عفوا شيخ الازهر : كلامك معظمه مغالطات
هشام حتاته
الحوار المتمدن
-
العدد: 6480 - 2020 / 2 / 2 - 14:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من عده ايام عقد بالقاهرة ( مؤتمر الازهر العالمى للتجديد فى الفكر الاسلامى ) وكان على راس المتحدثين الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعه القاهره وله العديد من البحوث والدراسات فى هذا الموضوع ، فالرجل تحدث عما اصبح معروفا الان لدى مستنيرى العقل والفكر بان التراث كله انسانى وليس مقدس ، اى انه نسبى وليس مطلق ، ولابد من التجديد
لنجد شيخ لازهر يرد على الرجل ردا يحمل من الهجوم الشخصى اكثر مما يحمل من ادب الحوار وكانه يعيش خارج التاريخ ، مما استفزنى ودعانى لكتابه ردا افند فيها كلامه ومرفق بها كتابى ( تطوير الخطاب الدينى واشكاليه الناسخ والمنسوخ ، ودراسه نشرتها على هذا الوقع بعنوان ( المسجد الاقصى بين التاريخ الدينى وعلم التاريخ ) ليعرف ان علم التاريخ يختلف كثيرا عن العلم الدينى ، ووضعتهم كلهم فى مظروف وارسلتهم بالبريد المسجل بعلم الوصول على مشيخه الازهر
قبل ان تقرأ ردى عليه ، شاهد اولا رده على الدكتور الخشت على هذا الرابط :
https://www.youtube.com/watch?v=dWCJur6v_Go&feature=youtu.be&fbclid=IwAR08ZeQcCOXhe474vYaHk17M-UunmX9VNiVr_gayFVAoUstFs2SsI4g7L74
فضيلة الدكتور احمد الطيب
شيخ الازهر
سلام لك ورحمه من الله وبركات
اليس من العجيب والمستغرب انك ترفض تجديد التراث والفقه فى مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي ، بل وتوبخ الدكتور الخشت بعبارات لاتليق بمقام شيخ الازهر مثل ( جدد فى بيت ابوك ولاتجدد فى التراث )
اسمح لى فى عجاله ان اعقب على ردك على الدكتور الخشت الذى لا اعرفه ولم اقرأ له من قبل ، ولكن وجدت فيما قاله الكثير من الصواب
اولا : لاشك ان كل منا يعتقد انه يحمل الحقيقة المطلقة سواء فى الاديان اوكافه العلوم الانسانية الاخرى ، ومن هذا الاعتقاد بالحقيقة المطلقة قامت الصراعات بين كل من يعتقد بحقيقته المطلقة وعلى راسها الاديان
كانت الاختلافات بين النظريات المتعدده للعلوم الانسانية لاتتعدى الورق الذى كُتبت عليه ، ولكن فى الاديان اختلفت الامور ، فكانت حمامات الدم – وارجوك اقرا التاريخ الاسلامى والمسيحى واليهودى
فجاءت الفلسفه لتنهى هذا الصراع الدموى بمقولتها ( لا احد يملك الحقيقة المطلقة )
ثانيا : مقولتك ان التراث الذى يُنادى الان بتطويرة هو الذى امتد بالامبراطورية الاسلاميه من الصين شرقا الى اسبانيا غربا .
هذا يعنى انك متمسك بهذا التراث ، فلماذا هذا المؤتمر ؟
ثم انك يامولانا لم توضح لنا ان هذه الامبراطورية قامت بشرعيه السيف - تمعن صورة التوبه جيدا - مثلها مثا باقى امبراطوريات ذلك الزمان التى قامت على حق القوه دونا عن قوه الحق
وفى كتابى المرفق ستعرف اننى لا الوم فقهاء ذلك الزمان ، لانهم عاشوا زمانهم وتماهوا معه
اقرا يامولانا من التراث كيف اخذ يزيد بن المقفع البيعه ليزيد بن معاوية ( أمير المؤمنين هذا وأشار إلى معاوية فإن هلك فهذا وأشار إلى يزيد فمن أعترض فهذا وأشار إلى سيفه. فقال معاوية: اجلس فإنك سيّد الخطباء )
واخيرا فى هذه النقطه اقول لفضيلتكم ان الثمانين عاما التى قامت فيها الامبراطورية الاسلاميه كانت بلا تراث وبلا فقه وبلا علوم اسلاميه لانه بدات بعد موت النبى بمائتى عام مع بدايات الدولة العباسية .
ومن يومها وقع المسلمين تحت سيف المُتغلب ، ومازال هذا قائما الى الان فى دول الخليج العربى .
ولكن زماننا مختلف .... ولهذا نحتاج الى شرعيه مختلفه والى فقه مختلف والى تراث مختلف
ثالثا : مقولتك ان الحملات الصليبية كانت تحمل السيف بيد والانجيل باليد الاخرى
وهذا ماحدث فعلا ، ولكنك تنسى او تتناسى يافضيلة الامام ان هذا تماما ماقامت عليه الامبراطورية الاسلاميه التى تتباهى بها
رابعا : تقول ان العالم الاسلامى كان يحكم بالتراث حتى بدايه الحملة الفرنسية
يامولانا ... اقرا المقريزى لتعرف كيف كان الحال فى مصر قبل الحملة الفرنسية
عندما دخل نابليون مصر وجد الشعب المصرى اشبه بالكلب الأجرب المنبوذ بسبب الجهل و المرض و الأوبئه و المجاعات التي كانت متفشية في المحروسة و لم يستيقظ المصريين من هذا الظلام الا على وقع صوت مدافع نابليون ، وقول مشايخ الازهر وقتها ( ياخفى الالطاف نجنا مما نخاف )
و يكفى أن الجبرتي يذكر أن من أسباب قيام الأزهر بثورة القاهرة الأولى ضد نابليون لأن الفرنسيين أمروا الناس بالنظافة العامة و الخاصة و أن يكون لديهم مياه جارية " حنفيات" و منع دفن الموتى في البيوت و طلب ان تسجيل المواليد و الوفيات في سجلات رسمية .... هكذا كان وضع مصر المحكومة بالتراث
وكانت الحمله الفرنسية بدايه يقظة المصريين من غفوتهم ، والتى جاء على اثرها محمد على الالبانى ليبنى مصر الحديثة التى كان يحكمها العبيد ( المماليك ) ولاتراث ولايحزنون
ولاننسى المسرحية الممجوجه التى شرع على اثرها حكم العبيد للاحرار شيخ من كبار شيوخ الاسلام وقتها ( العز بن عبد السلام ) ببيع امراء المماليك وتحريرهم من الرق ليسوغ لهم حكم مصر المحروسة .
ياصاحب الفضيلة :
ان علوم القران التى وضعها الفقهاء وحصونها من النقد والاختلاف فقالوا ( هذا هو المعلوم بالدين من الضرورة ، ومن ينكرها فقد اصبح كافرا ويقام عليه الحد )
انهم رجال ابناء زمانهم ، ونحن رجال ابناء زمن آخر توفرت لنا علوم لما تتوفر لهم
رجال قالوا عن بعض الامراض النفسية انها تلبس من الجن
والعلم قال انها امراض نفسية
رجال قالوا بثبات الارض وانها مركز الكون
والعلم قال انها كروية وتدور حول الشمس
وحتى نهايه القرن العشرين نشر مفتى السعوديه الازهر بن باز كتيب ( الادلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الارض وامكان الصعود الى الكواكب ) ينكر فيه كروية الارض بايات قرانيه واحاديث نبوية .
ساضرب لك مثالين عن ضرورة تغيير علوم القران التى وضعها السلف والتى لايستطيع اى رجل دين ان يخرج عنها حتى الان :
الاول :
فمن المتفق عليه عند فقهاء السلف هو ( اذا ارتد المسلم يستتاب لمدة ثلاثة ايام ، فان لم يعود للأسلام يقتل بعدها ) اخذا بالحديث النبوى ( من فارق دينه فاقتلوه ) علما انه لاتوجد آية واحدة فى القرآن تقول بهذا ، ولم نعرف من تاريخ النبى محمد انه فعل هذا ، فقد ارتد فى حياته الكثيرون ولم يقتل احد منهم بداية ممن ارسلهم الى الحبشه فارتد بعضهم ثم ارتداد آخرين بعد ان قص عليهم حادثة الاسراء والمعراج ، ثم منافقى يثرب بعد ان هاجر اليهم ، ولكنه البخارى ( اصح كتاب على وجه الارض بعد القرآن )
من عدة سنوات تنشر جريدة روزا اليوسف فى عددها الصادر برقم 3871 الخبر التالى : فتوى جديدة بشأن حد الردة فى ضوء العقيدة الاسلامية ،يقول نص الفتوى ( نظرا للظروف الدولية التى تحيط بالاسلام ، والاتهامات الموجهه اليه بالتحريض على العنف والارهاب فقد اجتمعت لجنة العقيدة والفسلفه التابعه لمجمع البحوث الاسلامية بالازهر برئاسة الدكتور عبدالمعطى بيومى وانتهى الى التوصية التالية : اذا ارتد المسلم وفارق الجماعة فان امره متروك لولى الامر .. فان كانت ردته لاتمثل خطرا على المجتمع .. له ان يستتيبه مدى الحياة دون ان يكون جزاؤه القتل ، اما اذا كانت ردته خطرا على الامن العام واصول المجتمع يحق لولى الامر قتله ) وحتى لايتهم اعضاء اللجنة بانكار معلوم من الدين بالضرورة ، والخروج بتشريع جديد لم يقوله قدامى الفقهاء ، فقد اوضحوا ان الامام النخعى رأى ان المرتد يستتاب ابدا ، ولهذا اخذوا بهذا الرأى .
ورغم تهافت الفتوى الا ان الدكتور عبدالمعطى بيومى سجل اعتراضه عليها
وحتى لايخرجوا عما هو معلوم من الدين بالضرورة تعلقوا بقشه الامام النخعى الذى لم يخاف من تهمة انكار ماهو معلوم من الدين بالضرور ، وهل عقمت النساء ان تلد نخعى جديد يقول ان حرية العقيدة مكفولة للجميع حيث ان الدين – اى دين- لايحتاج الى منافقين
رغم ان قتل المرتد هو حديث نبوى كتب بعد عصر النبوه بمائتى عام وليس له مايؤيده فى القرآن الكريم
الثانى :
عن الطلاق الشفهى الذى طالب الرئيس السيسى بتوثيقه ، ولكنك يافضيلة الامام لم تستطيع ان تخرج عما قاله السلف قيد انمله خوفا من انكار معلوم من الدين بالضرورة
فجاء رد هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف تحت رئاستك فى بيان للناس يقول
اولا :وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق)
وجاء فى ثانيا : قذف الكره فى ملعب الرئيس
وبغض النظر عما قاله الدكتور الخشت – وان كان صحيحا - إلى ضرورة توظيف النظريات القانونية الحديثة في تطوير أحكام الشريعة، مثل توثيق الطلاق على غرار توثيق الزواج طبقًا لنظرية الأشكال القانونية المتوازية، لافتًا إلى أن انعقاد الطلاق عن طريق توثيقه منطقي في ضوء نظرية الأشكال القانونية المتوازية، فما يتم وفق شكل وإجراء لابد ان يتم بالشكل والإجراء نفسه
فان المنطق يقول : ان الزواج فى عهد النبى (ص) لم يكن موثقا لعدم معرفتهم بالكتابه والتوثيق ، فلما وصلنا الى توثيق الزواج فلزاما علينا توثيق الطلاق .
فأى تطوير للخطاب الدينى تعدوا له المؤتمرات
وتقول : يجب ان يكون السؤال الان : لماذا لانطبق التراث ؟
انها مقوله تتنافى تماما مع عقد مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي
هيا ياسيدى نطبق التراث لنرى ان بعض ماجاء فيه اصبح مجرم دوليا
اولا : زواج القاصرات دون الثامنه عشر مجرم قانونا
ثانيا : قتل الاسرى اصبح مجرم فى القانون الدولى ( وما كان لنبى ان يكون له اسرى حتى يثخن فى الارض )
ثالثا : الغزو من اجل المغانم مجرما فى القانون الدولى
رابعا : الاتجار بالبشر وكل مايتبعه من العبوديه والسبى والتسرى بالاماء مجرم فى القانون الدولى
خامسا : الجزيه الغاها التطور الانسانى
واخير اقول لفضيلتكم
اننى كنت متابع دائما ومعجب جدا لبرنامج فقه الحياه الذى كان يذاع كل يوم جمعه على قناه النيل الاخبارية بعنوان ( فقه الحياه ) عندما كنت رئيسا لجامعه الازهر ، والعنوان دال على البرنامج ، فهو فقه للحياه بديلا عن فقه الموت الذى اشرت له كثيرا بالتلميح دون التصريح انه الفقه الوهابى المتشدد القادم لمصر من شرقها .
فماذا حدث عندما توليت مشيخه الازهر ؟
دعنا مما تقوله الفلسفه عن الحقيقة المطلقة التى وضحتها فى بدايه رسالتى ، والتى تندرت بها على الدكتور الخشت
كتابى المرفق لفضيلتكم ( تطوير الخطاب الدين واشكاليه الناسخ والمنسوخ ) ومعه مقاله سبق وان كتبتها بعنوان (المسجد الاقصى بين التاريخ الدينى وعلم التاريخ ) لتعرف ان العلوم التى توفرت لدينا الان لم تكن معروفه ايام الساده السلف ، والكتاب والمقاله فى نظرى الحقيقة المطلقة من وجهه نظرك ، ولهذا جرؤت ان اهديهم اليك .
ولك يافضيلة الامام خالص التحية والاحترام
ــــــــــــــــــــــــ
محمد هشام الدين حسين حتاته – والشهرة ( هشام حتاته ) كاتب وباحث فى تاريخ الاديان ولى العديد من الكتب المنشوره عن تاريخ الاديان وعن نقد الفكر الدينى .
خريج كليه التجاره جامعه القاهره عام 1973
ــــــــــــــــــــــــــــــ