أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عباس بوصفوان - البحرين.. الطّريق إلى نظام 1923















المزيد.....

البحرين.. الطّريق إلى نظام 1923


عباس بوصفوان
(Abbas Busafwan)


الحوار المتمدن-العدد: 7903 - 2024 / 3 / 1 - 16:11
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


الفصل الثالث من كتاب: "البحرين 1923: نقدٌ منهجيٌ للسّرديّة السّائدة عن عِشرينيّات القرْن العِشرين" لـ عباس بوصفوان.

الفصل الثالث:
الطّريق إلى نظام 1923

أوّلاً: "خطاب التّنصيب"

أُعلنت الإجراءات الإنجليزيّة من قبل المسؤول البريطاني الأعلى في المنطقة، الذي يحمل لقب المُقيم السّياسي في الخليج، ويُدعى س. ج. نوكس، ولم تعلن من قبل المُعتَمَد السّياسي في البحرين، في إشارة إلى أهميتها والدّعم الذي تلقاه من قبل الحكومة البريطانية في الهند، ومن خلفها حكومة لندن بطبيعة الحال.

شغل ستيوارت جورج نوكس منصب المُقيم السّياسي في الخليج، في ثلاث فترات متفرقة، الأولى بين مارس (آذار) – نوفمبر (تشرين الثاني) 1914م، والثانية بين يناير (كانون الثاني) – أبريل (نيسان) 1915م، والثالثة بين أبريل – أكتوبر (تشرين الأول) 1923م ، وهي الفترة التي أعلنت فيها الإجراءات الخاصّة بالبحرين، وسبق له تقلُّد منصب الوكيل السّياسي البريطاني في الكويت، بين أغسطس (آب) 1904 – أبريل 1909م ، وكان نوكس على معرفة بالبحرين، فقد شغل منصب المعتمد السياسي فيها بين 1910- 1911. ولد نوكس في البنغال (الهند) في 1869، حيث كان يعمل والده قاضيا في الإدارة البريطانية، كما عمل جدُّه في شركة الهند الشرقيّة، فهو سليل عائلة ضليعة بالمنطقة والخطط الاستعمارية، وتوفي نوكس في بريطانيا في 1956.

في تقديري، فإن لنوكس تأثيراً يفوق أي سياسي إنجليزي آخر، رغم أنّ زياراته المحدودة للجُزُر، وخطابه الذي نحن بصدده يعد أحد أهم الخطابات التي أثرت في مسار البحرين السياسي، إن لم يكن الأهم على الإطلاق، مقارنة بخطابات زملائه، فقد بين أهداف الإنجليز في الجُزُر، وتصوراتهم عن الفاعلين فيها، المحليين منهم والخارجيين، ورسم مستقبلها، إضافة إلى تأثيرات أخرى، لمئة سنة تالية، ولا يزال النظام الذي أسّسه قائما.

ولا أخفيكم أنني أصبتُ بالفزع وأنا أدقق للمرّة الأولى كلمته التي ألقاها في 26 مايو (أيار) 1923م، فقد عُنونت باسم: "خطبة عزل عيسى بن علي"، وقُدّمت للرأي العام على أنّها تكاد تكتفي بتوبيخ العائلة الحاكمة، وتقلل من قيمتها على نحو مريع، وتوجّه نقداً لا حدود له لمرحلة الحاكم المعزول، والحقيقة أن العزل لم تكن المفردة الأهم في حديثه، وكما لا يجوز إهمال مفردة العزل، فإن اللامبالاة أو التقصير في تناول المفردات الأخرى، وكثير منها أكثر أهمية من العزل، أخل كثيراً في تلقينا لأحداث العِشرينيّات.

ألقى نوكس خطابه في تجمع موسّع، مُنح هو الآخر لقب "مجلس عزل عيسى بن علي"، وهذه تسمية لا تعبّر عن جوهر الحدث، الذي حضره ممثلين من مختلف الفرقاء في الجُزُر، من العائلة الحاكمة والنخبة السّنية والشّيعيّة، في محاولة ليقول الإنجليز إنّ الإجراءات التي يفرضونها تحظى بدعم أطياف المجتمع السياسي المتنوع.

هذا الخطاب بمثابة إعلان ميلاد لنظام سياسي، يمكن اعتباره نسخة جديدة وواضحة المعالم، من النظام القبلي القائم، بقيَمِه ومفاهيمه ومرتكزاته، ولذا نسمي كلمة نوكس "خطاب التنصيب"، واجتماع مايو "مجلس التنصيب".

وإذ تبدو كلمة الإصلاح ابتكار انجليزي، وينشر الأرشيف البريطاني فصلاً خاصاً عما يسميه "البحرين خلال عصر الإصلاح: 1923-1932" ، فإن "مجلس العزل" و"خطاب العزل" والاعلاء من شأن بلجريف يكاد أن يكون منتجاً بحرينياً بامتياز.


ثانياً: معالم المشروع الإنجليزي

في خطابه الذي سوف نستشهد بعباراته مرّات عديدة هنا، رسم نوكس أهم معالم خارطة الطريق لما يسميه "الإصلاح" ومتطلباته، على النحو التالي:

1. "ترسيخ حكم هذه الجُزُر بيد شيخ من آل خليفة"، في ذريّة عيسى بن علي، وليس في ذريّة شخص آخر من آل خليفة، أو قبيلة أخرى، أو طرف سني، وبالطبع ليس عائلة أو فرداً من "السّكان الأصليين للجُزُر": البحارنة، كما تصفهم الأدبيات الإنجليزيّة.

2. نقل مسؤوليات السّلطة من الحاكم ابن علي إلى نجله البكر وولي عهده، حَمَد، وليس إلى نجل آخر، وخطى بذلك البريطانيّون خطوة ثالثة في ترسيخ النمط العمودي للحكم في هذه الذريّة بعد تنصيبهم علي بن خليفة (حكم فترة قصيرة في 1869)، ثم عيسى بن علي بن خليفة (حكم بين 1869- 1923م) وها هم ينصبون حَمَد بن عيسى بن علي بن خليفة، الذي حكم بين 1923م حتّى 1942م.

3. تهدف إجراءات العِشرينيّات "في نهاية المطاف إلى الارتقاء بالمجتمع السّني، وليتمتعوا بدور فعال وصوت مهيمن في إدارة البلاد"، نفضل تسميتها بالمواطنة من الدرجة الأولى، تحت الحكم الخليفي الأكيد.

4. مقابل "الدّعم المخلص"، الذي على البحارنة تقديمه للحاكم الجديد، فإن الشيخ حَمَد يطلق وعوداً "بحمايتكم من أي ظلم"، ومضيه في قرار حظر السّخرة، ما عنى الاعتراف بمواطنيّة شرائح واسعة من السّكان الذين لم يعرفوا بلداً آخر لهم. لم يغير ذلك بالقدر المنشود معنى المواطنة، فلا ينبغي على الشّيعة "توقع المساواة على نحو ملزم، كما لا يمكن إلغاء الامتيازات السّنية دفعة واحدة، في حال أمكن إلغاؤها"، يقول نوكس أمام الحشد الذي اجتمع به.

5. "الدّعوة الملحّة إلى الإصلاح الإداري"، وذلك يتطلب أمرين، من وجهة نظر الإنجليز: أوّلاً، إقامة حكومة تُحكم قبضتها على القرار. ثانياً، إنشاء مكتب للحاكم، وهياكل بيروقراطيّة مُتطورة، في مجالات الشرطة، والجمارك، والماليّة العامة وغيرها، تمثل أجهزة إخضاع، إضافة إلى تقديمها خدمات للمواطنين، باعتبار ذلك من واجبات مؤسسة الحكم .

6. قرّرَ نوكس أنّ هويّة البحرين "سُنيّة" ، في محاولة علنيّة لإثارة النزاعات الطائفيّة، وكأنّ لا وجود شيعي في الجُزُر، ولا وجود شيعي في جوارها. ويكاد المُقيم السياسي أن يذمَّ الصحراء وتقاليدها، أو لنقل أنّه يكرّر الصورة التقليديّة السائدة في الغرب عنها، قائلاً للدواسِر: "هذه الجُزُر ليست بساتين النخيل في الجزيرة العربيّة الصحراويّة، حيث يجوب المالكون حول الصحراء طوال العام، ليعودوا لتناول ثمار بساتينهم عند موعد الحصاد". كما تحضر الشريعة الإسلاميّة في خطابه في بعدها القضائي ، ويجدر الحديث، تفصيلاً، في موقع آخر، عن تصور نوكس الأحادي لهويّة الجُزُر، وتداعيات ذلك التي لا زالت ماثلة.

7. التزام القادة البريطانيين بـ "السّقف الخليجي"، والاكتفاء بتغيير حاكم بآخر، وتركيز جهودهم على إنشاء جهاز بيروقراطي، وتهميش الحاجة الفعليّة إلى تأسيس دولة لجميع مواطنيها.

8. وضع سلطة القضاء المحلي تحت قبضة الإنجليز والحاكم، أما "السّلطة القضائيّة على الأجانب، ستبقى في المستقبل بيد المُعتَمَد السياسي" ، استناداً إلى المرسوم البريطاني القديم، الصّادر في 1913م، وهذا يعني بأن إصلاح القضاء عنى إخضاعه للإنجليز والحاكم، وليس جعله مستقلاً، وهو الشرط اللازم لوجود قضاء فعّال، وإذا كانت الديمقراطية شأناً جديداً، فإن القضاء شأنٌ قديمٌ، وضوابطه مرصودة ومفهومة إلى حد كبير، ومهما يكن فإن وضع القضاء في جيب السلطة المحلية والأجنبية يمكن نعته بأوصاف شتى، والإصلاح ليس من بينها.

9. ضمان حقوق الأجانب وتسهيل تدفّقهم إلى الجُزُر، والبناء على ما شهدته المنامة من "زيادة في عدد الأجانب، وثرواتهم، وأهميّتهم في المجتمع على نحوٍ مدهش"، وما زال دور الأجانب مهماً من الناحية السّياسيّة والاقتصاديّة.

10. إصلاح تجارة اللؤلؤ، باعتبارها "مصدر ثراء هذه الجُزُر، أسّست لازدهار المنامة، ونظافتها، ورخائها"، من ناحية، ومصدر "العبودية الدّائمة"، من ناحية أخرى. والتراخي الإنجليزي بشأن هذا الملف، وهو من أكثر الملفات التي بحاجة إلى اصلاح، يعطي دلائل إضافية إلى أن الإصلاح كان غطاء للهيمنة على الجُزُر.

كما بيّن نوكس في خطابه أنّ الحكومة البريطانيّة هي التي رسمت المسار التي ستتبعه الجُزُر، وأنّها تقطع وعداً على نفسها لـ "مساعدة الشيخ حَمَد بكل الطرق المشروعة ضد أي اعتداء خارجي أو عصيان داخلي"، إن تلك ضمانات أمنيّة عالية المستوى تصدر من "المتحدث الرسمي" باسم لندن، في اجتماع عام (مجلس التّنصيب) يضم مختلف الطّيف البحريني، وتوجه انذارا للمجتمعين، وابن سعود المتحالف مع رافضي الإجراءات.

ثالثاً: من اللاحكم إلى الحكم

يقولُ نوكس إنه من الخطأ وجود "حكومَتين تعملان فعلياً جنباً إلى جنب في البحرين"، إحداها يقودها المُعتَمَد السّياسي، وهذه حكومة ناجحة، وقد أدّت إلى ازدهار المنامة وتدفّق الأجانب، والثانية فاشلة، يقودها ابن علي، أدّت إلى الفساد والاستبداد، ويقرر نوكس أن ذلك زمن ولّى، وعلى الجميع الخضوع للإنجليز.

في ضوء ذلك، فإن من المناسب تسمية عهد حَمَد، بأنّه حقبة الحكم الإنجليزي المباشر للجُزُر، بعد إن كانوا يُديرون الأمور بطريقة غير مباشرة، في معظم سنوات حكم والده ابن علي.

وحين يطلقُ نوكس على الحاكِم المُنحّى صفة "اللاحكم"، فلا يقصدُ كونه ظالماً، ومتفرداً بالسلطة، ومحتكراً للثروات، أو حتى كونه إقطاعيّاً، أو كونه يمنح الإقطاعيين امتيازات استثنائيّة، فقد استمرت سمات العنف والاستفراد والامتيازات الخاصّة، ومكتسبات الإقطاعيين – كما سنوضح - بعد إزاحة ابن علي، علماً بأن الاقطاع كان نمطا للحكم، في ظل الحماية البريطانية، فلا يمكن لأي شخص أن يكون إقطاعيّا، ويتم تحديد الإقطاعيين بقرار من الحاكم، الذي لم يكن متساهلاً، كما يدّعي نوكس، وتكرر خلفه الرّواية السائدة، بل كان باطِشاً، ويفوّض المقربين منه، مثل أي حاكم آخر، لتسيير شؤون الجُزُر، في الاقطاعيّات، وفي القضايا والمجالات الأخرى.

وعليه، "اللاحكم"، كما أفهمه من خطاب نوكس وممارساته، هو ذاك النّمط من الإدارة الذي لا ينصاع للحكومة البريطانيّة، ولا يواكب تطلعاتها، في لحظة فارقة، اتخذ فيها الإنجليز قراراً حاسماً بقيامهم بإدارة الجُزُر على نحو مباشر، وعلى المستويات كافة، بعد سنوات من تفويض ابن علي بممارسة الإدارة، فقد كانوا بصدد إجراء تغيير في البحرين ينسجم مع التغييرات التي تقودها بريطانيا في معظم المحميّات التي يسيطرون عليها.

لذا، فإن "اللاحكم" المُدان من قبل نوكس، يكون عاقِلاً ومتّزِناً وذكيّاً، حين ينفذ طلبات الإنجليز، فـ "منذ نحو عشرين سنة، وانطلاقاً من حكمة الشيخ عيسى، سلمّ الإدارة والمسؤولية المباشرة عن الأجانب إلى المُعتَمَد السياسي في البحرين" ، وهذا نموذج للقرار الذي يستحق لقب حسن الإدارة والحِكمة، أي تنفيذ أوامر الإنجليز، وحين لا ينفذ الحاكم تلك الأوامر والمتطلبات توصف إدارته بالاستبدادية والظالمة، بل بـ "اللاحكم" والفوضى.

لم يكن نوكس يفكر في إصلاح القضاء، وعلاج مشاكل تجارة اللؤلؤ، ولم يظهر رغبة في تحويل الظلم عدلاً، ولم يعمل على إشراك الناس في السلطة، ولم يكن مهتمّاً بتوزيع الثروة على نحو عادل، وإذا كانت مثل هذه التقاليد غير راسخة أو غير مطروحة في الجُزُر، فإنها كانت ثابتة في لندن، وكانت قيْد التطبيق، وإن شكلياً، في بعض دول الجوار، برعاية إنجليزيّة.

رابعاً: بناء سلطة متعالية

تتحدث السردية المتداولة عن إنشاء الإنجليز، بقيادة نوكس، سلطة مرْكزية، وأفضل تسميتها مرجعيّة واحدة أو سلطة متعالية قوية وتخضع الجميع، وعلينا دراسة نموذج "بلديّة المنامة"، التي أسسها الإنجليز في 1919، وبحث مدى تطابقها مع "النموذج المركزي" أو "اللامركزي" في الحكم والسلطة والإدارة المحلية، وهي تعبيرات لها دلالات مختلفة في القاموس السياسي والإداري، علما بأن نوكس لم يستخدم في إعلانه لفظ "السلطة المركزية"، وهذا سبب إضافي يدفعني للحذر في استخدام مصطلح الحكومة المركزية، أو للدقة أحاول إعادة تعريف المصطلحات، في ظل الخلط بين الأنماط الإدارية والسّلوكيات السّياسية وأخلاقيّات السّلطة .

لقد اقتضى تأسيس مستعمرة حديثة، إيجاد إدارة تنصاع للإنجليز، بوصف ذلك بديهيّة سياسيّة وإداريّة بالنسبة للمستعمرين الخبراء في إدارة المحميّات الخاضعة لهم، أمّا كون هذه السلطة تصدر قراراتها وفق نموذج مركزي، أو بحسب نمط تفويضي، فهذان النمطان لا يحيلان إلى الضعف أو القوة أو العدالة او الانتهاكات أو الضّرائب العادلة أو غير العادلة؛ أخذاً بالاعتبار – وهذه نقطة جوهرية - ما نفترضه بأن "مرجعيّة واحدة"، كانت تسود إبّان حكم عيسى بن علي، الذي اتخذ الإقطاعيّات نموذجاً واعياً للحكم .

والسلطة المتعالية ذات الرأس الواحدة، وقد أصبحت تتبع نمطا مركزيّا في اتخاذ القرار، بعد إجراءات نوكس، ليست مصطلحاً عابراً تتداوله الألسّن دون أن تمنحه الدّلالات العميقة له، إنها سلطة مفتولة العضلات، وليس سلطة رومانسيّة، تفرض إيقاعها على الأطراف كافة، دون استثناء، وتحوّل تصورات المستعمرين إلى واقع، إنها حكومة تكسير الرؤوس.

خامساً: حكومة تكسير الرؤوس

يعتقد الإنجليز أنّه بدون إخضاع مراكز القوى الخليفيّة والسّنيّة والشّيعيّة لإدارة الحاكم الجديد، لن تكون قرارته نافذة، ولا مهابة الجانب، ما دامت غير قادرة على احتكار: العنف، وتحصيل الضّرائب، وفرض قانونها.

ثمّ إن انتفاء الاحترام لقرارات حكومة الشيخ الجديد، يعني عدم سيادة الإنجليز الذين أصدروا مرسوماً بتعيينه، لذا وجب إصدار قرارات مكمّلة واتخاذ تدابير إضافيّة، لضمان تسليم الجميع بمرجعيّة زعيم القبيلة المُعيّن وحكومته، لكن هذه السّلطة أو الحكومة إزاء من؟ وتتعالى على من؟

1. تتعالى على الحاكم نفسه، فهي أسمى منه وأرفع، وهو يستمد سنده من الإنجليز والقوانين التي يخطّونها، والهياكل البيروقراطيّة التي ينشئونها، بما في ذلك القضاء. ويشير نوكس إلى أن حَمَد لم يكن ساعياً للسلطة، لكن الإنجليز أوصلوه لها، فالتطلع إلى السلطة من عدمها ليس كافياً لحيازتها، فهذا قرار منوط بأصحاب القرار الفعليين.

2. والحكومة المنشودة هي في مواجهة مراكز القوى الخليفيّة، مثل عبدالله بن عيسى ، الأخ الأصغر لولي العهد، الذي كان رجلاً قويّاً، مقرباً من والده الحاكم المحال للتقاعد.

3. وحكومة المُعتَمَد السياسي - حَمَد هي في قبال "الإقطاعيّات" الخليفيّة التي مثّلت نوعاً من "الحكم الذاتي"، ويجدر زجرها بعد أن سمحوا لها بالتمدد سنوات طويلة. وفي سبيل تثبت المؤسسات الجديدة أخضع الإنجليز شيوخ تلك المحميات للقانون السّاري، الذي يُطبّق بانتقائيّة، وينبع من السّلطة المتفردة الوحيدة التي لا شريك لها.

4. والحكومة قيد الإنشاء في مواجهة القبائل الدّاعمة لآل خليفة، مثل "قبيلة الدّواسر" بما يحظر على القبائل السّنيّة المتحالفة مع الحاكم القديم تشكيل "دويلة داخل الدّولة" ، بحسب تعبير نوكس، بل وعليهم الالتزام بالتدابير البريطانيّة وقوانينها وأعرافها، و"دفع الرسوم كلها إلى الشيخ حَمَد وحده"، وحظر تطبيق السّخرة ضد الغوّاصين الشّيعة.

5. والحكومة التي أنشأها الإنجليز مطلع العِشرينيّات، كانت في قبال مراكز النفوذ الشّيعيّة التي تمتّعت بقدر وافر من الاستقلال، ولم تكن جزءاً من بيروقراطيّة المؤسسة الحاكمة، وتحديداً مؤسستي القضاء والوقف، اللتين كانتا تعملان بشكل مستقل عن الحكم، من حيث إطلاق الأحكام وتنفيذها، وتأجير الأراضي، وتحصيل الأموال التي تزيد من استقلاليّة القضاة الشّيعة، فيما عمل القضاء السُّني "كجزء لا يتجزأ من الحكم القبلي" ، وقد عمل بلجريف في وقت مبكر من وصوله المنامة، إلى احتواء مركزي النفوذ هذين، وشرعنة وضع اليد عليها، عبر سلسلة من التشريعات والقرارات التنفيذيّة، ولم يكن ذلك هيّنًا .

6. إضافة إلى ما سبق، فإن الحكومة الجديدة هي إزاء القطاعات الشعبيّة، والأجانب: سُكاناً ومؤسسات، ويريد الإنجليز ضبط ايقاعهم وفق ما يشتهون من تشريعات وتدابير سياسيّة وأمنيّة وضريبيّة وقضائيّة.



#عباس_بوصفوان (هاشتاغ)       Abbas_Busafwan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحرين: التأثيرات الجيوسياسية: المَشْيَخات وفارِس
- الغايات الكبرى للإنجليز في عشرينيّات القرن العشرين
- البحرين 1923: إجراءات استعمارية في قالب حلوى


المزيد.....




- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل
- جهود عربية لوقف حرب إسرائيل على غزة
- -عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم- مر ...
- شاهد.. سيارة طائرة تنفذ أول رحلة ركاب لها
- -حماس-: لم نصدر أي تصريح لا باسمنا ولا منسوبٍ لمصادر في الحر ...
- متحف -مرآب المهام الخاصة- يعرض سيارات قادة روسيا في مختلف مر ...
- البيت الأبيض: رصيف غزة العائم سيكون جاهزا خلال 3 أسابيع
- مباحثات قطرية أميركية بشأن إنهاء حرب غزة وتعزيز استقرار أفغا ...
- قصف إسرائيلي يدمر منزلا شرقي رفح ويحيله إلى كومة ركام
- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عباس بوصفوان - البحرين.. الطّريق إلى نظام 1923