أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيد صديق - وحدة المُضطهَدين هي الطريق للتغيير














المزيد.....

وحدة المُضطهَدين هي الطريق للتغيير


سيد صديق

الحوار المتمدن-العدد: 6597 - 2020 / 6 / 19 - 09:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



المجتمعات الرأسمالية جميعًا دون استثناء تتضمَّن الكثير من أوجه الاضطهاد التي هي بطبيعة الحال مُركَّبة ويعاني منها الكثير من الناس بشكلٍ مُضاعَف. وحتى في أكثر الدول الرأسمالية حريةً وديمقراطية نجد الكثير من أشكال الاضطهاد التي تسحق فئاتٍ وشرائح طبقية كاملة.

في الولايات المتحدة على سبيل المثال، بالإضافة إلى سياسات الإفقار الرأسمالية غير المعنية سوى بالربح والتي تكشَّفَت بصورةٍ فاضحة مع أزمة كورونا (565 مليار دولار زيادة في ثروات المليارديرات وصعود البطالة إلى 40 مليون عاطل على خلفية الجائحة)، هناك أيضًا الاضطهاد على أساس العِرق ضد الأمريكيين من أصل إفريقي، والاضطهاد العنصري ضد المهاجرين والعرب، والاضطهاد على أساس الدين ضد المسلمين، وأشكالٌ أخرى من الاضطهاد.

الأمر أكثر فداحة بالتأكيد في الدول التي تخضع لسلطاتٍ ديكتاتورية/عسكرية، مثل مصر، على الأقل من حيث غياب الأحزاب والتنظيمات التي تهب للدفاع عن المضطهدين، نتيجةً لسحق المعارضة وغلق المجال العام.

وهذا التنوُّع والعمق في أشكال الاضطهاد يفرض على المناضلين من أجل التغيير ضرورة خوض نضال طويل ولا هوادة فيه ليس فقط لنصرة المُضطهَدين، لكن أيضًا لتوحيدهم. فلا أمل في أيِّ تغييرٍ اجتماعي حقيقي دون وحدة هؤلاء المُضطهَدين ونضالهم المشترك، والمستفيد الوحيد من تشتُّت المُضطهَدين عن بعضهم، بل وبثِّ الكراهية لدى أغلبيتهم ضد فئةٍ مُستضعَفة (مثلما شهدنا في الأيام الماضي ضد مجتمع الميم) هو السلطة والطبقة الحاكمة التي تمثِّلها.

إن الدفاع عن حقوق المُضطهَدين، على أساس العِرق أو الدين أو الجنس أو الميول الجنسية، ليس فقط دفاعًا عن المُضطهَدين أنفسهم، وإنما أيضًا دفاعًا عن حقٍّ سياسي في كثيرٍ من الأحيان هو أوسع مِمَّن يقع عليهم هذا الاضطهاد بشكلٍ مباشر.

حين يدافع الاشتراكيون الثوريون في مصر عن المعتقلين من الإسلاميين، فهذا ليس فقط دفاعًا عنهم ضد الانتهاكات التي يتعرَّضون لها، لكن أيضًا دفاعًا من أجل الحريات السياسية بصورةٍ عامة، ضد الاعتقال في قضايا الرأي والتنظيم، حتى مع اختلافنا الكامل مع توجُّهاتهم السياسية، فهذا في المقام الأول نضالٌ ضد قمع السلطة الذي يستشرس على الجميع. وحين يدافع الاشتراكيون الثوريون عن مجتمع الميم ويعلنون دعمهم الصريح لهم، فهذا ليس فقط تصديًا لما يتعرَّضون له من اضطهادٍ وعنفٍ ونبذٍ وكراهية، وإنما أيضًا دفاعًا عن الحقِّ في الاختيار والتنوُّع، ودفاعًا عن الحريات الشخصية، ودفاعًا عن التقبُّل في مواجهة النبذ.

يدافع الاشتراكيون أيضًا عن حقِّ المرأة في حياةٍ آمنة من العنف الجنسي والتحرُّش والاغتصاب وغيرها من الجرائم الجنسية، وعن حقِّها في اختيار ملبسها أيًّا كان دون وصايةٍ من السلطة أو وصايةٍ أبوية، علاوة على حقِّها في فرص عملٍ وأجور متكافئة مع الرجال. يدافع الاشتراكيون عن المسيحيين ضد ما يتعرَّضون لها من اضطهادٍ وتمييز، وعن أهالي النوبة، وعن كلِّ مُضطهَدٍ في مصر، ويستنكرون الاضطهاد الطائفي والعنصري والعِرقي في أيٍّ بلدٍ في العالم. يدافعون عن كافة الحريات العامة، ويدافعون عن كافة الحريات الشخصية، التي هي بطبيعة الحال لا تخص إلا أصحابها -وبالتالي لا شأن للسلطة أو المجتمع بها- ولا يقع بسببها أيُّ ضررٍ على الآخرين.

هل هذه المواقف متناقضة أن يدافع الاشتراكيون عن مجتمع الميم وفي الوقت نفسه يتضامنون مع المعتقلين الإسلاميين؟ نعم، تبدو هذه المواقف متناقضة لمن يحاول تجزئة النضال ضد الظلم والقهر والاضطهاد ويريد حصر هذا النضال فقط على الفئة التي ينتمي لها أو التي يتوافق معها. تبدو هذه المواقف متناقضة للانتقائيين الذين يريدون الوقوف ضد اضطهادٍ ويتغاضون عن أشكال الاضطهاد الأخرى، أو حتى يمارسونها بأنفسهم من خلال بثِّ الكراهية والنبذ.

لكن بالنسبة للاشتراكيين الثوريين، فإن النضال ضد الاضطهاد والعنصرية والذكورية وضد الديكتاتورية لا يتجزَّأ، والتضامن مع كلِّ مُضطهَدٍ لا يمكن أن يخضع لانتقاءٍ أو تفضيل، مهما بلغت الانتقادات أو انهالت الشتائم عليهم أو حتى التحريض المباشر ضدهم. التضامن مع كلِّ مُضطهَدٍ وكلِّ مقموع ركيزةٌ رئيسية في تراث الاشتراكية الثورية وممارستها اليومية.

ليس غريبًا إذًا أن يكون التنظيم السياسي الوحيد الذي أعلن تضامنه ودعمه المباشر لمجتمع الميم إبان الاعتقالات التي طالت أفراده بعد رفع علم “الرينبو” في سبتمبر 2017 هو نفسه التنظيم الذي أعلن إدانته الصريحة لمذبحة رابعة العدوية في نفس يوم المذبحة، 14 أغسطس 2013.

إن المواقف المتناقضة حقًا هي التي تنهض لاستنكار العنصرية ضد المسلمين والمهاجرين في أوروبا، أو لإدانة المذابح والقمع بحق مسلمي الروهينجا والإيجور، بينما في الوقت نفسه تبثُّ النبذ والتمييز ضد مسيحيي مصر. المواقف المتناقضة هي التي تؤيِّد حقَّ المرأة في ارتداء النقاب، لكن تستنكر حقَّها إن أرادت خلع الحجاب أو ارتداء ما تشاء من ملبس. وبالطبع المواقف المتناقضة أيضًا هي تلك التي تروِّج للكراهية والنبذ ضد مجتمع الميم فقط لاختيارهم ميولهم الجنسية المُتنوِّعة التي لا تخص أحدًا غيرهم، بينما في الوقت نفسه يتغاضى أصحاب هذا الموقف عن الجرائم الجنسية الحقيقية والمُتفشِّية في المجتمع، مثل التحرُّش والاغتصاب وكشوف العذرية (تلك الجرائم التي ترتكبها الدولة بنفسها أحيانًا)، بل وبعضهم حتى يحمِّل المجني عليهن المسئولية ويشارك في التبرير للجناة.

إن التضامن والدعم ضد الإقصاء والكراهية وكافة أشكال الاضطهاد والقمع، سواء في الحريات العامة أو الخاصة، هو نضالٌ من أجل الحرية وحقِّ الجميع في التنوُّع والاختلاف والقبول، وهو بالتالي جزءٌ رئيسي في النضال الطويل والشاق من أجل تغيير المجتمع.



#سيد_صديق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب «النساء في الحركة العمالية»
- فيروس كورونا والأزمة الرأسمالية


المزيد.....




- ترامب يختار سناتور أوهايو جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس في ال ...
- ترامب يحصل على أصوات كافية ليصبح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة ...
- زفاف أمباني -الحدث الأكبر على الكوكب- ونهاية مؤثرة لمحاكمة ب ...
- كيف تفاعل السوريون مع رابع انتخابات برلمانية تشهدها البلاد م ...
- -جثث مقطعة ومحترقة ملقاة على الأرض-: نحو 80 قتيلاً فلسطينياً ...
- بطولتان مثيرتان للطائرات الورقية وركوب الأمواج في ساليناس بج ...
- جاؤوا لحضور مباراة كأس أمم أوروبا فكان الموت بانتظارهم.. مقت ...
- محاولة اغتيال ترامب.. هل بمقدور أمريكا تجنب العنف السياسي؟
- عقوبات أوروبية على -مستوطنين متطرفين- وكيانات إسرائيلية
- أرمينيا.. انطلاق مناورات -إيغل بارتنر 2024- بالشراكة مع الول ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيد صديق - وحدة المُضطهَدين هي الطريق للتغيير