أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنس قاسم المرفوع - لاعدالة دون اعتراف : ذاكرة المظلومين أساس بناء الدول :














المزيد.....

لاعدالة دون اعتراف : ذاكرة المظلومين أساس بناء الدول :


أنس قاسم المرفوع
أكاديمي وكاتب وسياسي سوري باحث في مركز دراسات الشرق للسلام

(Anas Qasem Al-marfua)


الحوار المتمدن-العدد: 8471 - 2025 / 9 / 20 - 14:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقدم الكاتب الروسي دوستويفسكي في رواية ذكريات من منزل الأموات تحليلا نفسيا عميقا لسلوك السجناء حيث لاحظ أن بعضهم يتعمد إثارة المشاجرات ليس بدافع الشجار أو الكراهية بل بحثا عن الاهتمام والاعتراف والاهتمام بهم فهم يجدون أنفسهم لحظة الصراع محط أنظار الآخرين الذين يسارعون لتهدئتهم بكلمات التراضي أو الاحترام وهذا الأمر يمنحهم شعورا مؤقتا بالقيمة والاهتمام وهنا يكشف دوستويفسكي أن الإنسان حتى في أسوأ حالاته يبقى عطشانا ويحتاج للاعتراف به فالحاجة إلى الاحترام والتقدير هي حاجة وجودية وغيابها قد يدفع الفرد إلى التمرد أو العنف كوسيلة وحيدة ليسمع صوته أنه موجود وتحليل دوستويفسكي حقيقة ارى أنه لا يقتصر على السجناء بل يمتد ليشمل المجتمعات والدول فحقيقة الشعوب التي تشعر بالتهميش والإقصاء يتحول سخطها إلى ثورات وحروب طاحنة حيث يقول المفكر أوجلان أن المجتمع الذي لا يعترف بتنوعه هو مجتمع مريض ، وسوريا خير مثال على ذلك حيث أدى إهمال حقوق الشعب وقمع مطالبه المشروعة إلى تفاقم الأزمات واندلاع الصراع الدامي فلو أن حكومة الأسد تعاملت مع مطالب الناس بمنطق الحوار والاحتواء بدلا من القمع والعنف واعترفت بحقوقهم في العدالة والمساواة لربما تجنبت سوريا سنوات من المجازر الدموية والدمار والخراب الذي طال المدن مثل ودمشق وحلب وحمص ودرعا وأدى إلى استشهاد الآلاف ونزوح الملايين وتشريدهم وهذا يجب أن يكون درسا واضحا وبليغا لكل الحكومات القادمة بأن القمع لا يولد إلا الدمار وأن الحوار هو الطريق الوحيد لبناء سوريا جديدة حيث يجب أن يسن قانون صارم يجرم سفك الدم السوري بغض النظر عن الانتماء العرقي أو الديني أو القومي لأن الدم السوري واحد ولا مستقبل لأي بلد إلا بالعدل والمساواة والاعتراف بحقوق جميع مكونات الشعب فحقيقة الدول التي تحتوي تنوعها تزدهر والتاريخ حقيقة يقدم أمثلة واضحة على ذلك فحين اختارت جنوب أفريقيا بعد انتهاء نظام الفصل العنصري سياسةالمصالحة الوطنية بقيادة نيلسون مانديلا واعترفت بآلام المظلومين دون انتقام تحولت من دولة تعيش حالة حرب أهلية إلى دولة مستقرة وفي المقابل أيضا نرى في العراق بأنه عندما اختارت العراق على زمن صدام حسين تهميش الأكراد والشيعة شهدت حروب طاحنة ومجازر مروعة وبالنهاية سقوط النظام بشكل دموي وأيضا ساهمت الانقسامات الطائفية في العراق ما بعد سقوط صدام وأيضا إقصاء السنة في خلق بيئة خصبة لصعود التنظيمات المتطرفة بما في ذلك داعش فحقيقة يشرح إريك فروم في كتابه الهروب من الحرية كيف أن الخوف من العزلة والتهميش يدفع البشر إلى تبني هويات متطرفة إذا لم يجدوا قبولا في المجتمع، ولذلك نرى أن سنغافورة قدمت درسا مهما في قدرة أي بلد على تحويل تنوعه العرقي والديني إلى مصدر قوة من خلال ضمان حقوق الجميع فهيغل يرى في أي صراع (سواء صراع الاعتراف أو الثورات المطالبة بالحقوق) محركا أساسيا للتاريخ حيث لا يهدأ الصراع إلا حين يحصل الطرف المهمش على الاعتراف بكيانه ولهذا فإن أي حكومة ترغب في كسب ود شعبها خاصة في مجتمع متعدد المكونات أرى أن عليها تبنى سياسة الاحتواء لا الإقصاء والحوار لا القمع والاعتراف لا الإنكار لأن التجارب التاريخية أثبتت أن الدول التي ترفض الاعتراف بتنوعها تنهار من الداخل بينما تلك التي تحتضن اختلافاتها تبنى مستقبلا مشتركا مشرقا ومستدام فالإنسان سواء كان سجينا أو مواطنا يظل يبحث عن شيء واحد: أن يرى وأن يسمع وأن يعترف به وتحترم كرامته وإرادته، نختتم بمقولة اعجبتني قرأتها في مانيفستو الحضارة الديمقراطية للمفكر عبدالله أوجلان حيث يقول : لا يمكن تحقيق العدالة دون الاعتراف بذاكرة المظلومين . وهذا ينطبق تماما على سوريا حيث أرى أنه لن يتحقق الاستقرار إلا إذا اعترفت الدولة بآلام كل مكوناتها وعملت على ضمان حقوقهم السياسية والثقافية فالعنف حقيقة ليس سوى لغة من لم يجدوا لغة أخرى ليسمعوا بها شعوبهم.



#أنس_قاسم_المرفوع (هاشتاغ)       Anas_Qasem_Al-marfua#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعادة تشكيل سوريا الجديدة: نحو مشروع ديمقراطي تشاركي من خلال ...
- سوريا المستقبل من نموذج الاستعمار إلى أمة التحرر: المرأة أسا ...
- سوريا ما بعد الأسد: من دولة الهيمنة إلى مجتمع التعاقد - نحو ...
- الأخلاق كبنية تحتية للأمة الديمقراطية: قراءة في فكر أوجلان ح ...
- الضربات الأمريكية على إيران هل تفتح الباب لثورة داخلية أم حر ...
- من التشرذم إلى الثورة: كيف تصنع شعوب الشرق الاوسط مصيرها في ...
- الشرق الأوسط الجديد كيف تم تحويل الأخوة إلى اعداء؟ من التفتي ...
- من الدولة الدينية إلى الأمة الديمقراطية: تحليل المفكر أوجلان ...
- صدام الرؤى: حرية النخبة المجردة مقابل حرية المجتمع الجذرية م ...
- قراءة في خطاب السفير الأمريكي ورؤية أوجلان الاستشرافية


المزيد.....




- صور ترامب على المباني الفيدرالية تثير-معركة كلامية- بين الدي ...
- إيران تهدد بوقف التعاون مع الوكالة الذرية إذا أعيدت العقوبات ...
- الحوثيون يردون على تهديد كاتس باغتيال زعيم الجماعة بالسخرية ...
- -مسار الأحداث- يناقش آفاق الحرب في ظل تمسك ترامب بدعم إسرائي ...
- محللون: ترامب لن يوقف الحرب لأن شيئا ما يجعله خاضعا لنتنياهو ...
- الهند تحذر من -عواقب إنسانية- لرسوم ترامب على تأشيرة العمالة ...
- بمشاركة أربعين سفينة.. -أسطول الصمود- يواصل الإبحار نحو قطا ...
- إسرائيل تطلب من ترامب الضغط على مصر بسبب -تعزيزات عسكرية-
- البيت الأبيض: هيمنة أمريكية على مجلس إدارة تيك توك في الولاي ...
- سوريا: مقتل سبعة مدنيين جراء قصف شنته قوات حكومية في شمال ال ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنس قاسم المرفوع - لاعدالة دون اعتراف : ذاكرة المظلومين أساس بناء الدول :