أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - سهيل أحمد بهجت - تعقيب على مقال فيصل القاسم -هل تنتصر البشرية على شياطين الأرض-؟















المزيد.....

تعقيب على مقال فيصل القاسم -هل تنتصر البشرية على شياطين الأرض-؟


سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)


الحوار المتمدن-العدد: 7897 - 2024 / 2 / 24 - 22:47
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


عندما عثرت على مقال د. فيصل القاسم "هل تنتصر البشرية على شياطين الأرض"؟ المنشور في القدس العربي بتاريخ 24 فبراير 2024 وكان الوقت ليلا، قُمتُ بحفظه للصباح التالي اعتقادا منّي أنّه سيشكّل تحديّا فكريا قد يحتاج منّي ساعات عملٍ لكي أردَّ عليه، على اعتبار أن توجّهاتي الفكرية هي نقيض التوجه الفكري للسيّد فيصل القاسم، ويا لخيبة أملي إذا قرأتُ المقال كلّه في بضعة دقائق لا غير في اليوم التالي صباحاً.
هذه البضعة دقائق كانت مزعجة بالنسبة لي إذ من المؤسف أن أجِد صحفيا، كان برنامجه "الاتجاه المعاكس" أوّل ما أثار الفضول العقلي لديّ لتجاوز النصوص الدينية الّتي عفى عليها الزمن، يكتب مقالا مليئا بتعابير لا تختلف عن تعابير يستخدمها خطباء المنابر في المساجد والجوامع الّذين لا يملكون سوى رؤية مشوهة للتاريخ وللواقع أو يكتبها طالب إعدادية كسول.
هو مقالٌ ناجح لشخص يريد إرضاء السادة والأمراء، أولي النعمة، وأيضا من حيث إرضاءه للشارع العربي الإسلامي المغرق في التخلف والكراهية والرؤى السطحية الجاهلة بالتاريخ.
نجد فيصل القاسم يستهلّ مقاله بالقول:
"فهناك كما بات معروفاً للكثيرين جماعات ضغط وقوى نافذة في العديد من الدول العظمى تحاول اليوم أن تعبث بالجنس البشري، وبالأعراف والقوانين البشرية المعمول بها منذ نشأة الخليقة."
كلامٌ غاية في التعميم، فلا نعرف من المقصود وفي أيّ "دول عظمى"، رغم أنّ الدول العظمى نفسها لها رؤى متصارعة، وأمريكا والصين وروسيا هي خير أمثلة على هذه التناقضات.
لكن يمكن لمن يملك قدرة على التحليل أن يستشفّ من تعبير " جماعات ضغط وقوى نافذة" أنّ الكاتب يقصد الأنظمة الديمقراطية، وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية.
والكارثة هي أن فيصل القاسم بدلا من أن يخبرنا لماذا وحدها هذه الدول "الكبرى"، وكلّها غير إسلامية، تستطيع الخوض في مؤامرات وتشكيلات جديدة للحياة البشرية، بينما شعوبنا الإسلامية متخلفة وجاهلة ومغرقة في أحلام "الماضي المجيد"، نجده يمدح جهات مسيحية متدينة لوقوفها بوجه هذه "الجهات" المتلاعبة بالمصير البشري، بل وجلّ هدفه هو الهجوم على المؤسسات العلمية والبحثية إذ نجده يقول:
" والمؤسف في الأمر أن العلماء الذين ارتقوا باكتشافاتهم واختراعاتهم، بالبشر إلى أعظم المراتب بعضهم اليوم متورط في لعبة كبرى، ويشارك في حملة غير مسبوقة تاريخياً للتلاعب بجينات البشر وطريقة تزاوجهم وعلاقاتهم الجنسية والقيم العائلية التي يمارسونها منذ آلاف السنين."
مرّة أخرى، لا نعرف ما هو نوع التلاعب المقصود، لكنّه يوضّح لاحقا أنه بالفعل يريد الهجوم على مجتمع المثليين والمتحولين جنسيا، ودون أن يضرب لنا ولا حتى مثالا تاريخيا واحدا أو نموذجا لأي تجربة علمية تعاكس هذه "الفطرة" المزعومة. إلاّ أنه يحاول أن يعطي نموذجا عبر القول:
" في بلدان عدة هذه الأيام، لم يعد معترفاً برجل وامرأة، بل صار من الممكن أن تجري عمليات تحول جنسي للرجل بحيث يصبح امرأة، والعكس صحيح."
وهذا كلامٌ عارٍ عن الصحة، فالرجل رجل والمرأة امرأة، إلا أن الفرق هو في وجود حالات توجد في المجتمع، كلّ مجتمع بما في ذلك الإسلامية، لأناسٍ يولدون مع ميول جنسية تختلف عن الأغلبية، والتاريخ الإسلامي فيه شواهد لرجال دين ذوي ميول مثلية كالنووي وابن تيميّة والسيوطي، حيث عاش هؤلاء كزهّاد من دون زواج لأنهم في الواقع كانت لديهم ميول جنسية تختلف عن الأغلبية وكان الزهد هو حجّتهم للبقاء من دون زواج.
الأمر الآخر، هناك أناس يولدون ولديهم اضطراب وراثي في الهوية الجنسية، وغالبا ما نجد العلم والعلماء وهم يُصلحون أخطاء الله أو الطبيعة عبر أدوية وعمليات جراحية.
فيا فيصل القاسم، لماذا لا تقرّ أن العلم الحديث هو الّذي جاء بكل هذه المفاهيم الجديدة في العلاقات الجنسية وحتى في الإنجاب، الّذي كان احتكارا إلهياً والآن أصبح قرارا عائليا أو فرديّا، لأن العلم كشف زيف وسطحية الرؤى الدينية وفشلها.
إليك واحدة من التعابير المخادعة والفضفاضة لفيصل القاسم حيث يقول:
" واضح تماماً أن المجتمع المدني في الغرب بدأ يتحرك بقوة ليخوض اليوم معركة ناجحة ضد جماعات الضغط التي تعمل على تدمير القيم العائلية والطبيعة البشرية والتلاعب بخلق الخالق والأقانيم الإنسانية من خلال لعبة ما يسمى (الجندر)."
ما يُسمّى بالمجتمع المدني هو "على نقيض" تام لرؤى فيصل القاسم وعلى نقيض رؤى المجتمعات الكنسية والمسلمة المتديّنة لأن تعبير "مجتمع مدني" إنّما يُقصَد بها مجتمعات تؤمن بـ “العلمانية" وبحقّ "الفرد" في صياغة حياته، وهو أمرٌ مرعِب لفيصل القاسم ولمن هو على نهج التقليديين، لأنّ هذه الحرية الفردية في اختيار شريك الحياة وحتّى الإنجاب خارج إطار الزواج هو أحد أسس المجتمعات الحديثة.
لماذا تعجز وتفشل دول غنيّة، بفضل النفط والغاز وغيرها من الثروات الطبيعية كقطر والسعودية وحتى الإمارات، رغم أن الأخيرة أكثر تقدّما، عن أن تتطور وتدخل العصر الصناعي وسوق المنافسة؟ لأنها ببساطة لا تمتلك العقد الاجتماعي الّذي يجعل الفرد هو أساس القيمة الاجتماعية، حيث أنّك بتقديمك الفرد كأساس اجتماعي فأنت تحمي الأسرة والمرأة والطفل على أساس أنهم أفراد.
لقد كانت المثلية موجودة على الدوام في المجتمع البشري منذ فجر التاريخ البشري ومن هنا وجدت وصمة العار Stigma الّتي ربطتها نصوص الكتاب المقدّس والقرآن بالعلاقات المثلية، والغريب أنّ الأديان المؤمنة بتعدد الآلهة كانت متلائمة مع وجود المثليين ومتعددي الصفات الجنسية، والأحرى أن نقول أن القرآن شدّد فقط في حكمه ضد العلاقات المثلية لدى الذكور فقط، أما الإناث فهي قضية شبه مهملة قرآنيا، لربما لأن المجتمع القرآني كان بحاجة لإنجاب محاربين.
العجيب أن فيصل القاسم يروج مشاعر الكراهية والغضب ونظريات المؤامرة في مجتمعات مريضةٍ أصلا بالكراهية والغضب والحروب الأهلية. وبالتأكيد عندما يقوم هو بنسبة كلّ الانهيارات السياسية والاجتماعية للغرب والاستعمار و "الرأسمالية الشيطانية" من مالي والمغرب والجزائر وليبيا إلى السودان والصومال واليمن وسوريا والعراق وأفغانستان وباكستان وحتى البنغلاديش، فهو يساهم في إبقاء هذه الشعوب مغرقة في الجهل والتخلف.
كأنّي به يقول: "ما خُلِقنا للتطوّر والتفكير، لكن فقط للسجود وعبادة صنمنا السماوي."



#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)       Sohel_Bahjat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخٌ اليهودية مارتن غودمان (المدخل) (مترجم)
- (مقال مترجم) التحدّي... على الرغم من الطعن شبه المميت - وعقو ...
- رسول النجوم: رؤية كونيّة حولَ الحضارة للكاتب الأمريكي نيل دغ ...
- ولادة محمّد –نبي الإسلام—بعد أبيه بسنوات
- الحرب العالمية الثالثة –العراق—و تحليل دعبولي
- تأمّلات في الإِسْلام و القرآن القسم الثاني في بحث دونية المر ...
- العراق ... دور المرجعية الشيعية في مائة عام من الفشل
- هل هناك نسويات إسلاميات؟ مغالطات في غرف النسوية على كلبهاوس
- العراق من بعث السّنّة إلى بَعث الشّيعة – هل فقدت المراقد بري ...
- تأمّلات في الإِسْلام و القرآن 3 هل قَتَلَ محمّد آل بيته؟
- تأمّلات في الإِسْلام و القرآن 2 مُحَمّد و -نجاسة المُشْرك-!
- أردوغان و الإسلام و إمبراطور الصّين العاري
- تأمّلات في الإِسْلام و القرآن 1 محمّد و دونيّة المرأة في الإ ...
- الإِسْلاَم: كارِثة طَويلة الأَمَدْ!
- (نجاح و كريم و أبو فراس) و مشروع التنين الصّيني في العراق!
- الجذور و الأصول الرافيدينية الفرعونية للإسلام: موسى و عيسى و ...
- تاريخ الدّولة العثمانية من أرطغرل و حتى وفاة محمد الثاني 148 ...
- عبد الباري عطوان و هاني النقشبندي ... نماذج لمحامي الإرهاب ا ...
- تعقيب على مقال حضرة القس فيلوباتير عزيز (الأهرام الجديد لم ت ...
- مصر السيسي... و السقوط المدوّي


المزيد.....




- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - سهيل أحمد بهجت - تعقيب على مقال فيصل القاسم -هل تنتصر البشرية على شياطين الأرض-؟