كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب في مؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب الدول العربية
حنا غريب
الحوار المتمدن
-
العدد: 7434 - 2022 / 11 / 16 - 21:51
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب في الجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة لمؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب الدول العربية تحت عنوان: "ما أهمية المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني بالنسبة الى العالم العربي"؟
الرفيقات والرفاق في إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا، لدائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
الرفاق والأخوة في الاحزاب العربية.
تحية طيبة لكم جميعا،
اسمحوا لنا بداية ان نوجّه، شكرا وتهنئة: الشكر للرفاق في دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني على الجهود التي يقومون بها بتنظيم مؤتمرنا الحواري في دورته الثالثة، أما التهنئة فهي لحزبهم على نجاح مؤتمره ال20 والتجديد للرفيق شي جي بينغ في قيادة الحزب وانتخاب قيادة الحزب الجديدة.
الرفيقات والرفاق،
لقد طبعت الثورة الفرنسية القرن التاسع عشر بطابعها وشعاراتها، في الحرية والعدالة والمساواة، كما طبعت ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى القرن العشرين بطابعها الثوري الماركسي - اللينيني ، في محاولة بناء اول تجربة في العالم لمجتمع اشتراكي من دون استغلال طبقي ، وكلنا ثقة ان يشكل المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي الصيني قوة دفع سياسية واقتصادية واجتماعية تجعل القرن الواحد والعشرين، قرن هزيمة النظام الرأسمالي العالمي، قرن الاشتراكية المحققة في جمهورية الصين الشعبية، وفي ذلك انتصار كبير للحزب الشيوعي الشيوعي الصيني والحركة الشيوعية والعمالية وكل الشعوب المضطهدة في العالم.
ومن الطبيعي ان ينعكس هذا الانتصار ايجابا على شعوبنا العربية المناضلة ضد الهيمنة الامبريالية من جهة، وضد أدواتها المحلية من جهة أخرى والمتمثلة في الكيان الصهيوني وأنظمة التطبيع والاستغلال والأفقار والتجويع والقمع التي تقوم بها سلطاتها بحق شعوبها، وما الانهيار الشامل الذي تسببت به السلطة اللبنانية الفاسدة ومحاولتها التهرب من المسؤولية والمحاسبة الا شاهدا على أكبر جريمة من جرائم العصر التي لم تحصل في أي بلد من بلدان العالم.
ولعل القيمة الانسانية التي يحتلها المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي الصيني تكمن في الظروف والتحديات الصعبة التي تواجه العالم . حيث تقف البشرية في القرن الواحد والعشرين أمام تحدّي تجديد إنتاج الحياة البشرية وتجاوزعوائق تطورها المستدام بعد ان وصلت الراسمالية بتوحشها الى حد مصادرة المزايا البشرية للإنسان، وهو ما يتطلب مواجهة الإستتباع الإمبريالي وعدوانيته، عبر دفع التطور التقني ـ العلمي ـ الذهني، إلى الحدود التي تكسر إحتكار الإمبريالية لحاضر البشرية ومستقبلها، وصولا إلى تجديد مقوّمات الحياه السوية على الأرض. ويلعب إستخدام العلم والتكنولوجيا دورا أساسيا في هذا المسار من اجل ان يوظّف في كشف وإستثمار كل القدرات الجوهرية في الإنسان وتأمين الظروف لتطورها الحرًّ وتطور كلّ المجتمع، وانقاذ مصير البشرية من وسائل الدمار الشامل وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية في مجتمع رغيد يمنع استغلال الانسان لأخيه الأنسان ويؤمن متطلبات الحفاظ على الطبيعة.تلك هي المهمة السامية التي يطرحها المؤتمر العشرون ويتصدر الحزب الشيوعي الصيني بقيادة الرئيس الرفيق شي جي بينغ العمل على تحقيقها.
هذا وتشكل مسيرة نضال شعوبنا العربية لتحقيق تحررها الوطني والاجتماعي، احدى روافد الكفاح والنضال لما أكد عليه المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي الصيني بالسير قدما في مبادرة الحزام والطريق التي تقوم على أساس الحوار بدل العدوان، وحسن الجوار بدل الاحتلال ، والتنمية بدل الاستغلال والتخلف، والمنفعة المتبادلة وزيادة المساعدات الى الدول النامية بدل نهب ثروات شعوبها، وهو ما يشكل فائدة كبرى لشعوبنا العربية وللشعب الفلسطيني المقاوم للاحتلال الصهيوني على وجه الخصوص ، كما يشكل اسهاما فعالا في الحاق الهزيمة بالامبريالية وطبيعتها العدوانية ونظامها العالمي ذي القطبية الواحدة الذي من خلاله تتحكم بمصير البشرية وتحول دون قيام نظام التعددية القطبية لمنع الشعوب من تحقيق تطورها المستقل وتحررها السياسي والتنموي.
ان جمهورية الصين الشعبية ترفض تحقيق تنمية شعبها على حساب مصالح شعوب الدول الأخرى، وهو ما يطرح مهام جسام على كل الدول الراغبة في كسر الهيمنة الاميركية بالشروع من خلال تجمعاتها السياسية الى مواجهة السياسة العدوانية للولايات المتحدة الأميركية وللعقوبات الاقتصادية التي تفرضها ضد كل من يواجه سياساتها التوسعية التي تعتمدها لاجتواء أزمة نظامها الرأسمالي التي فقدت التحكم بها.
على هذا الاساس تصعّد الولايات المتحدة الأميركية من عدوانها المتصاعد في غير منطقة من العالم، وفي أولوية أهدافها: إحتواء وإضعاف جمهورية الصين الشعبية وهذه المرة من باب تايوان لمنع عملية إعادة توحيد الوطن الأم بحيث جاء قرار المؤتمر العشرون واضحا حاسما في تصميم الحزب والشعب على توحيد الوطن الأم. فكما في اوكرانيا التي تخوض الولايات المتحدة حربا - بالنيابة عنها - لإحتواء روسيا، كذلك في تايوان حيث تسعى إلى إحتواء الصين عبر شنّ الحروب التجارية والعسكرية، ودعم التيّارات الشعبوية المتطرّفة وتمويلها، ونشر القواعد والاساطيل العسكرية في المحيطين الهندي والهادي، وفرض العقوبات والمقاطعة والحصار، وتوسيع حلف الناتو. واطلاق الافتراءت كاستخدام معزوفة الدفاع عن حقوق الانسان كذريعة للتدخل، وفرض العودة الى الحرب الباردة لمنع الصين من استكمال طريق التطور والتنمية المستدامة لتحقيق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية.
.وموقف الحزب الشيوعي اللبناني ينطلق ليس فقط من دعمنا لقيام نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب يسقط قيادة الولايات المتحدة الأميركية للعالم، وإستمرار حروبها العدوانية، بل أيضا من المصالح الحقيقية لشعوبنا العربية المتطلّعة إلى التحرّر الوطني والإجتماعي، ولا سيما الشعب الفلسطيني الرازح تحت الإحتلال الصهيوني. ولن تتجسّد هذه المصالح المشروعة إلّا عبر دورنا في مجرى هذا الصراع الذي تحتل فيه المنطقة العربية والشرق الأوسط عموما أهمية إستراتيجية، ولنا في تعزيز التعاون والتنسيق والعمل المشترك مع كل الدول والشعوب التواقة لشق طريق تطورها المستقل عن الهيمنة الاميركية والغربية وفي المقدمة منها الحزب الشيوعي الصيني، بوصلة العمل ووجهته الاساسية .
وعلى هذا الأساس ، شخص حزبنا في مؤتمره الثاني عشر طبيعة المرحلة ووضع برنامج عمله لتحويل إنتفاضة 17 تشرين إلى ثورة وطنية ديمقراطية بما تتطلبه من نزع الهيمنة الامبريالية والتخلص من تحالف رأس المال والأحزاب الطائفية ونظامها السياسي الطائفي وتبعيته للرأسمال المعولم، عبر تجميع العمال والشباب والقوى التقدمية والديمقراطية المتقدمة في المجتمع، ومن ضمنها أجزاء من البورجوازية الصغيرة والمتوسطة الصناعية والمنتجة، والسير معاً بإتجاه مسار آخر، مسار إنقاذي يطرح فيه، الحزب الشيوعي تأسيس عقد إجتماعي تحت شعار "نحو دولة ديمقراطية علمانية.. نحو بناء الإقتصاد المنتج ...نحو العدالة الإجتماعية".