أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - رياض حسن محرم - مهندس / عبد المنعم شتلة... بطل ليس من هذا الزمان















المزيد.....

مهندس / عبد المنعم شتلة... بطل ليس من هذا الزمان


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 5743 - 2017 / 12 / 31 - 12:30
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


ربما هى كلمات إعتذار جاءت متأخرة، ولكنها كلمة حق لرجل عرفته مبكرا فى سنوات التكوين الأولى، شيوعى من النوع الذى لا يحاول إبهارك بكلمات مقعرة أو مصطلحات صعبة، لكنه يحدثك بلغة بسيطة صافية وإبتسامة محببة تقرب المسافات وتفتح أبواب القلوب.
كنت شديد الإلتصاق بأخى الأكبر الذى أعتبره بمثابة الوالد فى حياتى، كان يعمل موظفا فى بنك مصر، قضيت معه سنوات الدراسة الثانوية فى بنها حيث كان يعمل، نقل بعدها الى منطقة شمال التحرير فى فرع صغير للبنك، وبعد إلتحاقى بكلية الطب بالأسكندرية فى منتصف الستينات كنت دائم التردد عليه، عرفنى أخى أثنائها بمهندس زراعى يعمل بمديرية التحرير هو عبد المنعم شتلة.
عرفت فيه إنسان هادئ كبحر صيف لا تحركه ريح، كان أخى قد أخبرنى أنه شيوعى قديم وقال له أننى ذوميول يسارية، إلتقانى بترحاب وبسمته تعلو وجهه السمح، سألنى عما قرأت، بسذاجة الغر المتطاوس ومبالغات المبتدإ إرتكبت كذبات صغيرة لأثبت له أننى قارئ جيد، إنتحلت عناوين كتب ضخمة سمعت عنها ولم أقرأها، أذكر أن أول كتاب ذكرته له هو "ضد دهرنج" لفردريك إنجلز، لم تفارق وجهه الإبتسامة، قبل أن نفترق أشار على بلقاء مهندس أخر شيوعى يعمل مديرا لمزرعة الطفلة هو المهندس "محمد مصيلحى"، فى اليوم التالى كنت هناك، إلتقيت به، هومهندس فى منتصف العمر، والتقيت كذلك بمجموعة من المهندسين الزراعيين الشباب، حيث إستمرت علاقتى وتعمقت كثيرا بأحدهم وهو المهندس محمد بيومى.
بعد أن تولى الدكتور فؤاد مرسى وزيرا للتموين نقل المهندس عبد المنعم شتله معه بالوزارة ليشغل مدير عام المجمعات التعاونية الإستهلاكية بالأسكندرية، كنت ألتقى به كثيرا فى شقته الفخمة بمحطة الرمل خلف فندق سيسل، وشاهدت هناك زوجته تلك السيدة الراقية ذات الطابع الأوروبى بمظهر الليدى حيث كانت تقدم لى الشاى فى طقم من الفضة على ترولى متحرك، تعلمت منه أبجديات الفكر الماركسى وأخلاقيات الفرسان، كنت قد تعرفت ببعض الطلبة الشيوعيين بالأسكندرية ومنهم مجموعة متآلفة هم "مجموعة دسوق" حيث كان يقودهم طالب التجارة "محفوظ أبو كيلة" وينتسبون الى الدكتور اليسارى على نويجى بمدينة دسوق.
بدأت الحركة الطلابية بالجامعات تنشط مع بداية السبعينات، وكنت أحد من شارك فيها، تواترت المقابلات فى تلك الأثناء مع المهندس عبد المنعم شتلة وأمدنى بكثير من الأدبيات وبيانات الحزب الشيوعى المصرى، والذى كان يشغل منصبا قياديا به، كنت قد إرتبطت فى تلك الأثناء بمجموعة أخرى كونت "حزب العمال الشيوعى المصرى" ولكن علاقتى الوثيقة معه لم تنقطع، ذات يوم أعطانى كتاب مطبوع بشكل جيد وطلب منى قراءته وكتابة تعليقى عليه وإعادته، هو برنامج الحزب الشيوعى المصرى، (أذكر أن شاهده معى عضو قيادى بحزب العمال وألّح بشدة أن يستعيره لأيام وللأسف لم يعيده أبدا حتى بدون إعتذار)، حدث خلاف بينى وبين مجموعة حزب العمال فقررت الخروج منه مع مجموعة تكتلت وإنشقت كانت تعرف بمجموعة بشير.
بعدها تعرفت بالمرحوم زكى مراد وانبهرت كثيرا بشخصه وأفكاره وحماسه، سلمنى الرفيق زكى مراد لمجموعة الحزب الشيوعى بالأسكندرية وكان على رأسها المرحوم عيد صالح وتم تنظيمى، كان حزب التجمع فى بدايات تكوينه وطلب منى الحزب الإلتحاق بالتجمع فى مقره بشارع الإخشيد بالقبارى، هناك إلتقيت بالمهندس عبد المنعم شتلة وبمجموعة دسوق والكثيرين غيرهم، الحادثة التى أعلن من البداية أسفى منها وإعتذارى المتأخر للرفيق عبد المنعم شتلة عنها كانت إنتخابات لجنة المحافظة بالتجمع، حيث طلب منى الترشح لعضويتها، كان المهندس عبد المنعم شتلة مرشحا أيضا، وطلب الحزب منى أن أعمل على عدم نجاحه " كانت هناك خلافات داخلية لم أعرف سببها"، ساهمت بخسة فى تلك المؤامرة كإلتزام حزبى، وبعدها كنت أتجنب زيارته أو لقاؤه حتى رحل عن دنيانا.
عودة لبعض من التاريخ النضالى لهذا الرجل، كثير هى المعارك السياسية والنضالية التى خاضها برأس مرفوع وبسالة نادرة، لكن أشهر وأنبل تلك المعارك كانت قيادته لمجموعة الحزب الشيوعى أثناء المقاومة المسلحة للعدوان الثلاثى ببورسعيد، كان الهجوم الغادر الذى بدأته إسرائيل على سيناء مساء 28 إكتوبر 1956 وتلاه الإنسحاب غير المنظم لقواتنا المسلحة منها، بعدها تدخلت إنجلترا وفرنسا بحجة حماية القنال، يذكر عبد اللطيف البغدادي فى مذكراته ....( ونحن فى طريقنا إلى الإسماعيلية قال عبد الناصر بصورة مؤثرة و محزنة بعد ما شاهد العربات والدبابات المدمرة على جانبي الطريق انها بقايا جيش محطم كما قال بالإنجليزية لقد هزمت بواسطة جيشي ... ورأينا اهالى الاسماعيلية يحملون السلاح وهم ... اقرب الناس إلى منطقة القنال مما ساعدنا على استرداد بعض معنوياتنا)، ويكمل ( وفى منطقة أخرى عندما أرسلت ملكة انجلترا إلى عبد الناصر تسأل عن ابن عمها المخطوف لم يجد ناصر احد يجيبه إلا الشيوعيين بأعتراف ضباط مخابراته).
يقول المناضل الشيوعى الدكتور فخري لبيب ...( وفى مدينة بورسعيد التي ناضل الشيوعيين بين جماهيرها .... وقف عبد الناصر فى عيد النصر ليعلن الحرب على الشيوعية متهما الشيوعيين بالعمالة والخيانة ... يحاول عبد الناصر استمالة بعض القيادات الشيوعية عن طريق رشوة أهم قياداتها ومن الواضح آن دراسة عبد الناصر للتكتيك العسكري والاستراتيجية واندماجه فى صداقة مع بعض الشيوعيين فكانت فكرته تفجير التنظيم ( الحزب الشيوعي الموحد ) ولكن رفضت القيادات وبدأت مرحلة جديدة من الاختراق والاعتقال لكل من ينتمى إلى الفكر الشيوعي ..
تم القبض على فائد الخلايا المنظمة للحزب الشيوعى المصرى التى قادت المقاومة فى بورسعيد بشهاد كمال رفعت الذى كان أحد المشرفين من جانب مجلس قيادة الثورة عليها، قبض عل المهندس عبد المنعم شتلة وأودع السجن، وفى جلسة محاكمته طلب شهادة اللواء "أبو نار" نائب رئيس المخابرات الحربية الذى سأله قاضى المحكمة العسكرية اللواء هلال متهكما ( يعني الجيش والمخابرات عجزوا يدخلوا بور سعيد وعبد المنعم شتلة والشيوعيين قدروا يدخلوها ؟ ) وكان جواب أبو نار نعم وهذه حقيقة أشهد بها وكنت مشاركاً فيها.
بعد شهر من بدء العدوان تسلل إلى بورسعيد عشرة رفاق من حدتو وانضموا إلى زملائهم في المدينة، تمت عملية التسلل على دفعات عبر بحيرة المنزلة خلال ثلاثة ليالي متتالية، في الليلة الأولي تسلل ابراهيم هاجوج " بورسعيدى وعضو الحزب الشيوعى المصرى" ومنير صادق موافي ابن المنصورة الذي كان طالبا بكلية الهندسة جامعة الاسكندرية. وكان ابراهيم هاجوج قد تسلل إلى خارج بورسعيد عبر بحيرة المنزلة ثم عاد إلى المدينة بعد أن اشترى رونيو وأدوات لطباعة المنشورات من مدينة المنصورة حملها معه زميله منير صادق موافي. وكان سطح القفة التي تحتوي على هذه الأدوات مغطى بأسماك بغرض التمويه، وفي الليلة التالية تسلل إلى المدينة ستة رفاق حملوا معهم قففا مماثلة، وهؤلاء الرفاق هم: أحمد حجازي، شكري عبدالوهاب، الشيخ عبدالسلام الخشان، فتحي مجاهد، محمود صبيح،ـ وأحمد مجاهد. وفي الليلة الثالثة تسلل ثلاثة رفاق " قيادة المقاومة" وهم: أحمد الرفاعي وعبدالمنعم شتلة والفنان التشكيلي عبدالمنعم القصاص الذي أحضر معه من القاهرة كليشيهات مجلة "الانتصار" التى أعدتها "دار الفكر للنشر" التابعة للحزب.
المقاومة البطولية التي أظهرتها مدينة بورسعيد الباسلة وتوحد فصائل المقاومة في كيان واحد هو "الجبهة المتحدة للمقاومة الشعبية"، وكانت الحزب الشيوعى المصرى هي العنصر الفاعل في تشكيلها وتوجيه نشاطها، وأصبحت الجبهة قائدا للمدينة تحظى بثقة الأهالي، الذين كانوا يستجيبون لبياناتها وقراراتها التي كان يتم إعلانها أحيانا من خلال مكبر للصوت فوق عربة تجوب شوارع المدينة.
فى كتاب الكاتب الساخر محمود السعدنى " الطريق الى زمش" وهو من الكتب المتميزة عن أدب السجون فى الصفحة 42 يكتب ( وذات مساء همس السجن كله بأن مدير عام المباحث وصل الى السجن بنفسه ليشرف على إعداد زنزانة لاستقبال شخصية هامة فى طريقها إلى السجن، وضرب الشيوعيين أخماساً فى أسداس، وراحت التحليلات والتنبؤات إلى كل إتجاه ، بعض العارفين ببواطن الأمور أكدوا أن خلافاً حاداً وقع بين عبد الناصر وعبد الحكيم عامر بشأن اعتقال الشيوعيين، وان عبد الحكيم عامر يرفض بشدة اعتقال أى شيوعى باعتبارهم من القوى الوطنية الذين حاربوا المستعمر 1956 وإن عبد الناصر أمر باعتقال عبد الحكيم عامر وهو فى الطريق الآن إلى معتقل القلعة، وقال البعض الآخر إنه المهندس عبد المنعم شتلة أحد زعماء الحزب الشيوعى المصرى الذى كان يقود النضال من مخبئه قد وقع فى أسر الحكومة)، الى هذا الحد كان الشيوعيون ينظرون الى ذلك الرجل العظيم، المهندس عبد المنعم شتلة.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سابع جار ... دراما الأماكن المغلقة
- عن صلاح عيسى والوطن...رحيل مناضل
- مدنية أم دينية؟
- ما بعد قرار ترامب...ومآل عملية السلام
- تراجع ردود الفعل الشعبية على القرار الأمريكى بنقل السفارة
- إمام ونجم ..متلازمة الثورة والفن والغضب
- حديث عن الحوثيون
- بدو سيناء والإنتماء الوطنى
- ثورة أم ثورتان .. 25 يناير و 30 يونيو؟
- حول كتاب - الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث-
- الحازميون .. الوريث الأكثر دموية لداعش
- مرّة أخرى ..حول التنظيمات الإرهابية العاملة فى مصر
- تناقضات الواقع بين السلطة وحركة الجماهير
- ملاك أم شيطان.. أشرف مروان في الرواية الإسرائيلية؟
- الفلاح المصرى ..فى عيده
- فيلم الكنز ..بين السيناريو المفكك وإرتقاء الأداء
- عودة للجدل حول قضية المساواة بين الرجل والمرأة
- رفعت السعيد .. مناضل موسوعى مشاكس من طراز خاص
- حول تصريحات الرئيس التونسي بشأن المرأة
- سر عداء عبد الناصر للشيوعيين


المزيد.....




- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - رياض حسن محرم - مهندس / عبد المنعم شتلة... بطل ليس من هذا الزمان