نزار فجر بعريني
الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 13:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مداخلة أمام مجموعة من ضيوف القصر الرئاسي مساء يوم الخميس ٢٦ حزيران ،قدّم السيد رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع مجموعة من الأفكار الهامّة، تناولت بشكل رئيسي طبيعة المسؤولية السياسية والجنائية عن جريمة الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار الياس في الدويلعة، مؤكدًة على أطروحات سابقة حول طبيعة الصراع على سوريا، ومثيرة أبرز تساؤلات المشهد السياسي والأمني الراهنة:
١ كيف نفسّر هذا الفارق بين رؤية الرئيس حول مسؤولية وأسباب جريمة الهجوم الإرهابي على كنيسة مار الياس في الدويلعة و بيان وزارة الداخلية؟
٢ كيف نفسّر تجاهل رؤية الرئيس لطبيعة الصراع الرئيسي على سوريا، عندما تغيّب دور وحضور أكثر قواه تأثيرا وفاعلية ؟ )١)
أوّلا ،
في توضيح حيثيات طبيعة المسؤولية عن الهجوم الإرهابي على كنيسة مار الياس ، يرى السيد الرئيس أنّها تأتي في سياق " التحرّشات الطائفية من قبل بعض الأطراف في الداخل السوري الذين يحاولون التعاطي والتفاعل مع انزعاج بعض الأطراف الدولية التي خسرت موقعها في سوريا"، " فيقومون على التحريش ومحاولة إيذاء الوحدة الوطنية ، ويدخلون مداخل طائفية، استُخدمت كثير في بلدان مجاورة ، كما استخدمها النظام كثيرا".
يدفعنا هذا الغموض في التوضيح الرئاسي لطرح تساؤلات حول حقيقة هوية هؤلاء "المتحرشين" السياسية في تفجير الكنيسة الإرهابي؟
اعتقد أنّ الغموض في هذا التوضيح يكمن في عموميته، وفي تجاهله لعوامل السياق السياسية للصراع منذ مطلع شباط، وما تضمّنه من أجندات سياسية، خاصة استخدام أو تجيير العنف السياسي" الطائفي " من أجل تشكيل رأي عام" سياسي طائفي "، يُقنع أصحابه بأنّهم مستهدفين أمنيا، وجوديا،لأسباب طائفية، ومن حقهم طلب " حماية "، بما يتقاطع مع أجندات مشروع قسد الساعية لتحشيد " المكوّنات "بجميع الوسائل في إطار مشروع تعميم نموذج " اللامركزية السياسية"، وبما يجعل الهدف السياسي الرئيسي في دوافع تفجير كنيسة مار الياس الإرهابي إلحاق المسيحيين بقافلة "المكوّنات " المُهددة بخطر التطرّف الجهادي، ودفع قياداتها الدينية للإنضمام إلى نادي المطالبين بالحماية الدولية، ولا يضعف من واقعية هذا الاستنتاج طبيعة " أداة " الجريمة !!
في العودة إلى خطابات سابقة ، حاولت تحديد المسؤوليات عن أشكال الانتهاكات والجرائم التي حصلت في مسارات معاركه المتنقّلة بين أماكن الصراع الأكثر ضراوة ، خاصة التي وقعت في المناطق التي أتخذ فيها الصراع طابعا طائفيّا، يتبيّن أنّ هؤلاء السوريون الذين يتعاطون مع" انزعاج " الخاسر الدولي هم " فلول النظام الساقط"!
وفقا لهذه الرؤية، " سوريا تواجه خطر فلول النظام السابق"، الذين يقومون ب " محاولات كثيرة لزعزعة استقرارها وجرّها إلى مستنقع الفوضى".(٢) ، ويصبح" فلول النظام الساقط " العدو الرئيسي للشعب السوري والدولة السورية الجديدة ، و الصراع الرئيسي في سوريا وعليها يقوم بين الدولة الجديدة وبين" فلول النظام السابق"، دون أن يعرف السوريون بالضبط المقصود تحديدا "بفلول النظام "؟
إذا يأتي تحت هذه التسميه شبيحة الأسد من "الطائفة العلوية "الذين اتهمتهم وسائل إعلام وأطراف دولية بالتورّط في تنظيم وقيادة معارك الساحل مطلع آذار، كغياث دلا ، ومقداد فتيحة ... (٣)، فهل تتضمّن " فلول النظام " داعش" و "قسد"؟!
ثمّ ، ألا يصل التحليل بأن الهجوم الإرهابي على كنيسة مار الياس تحديدا يأتي في سياق " تحرّشات طائفية " ،إلى الاستنتاج بمسؤولية أطراف " دَعَوية " عن ارتكاب الهجوم !
ثانيا ،
في العودة إلى بيان وزارة الداخلية السورية ،والمقارنة ، تتضح طبيعة هواجسنا!
جاء على منصة "إكس"، يوم الاثنين، ٢٣:
" نفذت قوات الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق، عملية أمنية نوعية استهدفت أوكارا تابعة لخلايا إرهابية مرتبطة بتنظيم داعش".
وقد أكّد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، الثلاثاء أنّ الخلية التي تقف وراء تفجير كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة دمشق، تابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي، ولا تمت بأي صلة لأي جِهة دعوية.
وأوضح البابا، في مؤتمر صحفي، أنّ "أحد العناصر الذين تم إلقاء القبض عليهم أدلى، خلال التحقيق، بمعلومات دقيقة حول أماكن وجود بقية أفراد الخلية وأوكارهم، مما أتاح تنفيذ سلسلة مداهمات أسفرت عن إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية ومصادرة الأسلحة والمتفجرات التي كانت بحوزتهم"، "وأنّ" أفراد الخلية الإرهابية قدِموا من مخيم الهول" .... الذي تسيطر عليه " قسد "!
وقد نشرت صحيفة "الوطن" السورية وثائق تثبت أن أحد المتورطين في التفجير الانتحاري الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق عراقي الجنسية، قد جاء من مخيم "الهول"، وأنّ "وثائق خاصة بتوزيع مادة كاز التدفئة في مخيم الهول بمحافظة الحسكة كشفت عن وجود اسم المدعو كنان علي بن رمضان، عراقي الجنسية، ضمن قائمة المستفيدين من المساعدات الإنسانية المقدمة من منظمة Blumont خلال شهر نوفمبر من العام الماضي ....(٤)
إذا كانت هذه الوثائق ، كما أشارت الصحيفة ،" تتناقض مع التصريحات السابقة الصادرة عن "قسد"، والتي نفت خلالها خروج منفذي الهجوم من مخيم الهول الواقع تحت سيطرتها شمال شرقي سوريا، بالقرب من الحدود مع العراق" كما أتي في بيان وزارة الداخلية، وتصريحات الناطق باسمها، ألا تؤكّد قراءة الرئيس على " صحّة " إدّعاء " قسد "؟! (٥).
(١)- في طبيعة الصراع على سوريا:
https://m.ahewar.org/s.asp?aid=870118&r=0.
(٢)- في خطاب السابع من آذار الماضي، وفي خضمّ معارك الصراع على الساحل ، اتّهم الرئيس " فلول النظام الساقط " بالوقوف خلف الهجوم الذي تعرّضت له مواقع وعناصر الأمن العام ، واستهدف السيطرة على مراكز المدن.
وفي كلمة مسجّلة بثتها وكالة الأنباء السورية (سانا) مساء ٩ آذار ، أكد رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع أن سوريا لن تنجر إلى حرب أهلية، مشدداً على أن الدولة ستحاسب كل من تورط بدماء المدنيين...وأضاف أنّ “سوريا تواجه خطر فلول النظام السابق”، وإنه “لا خيار أمام الفلول سوى الاستسلام فوراً”، مؤكداً “عدم السماح لأي قوى خارجية بأن تجر سوريا إلى حرب أهلية”، وأنّ سوريا «تعرضت مؤخراً لمحاولات كثيرة لزعزعة استقرارها وجرّها إلى مستنقع الفوضى».
(٣)- أعلن الاتحاد الأوروبي يوم الأثنين ٢٣ حزيران فرض عقوبات جديدة على خمسة أشخاص مرتبطين بالنظام السوري السابق شملت كلاً من مقداد فتيحة وغياث دلة وسهيل الحسن لدورهم المفترض في "موجة العنف التي شهدها الساحل السوري"، وقد رحب بيان وزارة الخارجية بقرار الاتحاد الأوروبي،" القاضي بفرض عقوبات على عدد من قيادات فلول النظام البائد"، مؤكّدا أنّ " هذا القرار يعكس إدراكاً متزايداً لدى الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي لحجم الانتهاكات التي ارتكبتها هذه الشخصيات ودورهم المحوري في تأجيج أحداث الساحل المؤسفة" .
(٤)- وأضافت:
"يحمل المذكور الرقم التسلسلي 15 في القائمة، وهو أحد الأشخاص الذين أعلنت وزارة الداخلية السورية القبض عليهم مؤخرا، ضمن خلية تتبع لتنظيم "داعش"، متورطة بالتفجير الانتحاري الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 25 مصليا وإصابة 63 آخرين بجروح".
(٥)-
وقد كان من الطبيعي أن تنفي " قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، وتدين ما اعتبرته «ادعاءات» حكومة دمشق حول تفجير كنسية مار إلياس، مشدّدة على أن «هذه المعلومات غير صحيحة ولا تستند إلى حقائق أو مجريات حقيقية». وأشارت «قسد»، في بيان شديد اللهجة، وأسلوب " سلطة الأسد الساقطة" إلى إنه بعد «ادعاءات» وزارة الداخلية السورية بأن الانتحاريين الإرهابيين الذين هاجما كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة قدما من مخيم الهول، «بدأت الأجهزة المختصة في قوّاتنا بالتدقيق والتحقيق في سجلات القاطنين في مخيم الهول والمغادرين له خلال الفترة الماضية، حيث تم تأكيد أنه ليس هناك مغادرة لأي شخص من المخيم سوى الذين غادروا إلى الداخل السوري، بناءً على طلب حكومة دمشق، خلال الفترة الماضية، وجميعهم من السوريين» معيدة الكرة إلى ملعب " الحكومة السورية!
#نزار_فجر_بعريني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟