|
في حوار حول الثقافة والأدب والسياسية في الصين
محمد عبد الرحمن يونس
الحوار المتمدن-العدد: 1427 - 2006 / 1 / 11 - 11:07
المحور:
الادب والفن
مقابلة مع الأستاذ محمد نمر عبد الكريم محاضر في جامعة بكين أجرى المقابلة د. محمد عبد الرحمن يونس محاضر في جامعة الدراسات الأجنبية ببكّين يسعدنا أن نقدّم الأستاذ الأديب والمترجم محمد عبد الكريم الذي أثرى المكتبة العربية بترجمات عديدة من الأدب الصيني إلى الأدب العربي، شعراً وقصّة ورواية ومسرحيّة، وهو يعرف آفاق الثقافة الصينيّة جيداً، ويعرف الأحوال الاجتماعيّة والسياسيّة في الصين، وعلاقاتها الدوليّة، ونظمها المختلفة، كونه عاش وقتاً طويلاً في الصين، يتضمّن أهمّ مراحل انتقال المجتمع الصيني من مرحلة سياسيّة وثقافيّة إلى مرحلة أخرى مغايرة. وقد عاش في مدينة بكين أكثر من ثلاث عشر سنة. وقد رافق مسيرة الصين والتحوّلات التي جرت فيها. عمل خبيراً للغة العربيّة في دار النشر باللغات الأجنبيّة ببكين، ومن خلال عمله هذا قام بمعظم الترجمات إلى اللغة العربيّة، ثمّ حاضر في معهد الصحافة ببكين، ثمّ جامعة الدراسات الأجنبيّة ببكين، ثم انتقل إلى جامعة بكّين، وعمل فيها، ولا يزال يعمل أستاذاً لمادة اللغة العربية وآدابها، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه، وقد أجريت معه هذه المقابلة في بكين، ووجّهت له الأسئلة التالية:
س- متى كانت بدياتك الأولى في الصين؟ ج- قدمت إلى الصين أول مرة سنة 1975، في أواخر أكتوبر على وجه التحديد، موفداً من قبل منظمة التحرير الفلسطينية. ويومها لم يكن لأجنبي أن يدخل الصين-صين ماوتسي تونغ- للعمل فيها إلا بتزكية من حزب شيوعي أو اشتراكي أو منظمة ثورية. أما اليوم فلم يعد هذا الشرط مطلوباً، لذلك تجد فيها من الأجانب ما هبّ ودبّ. مكثت في الصين ما يقرب من ست سنوات. ثم عدت إلى عملي في سورية، وكان ذلك في مارس سنة 1981م؛ وبعد ست سنوات عدت إلى الصين ثانية عام 1987م، فمكثت ست سنوات أخرى، ورجعت إلى سورية في أواخر يوليو سنة 1993م. وهذه هي المرة الثالثة التي أعود فيها إلى الصين في أوائل سبتمبر من العام الماضي 2000م، وما زلت على رأس عملي في جامعة بكين محاضراً في كلية اللغات الشرقية -قسم اللغة العربية. س- أرجو أن تذكر أهم التباينات التي لاحظتها من خلال معايشتك لهذه المراحل الثلاث. ج- كانت الصين في السبعينيات ما تزال منغلقة، وكانت تشهد أواخر الثورة الثقافية التي شنها الرئيس ماوتسي تونغ، الاجتماعات الحزبية حينذاك مكثفة، إلى جانب حملات النقد والنقد الذاتي. وكنا نحن الأجانب العاملين في الصين ندعى لحضور حملات النقد هذه. وما زلت أذكر آخر حملة شنها الرئيس ماوتسي تونغ ضد دينغ شياو بينغ. فقد دعينا يومها إلى جامعة بكين لنقرأ الملصقات واللافتات التي تغطي جدران الجامعة حاملة عبارات النقد الشديد لآراء دينغ شياو بينغ، وأبرزها مقولته » لا فرق بين القط الأبيض والأسود ما دام كل منهما قادر على اصطياد الفأر«. كان المجتمع الصيني في تلك الفترة يمثِّل مجتمع القيم والفضائل: احترام للأجانب ليس له مثيل. إذا صعد أحدنا الباص العام وقف له أكثر من ثلاثة أشخاص ليجلس مكان أي منهم. وكم كنت أشعر بالحرج حين أجد امرأة صينية أكبر مني سناً تقف لي لأجلس محلها! وإذا أبيت الجلوس، تظل هي واقفة ويظل المقعد خالياً. كان مجتمعاً نظيفاً يكاد يخلو من السلبيات؛ فلا سرقات ولا غش ولا خداع، ولا اعتداءات ولا مشاجرات، ولا وجود لأي مظهر من مظاهر الفساد المعروف في بقية عواصم العالم. والمرأة لم يكن مسموحاً لها بالتبذل.. حتى الماكياج ما كنا نراه على وجه أي امرأة أو فتاة صينية. أما اليوم فالمرأة الصينية تنافس بنات جنسها في كل مكان في العالم في لبس أحدث الأزياء العالمية واستخدام العطور ومختلف أدوات الزينة. لقد انقلب المجتمع الصيني اليوم رأساً على عقب من حيث الأخلاقيات والمثاليات، وكثرت السلبيات إلى حد طغى على الإيجابيات. ومع آخر السبعينيات بدأت سياسة الإصلاح والانفتاح، وبدأت التغيرات تأخذ مجراها في الأوضاع الصينية عموماً وعلى مختلف الصعد. فالاقتصاد المطبق اليوم هو اقتصاد السوق. وهذا الانفتاح الاقتصادي الواسع كان لابد أن ترافقه سلبيات كثيرة، شأن الصين في ذلك شأن معظم بلدان العالم. كان الأوروبيون، يوم جئت الصين أول مرة، يدعون بكين " قرية كبيرة " وفعلاً كانت يومها تستحق هذه التسمية؛ فكيفما اتجهت وأنّى نظرت، تجد أمامك امتدادات هائلة من السهول المزروعة والأشجار الكثيفة المتعانقة. المباني السكنية بسيطة وقميئة وباهتة وبائسة، والأسواق التجارية ضئيلة جداً. أما المباني الرئيسية الكبيرة فكانت تعدُّ على أصابع اليد. ولم يكن في بكين مبنى أعلى من فندق بكين المكوّن من ستة عشر دوراً. وهناك قاعة الشعب الكبرى المطلة على ميدان تيان آن من ويقابلها من الجهة الشرقية متحف التاريخ، وهناك أيضاً المتحف العسكري في غربي المدينة، ومتحف القوميات في وسطها، وأبرز شارع فيها هو شارع السلام الدائم الذي يشق العاصمة من الشرق إلى الغرب على امتداد ثلاثين كيلومتراً، وقد سمعت أن طوله اليوم تجاوز الأربعين كيلومتراً. أما انخفاض البيوت السكنية في العاصمة فكان مرده إلى تحريم الإمبراطور في الصين القديمة أن يرتفع في العاصمة بناء يتجاوز في علوّه مستوى القصر الإمبراطوري. وفي هذه المرة الثالثة التي عدت فيها إلى بكين أذهلني ما رأيته فيها من نهضة عمرانية هائلة، ورحت أسأل نفسي: هل هذه بكين التي عشت فيها حوالي اثنتي عشرة سنة؟! أين هي اليوم من اللقب الذي كان يطلق عليها قبل عقد ونيّف من الزمن " بكين قرية كبيرة "؟! . إن بكين اليوم تتقدم بخطى حثيثة لتضاهي عواصم العالم المشهورة. س- من خلال مسايرتك لهذا التحوّل، هل ترى فيه تحوّلاً إيجابياً أم سلبياً، وإلى ماذا سيؤدي هذا التحوّل في نهاية المطاف؟. ج- أما عن هذا التحول الذي جرى وما زال يجري في الصين، فهو يضمّ في جوانبه كثيراً من الإيجابيات والسلبيات في آن معاً. فمن الجانب العقيدي، والصين كما تعرف دولة عقائدية، أجدها في تحولها الجديد تتباعد شيئاً فشيئاً عن التماسك العقيدي، والتركيز من قادة الدولة منصب على تقوية الاقتصاد أولاً ولو كان على حساب البني الحزبية والعقائدية. في الواقع هناك سلبيات كثيرة، ولكن هل تشكل هذه السلبيات اليوم خطراً على مستقبل الصين؟ الذي أراه أن اقتصاد الصين قوي جداً، ولعله بعد زمن غير طويل سيكون الاقتصاد الأعظم في العالم، وقبضة السلطة فولاذية، والحكم في غاية التماسك، والقادة في معظمهم متمرسون، ويضعون مصلحة الدولة في المقام الأول. ومن هنا أقول إن الوضع عامة يبعث على التفاؤل، ولن يكون لتلك السلبيات خطر يذكر.. ولعلّي أرى الصين بعد سنوات في مقدمة الدول العظمى. س- :لاحظت أنّ ثمّة شعوراً بالاندهاش والاستلاب عند الصينيين أمام الأجانب الأوروبيين، وبخاصّة تجاه الأمريكيين، في حين نجد عند الصينيين نظرة استعلاء وعجرفة نحو أبناء العالم الثالث. دعنا نتحدّث عن هذا الشعور، وعن هذه النظرة. ج-: الغربيون، والأمريكيون منهم بوجه خاص، يمثّلون الإنسان السوبّر في نظر الصينيين، لاسيما جيل اليوم . فلا عجب أن ترى هذا الاندهاش من الصينيين تجاه الأوروبيين، وهذا التضاؤل أمام الأمريكيين بل اسمح لي أن أستخدم هذه العبارة السوقية، ألا وهي شعورهم بالإنبطاحية أمام الأمريكي. فالأمريكي في نظرهم هو الأقوى والأغنى، وهو الأفهم والأجمل، ويحلم أبناء هذا الجيل اليوم أن يبلغوا المستوى الشاهق والذي يحتله الأمريكي، أي أمريكي يرون، متجاهلين كل ما لدى هذا الأمريكي من سلبيات. أمَّا ما أشرت إليه من نظرة الاستعلاء تجاه أبناء العالم الثالث، فهذا في تقديري نابع من شعورهم بأنهم تجاوزوا المرحلة التي كانوا يعتبرون فيها بلدهم واحداً من بلدان العالم الثالث، بل يرون أنهم يقفون، أو قل يزاحمون بلدان العالم الثاني وبقوة. وهذا الشعور يجعلني أخشى أن يفقد الصينيون طيبتهم وتواضعهم إذا ما بلغوا الهدف المنشود.. الصين دولة عظمى.. س-: حبّذا أن تحدّثنا عن طبيعة عملك في بكين خلال المرحلتين الأوليين اللتين أشرت إليهما. ج-: معذرة يا صديقي الكريم، كان علي من البداية أن أحدثك عن ماهية عملي في بكين. جئت إلى الصين مع زملاء ثلاثة، وجميعنا موفدون كما ذكرت لك –من منظمة التحرير الفلسطينية لنعمل خبراء لغة عربية في المؤسسات الإعلامية في بكين. لذلك جئنا ونحن لا نعرف أين سيعمل كل منا على وجه التحديد. ولدى وصولنا علمت من الصينيين الذين استقبلونا في المطار أنني سأعمل في " دار النشر باللغات الأجنبية-بكين "، وعيّن الزملاء الآخرون في مجلتي الصين المصورة وبكين الأسبوعية، وهذه الأخيرة توقفت عن الصدور بالعربية بعد سنتين من العمل. وسألت الصينيين في قسم العربية بدار النشر عن كيفية توزيعنا على الأقسام أو المجلات، فقالوا لي إن المسؤولين أخذوا بعين الاعتبار مستوى كل منا باللغة الإنكليزية، ولما وجدوا من خلال المعلومات المذكورة في إضبارة كل منا أنني أتقن اللغة الإنكيزية، عملوا على تعييني في دار النشر حيث يتطلب العمل هناك الترجمة من الإنكليزية إلى العربية. كان عملي في الدار يشمل أول ما يشمل تنقيح وتهذيب الترجمة العربية عن الصينية التي يقوم بها بضعة عشر زميل صيني، يوزع الكتاب إلى فصول بينهم، وكلما انتهى أحدهم من ترجمة القسم المخصص له جاءني به لأقوم بتنقيح هذه الترجمة. وطبعاً كانت مستوياتهم في الترجمة متفاوتة، منها الجيد ومنها الرديء، وهذا ما جعل مهمة التنقيح مهمة عسيرة. أما المهمة الثانية من عملي فهي الترجمة، ترجمة الكتب الأدبية والتاريخية والسياسية والجغرافية والإعلامية، عن الإنكليزية كما ذكرت لك. أما المهمة الثالثة فهي إعطاء المترجمين في الدار محاضرات في اللغة العربية، تتناول أساليب اللغة، والأخطاء المتكررة لديهم. والغاية من هذه المحاضرات تحسين مستواهم في اللغة العربية عموماً وفي الترجمة خصوصاً. وهناك مهمة رابعة وهي قراءة الكتاب بعد تصحيحه وضربه مجدداً على الآلة الكاتبة –اليوم يستخدم الكومبيوتر- على ورق سميك نوعاً ما. ثم أقرأ الكتاب مرة ثالثة بعد عودته من المطبعة.. الطبعة قبل الزرقاء. هذا العمل يا أخي أتاح لي أن أقرأ الكثير الكثير عن الصين القديمة والحديثة.. كتباً كثيرة العدد والتنوع. س- هل كان قدومك إلى الصين في المرتين الثانية والثالثة من قبل منظمة التحرير أيضاً؟ ج- قدومي إلى الصين في المرة الثانية كان من خلال العلاقة الحميمة بيني وبين الزملاء الصينيين المترجمين في دار النشر، ومن خلال الأثر الطيب الذي تركته لدى المسؤولين في الدار، فقد كانوا راضين عن عملي كل الرضى، لذلك ما إن ألمحت إليهم برغبتي في العودة إلى العمل في الصين حتى رحبت بي مصلحة شؤون الخبراء الأجانب أشد الترحيب. هذه المصلحة هي الإدارة العليا في الصين المسؤولة عن استقدام الخبراء الأجانب بمختلف التخصصات العلمية والأدبية والتكنولوجية. ولديها صورة واضحة عن مسلكية وعمل كل خبير أجنبي في الصين. وجهات العمل هي بالطبع التي تزوّد المصلحة بهذه الصور والإنطباعات. خلال عملي في المرة الأولى قمت بإعطاء دروس في معهد الصحافة، كما عملت عدة أشهر في تنقيح مقالات مجلة "بناء الصين" سابقاً التي أصبح اسمها " الصين اليوم " وكانت هذه تدعى الأعمال الجانبية مجانية في ذلك الوقت، إذ لم يكن قد ظهر بعد نظام العمل الإضافي. أما هذه المرة فقد جئت بدعوة من جامعة بكين للعمل فيها محاضراً في علوم اللغة العربية وآدابها، نفس العمل الذي تقومون به في جامعتكم جامعة الدراسات الأجنبية ببكين. وكنت في المرة الثانية التي حضرت فيها إلى الصين قد عملت في جامعتكم المذكورة على مدى سنتين متتاليتين أعطي محاضرتين كل أسبوع واحدة في علوم اللغة لطلاب الماجستير، والأخرى محاضرة عامة في مواضيع مختلفة كانت تسجل على جهاز الفيديو -بالصوت والصورة- ليعاد عرضها على الطلبة مرات متعددة يتدربون خلالها على الفهم والاستيعاب تحت إشراف أساتذة صينيين. س-: أرجو أن تذكر لنا أهمّ الكتب التي ترجمتها في مجال الثقافة الصينية؟ ج- إن فترة اثنتي عشرة سنة من العمل في مجال التنقيح والترجمة ليست بالمدة القصيرة كما ترى أيها الأخ الكريم. فخلالها نقحت وترجمت الكثير من الكتب. والتنقيح هنا في واقع الأمر إعادة صياغة جديدة للكتاب ، ومختلف كل الاختلاف عما هو عليه الحال في دور النشر العربية. أما من حيث الترجمة فقد قمت بترجمة العديد من الكتب التي كانت تأتيني تباعاً من المسؤولين في الدار. ومن أسف أنه لم تكن لي حرية اختيار الكتاب الذي يترجم، فهناك كتب قيمة وددت كثيراً لو يطلبون مني ترجمتها، لكن اختيار الكتب يكون ضمن خطة تضعها القيادة العليا للدار. ولم يكن الوقت يسمح لي بترجمة ما أريد من تلقاء نفسي، فالعمل كان مكثفاً ومتواصلاً لا ينقطع. ومن أهم الكتب التي ترجمتها خلال عملي في دار النشر مجموعة قصصية بعنوان » ديدان القز الربيعية وقصص أخرى « لكاتب صيني شهير يدعى ماو دون، ورواية بعنوان »الأسرة« للروائي الصيني الكبير باجين، ورواية »الجمل شيانغي« للكاتب لاوتسي، وهي من الروايات المشهورة. كما ترجمت مسرحية من خمسة فصول بعنوان » تشيوي يوان « ، وهو اسم وزير في الصين القديمة قبل ما يقرب من ألفي سنة. وهذه المسرحية تحكي قصة حياته وكيف انتهى منتحراً حين عجز عن إصلاح الفساد ودفع الظلم اللذين سادا في عصره. أما صاحب هذه المسرحية فهو الروائي والشاعر الأكثر شهرة في الصين كوموجو، وهو كاتب ثوري لامع من جيل ماوتسي تونغ وأحد المقربين إليه. وهناك كتاب على جانب كبير من الأهمية، كتاب يقع في مجلدين يحكي سيرة حياة آخر إمبراطور في الصين-الإمبراطور بويي، والكتب بعنوان » من إمبراطور إلى مواطن« كتبه الإمبرطور بنفسه بعد أن تحول إلى مواطن عادي. وإلى جانب هذا الكتاب ترجمت ديوان شعر للرئيس ماو بعنوان » قصائد ماوتسي تونغ «. ومن أكثر الكتب التي ترجمتها شهرةً رواية قديمة تقع في ثلاثة مجلدات كبيرة من القطع الكبير، هي رواية »حلم القصور الحمراء. « . لكنني لم أترجم هذه المجلدات الثلاثة الكبيرة، بل كلفتني الدار بترجمة النسخة المختصرة عن هذه الرواية الكبيرة والتي صدرت في كتابين من الحجم المتوسط. هذا إلى جانب سلسلة من الكتب التاريخية الهامة التي تناولت مراحل تاريخ الصين القديم والحديث. س-: ما هي أهم الصعوبات التي وجدتها وأنت تترجم الأدب الصيني؟ ج- أكثر ما كنت أعانيه في الترجمة هو كتابة الأسماء الصينية بالعربية، سواء منها أسماء الأشخاص أو أسماء المواقع. كانت هذه مشكلة بالنسبة لي. وكنت كلما اعترضني اسم عمدت إلى سؤال زملائي الصينيين داخل القسم عن كيفية كتابته. وفيما بعد ظهر كتيب يضم الترجمة الصوتية بالعربية للمقاطع الصينية المكتوبة بالأحرف اللاتينية، هذه المقاطع المستخدمة في أكثر أسماء الأعلام تداولاً. وإذا ما استثنيت هذه الصعوبة، فليست هناك من صعوبة تذكر. س- من هم أهم الأدباء المرموقين في الأدب الصيني والذين تأثرت بهم؟ ج- إن أبرز الأدباء الصينيين هم أولئك الذين أشرت إلى أسمائهم قبل قليل حين تحدثت عن أهم الكتب التي ترجمتها. ولعلّ باجين يأتي في طليعة الأدباء الذين أعجبت بهم أشد الإعجاب. يرى المثقفون الصينيون من دارسي اللغة العربية في هذا الأديب نجيب محفوظ الصين. وهو بحق يقترب في ملامحه الروائية من نجيب محفوظ، ويعمد في رواياته إلى تناول شرائح المجتمع الصيني بطبقاته المختلفة، فيسبر غورها، ويكشف عما فيها من سلبيات وإيجابيات بأسلوب الناقد الكبير. ففي روايته الأسرة يتناول أسرة إقطاعية برجوازية كبيرة تمثل هذه الطبقة الواسعة التي ظلت موجودة إلى عهد قريب قبل تحرير الصين؛ ويقدّم صورة واضحة كل الوضوح عن شخصية الجد بوصفه عميد هذه الأسرة، هذه الشخصية الطاغية المستبدة المتحكمة بمصائر سائر أفراد الأسرة الآخرين.. الأب والأم والأولاد جميعاً، وزوجة الولد الأكبر. الجميع يقفون أمامه في كامل الخشوع، ويقدمون فروض الطاعة والولاء كل صباح ومساء. لا يغادر أي من أفراد الأسرة المنزل، ذلك المربع السكني الكبير، الذي يعد نموذجاً لقصور تلك الطبقة، إلا ويمر به، ولا يعود من الخارج إلا ويعرّج على هذا الجد أولاً فينحني أمامه بخشوع تلك الانحناءة المفروضة، مصغياً باهتمام إلى ما قد يصدر من تعليمات جديدة عن هذا الجد، ثم نجد الولد الأصغر بين الشبان الثلاثة في هذه الأسرة يمثّل نزعة التمرد على شخصية الجد الطاغية، ويجعله الكاتب نموذجاً للجيل الجديد من شباب الصين في ذلك الوقت، هذا الجيل الذي أخذ يثور شيئاً فشيئاً على عادات وتقاليد وأخلاقيات تلك الفترة، وهي عادات وتقاليد لها ارتباطها بشيء من التعاليم البوذية والكونفوشية،(نسبة إلى كونفوشيوس)، إلى جانب تأثرها بالمعتقدات الخرافية. إن القارئ لهذه الرواية يجد نفسه أمام أديب عملاق واسع الثقافة، خبر مختلف فئات وطبقات المجتمع الصيني في عصره، وقدّمها بمنتهى الدقة والإحكام، وجعلك تنشدّ إلى شخوص روايته وتتفاعل معها، فتفرح لفرحها، ويعتصر قلبك الحزن والألم وأنت تشهد النهايات المأساوية لبعض هذه الشخصيات. ومن الكتب الأخرى التي هزتني قراءتها مسرحية » تشيوي يوان « للكاتب الكبير كوموجو. وأكثر ما كان يزعجني وأنا أترجم مثل هذه الروائع من الأدب الصيني أن أفاجأ بكتاب أو بفصول من كتاب يُطلب مني تنقيحه، فيضطرني هذا إلى التوقف عن متابعة أحداث الكتاب الذي أترجمه لألتفت إلى تنقيح الكتاب الجديد. مثل هذا التوقف المفاجئ عن الترجمة كان يزعجني أيما إزعاج. و قبيل مغادرتي دار النشر سنة 1993م قمت بتنقيح رواية من جزءين بعنوان » عاشق اليشم « لكاتبة صينية مسلمة من شيجيانغ . وقد شدتني هذه الرواية كثيراً بأسلوبها الرائع وأحداثها الشيقة. والكاتبة معاصرة ومن جيل الكتاب الجدد، وقد وقعت في هذه الرواية على بعض المغالطات في الطقوس والشعائر الدينية الإسلامية، فطلبت اللقاء بالكاتبة لأناقشها في هذه الأمور وأصحح لها ما وقعت فيه من مغالطات في وصفها لبعض الشعائر والعادات الدينية، وحصلت على موعد لهذا اللقاء، ولكنها شغلتْ فجأة في اليوم المحدد للقاء، فلم يتيسّر لي مقابلتها بعد ذلك إذ غادرت الصين بعد وقت قصير. س-: إنّ الثقافة الصينيّة التقليديّة وبخاصة أفكار كونفوشيوس وتعاليمه كان لها أثر كبير في أخلاقيات المجتمع الصيني وأدبياته الإنسانية. وقد لاحظت من خلال تعاملي مع أبناء الصين اليوم تلاشي هذه الأخلاقيات، وتكريس أخلاقيات السلعة والمال والثقافة السطحيّة وثقافة الهمبورغر بدلاً منها. دعنا نتحدّث عن هذه الظاهرة. ج- مع تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح وما رافقها من تطوّر سريع في الاقتصاد وغيره من الميادين ظهرت في المجتمع الصيني سلوكيات وأخلاقيات جديدة مغايرة تماماً لتلك التي عاش عليها الصينيون سنين طويلة. ولقد أشرت سابقاً إلى أن المجتمع الصيني كان مجتمعاً فاضلاً، وقد ظل يتّسم بهذه السمة من أوائل الخمسينيات إلى أوائل الثمانينيات. وعلى الرغم من أن الثورة الثقافية التي شنها ماوتسي تونغ قد نقدت بشدة أفكار كونفوشيوس وتعاليمه، وهاجمتها أشد الهجوم، إلا أنها ظلّت موضع احترام وتقدير كبيرين من جيل تلك الفترة. ولا يخفي ما كان لسياسات ماوتسي تونغ المعنية بالقيم والمثل والانضباط السلوكي من أثر بالغ على المجتمع الصيني بمختلف فئاته، مما جعله بحق جديراً بصفة » مجتمع فاضل « ،هذه الصفة التي لمسناها نحن الأجانب في أواخر عهد ماوتسي تونغ. ثم جاءت القيادة الجديدة بعد أفول العهد الماوي وأخذت تصحح وعلى نطاق شديد الاتساع ما أسمته تخريبات الثورة الثقافية. وكان أن تراخت في تطبيق المفاهيم الأخلاقية التي حرص ماوتسي تونغ على فرضها وتعزيزها طوال مسيرة حكمه. ومن ذلك الوقت بدأت تظهر سلوكيات تدعونا نحن الأجانب إلى العجب والدهشة. وكان أول ما لمسناه من سلبيات انتشار السرقة وحوادث الغش في البيع، ثم الغلاء النسبي حيث أخذت الأسعار ترتفع شيئاً فشيئاً، ثم اختلاف سعر السلعة من مكان إلى آخر ثم تراخي الموظفين في أداء أعمالهم. ثم ظهرت بدايات عناية النساء بالأزياء الحديثة، وحرص المرأة على إظهار محاسنها. وفوجئنا كذلك بظهور حفلات رقص وغناء تختلف اختلافاً كبيراً عن الحفلات السابقة التي كان الرقص فيها شبيهاً بأداء الحركات الرياضية وبعيداً عن أي مظهر من مظاهر الميوعة الأنثوية. ومع الانطلاق في سياسة الإصلاح والانفتاح بدأت السلبيات الكبيرة تتفشى في هذا المجتمع. وبوسعك اليوم يا صديقي العزيز أن تجد في هذا المجتمع الذي كان يوماً مجتمعاً اشتراكياً، بوسعك أن تجد فيه تبايناً هائلاً بين طبقات ثلاث: طبقة ذات ثراء فاحش ،تملك الأسرة فيها أكثر من سيارة فاخرة من أحدث الموديلات العالمية، وأكثر من شقة كذلك، وشركة كبيرة يديرها ويملكها طبعاً الزوج أو الزوجة في هذه الأسرة، إلى جانب حساب كبير في البنك. وأفراد هذه الأسر يرتادون يومياً أشهر وأحدث المطاعم والفنادق والملاهي الليلية، وينفقون على موائد القمار ومستلزماتها ما يكفي لإعالة أسر، لا أسرة واحدة، من الطبقة الصينية الفقيرة سنة بطولها. وتجد هناك طبقة متوسطة هي طبقة موظفي الدولة ومن في مستواهم من الحرفيين وأصحاب الأعمال الحرة والموظفين الصغار في الشركات الخاصة. ثم تجد طبقة فقيرة معدمة، كثير من أبنائها يتسوّلون في الطرقات وينامون على الأرصفة صيفاً، وتلجأ الكثير من فتياتها إلى امتهان الدعارة وسيلة لكسب المعيشة. في مجتمع طبقي كهذا طبيعي أن تتراجع الفضائل والمثل لتحلّ محلها المفاسد والرذائل على اختلاف أنواعها. وطبيعي كذلك أن تجد جيلاً جديداً موتوراً شُوِهت نظرته إلى الحياة، فلا يستميله فيها إلا كلّ سطحي ورخيص، جيلاً مستلباً كما سبق لك أن وصفته، يلهث وراء المظاهر الجوفاء، فيحرص على ارتياد مواقع » الكنتكي و المكدونالدز« ،ولا يسمع من الأغاني والموسيقى إلا كلّ ما هو تافه. والمرأة من هذا الجيل تحرص على جرّ كلب خلفها من هذه الكلاب الثمينة المستوردة من الخارج مع مختلف أدوات الزينة والماكياج. س-: الرواية ملحمة العصر، وهي عمل فني معقّد، وهي، الجنس الأدبي الأول من بين الأجناس الأدبيّة الأكثر انتشاراً في العالم. دعنا نتحدّث عن الرواية في الصين، وما هي أهمّ الروايات التي شدّتك، وما هي أهمّ مضامينها الفكريّة والإنسانيّة؟ ج- أظنني استطردت لدى إجابتي عن سؤال سابق، فأجبت من خلاله عن معظم سؤالك الحالي. إذاو كان لي أن أضيف فأودّ أن أزيد القراء معرفة بالكاتب الروائي الكبير باجين، هذا الذي يضعه معظم المثقفين الصينيين مقابلاً لنجيب محفوظ كما سبق وأشرت، وأن كان الخير أكثر شهرة خصوصاً بعد منحه جائزة نوبل. يوشك باجين أن ينهي العقد التاسع من العمر، فهو من مواليد 1904م، ولذا فإنه يكبر نجيب محفوظ بثلاثة عشر عاماً. وهو الآن ملازم بيته في شانغهاي، وقد توقف عن الكتابة كلياً. أما روايته » الأسرة « فهي أولى ثلاثيته المشهورة » الأسرة ،الربيع، الخريف « وهذه الثلاثية تذكّرنا طبعاً بثلاثية نجيب محفوظ » بين القصرين، قصر الشوق، السكرية « ولباجين ثلاثية أخرى جعل من الحب موضوعاً رئيسياً لها وهي » الضباب، المطر، البرق « ،وباجين في سائر أعماله يقدّم للقراء صوراً واقعية ومشاهد حيّة مؤثرة للمجتمع الصيني من مختلف جوانبه، ويركّز بشكل ملحوظ على فترة ما قبل تحرير الصين؛ فيعرض لما يعانيه الفقراء المعدمون من جوع وبؤس وحرمان، وهؤلاء يشكّلون السواد الأعظم من المجتمع الصيني. كما يصوّر ما تعانيه طبقة الخدم والحظايا من ظلم واضطهاد وابتزاز جسدي على أيدي أبناء الطبقة البرجوازية الكبيرة. كنت قد أشرت إلى رواية الجمل شيانغسي للكاتب لا وتسي التي ترجمتها قبل عشرين سنة. وللأسف لن تسعفني الذاكرة فأستعيد موضوعها، وليس بين يدي نسخة أعود إليها، وهذا شأن جميع الكتب التي ترجمتها منذ وقت طويل. وتجدر الإشارة هنا إلى أن لهذا الكاتب رواية أخرى بعنوان « أربعة أجيال تحت سقف واحد »، تعتبر من الروايات الذائعة الصيت في أوساط المثقفين الصينيين. ولئن كان السؤال يركز على الرواية، فإني أود الخروج عن مضمون السؤال لأشير إلى قصّاص صيني شهير لا يصح أبداً أن أغفل ذكره مادام الحديث يتناول الأدب الصيني. وإنه لمن سوء حظي أن لم تتح لي الفرصة لترجمة أي من أعمال هذا القصاص والمترجم والناقد والأديب الكبير » لوشيون « صاحب القصة الواسعة الشهرة » قصة آكيو الحقيقية « التي تعدّ سيرة ذاتية لتلك الشخصية المسماة » آكيو «. ولهذا الأديب قصة أخرى لا تقل شهرة عن قصة آكيو، وهي » يوميات مجنون «، وأظنها باكورة أعماله. س12- في الصين مصطلح يعرفه جميع الصينيين المعاصرين، ويطلقونه دلالة على الفساد الاجتماعي الكبير الموجود في الصين، وبخاصّة على التسيّب والانفلات الجنسي داخل الأسرة الصينية. وهو مصطلح » الأفلام الصفراء «، ويعني هذا المصطلح تعاطي الحشيش والمخدّرات التي انتشرت بشكل مذهل في الصين في الفترة الأخيرة. دعنا نتحدث عن هذه الظاهرة؟ ج- أمّا » الأفلام الصفراء « والتي يقصد بها أفلام الجنس عموماً، فقد أصبحت ظاهرة واسعة الانتشار في بكين وسائر المدن الصينية الأخرى، ويكثر ترويجها في الأماكن التي يرتادها الأجانب أو قل في أماكن تواجدهم بشكل عام، وفي كثير من شوارع الأحياء الدبلوماسية داخل العاصمة بكين. والمذهل في هذا الأمر أن تجد فتيات كالأزهار في أول تفتحهن يعرضن عليك مثل هذه الأفلام الساقطة وبإلحاح لافت للنظر. ومنهن من تتجه إليك مسرعة بمجرد أن يقع نظرها عليك لتسألك إن كنت تريد فتاة تجري لك مسّاجاً، وهذا واحد من الأساليب الكثيرة المتبعة في تجارة البغاء. وهنا تقفز إلى ذهني صورة المجتمع السابق.. كيف كان؟!.. وكيف أصبح؟! إن البون شاسع، والفرق هائل. أين ذلك المجتمع الصيني الأمثل من هذا الذي يمر اليوم بشتى المفاسد والموبقات؟! ولست ادري حقاً هل هي ضريبة يجب أن يتكبّدها كلّ مجتمع يسير على طريق التطور الاقتصادي؟ أم أن هذا رهن بنوع خاص من المجتمعات؟ إن المتتبع لنشرات الأخبار الصينية في القنوات التلفزيونية يطّلع كل يوم تقريباً على حالات لا حصر لها من مداهمة رجال الأمن لأوكار تعاطي المخدرات وتجارة الجنس التي تتم دون معرفة السلطة. وهذا يؤكّد انتشار عصابات كثيرة في مختلف أنحاء الصين تمارس هذه الأعمال بوصفها تجارة تحقق لممارسيها الثراء السريع.. هذا الثراء الذي تشجع الدولة مختلف مؤسساتها ومختلف فئات الشعب على بلوغه بشتى الطرق والوسائل.. المهم أن تربح وتربح وتربح!! وبخصوص الإنفلات الجنسي داخل الأسر الصينية، وأقصد الجيل الجديد من الأسر تحديداً، فحدِّث ولا حرج. ويكفي يا صديقي العزيز أن أذكر لك أمراً حدثتني به إحدى طالباتي في جامعة بكين لتحكم بنفسك من خلاله على ما آل إليه وضع العلاقة الزوجية في الصين اليوم. من عاداتي أن أترك بعض الوقت في نهاية كل محاضرة ليسألني الطلاب ما لديهم من أسئلة متنوّعة، عامة وخاصة. وكان أن سألتني إحداهن السؤال التالي: قدّمت للسؤال قائلة بأن محاضرة اللغة الإنكليزية السابقة لديهم كانت موضوع الشخص الثالث في الأسرة الصينية الجديدة.. فهل هذه الظاهرة، ظاهرة الشخص الثالث موجودة في بلادكم؟ فاجأني هذا السؤال حقاً، وأدهشتني جرأة الطالبة على الخوض في هذا الموضوع بكّل صراحة ودون أدنى مواربة، وذلك بعد أن سألتها عن المقصود بالشخص الثالث فقالت لي: عشيق الزوجة. ولاحظ أنها لم تقل عشيقة الزوج.. فالمبادرة إذاً تكون من الزوجة! وعلّق بعض الطلبة إذ ذاك مشيراً إلى تفشّي ظاهرة تعدد الأزواج، وأن الزيجة لا يكاد يمضي عليها وقت قصير حتى يكون الملل أخذ طريقه إلى الزوجة أو الزوج.. فتأمّل يا رعاك الله! س13- على الرغم من التطوّر التقني الحديث في الصين لا تزال هناك مظاهر سلبية كثيرة جداً كالتسوّل والدعارة والمبيت على الأرصفة وظواهر أخرى ، دعنا نتحدث عن هذه المظاهر. ج-سبق أن أشرت إلى السلبيات الكثيرة الموجودة في المجتمع الصيني اليوم. وأعترض على تعبير »لا تزال هناك مظاهر سلبية« ذلك لأنها لم تكن موجودة أصلاً طيلة العهد الماوي الذي استمر نحو ربع قرن من الزمن. فهي جديدة كلّ الجدّة، ورافقت مراحل هذا التطور التقني، آخذة في الازدياد تدريجياً. والتسول هنا، كما هو الحال في بلادنا، لا يقتصر على المعوزين فحسب، بل تجده أحياناً مهنة الكسالى أو المتبطلين، أو أولئك الذين سدّت في وجوههم السبل فلجؤوا إلى هذا الطريق على ما فيه من ابتذال وهدر للكرامة الإنسانية. ويلجأ بعضهم، ومعظمهم من المعوقين، إلى الجلوس في زوايا الطرق ويعزف على الكمان.. أي عزف.. ليلفت انتباه المارة فيضعوا له في علبة إلى جواره بعض القطع النقدية الصغيرة. ولقد استرعى انتباهي في الحي الدبلوماسي المسمى » سانليتون « وجود أطفال صغار يهرعون خلفك لاهثين، ويسألونك بإلحاح بغيض، وما إن تهمّ بإعطائهم حتى تفاجئك امرأة لا يبدو عليها أي مظهر من مظاهر الفقر و البؤس، ثم تكتشف أنها مسؤولة عن بعض هؤلاء الصبية المتسوّلين، ولعلّ بعضهم قد هرب من المدرسة مبكراً ليؤدي نوبة التسول المكلّف بها لقاء أجر محدد. أما بخوص الدعارة، فقد صدر مؤخراً مرسوم عن وزارة الداخلية يقضي بمطاردة العاهرات في بكين اللاتي تزايد عددهن في الآونة الأخيرة تزايداً غير معقول، حتى أن ذلك أدى إلى ارتفاع هائل في أجرة البيوت داخل العاصمة. فكثير من النساء اللواتي يمارسن الدعارة قد جئن من خارج العاصمة، فتستأجر كل اثنتان أو ثلاث منهن شقة ويدفعن فيها أجراً عالياً جداً، وهذا ما دعا المسؤولين في وزارة الداخلية إلى شن الحملة ضد هذا الصنف من المومسات. س-: لقد لاحظت من خلال تعليمي طلاب قسم اللغة العربية في الجامعة أنّهم ليسوا مشدودين إلى تعلّم هذه اللغة، ومعظمهم ينصرف إلى تخصصات أخرى إلى جانب اللغة العربية كاللغة الإنكليزية والحقوق والاقتصاد. دعنا نتحدّث عن هذه الظاهرة. ج- علمت من الأساتذة في الجامعة أنّ الإقبال على تعلّم اللغة العربية قد تراجع في الصين منذ الثمانينات. والسبب في ذلك أن فرص العمل أمام الخريجين أصبحت ضئيلة جداً. كما أن أقسام اللغة العربية داخل الجامعات الصينية قلّصت بدورها من عدد الطلبة الذين تقبلهم كل عام. وبعض الجامعات تقبل سنة وتمتنع عن القبول سنتين، وهذا ما يجعلك تجد خللاً في تتابع الصفوف الجامعية في الأقسام العربية. ففي جامعة بكين مثلاُ لم يكن لدينا هذا العام طلاب في السنة الثالثة، وفي غيرها لا تجد سنة أولى ورابعة، وهكذا..ثمّ رأى المسؤولون في الجامعات أن يدرس الطلاب الذين تقرر قبولهم في قسم اللغة العربية فرعاً آخر إلى جانب دراسة العربية كالإنكليزية أو الحقوق أو الاقتصاد وما إلى هنالك من فروع نظرية لتكون فرص العمل أوفر أمام هؤلاء الطلبة، ومن هنا قلّ اهتمامهم باللغة العربية، لا سيما أن تعلمها أمر عسير بالنسبة إليهم كما يقول معظمهم. وإنه لأمر طبيعي أن تجد بين حين وآخر عدداً من الطلبة الغائبين عن محاضرتك منهمكين في إعداد واجبات أو حضور امتحانات شفوية للتخصصات الأخرى التي يجمعون بينها وبين اللغة العربية. ولكن الأمر الذي أجده في غاية الإيجابية على نطاق العمل في الصين هو أن كافة الخريجين الجامعيين، وفي مختلف الفروع والاختصاصات، يجب أن يوفر لهم العمل، إما في وزارات الدولة ومؤسساتها، وإما في الشركات والهيئات الخاصة، ولا يبقى على الإطلاق خريج بلا عمل، بينما تجد في بلادنا خريجين منذ أكثر من عشر سنوات ما زالوا بلا عمل. س-: من خلال التحول الأخير الذي تمّ في الصين نلاحظ لهاثاً شديداً في المجتمع الصيني بمختلف مؤسساته على كسب المال بمختلف الطرق الممكنة، فهل تأثّرت المؤسسات الثقافية والإعلامية بعدوى هذا اللهاث؟ وما مدى هذا التأثر؟ ج- أجل، إنّ هذا اللهاث وراء كسب المال قد ترك آثاراً شديدة السلبية على المؤسسات التي ذكرتها. فدار النشر باللغات الأجنبية على سبيل المثال قد توقفت عن إصدار الكتب تماماً منذ عدة سنوات لأنها لم تكن تجني أرباحاً من عملها السابق. وتم توزيع المترجمين الذين كانوا يعملون فيها على عدد من الشركات وعلى جهات عمل أخرى. ولدى عودتي الأخيرة إلى الصين ناقشت بعض المسؤولين في هذه الدار بشأن الخطأ الفادح الذي يرتكبونه في التوقف عن إصدار الكتب، ووضحت لهم أن الصين اليوم هي أحوج مما كانت عليه في الماضي إلى تعريف العالم بها، وأن مثل هذه الدور الحكومية هي دور إعلامية لا ينتظر منها أن تكون مؤسسات رابحة، بل إن سائر الدول في العالم تنفق عليها ملايين الدولارات.. ولكن النقاش معهم عبث. فجوابهم جاهز: الدولة قلصت مخصصاتنا المالية، وألزمتنا بأن نتحوّل إلى مؤسسات رابحة، وبتعبير آخر: عليكم أن تقوموا بأي عمل تجنون من خلاله أرباحاً. وحتى الجامعات باتت هي الأخرى تلهث وراء تحقيق الأرباح، فأنشأت لنفسها مؤسسات تجارية، وعمدت إلى تأجير الكثير من المباني التابعة لها محلات تجارية، ولجأت كما لاحظت إلى تخفيض رواتب العاملين فيها من الأجانب، واختصرت الكثير من المزايا التي كانوا يتمتعون بها في الماضي. وتلك لعمري سياسة في منتهى الغباء. ولا أدري كيف يرتئي المسؤولون الصينيون ذلك؟! س-: نلاحظ أنّ حكومة الصين، من خلال تعاملها مع القوميات، تضيّق الحصار على قومية الويغور الإسلامية المتواجدة أساساً في مقاطعة شينجيانغ وتمنع نشاطها التجاري وتحصره في مناطق محددة. دعنا نتحدث عن ذلك. ج- لقد لاحظت فعلاً هذا التضييق الشديد على تجمعات أبناء قومية الويغور داخل بكين بالمقارنة إلى الماضي، ولما سألت عن سبب هذه المحاضرة والمطاردة ركزت الردود على أن النشاطات السلبية والسلوكيات المنحرفة لأبناء هذه القومية هي التي دفعت الحكومة إلى تضييق الحصار عليهم ومراقبتهم ومداهمة أماكن تواجدهم بين حين وآخر؛ وأنه لا علاقة البتة بين كون هذه القومية مسلمة وبين ما يتعرضون له من محاصرات وقيود مشددة. فمعرفتي أنه ليس لأبناء هذه القومية أي نشاط ديني، وأقصد بهم أولئك الذين قدموا من مقاطعة شينجيانغ للعمل في بكين. إنهم بطبيعة الحال يتواجدون في العاصمة على شكل تجمعات، وفيهم الأسر، وفيهم الأفراد. وفي الماضي لم يكن لهم أي سلوك مشين. كانوا، ومازال الكثير منهم، يعملون أو يديرون أكشاكاً ومحلات صغيرة شعبية تقدم المأكولات، وفي مقدمتها الكباب المشوي، وهو أشهر المأكولات الويغورية، ثمّ تحوّلت أكشاكهم ومحلاتهم الصغيرة فيما بعد إلى مطاعم كبيرة تلقى إقبالاً منقطع النظير. ولكن يقال إنهم من أكثر الفئات ممارسة لتهريب المخدّرات والإتجار بالأسلحة وترويج الدعارة وتسويق العملة المزورة، وهذا ما جعلهم موضع محاصرة ورقابة مشددتين من رجال الأمن. وسمعت من بعض الأصدقاء أنه غير مسموح لهم بالنزول في الفنادق الكبيرة أو حتى في معظم الفنادق داخل بكين. هذا كل ما لدي من معلومات بشأنهم. س-: لقد لاحظت بعد قدومي إلى الصين تناقص نشر الكتب باللغة العربية مقارنة بما كان عليه أيام ماوتسي تونغ، فعلى سبيل المثال توقّف صدور مجلة الصين المصورة، فما هي في رأيك أهم أسباب تراجع نشر الكتب باللغة العربية؟. ج- ليس تناقصاً فحسب، بل هو توقف عن نشر الكتب باللغة العربية كما ذكرت لك. وهذا بتأثير السياسة الصينية الجديدة الرامية إلى جعل جميع المؤسسات في الصين مؤسسات رابحة. ولما كانت دار النشر باللغات الأجنبية ببكين هي المؤسسة الرئيسية والأهم لنشر الكتب باللغات الأجنبية، ومنها العربية، فطبيعي أن ينخفض نشر الكتب بكثير من اللغات وليس بالعربية وحدها كانت هذه الدار تصدر منشوراتها سابقاً بسبع وعشرين لغة، أما اليوم فلم يبق من أقسام الكتب فيها يعمل إلا قسمين أو ثلاثة: قسم اللغة الإنكليزية، وقسم الفرنسية، وقسم الإسبانية. ولم يعد يصدر بالعربية اليوم إلا كتيّبات دعائية صغيرة الحجم والشأن. أما بالنسبة لمجلة الصين المصورة، فكانت مخصصة أصلاً لتعريف العرب بمناطق الصين ومناظرها الجميلة ومواقعها السياحية. ولعلّ المسؤولين فيها – وهي تابعة لدار النشر أيضاً – وجدوا أنها لم تعد مجدية، ولا سيما أنه ليس هناك نشاط سياحي عربي يؤم الصين، فأغلقوها. أما إن سألتني عن سبب استمرار مجلة » الصين « اليوم في الصدور، فذلك أنها تقوم بنشر الدعايات المكثفة لمختلف الوحدات والمؤسسات الصناعية والشركات التجارية داخل الصين، وتجني من ذلك أرباحاً كثيرة. إنها تركز في مقالاتها على الجانب الاقتصادي وتحظى باهتمام بالغ من المؤسسات الاقتصادية والشركات التجارية الكبيرة والصغيرة، وهذا ما جعلها أكثر نشاطاً من السابق، فقد احتلت موقعاً لها ضمن شبكة الإنترنت الصينية، وكثير من مقالاتها يظهر في هذه الشبكة. س-: على الرغم من أنّ النظام السياسي الصيني لا يزال ينتهج سياسة الاشتراكية-إعلامياً وأيديولوجياً- ويروّج لها في طروحاته السياسيّة وعلاقاته الدولية، ولكن يلاحظ أن ثمة تبيناً طبقياً حاداً بين فئات المجتمع الصيني. فهناك ثراء فاحش، وهناك فقر مدقع، فمن خلال معرفتك بآفاق الحياة في الصين أرجو أن توضّح لنا ذلك؟ ج- لم يعد من الاشتراكية في الصين اليوم إلا اسمها، والحزب الشيوعي مجرد سلطة حاكمة يستأثر أعضاؤه المتنفذون بالمناصب الحكومية لأنفسهم من دون غيرهم من أبناء الشعب الصيني، ويتمتعون مع أفراد أسرهم وذويهم والمقربين إليهم بكل وسائل العيش المنعم المترف على طريقة أبناء الطبقة الأرستقراطية الحاكمة في مختلف بلدان العالم. وتحضرني اللحظة كلمات مؤثرة قالها لي بعض الزملاء الصينيين في مكتب شؤون الخبراء الأجانب لدى بدئي في العمل بدار النشر عام 1975 .. إن راتبك يا أستاذ أعلى من راتب رئيس الدولة ماوتسي تونغ.. وكان راتبه يومها ثلاثمائة يوان. ومن المعروف لدى العالم كله أن ماوتسي تونغ ورفاقه جميعاً من القادة الصينيين أمثال شو إن لاي وتشوده و… و… و، وهم كثر، قد عاشوا حياة بسيطة متقشفة، فأين هم من قادة اليوم؟! » تلك أمة قد خلت «. وإذا كان التمايز الطبقي قد ظهر أول ما ظهر على أبناء الطبقة الحاكمة، فبدهي أن تسري عدوى ذلك إلى بقية أفراد الشعب على اختلاف فئاته. وقد أشرت مسبقاً إلى هذا التفاوت الطبقي المذهل في دولة مازالت تدّعي أنها دولة اشتراكية. إن ما يطبق اليوم في الصين هو نظام اقتصاد السوق. وهناك تنافس وتسابق ولهاث جشع بين سائر المؤسسات الاقتصادية والتجارية الصينية على كسب المال كما قلنا بمختلف الوسائل والسبل. ومن المؤسف والمرير أن يختفي مع هذا اللهاث ما كان في صين ماوتسي تونغ من قيم ومثل، ومن معان نبيلة سامية، وأن تبهت في مخيلتنا تلك الصورة الوضّاءة المشرقة التي شكلناها عن الصين وحملناها في أذهاننا زمناً غير قصير. س-: من خلال استبيان أجريته بين طلبتي في الجامعة لاحظت أنّ هناك نزعة قوية للعمل في مجال التجارة والشركات، وعزوفاً شديداً عن العمل في مجال العلوم الإنسانية والثقافة والفكر والتربية والتعليم. فما تعليلك لهذه الظاهرة؟ ج- طبيعي جداً أن تجد هذه النزعة لدى الطلاب، فحمّى اللهاث خلف تحصيل المزيد من المال قد شملت كل صيني. فعندما يقارن الفرد هنا دخله من الوظيفة في دوائر الدولة، بما في ذلك المؤسسات التعليمية، مع أدنى راتب لدى الشركات والمؤسسات التجارية يجد البون شاسعاً. أجل ، في الشركة يحصل الخريج على خمسة أو ستة أضعاف دخله من الوظيفة العادية لدى الدولة. ولما كان العمل في مجال العلوم والثقافة والفكر والتعليم هو من أدنى الأعمال دخلاً، وتكاليف المعيشة آخذة في الازدياد والارتفاع في شتى جوانبها، فليس غريباً أن تجد هذا العزوف الشديد عن العمل في هذه المجالات. وقد حدثني بعض زملائي من الأساتذة الصينيين في الجامعة بمحاولاتهم المتكررة لإقناع الطلبة المتميزين بإكمال دراساتهم العالية، أو لإقناعهم بالعمل في هيئة الترجمة العليا - كما يسمونها هنا في بكين- أو في وزارة الثقافة أو وزارة الخارجية. ولكن محاولاتهم هذه دائماً ما تذهب عبثاً، والطلبة يجيبونهم قائلين: كيف نترك عملاً يبدأ مرتبه بسبعة أو ثمانية آلاف يوان لوظيفة لا يزيد مرتبها في أحسن الأحوال عن ألفي يوان؟! س-: كيف تنظر إلى آفاق تعلم اللغة العربية في الجامعات الصينية؟ ج- تعمل الحكومة الصينية اليوم على توسيع علاقاتها الاقتصادية بالبلدان العربية، وأرى الوفود العربية إلى الصين غادية رائحة من مستويات مختلفة. وأهم ما تركز عليه هذه الوفود في محادثاتها هو التعاون الاقتصادي. وقبل أيام افتتحت في جامعة بكين دورة للاقتصاديين العرب انضم إليها عدد كبير من رجال الاقتصاد من مختلف الدول العربية. وستستمر هذه الدورة شهراً، وقد جنّد للترجمة فيها عدد من المدرسين والطلبة المتميزين في قسم اللغة العربية في الجامعة. فمثل هذا الاتجاه وهذا النشاط كان لهما في الآونة الأخيرة تأثير واضح على تعلّم اللغة العربية. فالإقبال على تعلّم اللغة العربية الآن يزداد تدريجياً. وقد سمعت أنه تم التوقيع مؤخراً على زيادة تبادل المنح الدراسية بين الصين وسورية والصين ومصر إلى ما يقرب من خمسين منحة دراسية سنوياً. ولذلك أجدني متفائلاً بمستقبل اللغة العربية في الصين. س-: كيف تنظر إلى حركة الترجمة في الصين، ومن أهم الكتاب العرب الذين ترجمت بعض أعمالهم إلى اللغة الصينية؟ ج- أستطيع القول بأن حركة الترجمة هذه نشطة على الصعيد الفردي. فهناك عدد لا بأس به من الأساتذة الجامعيين ينشطون في ترجمة كثير من الأعمال الأدبية العربية المعاصرة. ولعل نجيب محفوظ يأتي في طليعة من ترجمت معظم أعمالهم إلى اللغة الصينية. وقد ازداد الإقبال على ترجمة بعض أعماله بعد حصوله على جائزة نوبل للأدب. وهناك ترجمات صينية لبعض أعمال ميخائيل نعيمة وجبران والمنفلوطي وطه حسين ومحمود تيمور وإحسان عبد القدوس. وعرفت من بعض الأساتذة والزملاء الصينيين أنه قد تمّ مؤخراً ترجمة أكثر من عمل لحنّا مينه. وهناك كما سمعت، رسالة تعدّها باحثة صينية في المقارنة بين نجيب محفوظ والكاتب الصيني باجين، ستترجم إلى اللغة العربية، ولا شك في أن هناك ترجمات صينية لأعمال عربية لم تتيسر لي معرفتها.
#محمد_عبد_الرحمن_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سفر قصة قصيرة
-
الشعر العربي المعاصر بين الوطن و المنفى
-
مدخل في الأسطورة و أهميتها
-
الأسطورة في الشعر والفكر
-
كوابيس
-
العلاقة بين الكاتب العربي والناشر العربي
-
الواقعي والتخيلي في ألف ليلة وليلة
-
العدد الثاني من مجلة عالم الغد ـ النمسا
-
ملامح المدينة العربية والإسلامية
-
جريدة الخليج تكتب عن كتاب محمد عبد الرحمن يونس ـ رحلة إلى ال
...
-
إلى جميع المفكرين والباحثين والأكاديميين ـ دعوة للكتابة في م
...
-
العدد الأول من مجلة عالم الغد في النمسا
-
الأب - قصة قصيرة جدا
-
الحانوت - قصة قصيرة جدا
-
أختي - قصة قصيرة جدا
-
في حوار مع الأستاذ الدكتور المستشرق شريف شي سي تونغ الأستاذ
...
-
الأم - قصة قصيرة جدا
-
الدار البيضاء وحياة ريجنسي و TV5). قصة قصيرة مهداة إلى صديقي
...
-
أخي - قصة قصيرة جدا
-
النملة - قصة قصيرة جدا
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|