أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - بيان قمة الدوحة: الادانة الشديدة وانعدام الاليات














المزيد.....

بيان قمة الدوحة: الادانة الشديدة وانعدام الاليات


هاني الروسان
استاذ جامعي مختص بالجيوبوليتيك والاعلم في جامعة منوبة ودبلوماسي

(Hani Alroussen)


الحوار المتمدن-العدد: 8471 - 2025 / 9 / 20 - 08:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


علينا الاعتراف بان البيان الختامي الذي صدر عن القمة العربية الإسلامية التضامنية مع دولة قطر عقب تعرضها لهجوم جوي استهدف اجتماعا لقيادات حركة حماس، قد جاء مطوّلاً ومفصلاً، وحاول أن يغطي معظم ألابعاد المترتبة على العدوان الإسرائيلي، من الجوانب القانونية والسياسية إلى البعد الإنساني والدبلوماسي. ولكن رغم قوة العبارات المستخدمة فيه وتنوّع القرارات التي اتخذها، فإن قراءة متأنية له تكشف عن دقة قام عليها في الموازنة بين ما هو رمزي وما هو عملي، وبين قوة الخطاب وضعف الآليات.
فقد اعتمد البيان لغة إدانة حازمة، حيث وصف الهجوم بـ"العدوان الغاشم" و"الهجوم الجبان"، وربطه بسجل إسرائيل "الإجرامي" و"جرائم الإبادة والتطهير العرقي"، وهذه اللغة تُظهر هذه المرة تحوّلاً في لهجة الخطاب الرسمي العربي والإسلامي التي طالما اتسمت بالتحفظ، لكنها تبقى محدودة الفاعلية إذ لم ترفق بأليات تترجمها إلى خطوات عملية. فالدعوة إلى مراجعة العلاقات أو فرض العقوبات تبدو أقرب إلى الشعار منها إلى القرار التنفيذي، إذ بقي تنفيذها رهين إرادة الدول فرادى، وهو ما سبق أن أُعلن عن مثلها في قمم سابقة من دون أثر ملموس الى يومنا هذا، طبعا هذا فضلا عن ان ميثاق جامعة الدول العربية برمته يقوم على هذه المقاربة البائسة، التي لم تخلف لدى المواطن العربي الا شعورا بالإحباط تلو الاحباط.
فالبيان يحمل بلا شك قيمة رمزية في إبراز وحدة الموقف العربي والإسلامي، خصوصًا مع موافقة سبع وخمسين دولة عليه، لكنه لا يعكس بالضرورة وحدة سياسية فعلية. فالتجربة التاريخية بيّنت أن البيانات الجامعة غالبًا ما تبقى حبراً على ورق بسبب تضارب المصالح بين الدول الأعضاء، وانقسامها في ملفات إقليمية كبرى مثل الموقف من إيران أو من مسارات التطبيع. لذلك يظل خطر تحوّل البيان إلى مجرد حلقة جديدة في مسلسل "سياسة الإدانة الموسمية" قائمًا، حيث ترتفع الأصوات الغاضبة مع كل اعتداء ثم تخفت مع مرور الوقت.
ومن الملاحظ أيضًا أن البيان ربط بشكل وثيق بين العدوان على قطر والقضية الفلسطينية، معتبراً أن استهداف دولة وسيطة في الجهود الدبلوماسية لوقف الحرب هو في الوقت ذاته تخريب لفرص السلام الإقليمي. هذا الربط يعيد منح القضية الفلسطينية بعداً إضافياً عبر إدخالها في صميم الأمن الإقليمي، ليس فقط العربي بل والاسلامي ايضا، ولكنه قد يُقرأ أيضًا باعتباره محاولة لإبراز الدور القطري أكثر من محاولة إبراز جوهر القضية الفلسطينية. وبذلك يصبح الدفع بفلسطين الى الواجهة أداة لتثبيت موقع الدوحة السياسي، وهو أمر لا يخلو من توظيف سياسي للملف الفلسطيني في لعبة التوازنات الإقليمية.
كما أن البيان تضمن إشارات متقدمة إلى القانون الدولي، مثل الدعوة إلى مساءلة إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية والتذكير بقرارات محكمة العدل الدولية. والحقيقة ان التذكير بهذه اللغة القانونية امر مهم للغاية من حيث المبدأ، غير أن الفجوة بين الطموح والواقع تظل قائمة. فالقمة لم تحدد آليات واضحة لكيفية تحريك الدعاوى القضائية أو ما إذا كانت الدول العربية والإسلامية مستعدة لتحمل تبعات مواجهة حقيقية، كتعليق العلاقات العسكرية أو الاقتصادية مع القوى الداعمة لإسرائيل. وهنا يظهر العجز البنيوي للنظام العربي والإسلامي عن الانتقال من النصوص إلى الأفعال.
ويضاف إلى ذلك أن البيان استند إلى مرجعيات مألوفة مثل مبادرة السلام العربية وإعلان نيويورك حول حل الدولتين. هذا التكرار يعكس غياب تجديد حقيقي في المقاربة، في وقت تغيّرت فيه موازين القوى الإقليمية والدولية، ولم تعد إسرائيل ولا حلفاؤها يأخذون هذه المرجعيات على محمل الجد. فإعادة تدوير نفس القرارات دون طرح بدائل عملية يجعل النص أقرب إلى خطاب تقليدي مكرر، يفتقر إلى الجرأة في تصور خيارات بديلة.
أما من حيث الرسائل، فقد حمل البيان أكثر من من رسالة، داخلية لتعزيز التضامن مع قطر وتأكيد أن المساس بدولة هو مساس بالجميع، ورسالة موجهة إلى إسرائيل تتمثل في إدانة جماعية صريحة وتحميلها مسؤولية التصعيد، ورسالة ثالثة إلى المجتمع الدولي تدعوه إلى تفعيل قرارات الأمم المتحدة وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب. غير أن هذه الرسائل، مهما بلغت قوتها الخطابية، تبقى في أغلبها دفاعية أكثر من كونها هجومية، أي أنها جاءت كرد فعل على العدوان أكثر من كونها رسمت استراتيجية استباقية لمواجهة إسرائيل في المستقبل.
في النهاية يمكن القول إن بيان الدوحة يعكس لحظة إجماع رمزي نادرة، ويكشف عن قلق عربي وإسلامي من توسع دائرة العدوان الإسرائيلي خارج الأراضي الفلسطينية. لكنه يظل نصاً مألوفاً في بنيته، شديد اللهجة في خطابه، ضعيفاً في آلياته. والتحدي الحقيقي أمام الدول الموقعة ليس ما جاء فيه من عبارات تضامن أو إدانة، بل في مدى قدرتها على ترجمة هذه اللغة إلى سياسات عملية، سواء عبر فرض عقوبات فعلية، أو من خلال الضغط الجماعي في الأمم المتحدة، أو حتى عبر إعادة صياغة العلاقات مع القوى الكبرى الداعمة لإسرائيل. فدون ذلك ستبقى إسرائيل قادرة على استثمار عجز النظامين العربي والإسلامي عن تجاوز البيانات الختامية نحو فعل سياسي ملموس، بل وربما وهذا الاهم ان لا يكون مثل هذا البيان قد بعث برسالة لنتناهو انه لن يكون في مواجهتكم اكثر من مثل هذه الاعراس الاحتفالية.

هاني الروسان / استاذ الجيوبوليتيك والاعلام في جامعة منوبة



#هاني_الروسان (هاشتاغ)       Hani_Alroussen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطر بين صدمة الواقع والرهان على الوهم
- صدقية الاعتراف بالدولة الفلسطينية رهين بحماية السلطة ووقف حر ...
- نفس الاهداف ونفس النتائج: منع تأشيرة الرئيس ابو مازن يعيد لل ...
- اسرائيل ابنة الكذبة لا تستمر في البقاء الا بقتل الحقيقة
- هل يكفي التسويق الكلامي التركي للعب دور اقليمي؟؟
- ضرورات ما بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية
- اسرائيل لن توقف الحرب على غزة التي تدحرجت من انتقامية الى تأ ...
- هل تكون السويداء مخبر القادم؟؟
- سوريا الشرع في اذربيجان قد لا تكون سوريا ما ثبلها .
- التحالفات الروسية بين سردية التخلي والانكفاء الواعي
- لماذا يصر ترامب على تسويق ضرباته لمنشآت ايران النووية على ان ...
- اتفاق وقف اطلاق النار بين ايران واسرائيل: هدنة الضرورة التي ...
- بين تفادي مواجهة واشنطن وتصعيد الصراع مع إسرائيل: قراءة في ا ...
- الهجوم الاسرائيلي على إيران: استنزاف استراتيجي يهدد استقرار ...
- جريمة -جيت- اخر فصل من فصول الانهيار الأخلاقي للجيش الإسرائي ...
- إسرائيل في مواجهة الرأي العام العالمي: الى اين تمضي واي مصير ...
- منع الوفد الوزاري العربي من زيارة رام الله: تأكيد على التمسك ...
- مؤتمر حل الدولتين: استراتيجية هجومية لاقامة الدولة الفلسطيني ...
- -أمريكا اولا- : هل اماتت التحالفات التقليدية؟ وهل تراجعت قيم ...
- هل اولى مخرجات زيارة ترامب للرياض اكدت على الانزياح الاسترات ...


المزيد.....




- صور ترامب على المباني الفيدرالية تثير-معركة كلامية- بين الدي ...
- إيران تهدد بوقف التعاون مع الوكالة الذرية إذا أعيدت العقوبات ...
- الحوثيون يردون على تهديد كاتس باغتيال زعيم الجماعة بالسخرية ...
- -مسار الأحداث- يناقش آفاق الحرب في ظل تمسك ترامب بدعم إسرائي ...
- محللون: ترامب لن يوقف الحرب لأن شيئا ما يجعله خاضعا لنتنياهو ...
- الهند تحذر من -عواقب إنسانية- لرسوم ترامب على تأشيرة العمالة ...
- بمشاركة أربعين سفينة.. -أسطول الصمود- يواصل الإبحار نحو قطا ...
- إسرائيل تطلب من ترامب الضغط على مصر بسبب -تعزيزات عسكرية-
- البيت الأبيض: هيمنة أمريكية على مجلس إدارة تيك توك في الولاي ...
- سوريا: مقتل سبعة مدنيين جراء قصف شنته قوات حكومية في شمال ال ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - بيان قمة الدوحة: الادانة الشديدة وانعدام الاليات