|
غايب عن العين و حاضر
كفاح حسن
الحوار المتمدن-العدد: 5697 - 2017 / 11 / 13 - 11:31
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
الحياة تبدأ بنطفة و تنتهي في القبر.. و لكل شخص طريقه في هذه الحياة ، سواء سار بها حرا ام سار بها بدون إرادة.. و عندما اتحدث عن حياة اخي وضاح ، و الذي تحل اليوم الذكرى الثالثة عشر لاستشهاده ، فإن حديثي عنه ذو طابع خاص.. فأنا رافقت حياته من النطفة إلى لحظة استشهاده.. ففي يوم خريفي اخذ والدي والدتي إلى عيادة الدكتور سلطان الحكيم.. و التي تقع قرب بيتنا.. و هو من اصدقاء الوالد المقربين.. ليعودا بعدها فرحين.. حيث اخبرا العائلة، بأن الوالدة في انتظار مولود جديد. و كان والدي يريدها بنتا.. و لكنه قرر بحزم ان المولود اذا كان ذكرا سيكون اسمه وضاح.. و اذا كان بنتا سيكون اسمها نجاح. و في ظهرية تشرينية جاء إلى العالم وضاح. كانت عائلتنا الكبيرة من الجد و الاعمام و العمات فرحين بقدومه.. و تحدثت قريبتنا المرحومة ام رزاق عن علامات النبوغ التي يحملها الوليدين القادمين اولاد العم صلاح و وضاح. و نشأ هذين الوليدين مع بعض.. و كانا قريبين من بعض.. الا ان صلاح انتهج طريق والده في العمل التجاري .. بينما واصل وضاح طريق الدراسة.. كسائر إخوانه و أبناء عمومته.. و رافقت فترة نضوجه.. حركة سياسية و ثقافية نشطة بفضل النهج الأولي للسلطة في السبعينيات في الاقتراب من الحزب الشيوعي.. و السماح للصحف اليسارية بالانتشار.. و وعى وضاح في بيته.. حيث اخوته و اصدقائه نشطين في العمل السياسي و الجماهيري.. فلحق بهم للعمل الجماهيري و السياسي و هو طالب في الصف الثاني المتوسط في متوسطة الوحدة في مدينة كربلاء.. وواصل بحماس العمل في منظمة اتحاد الطلبة في المدينة.. و صادف في نفس الوقت انتقالنا نحن اخوته الثلاثة للدراسة في بغداد.. فبقى الوالد لوحده.. و هنا طلب مساعدة وضاح.. و سارع إلى المواظبة على الدوام في متجر العائلة و الدراسة و العمل الاتحادي.. و كان الوالد راغبا في أن ينتظر وضاح قليلا.. و يقلل من نشاطه السياسي.. و تعويض ذلك في الإبحار في مكتبة الوالد و قراءة كتبها ليكون له اساس نظري و فكري متينين.. يساعدانه في بناء مواقفه السياسية و العملية لاحقا في الحياة العملية.. و حث الوالد وضاح على قراءة العديد من الكتب الأدبية و التأريخية و السياسية. كما ساعده العمل في متجر الوالد على اللقاء بوجوه المدينة الثقافية و السياسية.. و تعلم من الوالد فن التعامل مع الناس و احترامهم و عدم التعالي عليهم.. و لكن سماء الحياة السياسية في المدينة و العراق قد تلبد.. اول الأمر في أحداث خان النص في ١٩٧٧ و ثم تلتها الهجمة المتوقعة على قواعد و جماهير الحزب الشيوعي في ١٩٧٨.. و لم يبلغ في وقتها وضاح بعد الثامنة عشر.. و لاحقته أجهزة الأمن ناوية اعتقاله و إجباره على توقيع تعهد بترك النشاط السياسي.. و هنا كان موقف وضاح و بدعم من إخوانه و الوالد.. موقفا واضحا من رفض الانصياع لإرهاب السلطة.. و احتضنوه الاقارب و اخفوه في بيوتهم بعيدا عن أعين أجهزة الأمن.. و دعمه حتى الاقارب الذين يعارضون أفكاره السياسية.. و كان امامنا حل سهل.. و هو ترك العراق و الالتحاق بالمجاميع المهاجرة.. و كان هذا حلا سهلا.. و لكنه كان يشكل هروبا من البلد و ترك الساحة فارغة لحزب السلطة.. فكانت بيروت محطتنا الاولى انا و وضاح.. و في بيروت اكتملت شخصيته السياسية و الجماهيرية.. حيث ساعده العمل في المنظمات الفلسطينية في ذلك كثيرا.. و تولدت لديه فكرة العودة للعراق.. و لكنني منعته عنها التزاما بوصية الوالد.. و لرغبتي في أن يكمل تحصيله الدراسي.. و طاوعني في البداية.. و لكنه سرعان ما غافلني و ترك دراسته و حياته الرتيبة و صديقته البيلاروسية و التحق بفصائل الأنصار. و في حركة الأنصار.. استطاع وضاح ان يبني شخصية مؤثرة و محترمة بين رفاقه.. و توالت المهام التي كلف بها.. حتى تحول إلى قائد عسكري ميداني في قاطع اربيل. و كان لديه رغبة شديدة في العمل في منظمات الحزب في الفرات.. و تشكيل نواتات مسلحة هناك.. و لما صارح الرفيق الفقيد ابو يوسف برغبته.. اتهمه الرفيق بأنه يعيش في وهم من الاحلام.. و بعد حملة الأنفال البشعة التي شنت ضد القرى الكردية.. حقق وضاح حلمه في العمل في منظمات الحزب في الداخل.. لقد وصل وضاح إلى المناصب القيادية في الحزب بفضل من كفائته و جهاديته و ارتباطه بالعمل في مواقع النضال الحقيقية. و كما كسب وضاح حب و إسناد العديد من رفاقه.. إلا انه كان هناك عدد من رفاقه قد تضايقوا من نشاطه و اعتبروه انه يأخذ دورا كبيرا داخل الحزب على حساب الرفاق الآخرين.. و اعترض عدد منهم علنيا على تكليف وضاح بمهمة عضوية البرلمان العراقي.. إذ يؤدي هذا إلى تركيز المهام في يده.. و قد كان وضاح يسمع انتقاداتهم بشكل مباشر أو بشكل تآمري من رفاق آخرين.. و مضى وضاح غير آبها بالانتقادات الصارخة.. و كان يقضي ساعات يومه في أداء مهامه الحزبية و السياسية .. متناسيا حتى الاهتمام بعائلته الصغيرة.. و كان يوم الثالث عشر من تشرين الثاني يوما يسجل فيه نهاية حياة وضاح .. بشكل دموي و بشع و حاقد.. و لكن في هذا اليوم ولد وضاح من جديد.. ولد وضاح الاسطورة الخالدة في قلوب رفاقه و محبيه.. وضاح .. انت عائش فينا.. بك نستمد العزم.. و اليك دوما عهدنا بمواصلة مسيرتك..
#كفاح_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
واثق الخطوة .. يمشي ملكا
-
لنضع النقاط على الحروف
-
في مجلس الفاتحة على روح جلال الطالباني
-
الرابطة التي لا تتزعزع
-
ساهر.. صحفي بارع من تلاميذ طريق الشعب
-
في رثاء الشيوعي الاخير في عينكاوة .. سليم بولس
-
ذكريات كربلائية
-
عن الاستفتاء في الاقليم
-
الارهاب يوجه ضربته الغادرة إلى ستوكهولم
-
للخيانة طعم مر
-
مام صالح..نموذج للنقاوة و الوفاء
-
احمد الهاشمي..و ذكريات الزمن الغابر..
-
حاجي جمال..نموذج نادر للإنسان الطيب
-
في ذكرى وضاح
-
ما بعد تحرير الموصل
-
في ذكرى بطلة كربلاء
-
المعركة المصيرية في الحانة الشامية
-
لماذا أحرقت الكرادة
-
من ذاكرة الأيام .. حاجي بختيار
-
وجوه لاتنسى
المزيد.....
-
“اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت
...
-
هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
-
الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة
...
-
مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
-
بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو
...
-
الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة
...
-
الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك
...
-
شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم
...
-
الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|