أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل جعبر - الكتابة حالة اغتراب














المزيد.....

الكتابة حالة اغتراب


اسماعيل جعبر
كاتب حر


الحوار المتمدن-العدد: 6640 - 2020 / 8 / 8 - 20:34
المحور: الادب والفن
    


لا شك أن الإنسان حين يجد نفسه واقفا بين الخيط الذي يفصل بين الحياة والموت، ويكون العالم الآخر على بعد مليمترات منه، تأتي الولادة الثانية، من رحم الموت نفسه. ويكون لهذه التجربة أثر بليغ في النفس وتجعل الإنسان ينظر للأشياء بطريقة مختلفة. ف ماهية الوجود نفسه أكبر محفز للكتابة.
سؤال كبير يطرح نفسه بشدة: لماذا نكتب؟ هل للهروب من الواقع المرير والبائس؟ أم للجوء إلى عوالم بعيدة أقل صخبا وضجيجا؟ هل لنقهر الموت أم لنخفف عبء الحياة عن كاهلنا ونصرخ في وجهها مثلما يصرخ المولود لأول مرة؟ لا أدري هل أصاب أحد كبار النقاد الروس حين قال “إن الخوف والموت هما المحفز الأكبر للكتابة. ولطالما سألت نفسي ماذا يمكن للأدب أن يقول أمام الخراب والفوضى اللذين تعيشهما البشرية. إذا لم يُعبر الكتّاب عن هذا البؤس فمن إذن يعبر عن هذه الآلام؟ المأساة أكبر بكثير من أن تكتب وتوثق”
مما لا شك فيه أننا في الوقت الراهن نعيش ظروفا غير عادية، يجب على الفن أن يكون لصيقا بكل الذي يحدث من حولنا، لا يمكن أن نغمض أعيننا ونصم آذاننا عما يحدث من خراب ومآسٍ فللفن دور كبير يجب أن يقوم به المثقف ضمير المجتمع ومرآته الصادقة والمعبرة عن محنته. لا يعقل أن نكتب عن الزهور والحب ومشاهد الدماء تملأ كل مكان في هذا العالم، لا بدّ أن نقول كلمتنا في هذا المشهد العبثي الذي نعيشه الآن، لقد أصبح الإنسان نفسه هو الورطة في هذا الكون وأصبح أكبر عدو للطبيعة وللإنسانية.
الكتابة بصفة عامة تطرح في الكثير من الأحيان أسئلة لكن ليس عليها أن تجيب عليها. لا يمكن لأحد أن يدّعي أن منجزه الأدبي مكتمل. وأجزم أنه ليس هناك عمل أدبي كامل على الإطلاق فالنقصان كما هو معلوم من سمات البشر، والتوق إلى الكمال يظل فردوسا مفقودا وأمنية مستحيلة.
قد يتفق معي الكثيرون أن الكتابة في حدّ ذاتها حالة اغتراب وانفصال عن العادي والمألوف، بل لعلها تحليق في عوالم بعيدة أقل صخبا وضجيجا من عالم الواقع بكل إشكالياته وربما من الأفضل القول إن الكتابة صرخة في وجه الظلم والقبح والاستبداد وهي الشكل الذي نحلم أن تكون الحياة عليه. كما أن الكتابة
هي نوع من الاحتجاج والمقاومة ضد حالات الشتات والضياع، حالة مواجهة وليست حالة هروب، إعادة لتشكيل الحاضر من جديد حسب رؤية الكاتب للعالم و تتيح للإنسان فسحة من التأمل في الذات أي أنه مرآة كاشفة للماضي والحاضر والمستقبل ومما لا شك فيه أن الكتابة في حد ذاتها بصفة عامة ليست نزهة أو نوعا من الترف بل هي التزام يبدو سهلا ولكنه ممتنع ..الإنسان في البداية يفقد الأهل والأصدقاء والأمكنة وبعد فترة يواجه السؤال الكبير: من أنا؟ ومن هنا تبدأ الحكاية في رحلة البحث عن تفكيك أسئلة عصية للفهم والإدراك دون الحصول على أجوبة على الإطلاق. مرورا بسؤال الهوية وصولا للسؤال الأكبر سؤال الوجود نفسه.
الكتابة هي وطن بديل عن حالة الغربة الروحية التي نعيشها.
ليس بغريب أن نرى كتّابا يكتبون من داخل أوطانهم ويعبرون عن المنفى، وهذا يؤكد أن الغربة هي غربة روح وليست غربة مكان فقط. أن تكون في حالة غربة ومنفيا داخل وطنك، هذا هو المأزق الحقيقي
المفكر الراحل إدوارد سعيد كان محقا حين قال “إن المنفى هو أكثر المصائر إثارة للحزن. ليس من السهل التصالح مع المنفى مهما توفر للإنسان من رغد العيش ولا حتى مع أوطاننا التي ولدنا فيها وهجرناها منذ عقود، إنها معضلة ومتاهة بمعنى الكلمة، عند العودة يصبح من الصعب استعادة كل التفاصيل السابقة والذكريات التي اندثرت بفعل الزمن. ولاشك عندي أن واسيني الأعرج لم يخطئ حين قال مرة “إن المنفى هو أكبر عقوبة تسلط ضد الإنسان”.

في غربة الروح يكون الإنسان دوما في حالة قلق دائم، أسميه مجازا بالقلق الحميد أو نعمة القلـق لأنه هو الذي يفجر شرارة الإبداع.....



#اسماعيل_جعبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البعد الثقافي في فكر اليسار
- أرصفة مدينتي
- ارتباط الأدب والفن والفكر بالحياة الإنسانية الحرة


المزيد.....




- -المُلحد-.. إبراهيم عيسى: الفيلم هو الدولة المدنية التي نداف ...
- ساويرس يرد على سؤال بشأن فيلم -الملحد-.. وهذا ما قاله عن -من ...
- -رأس الخس- يلاحق تراس من جديد ويخرجها من المسرح (فيديو)
- هيفاء وهبي تعلق على قرار منعها من التمثيل والغناء بمصر بآية ...
- بعد أزمة فيلم -الملحد-.. هل تأجل العرض بمصر أم مُنع العمل؟
- جيمي كيميل لن يقدم حفل الأوسكار المقبل لهذا السبب
- استقبل الأن.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 batoot Kids على جمي ...
- تنسيق الشعبة الأدبية 2024 مرحلة أولى كلية اقتصاد وعلوم سياسي ...
- في دورتها الـ10.. إعلان أفضل الأعمال المشاركة في جائزة كتارا ...
- بالصور| اقدم نقاش في العراق يحاور الخشب ويخلق لوحات فنية


المزيد.....

- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس
- زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي / ياسر يونس
- رسالةإ لى امرأة / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل جعبر - الكتابة حالة اغتراب