أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - وضع المرأة في المجتمع الراسمالي : الجنس والاستغلال















المزيد.....

وضع المرأة في المجتمع الراسمالي : الجنس والاستغلال


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 5098 - 2016 / 3 / 9 - 12:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وضع المرأة في المجتمع الرأسمالي
الجنس والاستغلال
ارتبط اسم المرأة في الذاكرة الجمعية بحرفة الجنس ، وهذا ليس راجعا الى المجتمع الرأسمالي وحده ، لكنه راجع الى المفاهيم المرسخة عبر قرون عبودية المرأة ابتداء من ظهور المجتمع الطبقي . لكن الرأسمالية استغلت هذا الوضع لتجعل من الجنس اخطر ميدان تركز فيه دعايتها واستلابها . وإن كنا سنركز على هذه النقطة ، فلأنها اصبحت مرض العصر ، ويجب ان توضع في اطارها الصحيح .
ان المجتمع الرأسمالي يخلق شكلا من الجنس يتلاءم مع بنيته ، بل اكثر من ذلك إنه يخلق الحاجة للجنس . إن هذه العلاقة تتجه في مجملها الى ضرورة التناسل البيولوجي التي يتوسطها اجتماعيا اضطرار الرأسمالية الى اعادة انتاج قوة العمل الحية ( الاطفال ) مصدر وفضل القيمة . يقول كارل ماركس : " ان العلاقة المباشرة الطبيعية ، الضرورية بين الكائنات الانسانية ، هي علاقة الرجل بالمرأة " . ففي ظل المجتمع الرأسمالي تصبح هذه العلاقة مستلبة ، والزواج في هذا المجتمع الرأسمالي يرتبط دائما بالزنى والبغاء . ان الزواج البرجوازي ، هو انعكاس للعلاقات الاقتصادية القائمة في المجتمع التي تجعل المرأة شخصا هامشيا مضطهدا ، ويظهر هذا بكل وضوح في قوانين الزواج والطلاق التي لا توفر نفس الامكانيات القانونية للجنسين حتى في الدول المتقدمة .
ان الزواج البرجوازي يقوم على اساس المنفعة الاقتصادية والتبعية وانطلاقا من الوضع الاقتصادي والاجتماعي للزوجين ، ويقوم ايضا على الجمال والقوام والرشاقة وكل ما يتطلبه الزواج البرجوازي . ونادرا ما يقوم على اساس الحب والتفاهم . إنه بكل بساطة صفقة تجارية تقرر مصير جسد وروح شخصين ، ويتحول زواج الانتفاع هذا في غالب الاحيان الى دعارة في منتهى القذارة والخساسة من جانب الطرفين . ولا يكون الفرق بين المومس والمرأة في هذا الزواج ، إلاّ كون الاول تبيع جسدها بالتقسيط لمدة معينة كمأجورة ، بينما الثانية تبيع جسدها دفعة واحدة بشكل دائم كعبدة . وهذا الزواج لا يمكن ان يكون مبنيا على الحب الحقيقي ، وذلك لكونه مرتكزا على الاستغلال والاضطهاد ، الامر الذي يفسح المجال للممارسة الخيانة الزوجية من الطرفين . لقد ارتبط البغاء بالزواج الاحادي ، وأصبح مكملا له . إنه فضالة المجتمع الطبقي الذي يستمر في ظل الرأسمالية بأشكال اكثر تفننا .
ان المجتمع الرأسمالي هو الذي يوفر الشروط التي تدفع النساء الى ممارسة البغاء . ان اغلب المومسات لا يملكن اي تكوين مهني . وفي الدول المتخلفة كالمغرب لا يجدن عملا تماما .
الى جانب الاسباب المادية ، هناك اسباب اخرى كفقدان الفتاة لبكارتها ، الشيء الذي يفقدها قيمتها ، او طلاق زوجة واضطرارها لإعالة اطفالها .. لخ
ان المجتمع الرأسمالي يمنع البغاء ، لكنه لا يقدم اي حلول لهذا المشكل غير السجن . ومن الطبيعي ألاّ تستطيع الرأسمالية ايجاد حلول جذرية للبغاء الذي تفشى بشكل خطير ، لأن الحل الجذري يكمن في القضاء على الهياكل الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة للقضاء على الاسس المادية لبروز البغاء .
لقد اصبح الجنس في المجتمع الرأسمالي سلعة تباع كباقي السلع التي تخضع لقانون العرض والطلب كباقي البضائع ، وتتحطم عن استهلاكها كالباقي ، وتزول الرغبة الجنسية وتلك العاطفة المؤقتة ، بمجرد انتهاء عملية الجنس .
وساء بيعت هذه السلعة او اشتريت بطريقة " شرعية " او لا " شرعية " ، فإن هذا لا يغير شيئا جوهريا ، لأن الرأسمالية احالت مسألة الجنس التي تعتبر غريزة طبيعية ، الى مرض حقيقي . ان الدعاية الجنسية بمختلف الوسائل من صحافة ، ونشر ، ومجلات ، ودوريات ، وسينما ، وتلفزة واغاني ... الخ قد خلقت الرغبة في الاستهلاك الجنسي . يقول كارل ماركس : " الانتاج ينتج الاستهلاك لتوليده عند المستهلك الرغبة في المنتوجات الموضوعة في البداية من طرفه تحت الشكل البسيط للمواد . فهو إذن ينتج موضوع الاستهلاك ، نمط الاستهلاك ، غريزة الاستهلاك " .
ان هذه المقولة نجدها صحيحة ايضا بالنسبة للجنس . ان الحاجة الى الجنس تخلق من طرف المجتمع الذي احال قيمة المرأة الى مجرد عبدة صالحة للمتعة والراحة ، وربط المرأة دائما بالجنس . فأول نظرة يلقيها رجل على المرأة في المجتمع الرأسمالي يكون تقييمها من الناحية الجنسية ، حيث يتم فحص اجزاء جسمها للتأكد من مؤهلاتها لتصلح كمطية للشهوة البهيمية .
ونفس الشيء بالنسبة للمرأة . فقد تعلمت منذ صباها ان دورها الاساسي ، هو ان تعرف كيف تصبح صالحة لذلك . ففي مجتمع حيث يتعمق الاستغلال وتقسيم العمل ، وحيث الاغلبية الساحقة محرومة بالقهر والقسر من امكانيات المساهمة والإبداع ، وحيث لم يبق للعمل من قيمة غير قيمته كأجرة ، لا يصبح الجنس وسيلة للتعبير عن مستوى خاص انساني للعلاقات بين الرجل والمرأة ، بل يصبح وسيلة للهروب من المجتمع ومن مشاكله وهمومه عبر الاستهلاك الجنسي . وهذا الحل ليس إلاّ وهما وسرابا ؟ فالهارب يجسد كل المظاهر الحقيرة لهذا المجتمع في الممارسة الجنسية ، اي العلاقة بين المضطهَد والمضطهِد ، بين العبد والسيد ... الخ .
والبرّغم من ان هذا الهروب وهم ، فانه يشكل بالنسبة للطبقة المستغلة وسيلة لفرض اخلاقها المريضة الخاصة على الجماهير ، وماديتها المذبلة كهدف في الحياة . ان الجنس يصبح هنا مكافأة لوقت الفراغ ، ويصبح في نفس الدرجة مع الاكل والشرب والنوم ، اي يصبح ضرورة ضمن مسلسل اعادة قوة العمل بنفس درجة البروتينات والملابس والتلفزة والتربية وأوقات الفراغ .
ان الاخلاق البرجوازية هي في شموليتها تساهم في انتاج ثقافة جنسية قمعية ، ليس فقط لأنها تقمع ممارسة بعض اشكال الجنس ، وهذا شيء ثانوي ، ولكن لأنها بالأساس علاقة جنسية تجارية ، صفقة بين رجل مستلب وامرأة مستعبدة .
والرأسمالية تستغل الجنس ابشع استغلال ، سواء على صعيد تحويل اهتمامات الجماهير عن مشاكلها الواقعية ، او عن طريق خلق حاجات استهلاكية جديدة من اجل الربح ، كمجلات وكتب الجنس ، وأفلام الخلاعة ، وملاهي التعري ، ودور الدعارة ، لأنها تعبر اعمالا مربحة يستغل فيها الرأسمالي مشاكل العامل النفسية الناتجة عن واقع القمع والاضطهاد ، وينتج مجالا مغريا لنسيان همومه ، والانغماس في اللهو مشتريا بذلك لحظات ينسى فيها واقعه المزري والبئيس . لذا ينبغي علينا ان ننظر الى مسألة الجنس في المجتمع الرأسمالي ، والمسخ الذي تعرضت له العلاقة انسانية في اطار بنية الرأسمالية كنظام آلة تسحق البشر المقهورين ، ليحقق ارباحا فاحشة تضاف الى كنوز الرأسماليين التي تفوح منها رائحة العرق والدم البشري المنسكب في المناجم والمعمل والمصانع والضيعات .
ان الرأسمالية بنظامها الذي لا يرحم وبإستراتيجيتها الوحيدة المبنية فقط على الربح ، تشوه العلاقات الانسانية ، وتخضع ماهية البشر والإنسانية لمصالحها الانانية الضيقة .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة المحتقرة في النظام الراسمالي
- في المغرب سلك القضاء من وظائف الامامة
- اربعون سنة مرت على تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية
- النظام الملكي في مواجهة مباشرة مع مجلس الامن والامم المتحدة
- الدولة القامعة
- عندما تغيب الاستراتيجية تُفقد البوصلة ويعم التيه
- تحقيق الوعد الالهي : دولة الاسلام
- سؤالان حرجان ومحرجان : هل يوجد هناك شعب صحراوي . وان كان الا ...
- لو لم يكن ادريس البصري وزيرا للداخلية لكان في المعارضة -- من ...
- مملكة السويد تقرر عدم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية -- حين ي ...
- شيء من الدراما : الأبسينية دون كيتشوتية مُتطورة لحل ازمة الث ...
- الدولة البوليسية : ان الشكل الاكثر بشاعة للقهر هو استغلال اج ...
- المؤتمر الرابع عشر لجبهة البوليساريو
- تحليل : في استحالة ثورة شعب مخزني اكثر من المخزن
- فشل القصر الملكي في تدبير ملف الصحراء
- محكمة العدل الاوربية تلغي الاتفاق التجاري حول المواد الفلاحي ...
- فشل زيارة المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة السيد كر ...
- الى الجلاد المجرم الجبان المدعو عبداللطيف الحموشي المدير الع ...
- تهديد البوليساريو بالعودة الى الحرب
- بين رسالة بانكيمون وخطاب العيون ورقة حمراء في وجه الملك


المزيد.....




- إيران وأمريكا تنهيان أول جولة مفاوضات بينهما في عُمان.. إليك ...
- بعد تعرضه لعاصفة إشعاعية خطيرة.. مسبار جونو يستأنف استكشاف أ ...
- مخاوف أممية من مقتل أكثر 100 شخص بينهم كوادر منظمات دولية في ...
- هزة أرضية بقوة 5.5 درجة تضرب وسط ميانمار
- صانعة محتوى أمريكية تثير الجدل بطريقة تلوين بيض عيد الفصح! ( ...
- تحطم طائرة على متنها 6 أشخاص في نيويورك
- الأمن الروسي يحبط تفجير تلميذ مدرسته في دونيتسك متأثرا بأفكا ...
- ترامب: المفاوضات مع إيران -تسير بشكل جيد-
- 7 علامات خفية تدل على أن جسمك يعاني من نقص في اليود
- الاتحاد الأوروبي سيعاقب الولايات الجمهورية


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - وضع المرأة في المجتمع الراسمالي : الجنس والاستغلال