أزمنة الرفيق عماد شيحة التاريخية


حسان خالد شاتيلا
الحوار المتمدن - العدد: 7413 - 2022 / 10 / 26 - 02:04
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية     

ثمة في الكون زمانين اثنين. الأول عرضي نحياه كل يوم، يبدأ بالولادة وينتهي بالموت. الزمان الآخر أبدي. ليس له بداية، ولا تُعرف له نهاية. الرفيق عماد شيحة غادر ما هو عرضي، غير مرئي، ليدخل إلى حياة ثانية لا تَعرف الموت. حياته، نضاله، تضحياته، وبطولته تفتح له حياة جديدة، الأبدية. حياة هي مثال يحتذى به من المناضلين.
هذه الحياة هي التي تمده بزمان الأبدية. عماد، مع رفاقه في المنظمة الشيوعية العربية، هم أول تنظيم شيوعي عربي يتحدى بعنف منقطع النظير حافظ أسد. بالقنابل اليدوية والبندقية.
عماد، قبل وفاته بساعات قليلة، وجِّه إليه سؤال لمعرفة العمليات المسلحة التي نفَّذها أو شارك فيها، فما كان منه سوى أن ابتسم ابتسامه تنم عن فرح النجاح. هو لم يجب على السؤال، بينما كانت عيناه تشعان بنور الصبا. لكن انتظار الجواب لم يُجدِ نفعا. بيد أنه بعد مضي دقائق قال لنا فيما هو يضحك بأناقة "لم أنفِّذ أية عملية". فالتفتنا الى ابتسامته الأشبه باللغز، وبريق عينيه الأشبه بانفجار مضيء إلى أن أستخلصنا ما هو مخفي وراء إيماءاته اللطيفة. عماد، وهو على فراش الموت، أضاف: إني أعطيت كل ما استطيع منحه للثورة الشيوعية. هذا هو مصدر سعادتي.
فلماذا، إذن نفى أن يكون رفع السلاح ضد حافظ أسد. ثمة جو اب واحد على هذا السؤال. عماد شيحة متواضع بصورة لا مثيل لها. لذا تراه يلتزم الصمت عندما بتعلق الأمر بنضاله الشيوعي. إلا أن الابتسامة ذات المعنى التاريخي، وبريق العينين الذي كان يريد بتصميم لا يلين أن يعبئ الطبقات الشعبية في سورية وراء الثورة المسلحة، لم تبلغ هدفها طالما نالت منها حالات الإعدام والسجن المؤبد. الأمر الذي حدا بالرفيق عماد أن ينفي الحقيقة، حقيقته. بمعنى أنه لم ينفذ أية عملية إذا ما قيست حربه ضد المافيا الحاكمة دون أن تنجز أهدافها. فكأن عملياته لا تستحق الذكر ما دام الشعب السوري مسحوق تحت جزمات العسكر والاستخبارات، فيما لا يزال هدف الثورة الشعبية المسلحة بعيد المنال.
نعم، ثم نعم، هذا هو زمان عماد شيحة. زمان مهما تأخر تقدمه على مسار الحرية والشيوعية سيأتي لا محالة بتوقيت اليوم الموعود. حينئذ ستشرق الشمس في سورية من الغرب. القمر سيأخذ طريقه في نهاية ليل مظلم ليغيب باتجاه الشرق. عماد شيحة سيرى هذا التغيير الكوني في المجتمع السوري بأم عينيه، لأنه لم يقصِّر أبدا بممارسة النضال الثوري من أجل تغيير تاريخ سورية السياسي.
فأعلموا وأشهدوا أن الممارسة الثورية ترى بقوة أفعالها ما لا يراه موتى لم يعرفوا النضال من أجل دحر الاستغلال الرأسمالي لقوة عمل العمال. بل، وإنهم لم يرفعوا السلاح للتحرر من الإمبريالية. تعلموا إن كنتم لا تعلمون، كيف أن الممارسة الثورية التي تكافح من أجل ولادة الإنسان الاجتماعي بعد تقويض إيديولوجية الإنسان الفرد، لا تنتهي ما بقي المجتمع السياسي الاجتماعي يحارب من أجل تحرير الإنسان من استبداد السلطة للمُستَغِلِّين، بالفكر الرأسمالي الذي يستمد قوته من عنف العسكر، وما يسمى كذبا وبهتانا بالقانون وإيديولوجية الاقتصاد السياسي.