صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن-العدد: 8301 - 2025 / 4 / 3 - 22:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو ان هناك احاسيس لدى رجال الدين بأن الأوضاع ليست على ما يرام، وأن مصالحهم مهددة، بما يعني ان وجودهم ذاته مهدد، فالخلافات التي تصاعدت بين الوقف السني من جهة وبين مجمع الفقهاء من جهة أخرى، على ما سمي ب "أزمة رؤية الهلال"، هذه الازمة هي سياسية خالصة، تبين مدى التخبط والفوضى التي تعيشها المؤسسة الدينية بكل تلاوينها، وقد عبرت الخطب الدينية لائمة الجوامع عن عمق الازمة تلك.
لكن ازمة "رؤية الهلال" لا شيء، على اعتبار انها مكررة وسخيفة ومبتذلة جدا، فالقمر ظاهرة سياسية عند رجال الدين، نقول ان هذه الازمة لا شيء مقارنة بالرسالة التي بعثها السيستاني، والتي قرأها وكلاؤه في المساجد والحسينيات اول أيام العيد في خطبهم، وقد تكونت تلك الرسالة من ثلاثة نقاط، كشف فيها عمق الازمة التي تلتف حول النظام السياسي والعملية السياسية للإسلام السياسي الحاكم، خصوصا النقطة الثانية التي يطلب فيها من "العراقيين عدم الخوف"، لكن مم يخاف العراقيين؟ الخطباء فسروا هذا الخوف بأنه من سيناريوهات مقبلة، وانهم "رجال الدين" مستعدين للدفاع عن العراق ضد تلك السيناريوهات.
أحد الخطباء فسر هذه النقطة بمؤامرة من قبل "أبناء السفارات، الذباب الالكتروني، المخمورين والسكارى"، ولا نعرف كيف يمكن لسكران يحطم نظام او يغيره؟ لكن ما العمل مع "عقول" رجال الدين؟
هذه النقطة الثانية كانت هي المرتكز الأساس لما يريد ان يقوله السيستاني ويوصله لاتباعه، فالخوف ليس لدى العراقيين ذاتهم، انما الخوف نابع من داخل المؤسسة الدينية، الراعية الرسمية للنظام السياسي، انها تستشعر خطرا من نوع ما، فالتقلبات السياسية في المنطقة، والتصاعد في حدة الخطابات والتصريحات والتهديدات بين أطراف النزاع، وتجييش المنطقة وعسكرتها، كل تلك الأسباب جعلتهم يدركون الخطر، لهذا هم يرسلون الرسائل تمهيدا واستعدادا لأمر قد يحصل.
هناك قاعدة عرفتها الناس من خلال فترة حكم الإسلاميين منذ 2003، هي ان النظام عندما يمر بأزمة تهدد وجوده تخرج المؤسسة الدينية بكل ثقلها، وقد توضح ذلك بانتفاضة تشرين 2019، فلم تترك المؤسسة الدينية تلك الانتفاضة ابدا، بلغ بها الامر انها اوصت المتظاهرين بالسلمية وقوات الامن بضبط النفس، وجعلت من نفسها ممثلة للمتظاهرين، حتى ان المتظاهرين أنفسهم بدأوا ينتظرون خطب الجمع لسماع "إرشادات المرجعية".
لكن يبدو هذه المرة القضية اشد خطرا، لهذا هي تكلمت بشكل صريح وواضح.
طارق فتحي
#صوت_الانتفاضة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟