أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مثنى إبراهيم الطالقاني - خدمة جهادية سبعةَ نُجوم














المزيد.....

خدمة جهادية سبعةَ نُجوم


مثنى إبراهيم الطالقاني

الحوار المتمدن-العدد: 8301 - 2025 / 4 / 3 - 02:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماذا كان يجب أن أفعل لأستحق صفة “الخدمة الجهادية” التي مُنحت للبعض؟ هل كان علي أن أكون خارج العراق، أتنقل بين باراته وشوارعه، وأتقاضى منحة الأمم المتحدة دون عناء؟ أم كان علي كمواطن آنذاك أن أبقى في وطني، أواجه الجوع والظلم، وأتحمل اضطهاد حكومتي وحكومات العالم أجمع؟ أي جهاد هذا الذي ينال صاحبه الامتيازات والأموال وهو بعيد عن ساحات المعاناة؟ وأي منطق هذا الذي يجعل من الابتعاد عن أرض الوطن، في أشد أوقاته حاجةً لأبنائه، جهاداً يستحق التكريم؟

إن من يبحث عن الحق والعدل يدرك أن الجهاد الحقيقي كان لمن صمد داخل العراق، لمن قاسى الجوع والحرمان، لمن عانى من الحصار والاضطهاد، وليس لمن كان بعيداً عن ساحات المعاناة الحقيقية.
فالجهاد لم يكن رحلة هروب من العراق بحثاً عن ملاذ آمن في الخارج، بل كان مواجهة قاسية مع واقع مرير لا يرحم، حيث أصبح البقاء في الوطن معركة يومية للبقاء على قيد الحياة.

الجهاد هو تلك الأم التي خبزت علف الحيوانات وأقنعت أطفالها أنه خبز حنطة، كي لا يشعروا بالجوع.
لم تحمل سلاحاً ولم تهتف بالشعارات، لكنها خاضت معركتها الصامتة في المطبخ، تحارب الجوع بقوة صبرها وإبداعها في صنع ما يسد رمق أطفالها.
كانت ترى أطفالها يحدقون فيها بأعين متسائلة، ولا تجد إجابة سوى ابتسامة زائفة تخفي خلفها وجعاً لا يوصف.
ذلك هو الجهاد الحقيقي الذي لم يُكافأ برواتب وامتيازات.

الجهاد هو تلك الزوجة التي تناست نفسها، وبدل أن تشتري قلم الكحل، اشترت ثلاث بيضات لأطفالها، كي لا يناموا جائعين، كانت تراقب النساء حولها يتجملن، يلبسن أحدث الأزياء، يضعن مساحيق التجميل، لكنها لم تكن تفكر إلا في سد جوع أطفالها.
كانت تخرج من منزلها بثياب قديمة، بوجه شاحب، لكنها كانت تحمل في داخلها قلباً قوياً لا يعرف الاستسلام.
لم تطلب شيئاً من أحد، لم تمد يدها لأحد، كانت تعرف أن الحياة في العراق لا ترحم، وأن عليها أن تكون هي السند لعائلتها.

الجهاد هو تلك المرأة التي فقدت معيلها، ومع فقدانه فقدت الشعور بالأمان، لكنها لم تستسلم، بل خاضت حرباً أخرى ضد الفقر والحاجة، فعملت في أي مجال تستطيع، حملت على كتفها أعباءً أثقل من طاقتها، تحملت نظرات المجتمع القاسية، وواجهت ظروفاً قاسية، وأطعمت أولادها "المثرودة المحروگ أصبعه " فقط من أجل أن تضمن لأطفالها حياة كريمة.
هذه المرأة التي ضحت بكل شيء، والتي ما زالت تواجه الظلم في ظل الديمقراطية الزائفة والمافيات العائلية التي نهبت البلاد، أليس جهادها أعظم من جهاد من عاشوا في الخارج؟

ورغم هذا كله، يأتي "نوري المالكي" ليؤكد: “طالما أنا موجود، لا يتم المساس برواتب رفحاء الفاحشة تحت عنوان الخدمة الجهادية”!. فكيف يمكن أن يقبل العقل أن تُصرف الملايين لمن عاشوا في الخارج، بينما من صمدوا في الداخل يواجهون أزمات اقتصادية خانقة؟ كيف تُكافأ فئة على مجرد ابتعادها عن العراق، بينما تُهمل أخرى عانت وتحملت وصبرت؟

وفي هذا السياق ذكرت النائبة البرلمانية المستقيلة "ماجدة التميمي"، أن “قانون رفحاء أقره المالكي لأنه وحده يستلم 10,000 اسم وهمي رفحاوي، مقسم على السياسيين، وأقل سياسي منهم يستلم راتب 1,000 اسم رفحاوي وهمي.”

لقد انتهى “جهاد” عراقيي الخارج بأفضل صورة ممكنة، فقد عادوا إلى البلاد ليحصلوا على امتيازات ورواتب لا يستحقونها، بينما من ظلوا هنا، من جاعوا وعانوا وقاسوا، ما زالوا يعيشون في معركة لا تنتهي. جهادهم مستمر، لكنه جهاد منسي، لا تذكره القوانين، ولا تكافئه الحكومات، بل يزداد تعقيداً وقسوة مع غلاء الأسعار وفرض الضرائب والأزمات الإقتصادية .



#مثنى_إبراهيم_الطالقاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمة المليار مسلم.. تتلاشى بالفرقة والضياع
- لعنة الطائفية تنال من وحدة سوريا
- صيف العراق سيشعل الرأس شيباً
- التسريبات الصوتية في العراق: حرب تهدد القيم المجتمعية
- كيف يتحول الأرهابي الى فاتح
- العراق في عين العاصفة
- تطورات الصراع في سوريا وتداعياته على العراق
- كيف استقبلت أمريكا قرار المحكمة الجنائية الدولية
- تغييب وعي العراقيين: متى يحين وقت المحاسبة؟
- ميناء الفاو .. أمل اقتصادي وسط التحديات الإقليمية
- ترامب ، هل سيطلق رصاصة الرحمة على حرب المنطقة
- السوداني ينجح بالدفئ السياسي
- شغور السلطة التشريعية
- الهجوم الإسرائيلي على إيران الموجه والمحدد: هل هو محاولة للت ...
- النهج لا يُغتال .. مات ليُحيى
- نهاية الحرب بين لبنان والكيان إمكانية أم حتمية؟
- دور العراق في مواجهة سيناريوهات الحرب الشاملة
- عاماً على الطوفان
- التطبيع والطائفية .. الوجه الخفي لتأييد الجرائم الإسرائيلية
- الصبر الاستراتيجي نفذ صبره


المزيد.....




- كيف تأثرت مصر برسوم ترامب الجمركية والحرب التجارية مع الصين؟ ...
- ما نتائج محادثات موسكو وواشنطن بإسطنبول؟
- شاهد.. بركة السفارة الأمريكية في لندن تتحول إلى اللون الدموي ...
- نائب أوكراني: زيلينسكي يحاول جر الولايات المتحدة إلى حرب مع ...
- الخارجية الأمريكية: طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ...
- وزير الدفاع الأمريكي: الولايات المتحدة لا تريد صراعا مع الصي ...
- زاخاروفا: سنحكم على العلاقات مع الولايات المتحدة بناء على ال ...
- الولايات المتحدة تفرض عقوبات على شركة صينية و30 ناقلة نفط
- رئيس مؤسسة الحج والزيارة في إيران: رحلات الحج الجوية ستتم ع ...
- الرئيس الإماراتي يتسلم أوراق سفراء جدد بينهم الإسرائيلي يوسي ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مثنى إبراهيم الطالقاني - خدمة جهادية سبعةَ نُجوم