أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - هشام غصيب - يا ناهض














المزيد.....

يا ناهض


هشام غصيب

الحوار المتمدن-العدد: 5650 - 2017 / 9 / 25 - 13:42
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


يا ناهض. أيها الصديق الصدوق. كان ينبغي أن نحتفي بك في أثناء حياتك، لا بعد مماتك. كان ينبغي أن نحتفي بتميزك وإبداعك، الذي رفع اسم الأردن عالياً في سماء العروبة، وبتحليلاتك الثاقبة وأسلوبك الرشيق المحكم الفريد من نوعه.
لكم كنت يا ناهض مظلوماً في حياتك حتى لحظة اغتيالك الآثم. فتغافل الوسط السياسي والثقافي الأردني عن تميزك وإبداعك ولم يروا في كتاباتك المشرقة سوى حراب تمزق ما اعتادوا علىه من حجب تستر عورات واقعهم المريض. أما أنت، فلم تكن تأبه للاحتفاء والتبجيل لذاتك الشخصية، وإنما كنت تعيش من أجل مشروعك الوطني وكنت لا تطلب أن يحتفى بذاتك، وإنما بمشروعك. ومن هذا المنظور، لطالما احتفيت بالآخرين، بعرار ووصفي وغالب هلسا وتيسير سبول وحسين الطراونة.
لم يكن يهمك يا ناهض سوى البوح بأوضح صورة ممكنة بالحقيقة كما توصلت إليها بجهدك النظري وتحليلاتك البارعة. كنت لا تستطيع أن تقاوم إغراء البوح الصريح بالحقيقة. وكنت لا تقيم اعتباراً لأي شيء أخر. فلم تكن تعنيك الشهرة ولا كنت تقيم اعتباراً لوقع كلماتك الحارقة على المتنفذين الذين كنت تعريهم وتزيل الحجب عن واقعهم المريض. لكن غالبية الناس لا يتحملون وهج الحقيقة وينقمون على من يبوح بها ومن يمزق حجبهم وسترهم. فتلك أفيونهم ومصدر راحة بالهم. أما أنت، فكنت تدرك ذلك جيداً، لكن إغراء البوح بالحقيقة كان طاغياً فتعرضت مراراً وتكراراً للأذى الجسدي والمعنوي حتى تمكنت يد الغدر الآثمة من اغتيالك. وبدلاً من أن يحتفوا بإبداعك الفريد، قتلوك واغتالوك. وبلغ الظلم مداه حين لفقوا لك تهمة لا تمت بصلة إليك وإلى مسيرتك الفكرية النضالية. وقاموا إثرها بحملة تشهير ظالمة كاذبة مهدت السبيل لاغتيالك الجبان.
ظُلمت كثيراً، لكنك لم تطلب يوماً الإنصاف لأنك كنت فدائياً ومشروع شهيد منذ بداية مسيرتك.
لقد كنت يا ناهض صلب الموقف والهدف، لكنك كنت مرن الفكر، بعكس كثير من القوى السياسية، التي تتسم بميوعة الموقف وتكلس الفكر. لقد كان هدفك ينبع من التراث التقدمي. إذ كنت تسعى إلى الاستقلال الوطني والتحرر والتنمية من أجل الغالبية الكادحة. كنت تسعى دوماً إلى مقارعة الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية. لكنك كنت مرناً في استعمال أدواتك الفكرية. فكنت لا تقصرها على تراث واحد، وإنما كنت مستعداً للجوء إلى تراثات متعددة. صحيح أن جل أدواتك كانت ماركسية، لكنك كنت مستعداً لأن تستمد بعض أدواتك من التراث الشعبي الأردني ومن التراث الخلدوني ومن فكر أنطون سعادة. المهم لديك كان الإنجاز على درب التغيير المطلوب. ولذلك لم تكل ولم تمل في سعيك الدؤوب إلى التجريب المتواصل. فإذا أوصلتك أدواتك إلى طريق مسدودة، سارعت إلى مراجعتها وإعادة النظر فيها وتعديلها بما يعيد الألق إليها ويفتح آفاق جديدة للتغيير. لم تكن تبغي الراحة ولم تنم وتربض على أفكارك، وإنما تحركت باستمرار من اجل فتح ثغرات في جسد الواقع المتكلس. وأساء فهمه الكثيرون، فظنوا أن هذا التجريب الدؤوب هو نوع من عدم الثبات في الموقف والهدف. لكن عقلهم السكوني حال دون فهمهم وتقديرهم لدينامية فكرك وفعلك.
لقد ظلمت يا ناهض في حياتك حتى الرمق الأخير. لكن ذلك لم يثنك عن إصرارك على نهجك ومشروعك الوطني، لأنك أبيت أن تذيب مشروعك في ذاتك، كما يفعل الكثيرون، وإنما أذبت ذاتك في مشروعك الوطني، لأنك كنت دائماً طالب شهادة، لا طالب تبجيل وتمجيد واحتفاء. كنت فريداً ونادراً في بيئة بليدة ترفض التميز والفرادة وتعشق ثقافة القطيع.
لقد رحلت يا ناهض تاركاً وراءك فراغاً مظلماً بارداً لا يملأ. يا للخسارة الفادحة. يا للخسارة الفادحة. ويا للعار. يا للعار.



#هشام_غصيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة والهوية الوطنية
- المغزى النهضوي للفلسفة
- أهمية الفلسفة في انتاج المعرفة، مقتطفات من كتاب جدل الوعي ال ...
- قراءة فلسفية لدستويفسكي
- عن الثورة والثورة المضادّة ودور الشيوعيين
- تأملات في الثورة العربية
- مقولات لينينية - قراءة في كتاب ” الدولة والثورة” للينين
- شرح “مبادىء الشيوعية” لفريدريش إنغلز - 1847
- شرح “أطروحات حول فويرباخ” لكارل ماركس (1845)
- ملاحظات حول فلسفة نيتشه
- راهنية لينين - الجزء الأول
- محنة الثقافة العربية الراهنة
- قضية تحرر المرأة العربية
- اليسار الأردني: من أين وإلى أين؟
- اليسار والثورة
- نظرية النسبية العامة
- مولد النجوم البدائية
- مادة الشمس وطاقتها
- درب العلم
- لغز الطاقة الشمسية


المزيد.....




- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - هشام غصيب - يا ناهض