارة تفيد بأن هناك عرض أرخص وإن سعر الشراء هو 4 سنت . وهذا السعر هو اقل بكثير من كلفة الإنتاج حيث لايمكن للمستثمر أن يبيع بأقل من 9 أو 8 سنت للكيلواط في حالة عدم وجود مخاطر وبالتالي من الصعب إن لم نقل من المستحيل إيجاد مستثمر في العراق لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية بهذا السعر المتدني وفي ظل مثل هذه الظروف وعدم الأمان وقانون الاستثمار الطارد وتحكم قوى اللادولة والعشائر وابتزازاتهم التي أشارت إليها السفيرة الألمانية في العراق مؤخراً في مقابلة تلفزيونية
المشكلة أن العاملين في وزارة الكهرباء لايهتمون بمعاناة المواطنين حتى إن المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء السيد أحمد موسى يضع اللوم على المواطن العراقي بسبب عدم دفع الجبايات وعدم ترشيد الاستهلاك بل أن الكثير منهم يستغلون ويبتزون المواطنين في عمليات القطع المُبرمج – وما أبعده عن البرمجة العادلة - والتوزيع غير العادل للتيار على هذه المنطقة دون تلك لأنها تدفع أكثر . وهم يتمتعون بالكهرباء دون باقي المواطنين حيث لاتنقطع الكهرباء عن بيوتهم ولا ثانية واحدة وتقدم لهم مجاناً وهذه معلومة أعرفها جيداً لأنني عندما كنت أزور أهلي في مسقط رأسي أطلب منهم اصطحابي وقت الظهيرة إلى بيت قريبي الذي كان يعمل في دائرة الكهرباء في المحافظة لكي اتمتع ببعض البرودة من مكيف الهواء الذي يعمل عنده بلا انقطاع وأشاهد برامج التلفزيون دون انقطاع وأفتح الانترنيت دون انقطاع. ونفس الشيء أقوم به في بغداد حيث يستضيفني أحد أقاربي وكان مدير في وزارة الكهرباء لأن بيته لايخلو من هذه الطاقة التي لا أتحمل انقطاعها أو غيابها ساعة واحدة لأن ذلك يدمر أعصابي. فلايمكنني تحمل الحياة في العراق لاسيما في الصيف بدون الكهرباء فكيف يتحمل هذا الشعب الصابر هذه الكارثة منذ سنوات لاتعد ولاتحصى؟.
تذكرت خبراً إعلامياً قبل بضعة أشهر بهذا الصدد قرأته في صحيفة لوموند الفرنسية عندما تعرضت دولة جنوب أفريقيا لشحة في التيار الكهربائي وأصابها نقص حاد في الطاقة الكهربائية التي تحرك عجلة الاقتصاد والانتاج ، استنجدت دولة جنوب أفريقيا بفرنسا الرائدة في مجال توليد الطاقة الكهربائية بالمفاعلات النووية. فما كان من رئيس جمهورية فرنسا آنذاك نيكولا ساركوزي إلا أن طار على وجه السرعة بصحبة جيش من التقنيين والأخصائيين من شركة الكهرباء الوطنية للقيام بما يلزم لتوفير الكهرباء لجنوب أفريقيا في غضون بضعة أشهر تعد على أصابع اليد والواحدة. وليس هناك سر في هذا إذ باشرت فرنسا في نصب بضعة مفاعلات نووية سلمية ومدنية مهمتها توفير الطاقة الكهربائية الكافية وبسعر معقول وهذا الأمر ليس مستحيلاً تحقيقه في العراق شرط توفر النية الصادقة والإرادة الحقيقية والإمكانات المالية من خلال إبرام عقود مماثلة تخضع لإشراف ومراقبة لجنة الطاقة الذرية والدولة المزودة أي فرنسا . فلو كنت وزيراً للكهرباء لطرت فوراً إلى باريس وقابلت القائمين على قطاع الطاقة الكهربائية فيها ولن أغادر باريس قبل التوقيع على عقود تجهيز العراق بالكهرباء إلى أمد غير محدود خاصة وأن فرنسا وعلى لسان مسؤوليها وعلى رأسهم الرئيس ماكرون نفسه ، الذي سبق له أن زار العراق ، مستعدة لمساعدة العراق في إعادة البناء والإعمار وبناء وترميم البنى التحتية وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات وخاصة مجال الطاقة الكهربائية . وهو نداء مفتوح أوجهه للسيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني كما سبق أن وجهته لرئيس مجلس الوزراء الأسبق الأستاذ نوري المالكي ، وللسادة أعضاء مجلس النواب ورئيسه وللسادة أعضاء مجلس الرئاسة وفخامة رئيس الجمهورية أن ينقذوا الشعب العراقي وإخراج العراق مرة وإلى الأبد من أزمة الكهرباء القاتلة وليعلم الجميع أن صبر العراقيين مهما طال فسوف ينفذ وعندها ستحل الكارثة. وأضع تحت أنظاركم مقترح إحدى الشركات الفرنسية لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية . إذ تبلغ تكلفة محطة الطاقة الشمسية الكهروضوئية 1,250,000 دولار أمريكي لكل ميغاوات واحد ما يعني 1250000000 مليار ومائتين وخمسين مليون دولار لكل محطة بطاقة إنتاجية تصل إلى 10000 عشرة آلاف ميغاواط – 10 غيغاواط - .ويتم تسليم الكهرباء المنتجة بالكامل إلى الدولة.
وهي واحدة من بين عدة شركات فرنسية أعرفها وسبق لي الاتصال بها لمعرفة مدى استعدادها للاستثمار في هذا المجال أي توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ، فمقابل كل 200 ميغاوات، 1,250,000 × 200 = 250,000,000 دولار أمريكي. فإما أن توفر الدولة لها ضمان سيادي من البنك المركزي على سبيل المثال أو من مكتب رئيس الوزراء أو من وزارة الكهرباء ذاتها أو تلتزم وزارة الكهرباء بعقد ملزم بشراء كامل الإنتاج بسعر يتم الاتفاق عليه على ألا يقل عن 8 سنت، كما تقبل الشركة أن يدفع لها بالنفط.
وقد اقترحت إحدى الشركات الاستثمارية الفرنسية في هذا القطاع تمويل استثماراتها من خلال مخصصات النفط. التي يمكن للحكومة العراقية منحها لها ويمكن الاتفاق على عقد بــ 50 ألف طن من النفط شهرياً تُسلم إلى إحدى المصافي المتعاقدة مع هذه الشركة الفرنسية المتخصصة بالطاقة الشمسية وخلال اثني عشر شهراً. وفوق الخصم التجاري العادي، سيتم استخدام كل دولار إضافي فوق الخصم التجاري لتمويل محطات الطاقة الكهروضوئية. لذلك قدمت إحداها عرضاً بشأن الطاقة الشمسية في العراق وقالت نحن جاهزون فنياً وتقنياً وبشرياً بكوادر مؤهلة وذات خبرة لبناء منشآت كهروضوئية بقدرة 5 جيغاواط في العراق.- 5 آلاف ميغاواط - اليوم، تبلغ تكلفة تركيب ميغاواط واحد من المحطة الكهروضوئية 1,250,000 دولار. لذا تبلغ تكلفة الغيغاواط 1,250,000,000. مليار ومائتي وخمسون مليون دولار ، إذن 5 غيغاواط - خمسة آلاف ميغاواط - ستكلف 6,250,000,000 دولار. ولذلك، تقول الشركة الفرنسية " يجب علينا توفير وتخصيص 6 مليارات و250 مليون دولار. لتمويل هذه الخمسة غيغاواط من الكهرباء كاستثمار هناك وسيلتان مختلفتان للتمويل والتنفيذ : الحل الأول أن تلتزم وزارة الكهرباء بشراء كامل الطاقة الكهربائية المنتجة بسعر 11 سنتا أمريكيا لكل واط ساعة ولمدة 30 عاما. والدولة العراقية تعطي ضمانتها. يتم الدفع بالدولار. الحل الثاني تشتري وزارة الكهرباء كل الكهرباء المنتجة ولكن إذا أصرت الوزارة على تسعيرتها الواطئة بسعر 4 أو 5 سنتات فإن المشروع الاستثماري سيكون غير قابل للتنفيذ. وخاسر استثمارياً و لكن بإمكان الدولة العراقية أن تساعد في التمويل عن طريق النفط. تمتلك هذه المجموعة الاستثمارية شركتين لتجارة النفط مع مصافي تكرير في أوروبا. يمكنهما شراء كميات كبيرة من النفط العراقي.مع خصم مناسب في السعر على كل برميل يتم بيعه، لنفترض أن العراق يقدم "خصماً خاصاً بالطاقة الشمسية" بقيمة 10 دولارات. ويعادل إجمالي الاستثمار البالغ 6.250 ستة مليار ومائتين وخمسين مليون دولار 62.500 مليون برميل، أو ما يقرب من 9 مليارات طن من النفط، حيث يشتمل الطن الواحد على حوالي 7 براميل. ويبلغ إنتاج العراق من النفط ما يقارب 4.4 مليون برميل يوميا، أي 1.6 مليار برميل سنويا، أي 200 مليون طن سنويا. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي بيع 100000 برميل/يوم إلى الشركة إلى توفير إجمالي 1000000 دولار يوميًا بمعدل 10 دولارات للبرميل. أي خلال عام واحد سيكون المبلغ هو 365 مليون دولار. وهذا المبلغ يجعل من الممكن تمويل محطة بطاقة إنتاجية 5 آلاف ميغاوات( 365.000.000 : 1.250.000 = 292 ميغاوات. وعلى مدى 10 سنوات، سيمول هذا المبلغ بالكامل 2,920 جيغا واط - أي ما يقرب من 3 غيغا واط. ومن خلال زيادة الخصم وكميات النفط المباعة، يمكن للحكومة العراقية تسريع تنفيذ برنامج الطاقة الشمسية والسماح بتحقيق برنامج ألــ 5 غيغا).
د. جواد بشارة
باريس
[email protected]