غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4466 - 2014 / 5 / 28 - 14:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إثــر نـشـر مقالين لي بهذا الموقع, لهما علاقة بالبابا فــرانــســوا.. الأول من أربعة أيام بعنوان :
" رسالة قصيرة إلى البابا فـرانـسـوا "
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=416296
والثاني الذي نشر من يومين مساء.. متأخرا.. بعنوان :
" الشـرعـيـة... واللاشـرعـيـة "
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=416597
مما أثار ضدي مزيدا من الاعتراضات المباشرة من أصدقائي وغير أصدقائي, عبر وسائل الأنترنيت والهواتف المباشرة.. وضمن حلقات سورية وغير سورية في فرنسا وفي مدينة ليون.. كما حملت عديدا من التأييد في بعض الأوساط التي تؤمن أن البابا شخص يمثل التسامح المسيحي, بلا حدود. وأن مواقفه منذ اختياره الأخير, كانت من أفضل الاختيارات الإنسانية, بكل ما يتعلق بأزمات المشرق في هذا القرن الواحد والعشرين.. وعلاقة المسيحيين المشرقيين.. وصعوبات وجودهم الحالية.. وتضاؤل نسبة هذا الوجود من 23% إلى أدنى من 2% في فلسطين المحتلة.. وتفاقم الهجرات الاضطرارية في بعض بلدان هذا المشرق المضطرب... وخاصة في ســـوريــا اليوم!!!...
ومنهم من لامني أنني تعاميت عن وجود البابا الحالي على أرض فلسطين من أيام قليلة برفقة السلطات الإسرائيلية, وكبار مسؤوليها.. كرئيس دولة, واهبا " الشرعية على اللاشرعية " ... وهذا ما حدث فعلا في الشق أو النصف الثاني من زيارة البابا لدولة إسرائيل... والذي تزامن مع الجريمة النكراء, والتي لم يعرف فاعلها رسميا حتى هذه الساعة.. جريمة وقعت في مدينة بروكسل البلجيكية الأوربية, بالمتحف اليهودي بهذه المدينة.. حيث قتل رجل مجهول, ولسبب مجهول, أربعة أشخاص أبرياء.. من زوار المتحف برصاص رشاشه.. ثم اختفى سيرا على الأقدام.. ولم تعرف هويته ولم يقبض عليه حتى هذه الساعة... حيث صنفت فور انتشارها بجريمة عنصرية ضد السامية Crime Antisémite تصدرت بعد دقائق معدودة من وقوعها غالب الصحف الكبرى وجميع مراكز الإعلام والتلفزيون ومحطات الراديو الأوروبية...
هذه العملية... هذه العملية فجرت ــ إعلاميا عالميا ــ زيارة البابا إلى فلسطين.. وكل التحضيرات الإعلامية التي كان الاختصاصيون الإعلاميون قد جهزوا لها, للدفاع عن الشعب الفلسطيني.. وخاصة عن نكبات الشعب السوري.. وعن أزمات هجرات مسيحيي المشرق... إذ انطلقت الأبواق الإسرائيلية المختصة, ترعاها الصهيونية العالمية ومختلف مؤسساتها الإعلامية في العالم.. وهيمنت جريمة بروكسل على زيارة البابا, وتخربط طبعا برنامج الزيارة والتصريحات.. مما اضطر البابا وبعضا من حلقات مرافقيه إلى تقديم التعزيات المضخمة, ونوايا تأكيد الصداقة والعديد من المظاهر المتعددة الديبلوماسية الدارجة, لدى زيارة ضيف إلى بلد يستقبل شخصية دينية أو سياسية هامة. مـع زيادة البهارات الكلامية المعهودة... مما أضــاع ثلاثة أرباع وأكثر من أهداف الزيارة المعلنة عنها... مما يحملني للتشكك أن هذه العملية (الإجرامية) مدروسة.. مفتعلة.. مخططة ــ كالعادة ــ لتقويض وتفتيت نوايا البابا.. وإضعاف عنفوان شروطه ومطالبه قبل زيارته... ضــربــة مــعــلــم.. يا بشر!!!...
وهنا لست على الإطلاق بموقف من يدافع عن البابا أو سياسة الفاتيكان, بكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. ولا أريد أن أقارنها بمواقف بعض الدول العربية, التي بنتائج خيانات بعض رؤسائها وملوكها وأمرائها وشيوخها.. كانوا أكثر سلبية بكل ما يتعلق بهذا الملف الذي سوف يكشف التاريخ القريب خياناتهم القميئة. ولا اعذر البابا ومحيطه و تراجع موقفهم ــ نسبيا ــ بنهاية الزيارة.. عن أهداف الزيارة المرسومة سابقا... وهذا يظهر للمحلل الواعي مقدار الجبروت وقوة الصهيونية العالمية, بتغيير مصائر أحداث العالم.. حسب مصالحهم الآنية والمتوسطة والبعيدة الأمد.. وكيف تحرك أصابعهم وأموالهم وإعلامهم وعلاقاتهم كراكوزات السياسة والمجتمعات العالمية.. وحتى في أعمق مناطق العالم حيادا.. الــفــاتــيــكــان!!!... ولماذا لا تخلق لوبيات الثروات العالمية النفطية العربية, مثل هذه القوى, بأموالها وتعداد سكانها.. لماذا لا تخلق قوى اجتماعية علمية اقتصادية فكرية.. سياسية واعية.. بدلا من خلق منظمات إرهابية مهترئة الفكر الديني التعصبي الأعمى.. يقتل فيه غالبا العرب عربا.. ويفجرون به تراثهم أو ما تبقى منه... وهم ألف مرة أكثر عددا وأغنى ممن يسمونهم أعداء الإسلام.. علما أنهم بغبائهم وجهلهم وتشريعاتهم وتعاليمهم وتعصبهم وتجزيئاتهم.. وربيعهم العربي.. أساءوا لمشرقنا وســـوريــانا ألف مرة أكثر مما يخرب ضدنا أعداؤنا المعلنون...
وهنا لا بد أن أعود قليلا إلى الوراء.. عندما طالب هذا البابا توقيف كل اعتداء خارجي على سوريا.. وإقامة الصلوات بكنائس العالم كله.. لإنقاذ سوريا وشعبها المنكوب.. هذا كل ما يستطيعه هذا الإنسان الذي لا يملك عسكرا ولا فدائيين يفجرون أنفسهم.. حسب العرض والطلب...فاحترمته وكتبت عنه.. كما قدرت موقفه الحاسم لدى اختلافي مع الكاردينال الباريسي الآكاديميClaude DAGENS والذي كانت له مواقف عدائية ناتوية ضد سوريا.. حيث اضطره هذا البابا إلى الاعتذار والتراجع علانية عن تصريحاته العدائية...
رغم كل هذا.. ما من قوة وما من أحداث يمكنها أن تغير علمانيتي الراديكالية.. وما يعزز ابتعادي عن الديانات كلها.. وعن ممنوعاتها ومحرماتها.. ويقربني من الإنسان.. واؤكد من جديد لأصدقائي وغير أصدقائي.. بأن راديكاليتي هذه لم تتغير.. وإنني لم أتغير متبعا عائدا لتعاليم البابا أو غيره... وأن اختلافي الفكري والاجتماعي والسياسي, لا يمنعني من الاتفاق مع أبعد الناس عني فكرا وتحليلا.. فيما إذا أظهر هذا الطرف الآخر فكرا جيدا للقاء الآخر... خلافا لحفنة من المتشددين المتعصبين الذين لا يقبلون الآخر.. بجميع الحالات والأوقات والأمكنة من هذا العالم العربي والإســلامي المجزأ المتعب... ولهذا السبب المتحجر الصخري الجامد... نحن مصابون من مئات السنين بمرض عضال.. يسمى : الـــغـــبـــاء... ولهذا نخسر دوما كل معاركنا.. ونبقى في ذيول العالم.. قابعين.. خانعين.. موافقين.. صامتين.. تحت أقدام حكام يشبهوننا...أو حتى لا نغضب أحدا من الفرقاء.. مهما كانت درجة انغماسهم بالسلبيات والخيانات والأخطاء.. حتى أصبح الصمت والحياد.. مبدأ وديانة...
وأنا ــ يا أصدقائي وغيرهم ــ لا أتبع أية ديانة.. ولهذا ما زلت حــرا... أفكر وأحلل وأكتب.. وأحيا.........
بــــالانــــتــــظــــار...
للقارئات والقراء الأكارم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي وولائي ووفائي واحترامي.. وأطيب تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟