أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله بولرباح - حين لا تكفي موازين القوى: من الهامش تصنع الهيمنة














المزيد.....

حين لا تكفي موازين القوى: من الهامش تصنع الهيمنة


عبدالله بولرباح
كاتب وباحث

(Abdellah Boularbah)


الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 02:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في لحظة عالمية تتآكل فيها السرديات الكبرى، وتتفكك قواعد النظام الدولي القديم، من فلسطين إلى نيويورك، ومن الهوامش الاجتماعية إلى قلب المؤسسات، تتشكل ملامح مفهوم جديد للقوة. لم يعد السلاح، ولا المال، ولا حتى النفوذ الدبلوماسي كافيا لضمان الهيمنة. ثمة نوع آخر من القوة يتسلل بهدوء: قوة المعنى، والصوت، والتحالفات الرمزية.
هذا المعنى تجسد بشكل لافت في تدوينة تقاسمتها الأستاذة سميرة الركيوي Samira Rguiouiعلى منصات التواصل، وهي للسيد محمد السفريوي، تحتفي بفوز زهران ممداني، المرشح التقدمي الداعم لحركة المقاطعة BDS، بترشيحه من قبل الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك. كتب السفريوي: "خيار لا ينطلق من التسليم بموازين القوى، بل من إعادة تعريف القوة ذاتها: أن تمتلك الحق، والصوت، والتحالفات، والأثر، وتصنع المعنى."
ليست هذه مجرد عبارة ملهمة، بل مفتاح لقراءة تحولات سياسية عميقة، تتجاوز ثنائية "القوي والضعيف"، نحو إعادة رسم قواعد اللعبة من جديد.
القوة الجديدة: من منطق الغلبة إلى منطق الشرعية
المفهوم التقليدي للقوة، القائم على السيطرة العسكرية والهيمنة الاقتصادية، لم يعد وحده المحدد الفعلي للتأثير السياسي. هناك اليوم من لا يملكون سوى "الحق"، و"الخطاب"، و"التحالفات العابرة للمؤسسات"، ومع ذلك ينجحون في تحريك الرأي العام، وفرض حضورهم على الطاولة السياسية.
هذا ما يفعله، مثلا، الحراك الفلسطيني عبر أدوات مثل المقاطعة الثقافية والأكاديمية، أو ما تمارسه حركات العدالة المناخية، والمقاومة الرمزية في الجنوب العالمي. هو أيضا ما يقوم به اقتصاد المقاومة(économie de résistance et non économie de subsistance) وليس اقتصاد الكفاف كما يسميه البعض. هو اقتصاد الفلاحين الصغار الذين يشكلون أبرز حركة مقاومة للتوسع الرأسمالي عبر العالم دون قوة عسكرية. في خضم الاحتفالات بالسنة الدولية للزراعة الاسرية سنة 2014، نشرت منظمة الأغذية والزراعة تقريرا من حجم كبير أعده العديد من الخبراء عبر العالم، جاءت خلاصته صادمة للبعض ومفاجئة للبعض الاخر، مفادها أن الزراعة الأسرية هي التي توفر أزيد من 80% من الغذاء العالمي. يتساءل المرء باستغراب شديد، ماذا تعطينا في هذا الميدان الرأسمالية؟ لولا الزراعة الاسرية لعمت المجاعات كل بقاع العالم.
جميع هذه المقاومات، التي تعيد تعريف القوة ليس كمورد مادي، بل كمنصة لإعادة صياغة المعاني، ليست عديمة الجذور التاريخية، إنها تنهل من تجارب تاريخية رائدة كتجربة نيلسون مانديلا، أو المهاتما غاندي، أو الثورة الفلسطينية، أو تجربة عبد الكريم الخطابي بالمغرب وغيرها. كما أنها ليست دون أسس فكرية أو نظرية تسندها. إنها تمتح من أطروحات عديدة منها أطروحة غرامشي حول الهيمنة الثقافية، حيث تسود النخب المهيمنة ليس فقط بالقوة الصلبة بل عبر خلق سرديات ومفاهيم تنتج الطاعة.
من يمتلك المعنى يمتلك التأثير
أخطر أشكال الهيمنة اليوم هي تلك التي لا ترى: القدرة على تحديد المفاهيم. من يقرر معنى "الحرية"، "الأمن"، أو "الشرعية"، يحدد كيف يقرأ الواقع، ومن هو على "حق". في هذا السياق، يصبح الصراع على المعنى صراعا سياسيا بامتياز.
الحركات الجديدة لا تكتفي بالاحتجاج، بل تعمل على إعادة تعريف اللغة السياسية نفسها. وهي بهذا تعيد تشكيل المجال العام، لا على قاعدة السلاح، بل على قاعدة الرمز والخطاب.
الصوت والتحالفات: من المقاومة إلى التأثير
أن تمتلك الصوت في الفضاء العام، يعني أنك موجود. وأن تتحدث بلغتك، لا بلغة الهيمنة، هو فعل مقاومة استراتيجي. والتحالفات – وإن لم تكن عسكرية – تصنع اليوم شبكات تأثير ممتدة: بين الأكاديميين، الفنانين، الناشطين، الأقليات، والمهمّشين.
هذه التحالفات باتت تمتلك القدرة على كسر احتكار الخطاب، وعلى بناء سرديات بديلة تتحدى الروايات الرسمية وتعيد توزيع الشرعية الرمزية.
في السياسة: لا تخضع للقوة بل اصنعها
ما تقترحه هذه المقاربة ليس طموحا مثاليا، بل خيارا واقعيا في عالم باتت فيه القوة نفسها غير مستقرة. السياسة، وفق هذا التصور، ليست مجرد استجابة لموازين القوى، بل عملية مستمرة لإنتاج موازين جديدة، عبر ما يشبه "الهندسة الرمزية" للمجال العام.
وإذا كان من درس يمكن استخلاصه من اللحظة الراهنة، فهو أن من يملك القدرة على إعادة تعريف قواعد الاشتباك، هو من يمتلك المستقبل.
نحن إزاء تحول عميق في معنى الفعل السياسي: لم يعد كافيا أن تتكيف مع موازين القوى، بل أن تبتكر أدوات تعيد تشكيلها. وفي هذا السياق، تصبح مفاهيم مثل "الحق"، و"الصوت"، و"المعنى" ليست عواطف أو شعارات، بل أدوات استراتيجية بامتياز.



#عبدالله_بولرباح (هاشتاغ)       Abdellah_Boularbah#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظل الارتطام
- إلى زوال
- في وجه السوق...أنا إنسان
- -تازة قبل غزة-، لا قياس مع وجود الفارق
- -تازة قبل غزة-، لا قياس مع وجود الفارق.
- ما التنمية؟
- السداجة السياسية
- كذبة ابريل، صدق ابريل
- التفكير الديمقراطي
- مدونة الأسرة، حماية للأسرة وللمجتمع
- فل تسمو المبادىء
- من أجل قراءة موضوعية للحساب الإداري للجماعات بالمغرب
- من اجل سياسة بيئية بديلة
- القيم الإنسانية في المحك: قراءة سريعة في رواية الطريق لكورما ...


المزيد.....




- -لا زال يتحرك في فمي-.. تجربة لا تُنسى في أكبر سوق للمأكولات ...
- -بدا وكأنه مشهد فيلم-.. سيارة تتسبب بإصابة زبائن بعد صدمها و ...
- أسد يهرب من قفصه ليهاجم سيدة وأطفالها بلحظات مرعبة.. شاهد ما ...
- الشوكولاتة: من -طعام إلهي- إلى -مال ينمو على الأشجار-
- شقيقة رونالدو تكشف سبب غياب شقيقها عن جنازة جوتا
- بيان الملتقى الوطني لدعم المـقــاومة وحماية الوطن
- ميديا بارت: القوات الكردية متهمة بارتكاب أعمال عنف ضد الشعب. ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا في اليمن والحوثيون يردون بإطلاق ...
- عندما يكون الوزير إنسانا أولا.. رائد الصالح في وجه حرائق الل ...
- جان بيير فيليو: ألعاب الجوع في غزة جرائم يومية


المزيد.....

- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي
- صندوق الأبنوس / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله بولرباح - حين لا تكفي موازين القوى: من الهامش تصنع الهيمنة