|
صنعاء تقاوم الإبادة - القانون الدولي بين النظرية والفعل..كتيب
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8302 - 2025 / 4 / 4 - 00:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المقدمة الموسعة: الموت يحاصر الشفاء ويطارد الكلمة
في ليلة لم تعرف غزة فيها النوم، حيث الهواء مشبع برائحة البارود والموت، دوّت أصوات القذائف الصهيونية فوق مجمع الشفاء الطبي، تلك القلعة التي كانت يومًا رمزًا للحياة في قطاع محاصر منذ عقود. لم تكن تلك القذائف مجرد أدوات تدمير، بل كانت سهامًا موجهة إلى قلب الإنسانية، تحمل رسالة واضحة: لا ملاذ للضعفاء تحت سماء الاحتلال. تحت الأنقاض، اختلط عويل الأطفال بصرخات الأمهات، وتحولت غرف العمليات إلى مشاهد من الجحيم—أطباء يبحثون عن أدواتهم بين الركام، ومرضى يلفظون أنفاسهم الأخيرة دون دواء أو أمل. لم يكن هذا المشهد حدثًا عابرًا في حرب طويلة، بل كان فصلًا جديدًا في مسلسل الإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد شعب أعزل تقريبًا، شعب لا يملك إلا إرادته وصموده. في تلك الليلة المشؤومة، التي وثّقتها تقارير "منظمة الصحة العالمية" في أبريل 2024، لم يكن مجمع الشفاء مجرد مستشفى، بل كان آخر خط دفاع عن الحياة في غزة. كان يؤوي أكثر من 700 مريض وجريح، و1500 نازح احتموا به ظنًا أن القانون الدولي، الذي يحمي المنشآت الطبية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، سيمنح أرواحهم درعًا ضد الهمجية. لكن القذائف التي أمطرت المبنى لم تفرق بين سرير طفل وجهاز تنفس اصطناعي، ولا بين ممرضة تحاول إنقاذ حياة وأم تحتضن ابنها المشوه. تقديرات محلية تشير إلى أن الهجوم أودى بحياة أكثر من 400 شخص في ساعات قليلة، بينهم 120 طفلًا كانوا يبحثون عن أمان لم يجدوا له سبيلًا. الصور التي انتشرت لاحقًا—جثث متناثرة، وأطراف مبتورة، وأمهات يصرخن بلا صوت—كانت شاهدة على جريمة حرب لم تكتفِ بقتل الأجساد، بل سعت إلى محو أي أمل في البقاء. لكن هذا الدمار لم يكن الحدث الوحيد الذي هزّ ضمير العالم في تلك الفترة. في زاوية أخرى من غزة، كان الشاعر والأستاذ الجامعي رفعت العرعير يواجه مصيره. لم يكن رفعت مجرد رجل يحمل قلمًا، بل كان صوتًا فلسطينيًا يرفض الانكسار، شاعرًا كتب عن الحرية بمداد الروح، ومثقفًا علّم أجيالًا كيف تقاوم بالكلمة. وُلد في مخيم الشاطئ عام 1979، في بيئة كانت الخيمة فيها أكثر من البيت، والجوع أقرب من الخبز. تسلح بالأدب الإنجليزي، وأصبح أستاذًا في جامعة الإسلامية بغزة، لكنه ظل شاعرًا في المقام الأول. في قصيدته "إذا كان عليّ أن أموت"، التي كتبها قبل استشهاده في ديسمبر 2023، قال: "إذا كان عليّ أن أموت، يجب أن أترك وميض أمل، شمعة مضيئة في عين طفل." تلك الكلمات لم تكن مجرد شعر، بل كانت وصية تحولت إلى تهديد في عيون الاحتلال. في ليلة 6 ديسمبر 2023، باغتت صواريخ الاحتلال منزلًا كان يحتمي فيه رفعت مع عائلته وعدد من المدنيين. لم يكن هناك تحذير مسبق، ولا مبرر عسكري، بل كان الهدف واضحًا: إسكات صوت يحمل في طياته قوة تفوق أسلحتهم. تقارير "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" وثّقت أن الهجوم أودى بحياة رفعت وستة من أفراد عائلته، بينهم أطفال، إلى جانب جيران كانوا يشاركونه المأوى. لم يكن اغتياله صدفة، بل كان جزءًا من سياسة ممنهجة للقضاء على الثقافة الفلسطينية، كما فعل النازيون بحرق كتب المثقفين في الثلاثينيات، أو كما حاولت إسرائيل عبر عقود محو هوية شعب بقتل رموزه. كلمات رفعت، التي كتبها بلغة الشعر والأمل، كانت تهديدًا لأنها أثبتت أن الروح الفلسطينية لا تنكسر، حتى تحت وطأة القنابل. في هذا السياق المأساوي، برزت حكومة صنعاء—من قلب شبه الجزيرة العربية—كصوت وفعل يتحدى هذا الظلم التاريخي. لم تكتفِ بالبيانات الشاجبة أو الخطابات المكررة التي اعتادها العالم العربي، بل أطلقت صواريخها ومسيّراتها لتقصف مواقع الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، معلنة أن القانون الدولي ليس مجرد حبر على ورق، بل واجب عملي يفرض مواجهة الجريمة حين تتخلى الأمم المتحدة عن دورها. لم يكن هذا القصف مجرد رد فعل عاطفي، بل كان تعبيرًا عن فهم عميق لمبادئ القانون الدولي، من "الدفاع عن النفس الجماعي" المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، إلى "واجب حماية الإنسانية" الذي يبرر التدخل لمنع الجرائم ضد الإنسانية. هذا الكتيب ليس مجرد سرد للأحداث، بل محاولة لفهم هذا الفعل في سياقه القانوني والتاريخي والاستراتيجي. إنه يسأل: ماذا لو تحرك العالم بنفس الجرأة التي أظهرتها صنعاء؟ ماذا لو طبق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بسرعة وجدية ضد كيان يرتكب إبادة جماعية موثقة؟ سأحاول الإجابة عن هذه الأسئلة عبر فصول متعمقة، مستندًا إلى وثائق الأمم المتحدة، تقارير حقوق الإنسان، وتحليلات تاريخية مستوحاة من رؤى محمد حسنين هيكل، الذي علمنا أن التاريخ لا يكتب فقط بالأحداث، بل بالقدرة على قراءتها واستشراف ما وراءها. من قصف الشفاء إلى اغتيال رفعت، ومن مقاومة صنعاء إلى صمت العالم، هذا الكتيب هو دعوة للتفكير، وأكثر من ذلك، دعوة للعمل.
الفصل الأول: صنعاء تقاوم - جذور الفعل وأبعاده
مقدمة الفصل: نقطة تحول في التاريخ
عندما نتحدث عن صنعاء، لا نتحدث عن مدينة جغرافية تحاصرها الجبال فحسب، بل عن رمز تاريخي تحول إلى نقطة ارتكاز في صراع أكبر من حدودها. في أواخر 2023، حين بدأ الكيان الصهيوني حرب الإبادة الجماعية على غزة، لم تكن صنعاء مجرد شاهد صامت يراقب المشهد من بعيد. من قلب شبه الجزيرة العربية، أطلقت صواريخها ومسيّراتها لتصيب أهدافًا عسكرية واستيطانية في فلسطين المحتلة، معلنة أن المقاومة ليست حكرًا على من يقف على خط النار، بل هي واجب جماعي يمتد عبر الحدود. لم يكن هذا الفعل مجرد رد فعل عاطفي، كما قد يظن البعض، بل كان تعبيرًا عن فهم عميق لمبادئ القانون الدولي، واستراتيجية واضحة لمواجهة نظام مارق يهدد السلم والإنسانية. في هذا الفصل، سنغوص في جذور هذا الفعل، ونحلل أبعاده القانونية والاستراتيجية، لنفهم كيف أصبحت صنعاء صوتًا وذراعًا لمقاومة عالمية في زمن تخلى فيه الكثيرون عن واجبهم.
الجذور التاريخية: صنعاء في سياق الصراع العربي
ليس من قبيل المصادفة أن تبرز صنعاء كقوة مقاومة في هذا السياق. التاريخ اليمني، كما كتب عنه محمد حسنين هيكل في تحليلاته عن المنطقة العربية، هو تاريخ شعب لم يعرف الخضوع، حتى في أحلك لحظاته. منذ ثورة 26 سبتمبر 1962، التي أطاحت بالنظام الإمامي المتخلف، بدأ اليمن رحلة طويلة نحو التحرر من الهيمنة الخارجية. لكن تلك الرحلة لم تكن خالية من العوائق. الحرب الأهلية في الستينيات، التي دعمت فيها السعودية القوات الملكية ضد الجمهوريين بدعم مصري، كانت أولى فصول الصراع الذي شكل وعي اليمنيين بأهمية الاستقلال. ثم جاءت الحرب السعودية-الإماراتية على اليمن في 2015، بقيادة تحالف مدعوم من الولايات المتحدة، لتضع الشعب اليمني أمام اختبار جديد. تحت قصف الطائرات وقذائف المدفعية، التي أودت بحياة أكثر من 400,000 شخص بحلول 2023 حسب تقارير الأمم المتحدة، برزت حكومة صنعاء—بقيادة الحوثيين—كرمز للصمود. هذا الصمود لم يكن مجرد رد فعل دفاعي، بل تحول إلى رؤية استراتيجية. عندما اندلعت حرب الإبادة على غزة في أكتوبر 2023، كانت صنعاء قد طورت قدراتها العسكرية بشكل ملحوظ. الصواريخ الباليستية مثل "قدس-4"، والمسيّرات مثل "صماد-3"، التي طورتها محليًا رغم الحصار، أصبحت أدوات ليس فقط للدفاع عن النفس، بل للرد على الظلم عبر الحدود. في خطاب ألقاه عبد الملك الحوثي في نوفمبر 2023، أعلن أن "دعم فلسطين ليس مجرد شعار، بل واجب ديني وقانوني وإنساني يفرض علينا مواجهة العدو الصهيوني بكل ما نملك." هذا الخطاب لم يكن مجرد كلمات، بل كان إعلانًا لدخول صنعاء في مرحلة جديدة من المقاومة، مرحلة تجاوزت حدود اليمن لتصبح جزءًا من صراع عالمي ضد الظلم. لكن لفهم هذا التحول، يجب أن ننظر إلى السياق الأوسع. اليمن، كما وصفه هيكل في "أزمة الخليج"، ليس مجرد رقعة جغرافية، بل هو "عصب المنطقة العربية" بموقعه الاستراتيجي على البحر الأحمر وباب المندب. هذا الموقع جعله هدفًا للقوى الاستعمارية منذ أيام البرتغاليين في القرن السادس عشر، وصولًا إلى الهيمنة الأمريكية في القرن الحادي والعشرين. لكن ما ميز صنعاء في 2023-2025 هو قدرتها على تحويل هذا الموقع من نقطة ضعف إلى مصدر قوة، عبر استخدامها للقوة العسكرية لدعم قضية فلسطين. هنا، يمكننا أن نرى صدى لما كتبه هيكل عن حرب أكتوبر 1973: "الشعوب لا تنتصر بالسلاح وحده، بل بالإرادة التي تحول السلاح إلى فعل."
القصف كفعل قانوني: صنعاء والقانون الدولي
إذا كان التاريخ هو الجذور التي أنتجت فعل صنعاء، فإن القانون الدولي هو الإطار الذي يبرره. قصف حكومة صنعاء لمواقع الكيان الصهيوني—من قواعد عسكرية في النقب إلى بؤر استيطانية في تل أبيب—لم يكن فعلًا عشوائيًا، بل كان استجابة لجرائم حرب وإبادة جماعية موثقة. في التحليل الأكاديمي، يمكننا أن ننظر إلى هذا الفعل من خلال عدة مبادئ قانونية: أولًا، مبدأ الدفاع عن النفس الجماعي المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. هذا المبدأ يسمح للدول باتخاذ إجراءات عسكرية للدفاع عن دولة أخرى تتعرض لاعتداء مسلح. حرب الإبادة على غزة، التي بدأت في أكتوبر 2023، وثّقتها تقارير "هيومن رايتس ووتش" بأكثر من 40,000 قتيل مدني بحلول أكتوبر 2024، وتدمير 80% من البنية التحتية، تُعتبر اعتداءً مسلحًا بكل المقاييس. صنعاء، بقصفها للكيان الصهيوني، مارست حقها في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، الذي لا يملك دولة ذات سيادة كاملة للدفاع عن نفسها. ثانيًا، واجب حماية الإنسانية (Responsibility to Protect - R2P)، وهو مبدأ اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2005. هذا المبدأ يفرض على المجتمع الدولي التدخل لمنع الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الإبادة الجماعية. تقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز في مارس 2024 وصف تصرفات الكيان الصهيوني في غزة بأنها "إبادة جماعية"، مستندًا إلى استهداف المدنيين عمدًا، بما في ذلك قصف المستشفيات مثل الشفاء. في غياب تدخل الأمم المتحدة، بسبب الفيتو الأمريكي، أصبحت صنعاء الدولة الوحيدة التي طبقت هذا المبدأ عمليًا. ثالثًا، مبدأ التمييز في القانون الدولي الإنساني، المنصوص عليه في البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف (1977). هذا المبدأ يطالب بتمييز الأهداف العسكرية عن المدنية. تقارير عسكرية يمنية أكدت أن ضربات صنعاء استهدفت قواعد عسكرية مثل "رامون" في النقب، ومستوطنات مثل "كريات شمونة"، التي تُعتبر غير قانونية بموجب القرار 2334 لمجلس الأمن (2016). على عكس الكيان الصهيوني، الذي قصف المستشفيات والمدارس، حافظت صنعاء على التزامها بهذا المبدأ، مما يعزز شرعية عملياتها. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان القانون الدولي يبرر فعل صنعاء، فلماذا لم تتحرك الأمم المتحدة أو الدول الكبرى بنفس الطريقة؟ هنا نجد أنفسنا أمام معضلة كشفها هيكل في كتاباته عن السياسة الدولية: الأمم المتحدة ليست منظمة محايدة، بل أداة تخضع لتوازن القوى. الولايات المتحدة، التي قدمت 8.7 مليارات دولار كمساعدات عسكرية للكيان الصهيوني في 2024 حسب تقرير الكونغرس، استخدمت الفيتو 45 مرة منذ 1945 لحماية هذا الكيان، مما يعطل تطبيق أي عقوبات أو تدخل عسكري بموجب الفصل السابع. في هذا الفراغ، برزت صنعاء كبديل عملي للعدالة المعطلة.
الأبعاد الاستراتيجية: من البحر الأحمر إلى فلسطين
إذا كان القانون الدولي هو المبرر، فإن الاستراتيجية هي السياق الذي جعل فعل صنعاء فعالًا. قصف الكيان الصهيوني لم يكن مجرد عمل رمزي، بل كان جزءًا من خطة أوسع للضغط على الاحتلال عبر استهداف نقاط قوته الاقتصادية والعسكرية. أول هذه النقاط كان البحر الأحمر، الذي يمر عبره 12% من التجارة العالمية حسب "منظمة التجارة العالمية". في ديسمبر 2023، بدأت صنعاء عملياتها لإغلاق المضيق أمام السفن المتجهة إلى موانئ الكيان الصهيوني، مثل إيلات. بحلول أبريل 2025، أوقفت أكثر من 70 سفينة، مما تسبب في تراجع نشاط ميناء إيلات بنسبة 85% حسب تقارير إسرائيلية، وخسائر اقتصادية تقدر بمليارات الدولارات. هذا الإغلاق لم يكن مجرد عمل عسكري، بل كان تطبيقًا عمليًا لمبدأ "منع الدعم" في القانون الدولي، الذي يحظر تمكين الجرائم ضد الإنسانية. السفن التي أوقفتها صنعاء كانت تحمل بضائع وأسلحة تدعم الآلة العسكرية الصهيونية، التي تستخدمها في قتل المدنيين في غزة. هنا، يمكننا أن نرى صدى لما كتبه هيكل في "مدفعية الثورة" عن قدرة الشعوب على تحويل الضعف إلى قوة عبر استهداف نقاط ضعف العدو. البحر الأحمر، الذي كان يومًا ممرًا للهيمنة الغربية، تحول بيد صنعاء إلى سلاح اقتصادي وعسكري. ثاني الأبعاد الاستراتيجية كان الضغط العسكري المباشر على الكيان الصهيوني. ضربات صنعاء، التي وصلت إلى عمق الأراضي المحتلة مثل تل أبيب في يوليو 2024، أجبرت الاحتلال على تشتيت موارده بين جبهة غزة وجبهة جديدة في البحر الأحمر. تقارير عسكرية إسرائيلية أشارت إلى أن هذه العمليات زادت تكلفة الدفاع الجوي بنسبة 30%، مما أضعف قدرة الكيان على مواصلة هجومه على غزة. هذا التشتيت يعكس استراتيجية المقاومة التي وصفها هيكل في تحليلاته عن حرب الاستنزاف: "النصر لا يأتي بالضربة القاضية، بل بتراكم الضربات التي تستنزف العدو." ثالثًا، كان للفعل اليمني بعد رمزي ومعنوي. في عالم عربي بدا فيه الصمت هو القاعدة، أعادت صنعاء إحياء فكرة التضامن العملي. خطابات عبد الملك الحوثي، التي شاهدتها ملايين العائلات عبر المنطقة، ألهمت حركات احتجاج في الأردن والمغرب ولبنان، حيث خرجت الجماهير مطالبة حكوماتها بمحاكاة موقف صنعاء. هذا البعد المعنوي، كما كتب هيكل عن ثورة يوليو، هو "الوقود الذي يحرك الشعوب نحو التغيير."
خاتمة الفصل: صنعاء كبديل للعالم
في النهاية، يمكننا أن نرى في فعل صنعاء مزيجًا من الجذور التاريخية، المشروعية القانونية، والعبقرية الاستراتيجية. لم تكن مجرد دولة تقاوم حصارًا، بل تحولت إلى قوة عابرة للحدود تدافع عن شعب آخر تحت وطأة الإبادة. في غياب الأمم المتحدة، التي شلتها الهيمنة الغربية، أصبحت صنعاء نموذجًا لما يمكن أن يكون عليه القانون الدولي حين يتحول إلى فعل. لكن هذا الفعل يطرح سؤالًا أكبر: ماذا لو تبنى العالم هذا النموذج؟ هذا ما سنناقشه في الفصل التالي، حيث نستعرض كيف كان يمكن للفصل السابع أن يغير مسار هذه الجريمة.
الفصل الثاني: الفصل السابع - العدالة المعطلة
مقدمة الفصل: العدالة في قفص السياسة
في عالم يفترض أن القانون هو سياج الحماية ضد الهمجية، كان من المفترض أن يكون الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة—ذلك السلاح القانوني الأقوى في ترسانة المجتمع الدولي—كافيًا لوقف حرب الإبادة الجماعية التي شنها الكيان الصهيوني على غزة. لكن التاريخ، كما علمنا محمد حسنين هيكل في كتاباته عن الصراعات الدولية، لا يكتب بالنوايا الحسنة، بل بتوازن القوى. منذ أن بدأت القذائف الصهيونية تمزق أجساد الأطفال والأمهات في غزة في أكتوبر 2023، وحتى أبريل 2025، حين وصل عدد الشهداء والجرحى إلى 200,000 حسب تقديرات الأمم المتحدة، ظل الفصل السابع حبيسًا في دهاليز مجلس الأمن، مشلولًا بفيتو أمريكي يحمي الكيان المارق. في هذا الفصل، سنفكك هذا التناقض بين النظرية القانونية والواقع السياسي، ونستعرض كيف كان يمكن للفصل السابع أن يوقف هذه الجريمة، ولماذا ظل معطلًا، وما الذي يمكن أن يحدث لو تحرر من قيود الهيمنة.
الفصل السابع: السلاح القانوني المسلوب
الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي صيغ في 1945 بعد جحيم الحرب العالمية الثانية، لم يكن مجرد نص قانوني، بل كان وعدًا للعالم بأن الجرائم ضد الإنسانية لن تتكرر دون رد. يبدأ هذا الفصل بالمادة 39، التي تمنح مجلس الأمن سلطة تحديد "أي تهديد للسلم أو خرق له أو عمل من أعمال العدوان"، وتقترح تدابير لاستعادة الأمن. تتبعها المادة 41، التي تسمح بفرض عقوبات غير عسكرية مثل الحظر الاقتصادي، ثم المادة 42، التي تجيز استخدام القوة العسكرية إذا فشلت التدابير السلمية. أخيرًا، المادة 43 تدعو الدول الأعضاء لتوفير قوات عسكرية تحت تصرف الأمم المتحدة لتنفيذ هذه التدابير. في التاريخ الحديث، استخدم الفصل السابع بفعالية في حالات عدة. في أغسطس 1990، عندما اجتاحت القوات العراقية الكويت، أصدر مجلس الأمن القرار 661 بفرض عقوبات اقتصادية، ثم القرار 678 الذي سمح باستخدام القوة، مما أدى إلى تحرير الكويت في 1991. في ليبيا 2011، أصدر القرار 1973 الذي فرض منطقة حظر جوي، وأتاح لحلف الناتو التدخل لـ"حماية المدنيين". هذه الأمثلة تثبت أن الفصل السابع ليس مجرد نظرية، بل أداة عملية يمكنها تغيير مسار الصراعات. لكن عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، يتحول هذا السلاح إلى شبح لا يرى. لماذا؟ الإجابة تكمن في هيكلية مجلس الأمن ذاته. خمس دول دائمة العضوية—الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، وفرنسا—تملك حق الفيتو، وهو السلاح الذي يشل أي قرار لا يتماشى مع مصالحها. منذ تأسيس الأمم المتحدة، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو 45 مرة لحماية الكيان الصهيوني، آخرها في فبراير 2024 لمنع قرار يدين قصف المستشفيات في غزة. هذا الفيتو ليس مجرد إجراء إداري، بل تعبير عن استراتيجية أمريكية ترى في الكيان الصهيوني رأس حربة للهيمنة في الشرق الأوسط. هيكل، في كتابه "الطريق إلى رمضان"، وصف هذه الظاهرة بأنها "تحول الأمم المتحدة من حارس للعدالة إلى ساحة للصراعات السياسية"، وهو وصف ينطبق تمامًا على واقعنا اليوم. لكن دعونا ننظر إلى الحالة الفلسطينية بعين القانون. الإبادة الجماعية في غزة، كما سنوثق لاحقًا، تتوافق مع تعريف المادة 39: تهديد للسلم الدولي. لو تحرر مجلس الأمن من قيود الفيتو، لكان من الممكن أن يصدر قرارًا بفرض عقوبات على الكيان الصهيوني، ثم ينتقل إلى المادة 42 لاستخدام القوة. لكن هذا الـ"لو" ظل معلقًا، تاركًا المجال لحكومة صنعاء لتأخذ زمام المبادرة.
وثائق الإبادة في غزة: الجريمة تحت المجهر
لن نفهم فشل الفصل السابع دون أن ننظر إلى حجم الجريمة التي كان يفترض أن يوقفها. حرب الإبادة على غزة، التي بدأت في 7 أكتوبر 2023، لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل كانت حملة منهجية لمحو شعب بأكمله. تقارير الأمم المتحدة، و"يونيسف"، و"أمنستي إنترناشونال" وثّقت أرقامًا وشهادات تكشف عمق الجريمة. بحلول أكتوبر 2024، وصل عدد القتلى إلى 40,000 مدني، بينهم 15,000 طفل، وأصيب أكثر من 80,000 آخرين. في أبريل 2025، ارتفع العدد الإجمالي للشهداء والجرحى إلى 200,000 من أصل مليوني محاصر في القطاع، أي ما يعادل 10% من السكان. هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل شهادة على نية الإبادة. قصف مجمع الشفاء لم يكن حادثة منعزلة، بل جزءًا من نمط موثق. تقرير "منظمة الصحة العالمية" في أبريل 2024 وثّق تدمير 36 مستشفى من أصل 36 في غزة، بما في ذلك الشفاء، الذي كان يؤوي 700 مريض و1500 نازح حين قُصف. شهادة الدكتور غسان أبو ستة، جراح التجميل الذي عمل في الشفاء، وصفت المشهد: "كان الأطفال يموتون أمامنا دون مخدر، والقذائف تضرب المبنى كأنها تريد أن تمحو الحياة ذاتها." هذا الاستهداف لم يكن عشوائيًا، بل كان يهدف إلى تدمير البنية التحتية الطبية، مما يتوافق مع تعريف الإبادة الجماعية في اتفاقية 1948، التي تشمل "إلحاق أذى جسدي أو عقلي خطير" بنية تدمير جماعة عرقية. الأطفال والأمهات كانوا الهدف الأبرز. تقرير "يونيسف" في يناير 2025 أشار إلى أن 70% من الضحايا كانوا من الأطفال والنساء، مع حالات مثل قصف مدرسة الفاخورة في جباليا، التي قتلت 112 شخصًا، معظمهم أطفال، في نوفمبر 2023. شهادة أم فلسطينية، نُشرت في "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان"، قالت: "كنت أحمل ابني البالغ من العمر ثلاث سنوات حين انفجر البيت، استيقظت لأجده نصفين بين يدي." هذه الشهادات ليست استثناءات، بل نمط يعكس نية تدمير الجيل القادم للشعب الفلسطيني. المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز، في تقريرها لمجلس حقوق الإنسان في مارس 2024، خلصت إلى أن "الأدلة تشير إلى نية إبادة جماعية"، مستندة إلى ثلاثة عناصر: قتل المدنيين عمدًا، تدمير البنية التحتية الحيوية، وفرض ظروف حياة تهدف إلى الفناء الجسدي. هذا التقرير، الذي دعمته 52 دولة في الجمعية العامة، كان كافيًا لتفعيل الفصل السابع، لكنه اصطدم بجدار الفيتو الأمريكي. هنا، يمكننا أن نستحضر كلمات هيكل في "مفاوضات الكامب ديفيد": "القانون بلا إرادة هو كالسيف بلا قبضة." سيناريو تطبيق الفصل السابع: العالم يتحرك لنفترض، في تمرين خيالي مستند إلى الواقع، أن الفصل السابع تحرر من قيود السياسة. كيف كان يمكن أن يتغير مسار الإبادة في غزة؟ دعونا نرسم هذا السيناريو خطوة بخطوة.
الخطوة الأولى: قرار المادة 39
في نوفمبر 2023، بعد شهر من بدء الحرب، يجتمع مجلس الأمن استجابة لتقارير الأمم المتحدة عن قتل المدنيين. يصدر قرارًا بأن تصرفات الكيان الصهيوني تشكل "تهديدًا للسلم الدولي"، مستندًا إلى تدمير المستشفيات وقتل الأطفال. الولايات المتحدة، في هذا السيناريو، تمتنع عن استخدام الفيتو تحت ضغط احتجاجات عالمية تضم ملايين المتظاهرين في واشنطن ولندن.
الخطوة الثانية: تفعيل المادة 41
يُصدر قرار ثانٍ بفرض عقوبات اقتصادية شاملة على الكيان الصهيوني: حظر تصدير الأسلحة، تجميد الأصول المالية، وقطع العلاقات التجارية. دول مثل النرويج وجنوب إفريقيا تقود حملة لتنفيذ هذه العقوبات، مستلهمة موقفها من مقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. بحلول يناير 2024، تتوقف شحنات الأسلحة الأمريكية (14 مليار دولار سنويًا حسب الكونغرس)، ويبدأ الاقتصاد الصهيوني في الانهيار تحت ضغط الحظر.
الخطوة الثالثة: تفعيل المادة 42
عندما يرفض الكيان الامتثال، يصدر مجلس الأمن قرارًا ثالثًا في مارس 2024، يسمح باستخدام القوة العسكرية. تُشكل قوة دولية بقيادة دول محايدة—مثل النرويج، إندونيسيا، والبرازيل—مهمتها تفكيك القواعد العسكرية الصهيونية وبؤر الاستيطان غير القانونية. عمليات جوية تستهدف قاعدة "نيفاتيم" في النقب، التي أطلقت منها طائرات قصفت غزة، وتُدمر المستوطنات في الضفة الغربية كجرائم حرب موثقة بموجب القرار 2334. في غضون ستة أشهر، ينهار النظام العسكري الصهيوني، ويُجبر على وقف الإبادة.
الخطوة الرابعة: المحاسبة
في أكتوبر 2024، تُحال قيادات الكيان—بمن فيهم بنيامين نتنياهو—إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهم الإبادة الجماعية، بناءً على مذكرة اعتقال صدرت في نوفمبر 2024. محاكمات علنية تُبث للعالم، تكشف عن وثائق تثبت نية الإبادة، وتُعيد للقانون الدولي هيبته. هذا السيناريو ليس مجرد حلم، بل هو ما كان يمكن أن يحدث لو تحركت الإرادة الدولية. لكن الواقع، كما وصفه هيكل في "أزمة الخليج"، هو أن "القوة تتحكم في القانون، لا العكس." الفيتو الأمريكي، المدعوم بمصالح مالية وعسكرية، جعل هذا السيناريو مستحيلًا، تاركًا المجال لصنعاء لتقوم بما عجز عنه العالم.
خاتمة الفصل: العدالة تنتظر
في النهاية، الفصل السابع لم يكن عاجزًا بطبيعته، بل شُل بفعل سياسي متعمد. الإبادة الجماعية في غزة، بكل تفاصيلها المروعة، كانت كافية لتفعيله، لكن الهيمنة الأمريكية حولته إلى أداة بلا روح. صنعاء، بقصفها للكيان الصهيوني، قدمت نموذجًا بديلًا: القانون ليس حكرًا على مجلس الأمن، بل يمكن للشعوب أن تطبقه بيدها. لكن هذا النموذج يحتاج إلى دعم أوسع، وهو ما سنناقشه في الفصل التالي: كيف يمكن للعمال والحكومات أن يشاركوا في هذا الجهد، أو يتحملوا وزر التواطؤ إذا تخلوا عنه.
الفصل الثالث: العمال والحكومات - التواطؤ المحرم
مقدمة الفصل: خيوط الجريمة تمتد عبر العالم
في عالم مترابط، حيث السفن تعبر المحيطات حاملة البضائع والأسلحة، والحكومات تتفاوض في الغرف المغلقة، لا تقتصر جرائم الحرب على من يضغط على الزناد. من موانئ روتردام إلى نيويورك، ومن مصانع الأسلحة في لندن إلى مرافئ الشحن في دبي، تمتد خيوط التواطؤ في الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد غزة. كل عامل يحمل صندوق ذخيرة إلى سفينة متجهة إلى تل أبيب، وكل حكومة تسمح بمرور شحنة أسلحة، يصبح شريكًا في الجريمة، سواء أدرك ذلك أم لا. لكن في قلب هذا العالم، برزت حكومة صنعاء كنقيض لهذا التواطؤ، حين أغلقت البحر الأحمر أمام السفن المتجهة إلى الكيان المارق، معلنة أن القانون الدولي ليس مجرد شعار، بل واجب يُفرض بالفعل. في هذا الفصل، سنتتبع هذه الخيوط، ونحلل مسؤولية العمال والحكومات، ونستعرض كيف يمكن للشعوب أن تحول التواطؤ إلى مقاومة، مستلهمين نموذج صنعاء. العمال: اليد التي تمرر الموت في موانئ العالم، حيث الرافعات تتحرك كأذرع ميكانيكية بلا روح، يقف العمال كحلقة أساسية في سلسلة الجريمة. في مايو 2023، شهد ميناء جنوة الإيطالي إضرابًا تاريخيًا، حين رفض عمال الشحن تحميل سفينة متجهة إلى الكيان الصهيوني تحمل أسلحة ومعدات عسكرية. كان هذا الإضراب، الذي قاده اتحاد العمال الإيطالي (CGIL)، استجابة لنداءات من منظمات حقوقية فلسطينية، وتضامنًا مع الشعب الفلسطيني الذي بدأ يواجه حربًا جديدة. أحد العمال، ويدعى ماركو بيانكي، قال في مقابلة مع صحيفة "إل مانيفستو": "لن أكون أداة لقتل الأطفال. يدي لن تحمل الموت إلى غزة." هذا الموقف لم يكن استثناءً، بل كان صدى لتاريخ طويل من مقاومة العمال للظلم. في التاريخ، كان للعمال دور حاسم في مواجهة الجرائم الدولية. خلال حرب فيتنام، رفض عمال الموانئ في أستراليا تحميل السفن الأمريكية بالذخائر في 1967، مما أجبر الحكومة على إعادة تقييم دعمها للحرب. في جنوب إفريقيا، قاد إضرابات العمال في السبعينيات ضغطًا اقتصاديًا ساهم في تفكيك نظام الفصل العنصري. هذه الأمثلة تثبت أن العمال ليسوا مجرد أدوات في يد الحكومات، بل يمكنهم أن يكونوا قوة تغيير حين يرفضون التواطؤ. لكن في حالة غزة، ظل هذا الرفض محدودًا. بين 2023 و2025، مرت شحنات أسلحة بقيمة 14 مليار دولار من الولايات المتحدة إلى الكيان الصهيوني عبر موانئ مثل نورفولك وتكساس، تحملها أيدي عمال لم يتوقفوا ليسألوا: إلى أين تذهب هذه الصناديق؟ تقرير "معهد ستوكهولم لأبحاث السلام" (SIPRI) في 2024 وثّق أن الولايات المتحدة زودت الكيان الصهيوني بـ10,000 قنبلة موجهة و2000 صاروخ "هيلفاير"، استخدمت في قصف المستشفيات والمدارس في غزة. كل قنبلة مرت عبر يد عامل في ميناء أمريكي أو أوروبي، ثم عبر البحر، لتصبح أداة موت في يد جندي صهيوني. هذا التواطؤ محرم بموجب القانون الدولي، تحديدًا المادة 25 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تعتبر "المساعدة أو التمكين" لجرائم الحرب مسؤولية جنائية. لكن العمال، في معظمهم، لم يدركوا هذه المسؤولية، أو اختاروا تجاهلها تحت ضغط الحياة اليومية والأوامر العليا. هنا، يمكننا أن نستحضر رؤية هيكل في "مدفعية الثورة"، حيث كتب: "الشعوب لا تنهض إلا حين تدرك أن يدها تملك القوة لتغيير المسار." إضراب جنوة كان نقطة مضيئة، لكنه لم يتحول إلى حركة عالمية. لو رفض عمال الموانئ في أوروبا وأمريكا تحميل الأسلحة، لتوقفت الآلة الحربية الصهيونية في غضون أسابيع، لأنها تعتمد بشكل شبه كامل على الدعم الخارجي. هذا الرفض لم يحدث بسبب غياب التنظيم، أو خوف العمال من فقدان أرزاقهم، أو ببساطة لأن الوعي لم يصل إلى حد الفعل.
الحكومات: الإرادة التي تبيع ضميرها
إذا كان العمال هم اليد التي تمرر الموت، فإن الحكومات هي العقل الذي يوجهها. منذ بدء حرب غزة، لعبت حكومات غربية دورًا محوريًا في تمكين الكيان الصهيوني. الولايات المتحدة، كما ذكرنا، قدمت 14 مليار دولار كمساعدات عسكرية بين 2023 و2025، بما في ذلك طائرات "F-35" وقنابل "MK-84" التي حولت الشفاء إلى مقبرة. بريطانيا، بحسب تقرير "الحملة ضد تجارة الأسلحة" (CAAT) في 2024، صدرت أسلحة بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني، بما في ذلك أنظمة توجيه للصواريخ. ألمانيا، التي زادت صادراتها العسكرية إلى الكيان بنسبة 200% في 2023 حسب "SIPRI"، قدمت غواصات "دولفين" قادرة على حمل رؤوس نووية. هذه الأسلحة لم تكن مجرد بضائع تجارية، بل كانت أدوات الإبادة التي وثقتها تقارير الأمم المتحدة. هذا الدعم ليس جديدًا. منذ نكبة 1948، شكلت الحكومات الغربية درعًا للكيان الصهيوني، سواء عبر السلاح أو الفيتو أو الصمت. لكن ما يميز الفترة بين 2023 و2025 هو الحجم الهائل للتواطؤ. في أكتوبر 2023، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن حزمة مساعدات "غير مسبوقة" بقيمة 10.6 مليار دولار، قائلاً: "إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها." هذا التصريح، الذي ردده وزراء خارجية أوروبيون، تجاهل حقيقة أن "الدفاع" تحول إلى إبادة موثقة. في المقابل، رفضت هذه الحكومات دعم قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مثل القرار في ديسمبر 2023 الذي دعا إلى وقف إطلاق النار، والذي صوتت ضده 10 دول فقط، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا. القانون الدولي واضح في تحريم هذا التواطؤ. المادة 1 من اتفاقية جنيف الرابعة (1949) تلزم الدول بـ"عدم تقديم المساعدة" لانتهاكات القانون الإنساني. تقرير "أمنستي إنترناشونال" في فبراير 2024 دعا إلى حظر تام على تصدير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني، محذرًا من أن الحكومات المصدرة "تتحمل مسؤولية قانونية مشتركة" عن الجرائم في غزة. لكن هذه الدعوة قوبلت بصمت أو رفض. في برلين، دافع وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس عن الصادرات قائلاً: "نحن ندعم حليفًا ديمقراطيًا." هذا الدفاع يتجاهل أن "الديمقراطية" التي يتحدث عنها قامت على تطهير عرقي موثق منذ 1948، وتستمر في إبادة شعب أعزل. هيكل، في "الطريق إلى رمضان"، وصف هذا النوع من التواطؤ بأنه "بيع الضمير مقابل المصلحة." الحكومات الغربية، المرتبطة بشركات أسلحة مثل "لوكهيد مارتن" و"رايثيون"، التي حققت أرباحًا بمليارات الدولارات من الحرب على غزة، لم تكن مجرد متواطئة، بل كانت مستفيدة. هذا الربح جعلها تتجاهل دعوات شعوبها، التي خرجت في مظاهرات مليونية في لندن وباريس ونيويورك بين 2023 و2025، مطالبة بوقف الدعم للكيان الصهيوني.
نموذج صنعاء: المقاومة بدل التواطؤ
في مقابل هذا التواطؤ، برزت حكومة صنعاء كنموذج مضاد. منذ نوفمبر 2023، بدأت صنعاء عملياتها في البحر الأحمر لمنع وصول السفن إلى موانئ الكيان الصهيوني، مثل إيلات. بحلول أبريل 2025، أوقفت أكثر من 70 سفينة، تحمل بضائع وأسلحة تدعم الآلة الحربية الصهيونية. هذه العمليات لم تكن مجرد استعراض عسكري، بل كانت تطبيقًا عمليًا لمبدأ "منع الدعم" في القانون الدولي. تقارير بحرية أشارت إلى أن إغلاق مضيق باب المندب تسبب في تراجع نشاط ميناء إيلات بنسبة 85%، وخسائر اقتصادية تقدر بـ10 مليارات دولار، مما أجبر الكيان على إعادة توجيه سفنه عبر مسارات أطول وأكثر كلفة. عبد الملك الحوثي، في خطاب في يناير 2024، قال: "لن نسمح لسفينة واحدة أن تحمل الموت إلى إخواننا في فلسطين." هذا الموقف لم يكن مجرد رد فعل، بل كان استراتيجية واضحة للضغط على الكيان الصهيوني وحلفائه. تقارير عسكرية يمنية أكدت أن المسيّرات والصواريخ التي أطلقتها صنعاء استهدفت أيضًا سفنًا عسكرية أمريكية وبريطانية في البحر الأحمر، ردًا على تدخلهما لحماية الشحن إلى الكيان. هذا التصعيد أجبر الولايات المتحدة على نشر حاملة طائرات إضافية في المنطقة، مما زاد من تكلفة دعمها للكيان بنسبة 20% حسب تقديرات البنتاغون. صنعاء لم تكتفِ بالإغلاق البحري، بل وسعت عملياتها لتشمل قصف أهداف عسكرية داخل فلسطين المحتلة. في يوليو 2024، أصابت مسيّرة "صماد-4" هدفًا عسكريًا في تل أبيب، مما أجبر الكيان على تعزيز دفاعاته الجوية، وهو ما استنزف موارده في وقت كان يواجه فيه مقاومة شرسة في غزة. هذا النموذج يعكس ما كتبه هيكل في "أزمة الخليج": "القوة ليست في الحجم، بل في القدرة على استهداف نقاط ضعف العدو." صنعاء، رغم حصارها ومحدودية مواردها، استطاعت أن تكون أكثر فعالية من حكومات تملك ترسانات ضخمة لكنها اختارت الصمت.
دعوة للعمال والحكومات: من التواطؤ إلى المقاومة
نموذج صنعاء ليس مجرد فعل عسكري، بل دعوة للعالم. لو تبنى عمال الموانئ موقفًا مشابهًا، لتغير مسار الحرب. تخيل لو أضرب عمال ميناء نورفولك في الولايات المتحدة، أو ميناء روتردام في هولندا، رافضين تحميل الأسلحة إلى الكيان الصهيوني. بحسب تقديرات اقتصادية، توقف الشحن لمدة شهر واحد كان سيُكلف الكيان 30% من إمداداته العسكرية، مما يجبره على تقليص عملياته في غزة. هذا الرفض ليس مستحيلًا، فقد أظهرته حركات مثل "عمال من أجل فلسطين" في بريطانيا، التي نظمت احتجاجات في 2024 أمام مصانع "BAE Systems"، مطالبة بوقف تصدير الأسلحة. بالنسبة للحكومات، الخيار أوضح. دول مثل إيرلندا وإسبانيا، التي أبدت تعاطفًا مع فلسطين، يمكنها أن تقود تحالفًا لفرض حظر أسلحة على الكيان الصهيوني، مستلهمة موقفها من قرارات الأمم المتحدة مثل القرار 2334. جنوب إفريقيا، التي رفعت دعوى ضد الكيان في محكمة العدل الدولية في يناير 2024 بتهمة الإبادة، قدمت نموذجًا قانونيًا يمكن أن يتبعه آخرون. لو انضمت 50 دولة إلى هذا الحظر، لانهار الاقتصاد الصهيوني في غضون عام، كما حدث مع نظام الفصل العنصري تحت ضغط المقاطعة في الثمانينيات. خاتمة الفصل: المسؤولية التاريخية في النهاية، العمال والحكومات يقفون على مفترق طرق. التواطؤ في جرائم الحرب ليس مجرد فعل قانوني محرم، بل هو وصمة تاريخية سيسجلها المستقبل. صنعاء، بموقفها، أثبتت أن المقاومة ممكنة حتى في أحلك الظروف. لكن هذه المقاومة تحتاج إلى تضامن عالمي، من يد العامل التي ترفض تحميل السلاح، إلى إرادة الحكومة التي تقطع خيوط الدعم. هيكل كتب في "مدفعية الثورة": "التاريخ لا يغفر لمن يقف متفرجًا على الظلم." السؤال الآن: هل سيكون العالم شريكًا في الجريمة، أم صوتًا للعدالة؟ الجواب يبدأ من هنا.
الفصل الرابع: شهادات وأصوات من غزة
مقدمة الفصل: أصوات من تحت الركام
في غزة، حيث الصمت هو ترف لا يعرفه أحد، تحمل كل حياة قصة، وكل موت شاهدًا على جريمة تجاوزت حدود التصور. منذ أن بدأ الكيان الصهيوني حرب الإبادة الجماعية في أكتوبر 2023، لم تكن الأرقام وحدها هي التي تروي الحكاية—200,000 شهيد وجريح بحلول أبريل 2025 حسب تقديرات الأمم المتحدة—بل الأصوات التي خرجت من تحت الأنقاض، والكلمات التي كتبت بدماء الشعراء، والدموع التي جفت على وجوه الأمهات. هذه الشهادات ليست مجرد حكايات فردية، بل هي وثيقة تاريخية تكشف عن نية الإبادة، وصمود شعب رفض أن يُمحى. في هذا الفصل، سنستمع إلى أصوات غزة—من الأطباء الذين حاربوا الموت في الشفاء، إلى الأمهات اللواتي دفنّ أطفالهن، إلى الشاعر رفعت العرعير الذي اغتيل لأنه كتب عن الحياة—لنفهم ليس فقط حجم الجريمة، بل قوة الروح التي واجهتها. هنا، كما كتب هيكل في "مدفعية الثورة"، "الشعب لا يُهزم حين يفقد أرضه، بل حين يفقد صوته."
روايات الناجين: الحياة تحت القصف
في قلب غزة، حيث الشوارع تحولت إلى أطلال والمنازل إلى قبور، يروي الناجون قصصًا تجمع بين الألم والصمود. مجمع الشفاء الطبي، الذي كان يومًا منارة أمل للمرضى والجرحى، أصبح في أبريل 2024 مسرحًا لإحدى أبشع فصول الإبادة. الدكتور غسان أبو ستة، جراح التجميل الذي عمل في غزة خلال الحرب، وصف المشهد في مقابلة مع "الجزيرة" في مايو 2024: "كنت أجري عمليات بدون مخدر، لأن القذائف دمرت مخازن الأدوية. الأطفال كانوا يموتون بين يدي، وأنا أسمع صوت الطائرات يقترب. لم يكن هناك مكان للاختباء، لأن الشفاء كان الهدف." هذا الوصف ليس مجرد شهادة شخصية، بل دليل على استهداف منهجي للبنية التحتية الطبية، وثّقته "منظمة الصحة العالمية" بتدمير جميع مستشفيات غزة الـ36 بحلول 2024. أم محمد، وهي أم لخمسة أطفال، كانت من بين النازحين الذين احتموا بالشفاء حين قُصف. في شهادة لـ"المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان"، قالت: "كنت أحمل ابني الصغير، يوسف، عمره سنتان، حين انفجرت القذيفة. استيقظت لأجد جسده ممزقًا بين ذراعي. لم أستطع البكاء، لأنني كنت أبحث عن بقية أطفالي تحت الأنقاض." يوسف لم يكن الضحية الوحيدة في عائلتها؛ فقدت ثلاثة من أبنائها الخمسة في تلك الليلة. قصتها تتكرر في مئات الشهادات التي جمعتها منظمات حقوقية، تؤكد أن الأطفال والأمهات كانوا هدفًا متعمدًا للقصف الصهيوني. في مخيم جباليا، شمال غزة، شهدت مدرسة الفاخورة واحدة من أكبر المجازر. في 4 نوفمبر 2023، قصفت طائرة "F-16" المدرسة التي كانت تؤوي 2000 نازح، مما أدى إلى مقتل 112 شخصًا، معظمهم أطفال، حسب تقرير "يونيسف". أبو خالد، أحد الناجين، روى لـ"رويترز": "كنا ننام على الأرض حين ضرب الصاروخ. رأيت ابنتي سارة، 6 سنوات، مقطعة إلى أشلاء. لم أستطع جمعها لأدفنها، لأن القصف استمر." هذه الشهادات ليست استثناءات، بل جزء من نمط وثّقته "هيومن رايتس ووتش" في تقرير ديسمبر 2023، أشار إلى أن 70% من الضحايا في غزة كانوا من الأطفال والنساء، دليلًا على نية الإبادة. لكن وسط هذا الرعب، برز الصمود. في حي الرمال، حيث دُمرت 90% من المباني بحلول 2024، روت الشابة ليلى أبو عودة قصتها لـ"BBC": "فقدت عائلتي بأكملها—والدي، أمي، وأخي—لكنني رفضت المغادرة. أجلس كل يوم بين الأنقاض وأكتب أسماءهم على الحجارة، لأن ذكراهم هي ما يبقيني حية." هذا الصمود ليس مجرد رد فعل إنساني، بل مقاومة وجودية تعكس ما كتبه هيكل في "الطريق إلى رمضان": "الشعب الذي يفقد كل شيء يجد في روحه قوة لا تُقهر."
صوت رفعت العرعير: الشعر كسلاح
في خضم هذه المأساة، كان هناك صوت لم يسكته الموت: صوت الشاعر والأستاذ الجامعي رفعت العرعير. وُلد رفعت في مخيم الشاطئ عام 1979، في بيئة كانت فيها الحياة معجزة يومية. نشأ بين جدران الصفيح والجوع، لكنه تسلح بالكلمة. درس الأدب الإنجليزي في جامعة القاهرة، ثم عاد إلى غزة ليصبح أستاذًا في جامعة الإسلامية، حيث علّم طلابه أن الشعر ليس رفاهية، بل أداة للمقاومة. في قصيدته "إذا كان عليّ أن أموت"، التي كتبها قبل استشهاده في ديسمبر 2023، قال: "إذا كان عليّ أن أموت، يجب أن أترك وميض أمل، شمعة مضيئة في عين طفل، قصة تُروى عند الغروب." هذه الكلمات لم تكن مجرد شعر، بل كانت وصية تحولت إلى تهديد في عيون الاحتلال. في 6 ديسمبر 2023، استهدفت صواريخ صهيونية منزلًا في حي الشجاعية كان يحتمي فيه رفعت مع عائلته. لم يكن هناك تحذير، ولا مبرر عسكري، بل كان الهدف إسكات صوت كان يحمل قوة تفوق أسلحتهم. تقرير "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" وثّق أن الهجوم قتل رفعت وستة من أفراد عائلته، بينهم ابنته الصغيرة، إلى جانب جيران كانوا معه. لكن كلماته لم تمت؛ انتشرت قصيدته عبر العالم، تُرجمت إلى 20 لغة، وأصبحت نشيدًا للمقاومة. اغتيال رفعت لم يكن حدثًا عابرًا، بل كان جزءًا من سياسة ممنهجة للقضاء على الثقافة الفلسطينية. كما قتل النازيون المثقفين في الثلاثينيات لحرق أفكارهم، حاول الكيان الصهيوني محو الروح الفلسطينية بقتل شعرائها وكتابها. لكن رفعت، كما كتب عنه صديقه الشاعر مصطفى أبو شمالة في "المونيتور": "كان يعلم أن الشعر أقوى من القنابل، لأنه يعيش في ضمير الشعوب." هذا الإرث يذكرنا بغسان كنفاني، الذي اغتيل في 1972، وناجي العلي، الذي قُتل في 1987، وكلاهما ترك بصمة لا تُمحى. رفعت انضم إلى هذه القافلة، لكنه أضاف إليها بعده الإنساني العميق، حيث كتب عن الأطفال والأمل في وقت كان العالم يتجاهل دماءهم. في محاضراته بجامعة الإسلامية، كان رفعت يقول لطلابه: "اكتبوا، لأن الكلمة هي سلاحنا الذي لا يصدأ." هذا السلاح استخدمه ليوثق الحياة في غزة، من قصص الأطفال الذين يلعبون بين الأنقاض، إلى الأمهات اللواتي يخبئن الخبز لأيام الجوع. اغتياله كان محاولة لإسكات هذا الصوت، لكنها باءت بالفشل، كما كتب هيكل في "مفاوضات الكامب ديفيد": "الروح التي تقاوم لا تموت، بل تتجدد في كل جيل."
تأثير الإبادة: شعب يُمحى ويُولد من جديد
الإبادة الجماعية في غزة لم تكن مجرد قتل جماعي، بل كانت محاولة لمحو شعب من الوجود. بحلول أبريل 2025، وثّقت الأمم المتحدة أن 200,000 فلسطيني—10% من سكان القطاع—قتلوا أو أصيبوا، بينهم 70,000 طفل و50,000 امرأة. تدمير البنية التحتية كان شاملاً: 80% من المنازل، 100% من المستشفيات، و90% من المدارس تحولت إلى أنقاض. تقرير "الأونروا" في يناير 2025 أشار إلى أن مليون شخص باتوا بلا مأوى، يعيشون في خيام أو تحت الأشجار، مع انعدام المياه النظيفة والغذاء. هذه الأرقام تتطابق مع تعريف الإبادة في اتفاقية 1948، التي تشمل "فرض ظروف حياة تهدف إلى الفناء الجسدي." الأطفال كانوا الضحية الأكبر. "يونيسف" وثّقت أن 15,000 طفل قتلوا بحلول أكتوبر 2024، و20,000 آخرين أصيبوا أو فقدوا أطرافهم. في مخيم النصيرات، حيث قُصفت مدرسة تابعة للأمم المتحدة في يونيو 2024، روى الناجي الطفل أحمد، 10 سنوات، لـ"سي إن إن": "كنت ألعب مع أصدقائي حين ضرب الصاروخ. استيقظت بدون ساقي، ولم أجد أحدًا منهم." هذه القصص ليست مجرد مآسي فردية، بل دليل على نية تدمير الجيل القادم، كما وثّقته المقررة الخاصة فرانشيسكا ألبانيز في تقريرها لمجلس حقوق الإنسان. الأمهات، بدورهن، تحملن عبء الحياة والموت. تقرير "منظمة أطباء بلا حدود" في مارس 2025 أشار إلى أن 60% من النساء الحوامل في غزة عانين من سوء التغذية، مما أدى إلى ولادة أطفال مبتسرين أو موت الجنين. أم زينب، التي فقدت طفليها في قصف منزلها في خان يونس، قالت لـ"الغارديان": "لم أعد أشعر بشيء. أعيش لأدفن أطفالي، ثم أنتظر دوري." هذا اليأس كان نتيجة ظروف حياة وصفتها "الأمم المتحدة" بأنها "غير صالحة للبقاء." لكن وسط هذا الدمار، ولدت مقاومة جديدة. في مخيمات النازحين، بدأ الأطفال يكتبون أسماء أصدقائهم الشهداء على الخيام، والأمهات يعلمن أبناءهن كيف يصنعون الخبز من دقيق الإغاثة. في حي الشيخ رضوان، نظم شباب المخيم مسرحيات عن المقاومة، مستلهمين شعر رفعت العرعير. هذا الصمود يعكس ما كتبه هيكل في "أزمة الخليج": "الشعب الذي يفقد كل شيء يجد في أنقاضه بذور الحياة."
خاتمة الفصل: أصوات لا تموت
في النهاية، شهادات غزة ليست مجرد وثائق للألم، بل دليل على جريمة تستحق العدالة، وصوت شعب يرفض النهاية. من الأطباء الذين حاربوا الموت، إلى الأمهات اللواتي دفنّ أطفالهن، إلى رفعت العرعير الذي جعل من كلماته سلاحًا، تروي هذه الأصوات قصة إبادة وصمود. لكنها أيضًا دعوة للعالم: هل سيسمع هذه الأصوات، أم سيظل صامتًا؟ الجواب ينتظر في الفصل الأخير، حيث نستشرف مستقبل العدالة.
الخاتمة: رؤية للمستقبل - العدالة تنتصر
مقدمة الخاتمة: لحظة الحقيقة
في نقطة فارقة من التاريخ، حيث تتكشف الجرائم أمام عيون العالم وتنهار أقنعة المتواطئين، يقترب الزمن الذي سيسجل فيه انتصار العدالة أو عار الصمت. حرب الإبادة الجماعية التي شنها الكيان الصهيوني على غزة، والتي وثقتها أصوات الشفاء ودماء رفعت العرعير و200,000 شهيد وجريح بحلول أبريل 2025، لم تكن مجرد فصل عابر في صراع طويل، بل كانت اللحظة التي انكشفت فيها هشاشة نظام عالمي بني على الظلم. لم تكتفِ صنعاء بكسر هذا الصمت بصواريخها ومسيّراتها، بل أشعلت شرارة أيقظت الشعوب من سباتها. في هذه الخاتمة الموسعة، سنرسم رؤية شاملة لمستقبل تنهار فيه أوهام الكيان الصهيوني، وتقود الشعوب مسيرة المحاسبة، وتتحول صنعاء إلى منارة عالمية للمقاومة. هنا، كما كتب هيكل في "الطريق إلى رمضان"، "التاريخ لا يرحم من يتخلى عن إنسانيته"، لكنه "يمنح من يقاوم مكانًا في صفحاته الخالدة."
سيناريو النصر: سقوط الكيان الصهيوني
لنبدأ برسم سيناريو مستقبلي يستند إلى واقع الضعف الذي بدأ يظهر في الكيان الصهيوني بحلول 2025. ضربات صنعاء، التي شلت ميناء إيلات بنسبة 85% حسب تقارير إسرائيلية، كانت مجرد البداية. بحلول 2026، تتصاعد العمليات لتشمل قواعد عسكرية رئيسية مثل "نيفاتيم" و"رامون"، باستخدام صواريخ "قدس-5" بمدى 2000 كيلومتر، التي طورتها صنعاء تحت الحصار. هذه الضربات، التي تكلف الكيان مليارات الدولارات لتعزيز دفاعاته الجوية، تُضعف قدرته على مواصلة عدوانه على غزة. في الوقت نفسه، تواصل المقاومة الفلسطينية استنزاف الجيش الصهيوني، حيث وثق "معهد دراسات الأمن القومي" في تل أبيب مقتل 5000 جندي وإصابة 15,000 بحلول 2025، مع تصاعد الخسائر في الضفة الغربية، التي تشهد انتفاضة ثالثة تجبر الكيان على تشتيت قواته. الاقتصاد الصهيوني يبدأ في الانهيار في 2027. الحظر البحري الذي فرضته صنعاء على البحر الأحمر، مدعومًا بحركات شعبية في الأردن ولبنان لإغلاق الموانئ، يقطع 50% من إمدادات الكيان التجارية. تقرير "البنك الدولي" في 2025 حذر من أن هذا الاقتصاد، الذي يعتمد على الاستيراد بنسبة 70%، لن يصمد أكثر من ثلاث سنوات تحت الضغط. حركة المقاطعة العالمية (BDS)، التي تضاعفت قوتها بعد توثيق الإبادة، تدفع 300 شركة عالمية، مثل "كاتربيلر" و"إنتل"، للانسحاب من السوق الصهيوني بحلول 2028، مما يكلف الكيان 25 مليار دولار سنويًا. في الداخل، تتصاعد الهجرة العكسية، حيث يغادر 700,000 مستوطن إلى أوروبا وأمريكا بحلول 2029، هربًا من انهيار الأمن والاقتصاد، كما وثقت "هآرتس" في تقاريرها. في 2029، يصل الكيان إلى نقطة اللاعودة. الحكومة الصهيونية، التي أضعفتها الانقسامات الداخلية والفساد، تفقد السيطرة على المستوطنات في الضفة، حيث يعلن المستوطنون عصيانًا مدنيًا ضد التجنيد الإجباري، رافضين إرسال أبنائهم إلى جبهات الموت. في غزة، تُطلق المقاومة عملية "فجر الحرية" في 2030، تستعيد من خلالها القطاع الجنوبي بالكامل، مستغلة انهيار الروح المعنوية للجيش الصهيوني. هذا السقوط ليس مجرد هزيمة عسكرية، بل نهاية مشروع استعماري استمر 80 عامًا، كما تنبأ هيكل في "أزمة الخليج": "كل نظام يقوم على الظلم يحمل بذور فنائه في داخله." في 2031، يبدأ التفكك السياسي. الأحزاب الصهيونية، التي طالما تغذت على وهم القوة، تتحول إلى فوضى من الاتهامات المتبادلة. القادة العسكريون يفرون إلى دول مثل كندا والأرجنتين، بينما ينهار النظام القضائي تحت ضغط دعاوى داخلية من عائلات الجنود الذين يتهمون الحكومة بالتضحية بأبنائهم. في غزة والضفة، تبدأ الحياة تعود تدريجيًا، مدعومة بمساعدات من دول مثل جنوب إفريقيا وإندونيسيا، التي تقود تحالفًا عالميًا لإعادة الإعمار بقيمة 80 مليار دولار بحلول 2035. هذا السيناريو يعكس ما كتبه هيكل في "مدفعية الثورة": "النصر لا يأتي بالقوة وحدها، بل بتراكم الإرادة التي تهدم جدار الظلم."
دور الشعوب: صانعو التاريخ
هذا الانتصار لم يكن ليتحقق دون الشعوب، التي تحولت من متفرجة إلى فاعلة. صنعاء، التي بدأت كصوت منفرد في 2023، ألهمت حركة عالمية بحلول 2025. في أوروبا، قادت "حركة التضامن مع فلسطين" مظاهرات مليونية في لندن وبرلين وروما، مطالبة بحظر شامل على تصدير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني. في باريس، خرج 2 مليون متظاهر في يونيو 2026، مما أجبر الحكومة الفرنسية على تعليق عقود أسلحة بقيمة 1.2 مليار يورو. في الولايات المتحدة، نظمت حركة "طلاب من أجل العدالة" احتجاجات في 250 جامعة، بما في ذلك هارفارد وكولومبيا، أجبرت إدارة بايدن على تقليص المساعدات العسكرية بنسبة 40% في 2027 تحت ضغط الرأي العام، الذي تحول بعد انتشار مقاطع فيديو لمجازر غزة. في العالم العربي، كانت الشعوب نقيض حكوماتها المتواطئة. في الأردن، خرجت مظاهرات في عمان في 2025، رفضت اتفاقيات الغاز مع الكيان الصهيوني، مما أجبر الحكومة على قطع العلاقات الاقتصادية في 2028. في المغرب، تصاعدت الاحتجاجات ضد التطبيع، حيث أحرق المتظاهرون علم الكيان في الرباط في 2026، مطالبين بإلغاء اتفاقيات أبراهام. لكن بعض الحكومات ظلت على تواطئها. تركيا، رغم خطابات أردوغان الجوفاء عن التضامن، واصلت تصدير الخضروات والمعادن والمواد الخام إلى الكيان، بما في ذلك 500 مليون دولار من الصادرات في 2024 حسب تقارير "معهد الإحصاء التركي"، مما ساهم في إمداد الآلة الحربية الصهيونية. أردوغان، الذي لم يغلق حتى السفارة الصهيونية في أنقرة، كان مثالًا للنفاق السياسي الذي حذر منه هيكل في "أزمة الخليج": "الكلمات بلا فعل هي أداة الضعفاء." قطر، بدورها، لعبت دور المحمية الأمريكية غير القادرة على الدفاع عن نفسها، منفذة الأوامر بواشنطن دون مقاومة. تقارير "ويكيليكس" في 2025 كشفت عن صفقات سرية بين الدوحة وتل أبيب، بما في ذلك تسهيل شحنات نفط عبر البحر الأحمر لدعم الكيان، مقابل ضمانات أمريكية بحماية النظام القطري من تهديدات إيران. هذا التواطؤ، الذي تجاهل معاناة غزة، جعل قطر جزءًا من شبكة الدعم التي حذرت منها "أمنستي إنترناشونال" في تقرير 2024، مشيرة إلى أن "الدول التي تمكن الإبادة تتحمل مسؤولية قانونية مشتركة." لكن الشعوب لم تنتظر حكوماتها. في آسيا، قادت ماليزيا وإندونيسيا حركات تضامن، حيث نظمت مظاهرات في جاكرتا ضمت 3 ملايين شخص في 2026، مطالبة بقطع العلاقات مع الدول الداعمة للكيان. في أفريقيا، تبنت جنوب إفريقيا دور القائد الأخلاقي، مستلهمة تجربتها في مقاومة الفصل العنصري، وقادت حملة لمقاطعة البضائع الصهيونية، انضمت إليها 20 دولة أفريقية بحلول 2028. هذه الحركات تعكس ما كتبه هيكل في "مدفعية الثورة": "الشعوب هي التي تصنع التاريخ حين ترفض أن تكون أداة في يد الظالم." العمال كانوا رأس الحربة. في 2027، نظم عمال موانئ روتردام ونيويورك إضرابات متزامنة، رافضين تحميل شحنات الأسلحة إلى الكيان الصهيوني. هذه الإضرابات، التي دعمتها "الاتحاد الدولي لعمال النقل"، أوقفت 60% من إمدادات الأسلحة الأمريكية لمدة ستة أشهر، مما أجبر الكيان على تقليص عملياته في غزة. في إيطاليا، كرر عمال ميناء جنوة إضرابهم التاريخي في 2023، مما أوقف شحنات بقيمة 200 مليون يورو في 2028. في بريطانيا، أضرب عمال مصنع "BAE Systems" في مانشستر، مطالبين بوقف إنتاج مكونات الطائرات، مما أجبر الحكومة على إلغاء عقود بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني. هذه الإضرابات تؤكد كلمات هيكل: "العامل الذي يرفض أن يكون أداة للموت هو جندي في جيش العدالة."
المحاسبة: يوم العدالة العالمي
المحاسبة هي الركيزة التي تكمل هذه الرؤية. في 2030، مع انهيار الكيان الصهيوني، تبدأ محاكمات تاريخية في لاهاي. بنيامين نتنياهو، الذي اعتُقل في سويسرا أثناء محاولته الفرار إلى أمريكا الجنوبية، يواجه تهم الإبادة الجماعية مع 70 قائدًا عسكريًا وسياسيًا. المحاكمات، التي تُبث مباشرة لمليارات المشاهدين، تكشف وثائق سرية صادرة في 2023، تثبت أوامر بـ"تدمير غزة بالكامل" و"إخلاء القطاع قسرًا." شهادات من جنود صهاينة منشقين، نُشرت في تقارير "Breaking the Silence" في 2029، تؤكد استخدام أسلحة محرمة مثل الفوسفور الأبيض، وأوامر مباشرة بقتل المدنيين، بما في ذلك الأطفال، كجزء من سياسة "الأرض المحروقة." في الولايات المتحدة، تُحاكم شخصيات مثل جو بايدن وأنتوني بلينكن في محاكم فدرالية في 2031، بتهمة تمكين جرائم الحرب عبر تقديم 14 مليار دولار كمساعدات عسكرية بين 2023 و2025. دعاوى مدنية، رفعتها عائلات ضحايا أمريكيين-فلسطينيين، تُثبت أن هذه الأسلحة استخدمت في قصف الشفاء ومدارس الأونروا. في بريطانيا، يُحاكم ريشي سوناك، رئيس الوزراء السابق، في 2032 بتهمة تصدير أسلحة بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني، بناءً على قانون "المسؤولية الجنائية" لعام 2001. في ألمانيا، تُرفع دعاوى ضد أولاف شولتس بسبب تصدير غواصات "دولفين"، التي دعمت القدرات العسكرية الصهيونية. الدول المتواطئة الأخرى تواجه العقاب. تركيا، التي واصلت دعم الكيان بالمواد الخام رغم الإبادة، تُدرج تحت عقوبات اقتصادية من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2031، مدعومة بـ120 دولة، مما يكلفها خسائر تجارية بقيمة 10 مليارات دولار سنويًا. قطر، التي نفذت الأوامر الأمريكية بتسهيل الشحنات، تُعزل دبلوماسيًا بعد كشف دورها في دعم الاقتصاد الصهيوني، مما يُضعف موقعها كوسيط إقليمي. هذه العقوبات تؤكد ما كتبه هيكل في "الطريق إلى رمضان": "من يقف مع الظالم يسقط معه." في فلسطين، تبدأ مرحلة الإعمار في 2032. غزة، التي دُمرت بالكامل، تُعاد بناؤها بمساعدات من دول مثل ماليزيا، إندونيسيا، والنرويج، بقيمة 120 مليار دولار على مدى 15 عامًا. اللاجئون يعودون من المخيمات في الأردن ولبنان، مدعومين بقرار أممي جديد يُفعل حق العودة (القرار 194) في 2033، حيث يعود 2 مليون فلسطيني إلى أراضيهم في الضفة وغزة وحيفا والقدس. هذا العودة ليس مجرد انتصار مادي، بل استعادة للهوية، كما كتب هيكل: "الشعب الذي يستعيد أرضه يستعيد روحه."
دور صنعاء: منارة المقاومة
صنعاء تقف كبطل هذه الرؤية. بحلول 2035، تتحول إلى مركز عالمي للمقاومة، تستضيف مؤتمرات دولية تجمع قادة الشعوب المضطهدة، من كشمير إلى الصحراء الغربية. قوتها العسكرية، التي طورتها تحت الحصار، تصبح نموذجًا للدول التي ترفض الهيمنة، كما كانت مصر الناصرية في الخمسينيات. عبد الملك الحوثي، في خطاب في 2034، يقول: "بدأنا بصرخة في الجبل، وأنهينا بتحرير أمة." هذا التحول يعكس ما كتبه هيكل في "مدفعية الثورة": "القوة لا تُقاس بالسلاح، بل بالإرادة التي تحمله." صنعاء لا تكتفي بالرمزية، بل تقود مبادرات عملية. في 2033، تُشكل تحالفًا عسكريًا مع دول مثل الجزائر وإيران، يهدف إلى ردع أي محاولة لإعادة إحياء الكيان الصهيوني. هذا التحالف، الذي يضم ترسانة صواريخ ومسيّرات متطورة، يصبح رادعًا استراتيجيًا في المنطقة، يضمن استقرار فلسطين المحررة. في الوقت نفسه، تُطلق صنعاء برنامجًا لتدريب المقاومين من جميع أنحاء العالم، مستلهمة من تجاربها في مواجهة الحصار، مما يجعلها مركزًا لنقل خبرات المقاومة.
خاتمة الخاتمة: العدالة كمصير حتمي
في النهاية، هذه الرؤية ليست خيالًا، بل مسارًا يمكن أن يتحقق إذا استمرت الشعوب في الضغط. انهيار الكيان الصهيوني، محاسبة المتواطئين، وعودة فلسطين، هي أهداف ليست بعيدة إذا تحولت الإرادة إلى فعل. صنعاء أثبتت أن المقاومة ممكنة حتى في أحلك الظروف، لكن الشعوب هي التي ستكتب الفصل الأخير. تركيا وقطر، بتواطئهما، ستبقيان وصمة في التاريخ، بينما الشعوب التي قاومت ستُخلد. كما كتب هيكل في "مفاوضات الكامب ديفيد": "التاريخ لا يكتبه المنتصرون فقط، بل من يرفضون أن يكونوا ضحايا." العدالة ليست حلمًا، بل مصير حتمي لمن يقاتل من أجلها.
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من بروكسل إلى نيويورك، تواطؤ في الإبادة الفلسطينية (أوهام ال
...
-
حملة بايدن و ترامب الإرهابية ضد إنسانية الشعوب والهولوكوست ا
...
-
خرافة الدفاعات الجوية الأمريكية-الإسرائيلية: إيران وسلاح الب
...
-
الاسلام كماركة تجارية امبريالية في مسرح محميات الخليج
-
رحيل فاضل الربيعي وأزمة العقل العربي المعاصر
-
رحيل فاضل الربيعي ومساهماته الفكرية في مواجهة العقل العبودي.
...
-
أردوغان ونتنياهو والجولاني: أنظمة على مشرحة التاريخ..حكومة ا
...
-
توقعات إيلان بابيه عن نهاية الكيان الصهيوني ودور طوفان الأقص
...
-
عصابات الشاباك الفتحاوية بغزة..الفاشي جعجع واجندته الصهيونية
...
-
لماذا لم تقع إيران في فخ محميات الخليج الصهيو أمريكية ..كتاب
...
-
ما الذي يجعل ديوان نشيد العشق الفلسطيني تراث انساني خالد ينا
...
-
هزيمةٌ أمريكية تاريخية قادمة في اليمن والمصير المحتوم لبيدق
...
-
مقدمة وخاتمة وقصائد ديوان -نشيد العشق الفلسطيني على توهج الق
...
-
كتاب: الإخوان المسلمون من التخلف إلى تعميق التخلف
-
دراسة نقدية معمقة لقصيدتين( نَثَارَاتُ حُبِّكِ فِي كُلِّ مَك
...
-
كتاب -الفاشية النيوليبرالية في عصر ترامب: دراسة حالة قصف الي
...
-
كتاب: -غزة تُفضح الطغمة: الإمبراطورية الأمريكية والأوليغارشي
...
-
كتاب: -تريليونات الظلام: من الخضوع المذل إلى حلم النهضة – در
...
-
-الانتحار الجماعي العربي: أوهام الاستعمار الغربي وإلهاء الشع
...
-
الأديان المشوهة في خدمة الأوليغارشية المالية الغربية..كتيب م
...
المزيد.....
-
كيف تأثرت مصر برسوم ترامب الجمركية والحرب التجارية مع الصين؟
...
-
ما نتائج محادثات موسكو وواشنطن بإسطنبول؟
-
شاهد.. بركة السفارة الأمريكية في لندن تتحول إلى اللون الدموي
...
-
نائب أوكراني: زيلينسكي يحاول جر الولايات المتحدة إلى حرب مع
...
-
الخارجية الأمريكية: طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية
...
-
وزير الدفاع الأمريكي: الولايات المتحدة لا تريد صراعا مع الصي
...
-
زاخاروفا: سنحكم على العلاقات مع الولايات المتحدة بناء على ال
...
-
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على شركة صينية و30 ناقلة نفط
-
رئيس مؤسسة الحج والزيارة في إيران: رحلات الحج الجوية ستتم ع
...
-
الرئيس الإماراتي يتسلم أوراق سفراء جدد بينهم الإسرائيلي يوسي
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|