أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاده العراقيه - غياب العقل وغياب الضمير معاً













المزيد.....

غياب العقل وغياب الضمير معاً


فؤاده العراقيه

الحوار المتمدن-العدد: 6575 - 2020 / 5 / 27 - 14:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



انتهى شهر رمضان وانتهى معه الإسراف واكتضاض الأسواق بالناس وبالحلويات لكون النفوس جائعة ومحرومة وتشتهي كل ما لذ وطاب , انتهى النوم وزخم المسلسلات والبرامج التجارية التي لا تغني العقول وفي نفس الوقت ينفقون عليها اموالا طائلة توزع بين المنتجين والمخرجين والممثلين واصحاب القنوات الكثيرة لتدخل بجيوب المترفين الذين خدّروا المشاهدين السذج واقتادوهم لمتاهة يصعب عليهم الخروج منها .
شهر تجوع به البطون وتقف به العقول, وبالتهام الطعام يحلمون وبه ينتهون للتخمة .
وشيئا فشيء يكون السقوط حيث المال صار المحرك الأول للعقول, فالمال أصبح قبل الكرامة وقبل الإنسانية وقبل المبادىء.
شهر ينام به الرجال وتقضي به النساء يومها بالمطبخ لتعد أشهى المأكولات , وبغسل الصحون تكمل يومها ومن ثم الأستعداد للسحور, هذا العمل الميكانيكي الذي يتكرر كل يوم بعيدا عن السبل التي من شأنها تطوير عقولهنّ .
شهر يكون به الفقراء منسيين فعند البطون تعمى العيون, وعند انتهاء الشهر يبالغون بذكراهم فيدفعون لهم فطرة العيد بشرط ان تدفع قبل العيد بيوم واحد ولا يجوز قبلها ولا بعدها، المهم تُدفع لدفع البلاء عنهم, ومن لا يعرف فقيرا فيدفعها لأي شخص أياً كان ليبرىء ذمته وليريح ضميره فقط ولم يراوده أن يسأل نفسه ماذا عن بقية الايام؟

فالهدف ليس بالفقير ذاته بل لكسب رضا الله ليعطيه جائزة عليها, لا يهم المبلغ القليل الذي لا يضاهي الموائد العامرية التي امتدت طوال هذا الشهر والذي لا يسد رمق الفقير، ولكن استوقفني طريقة التفكير هذه التي لا تقبل التغيير رغم إن كل شيء من حولنا يتغير , حيث يطبّق الغالبية افعالهم دون تفكير ولا سؤال بل هو خوفا من العقاب وطمعا بالثواب.
هناك فرق كبير في ان نفعل الأشياء حبا بها وإرضاءً لضميرنا وبين أن نفعلها ونحن نتأمل ما يقابلها من منفعة لذواتنا، وتلك هي اسمى الافعال, ولكن أن نفعلها خوفا أو طمعا فستكون عملية ضحك على الذقون ليس إلا ,ولعب على الذات وخديعة بل ورذيلة أيضا، نعم لقد قلبتم فضائلكم الى رذائل لكونكم تساعدون الفقير ليس حبا به بل لأجل أن تكسبوا بدلها اضعافا مضاعفة .

فهل تأملتم حقا بالفقراء المعدومين وأحسستم بالقهر نحوهم ؟
أم إنهم صاروا مجرد صور تعودنا على رؤياها يوميا ولكننا نمر من أمامها مرور الكرام دون أن نقف ونتأمل ولو للحظات بوجوههم الكالحة، وربما بتنا لا نراهم اصلا لكونها صارت مجرّد صور اعتادت العين على رؤياها وبات الغالبية تنظر للامور بشفافية تامة بحكم التعويد، فلا جديد ولا إضافة تذكر لديهم بل حياة مترهلة خالية من التأمل .
حسنة قليلة تمنع بلاوي كثيرة،عبارة طالما استفزتني لما تحمله من معنى سيء للغاية حيث تعني, ساعدني حتى تمنع عنك البلاء ,فانغرست المنفعة بالعقل الباطن لديهم , وأنا بأعتقادي طالما إننا ننتظر من ورائها منفعة فلن تكون صدقة صادقة، الصدق والقناعة هي اسمى الافعال ولكن العفن نخر الضمائر وأكل الجذور وبات لا ينفع معها سوى اقتلاعها وزراعة الجديد، نحن مجتمع متهالك أتقن الخديعة ولوى الحقيقة،يفعل الذنوب ولديه خزينا من التبريرات ليغفر بها ذنوبه, يفعل الذنوب ويغفرها ثم يكرر الذنوب ويغفرها ويعاود الكرة وهكذا تدور بنا الدوّامة فارغة من محتواها , ونمارس اغلب أفعالنا دون قناعة بل خوفا من العقاب وطمعا بالثواب.
هذا الخوف الذي تعودوا عليه منذ الطفولة ابتداءً بالخوف من الأب ومن ثم الأم وبعدها المعلمة والمعلم الذين اشتركوا بعملية ترهيب الاطفال ليغرسوا الخوف بداخلهم ويعيش الأطفال أول ازدواجية لديهم بممارساتهم المجبرين عليها دون قناعة منهم ومن ثم يفعلوا ما يحلو لهم بعيدا عن العيون، الطفل يرى بعيون نقية تلك التناقضات ولكن تلك الرؤية تموت مع الايام تدريجيا بفعل إزدواجية الكبار.
فهل سنتأمل من بلداننا خيرا وشيئا من التغيير وشعوبها لا تزال تعيش هذه الازدواجية وتعيش الحياة دون رغبة بالتغيير طالما هناك قمع لحرية التفكير بمجتمع إنقسم إلى فئة مترهلة فكريا وهي الأكبر عددا تحمل رؤوسا فوق اكتافها خالية من العقول , هذه الفئة شكّلت عائقا كبيرا وتقف حائلا بطريق الفئة التي حملت على عاتقها واكتافها حملا ثقيلا للغاية حيث تعمل جهدها للتغيير ابتداء من نفسها ثم المحيطين بها رغم كل العوائق , لا تبغي فائدة لذاتها ولا تتأمل مكافئة من أحد بل اكتفت بإيمانها المطلق بالعدل وبالضمير وبشعورها بالواجب وبالمسؤولية فقط، هذه المسؤولية الضخمة التي وقعت على عاتقها تدفعها للتخلي عن تلك اللذات التي تتمتع بها الفئة الثانية .
وكل هذا الخراب ويتصورون أنفسهم بأنهم قد كسبوا الحسنات وعلى هذا المنوال تنقضي السنوات .
فلا نستغرب بعد كل عمليات التغييب في حياتنا هذه التي جمعت ما جمعته من صعوبة ومرارة العيش وحالة الجهل والتردي التي تعيشها شعوبنا فلا نستغرب غياب وعي الإنسان هكذا والعيش في سبات لقروون طوال والإستمرار على نفس المنوال من دون أن يُطرح السؤال عن السبب الذي به عاشت هذه المجتمعات جحيم الفقر والصخب والفوضى العارمة والحبل على الجرار



#فؤاده_العراقيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوانين وتأثيرها على تهذيب أو استهتار الرجال
- فيروس العقول أخطر بكثير من فيروس كورونا
- ما يحتمله الإنسان مُرغما لا يُدرج من ضمن القوّة
- بحث في كتاب (الأنثى هي الأصل ) للكاتبة والأديبة نوال السعداو ...
- صورة مُزرية لذكر شرقي
- وفاة البروفيسور عالم الفيزياء Stephen Hawking خسارة كبيرة لل ...
- لنكسر حاجز الصمت أمام ظاهرة التحرّش
- رد على مقال الشاعرة فاطمة ناعوت (سأقولُ يومًا لأطفالي إنني ز ...
- اسطوانة الدعارة المشرعنة في العراق (تعدد الزوجات)
- وداعا جان نصار
- ايهما الاهم _ جمال ألعقل ام ألشكل ,أم هما متساويان ؟
- الحجاب حرية شخصية
- تأملات في مفاهيمنا المعكوسة
- تعديل أم تخريب لقانون الاحوال الشخصية العراقي
- الخروج عن المالوف
- صيادلة أم مافيات دواء ,أطباء أم قصاصي رؤوس
- ما بين التحريم والتحليل
- لا غايات تُبرر بوسائل مغلوطة
- هل هي روح صديقتي أم هي الذكرى ؟
- للذين صفّقوا وهلهلوا للانتصارات أقول لهم


المزيد.....




- جين من فرقة -BTS- شارك في حمل شعلة أولمبياد باريس 2024
- العثور على أندر سلالات الحيتان في العالم
- الجمهوريون يرشحون ترامب رسميا لخوض الانتخابات والأخير يختار ...
- ليبرمان: نتنياهو يعتزم حل الكنيست في وقت مبكر من نوفمبر
- هل تنهي أوروبا أزمة أوكرانيا دون واشنطن؟
- موسكو: لا يوجد أي تهديد كيميائي لأوكرانيا من قبل روسيا
- الولايات المتحدة تؤيد دعوة روسيا لحضور -قمة السلام المقبلة- ...
- غروزني.. منتدى القوقاز الاستثماري
- شاهد.. احتفالات زفاف العام الفاخرة لابن أغنى رجل في آسيا تتو ...
- انتعاش الموسم السياحي في تونس


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاده العراقيه - غياب العقل وغياب الضمير معاً