8. والشيوعية هي تنظيم ناتج عن اتفاق المنتجين و شبه عقد اجتماعي ضمني , وأن الملكية الجماعية تتلخص في انها مجرد إدارة الأشياء والغاء تقسيم العمل. لذلك يقول ماركس في الكتاب الثالث من رأس المال : تبدأ مملكة الحرية حيث ينتهي العمل المحدد بالضرورة و الظروف الخارجية. والشيوعية تلغي التعارض بين العمل الحر و العمل الزائد , عندها لن يصبح وقت العمل هو مقياس الثروة بل سيكون وقت الفراغ....
9. قدم ماركس بوضوح وبصفة إيجابية نظرية لنمط الإنتاج الشيوعي.
10. أن نظرية نمط الإنتاج الشيوعي نمت و تطورت عبر مسيرة اعمال ماركس , من خلال المقاطع المنتشرة في كتاب رأس المال وكتاب نقد برنامج غوتا , وكتاب الحرب الأهلية في فرنسا, وكتاب الإيديولوجية الألمانية وكتاب بؤس الفلسفة.
11. في كتاب نقد برنامج غوتا , توجد مرحلتان.
1) المرحلة الأولى من الشيوعية , وهي فترة الديكتاتورية البروليتارية , وهي فترة قصيرة نسبياً , يتم فيها انتزاع الملكية من الرأسماليين . أن ما نواجه هنا إنما هو مجتمع شيوعي لا كما تطور على أسسه الخاصة، بل بالعكس، كما يخرج لتوه من المجتمع الرأسمالي؛ أي مجتمع لا يزال، من جميع النواحي، الاقتصادية والأخلاقية والفكرية، يحمل سمات المجتمع القديم الذي خرج من أحشائه, إن هذا المجتمع الشيوعي المنبثق لتوه من أحشاء الرأسمالية والذي يحمل من جميع النواحي طابع المجتمع القديم .
إن وسائل الإنتاج لا تبقى ملكا خاصا لأفراد. إن وسائل الإنتاج تخص المجتمع كله. وكل عضو من أعضاء المجتمع يقوم بقسط معين من العمل الضروري اجتماعيا وينال من المجتمع إيصالاً بكمية العمل التي يقوم به. وبموجب هذا الإيصال ينال من المخازن العامة لبضائع الإستهلاك الكمية المناسبة من المنتوجات. وبعد طرح كمية العمل التي توجب للمخصصات العامة، ينال كل عامل إذن من المجتمع بمقدار ما أعطاه
ويعلق لينين على هذه المرحلة فرحاً: يبدو أننا في ملكوت المساواة.....
2) والمرحلة الثانية , تتميز أساساً بزوال disparition تقسيم العمل, والتوزيع حسب الحاجات.
12. والشيوعية بأعتبارها نمط إنتاج تتمحور حول الملكية الجماعية والتي يمارسها العمال المشتركون.
13. ولكن كيف يكون المنتجون كلهم , مالكين لوسائل الإنتاج ؟ لقد اجاب ماركس على هذا السؤال في كتاب الحرب الاهلية في فرنسا 1871 : يتم ذلك عن طريق نظام نواب مسؤولين , يمكن عزلهم و يتقاضون أجوراً عمالية , ويقع انتخابهم من القاعدة الى القمة بعيداً عن كل تنصيب هرمي investiture hiérarchique .
14. إن نمط الإنتاج الشيوعي يهدم في نظر ماركس كل فصل بين وحدات الإنتاج , ويزيل علاقات السوق , ويتجاوزون التقسيم الاجتماعي للعمل, فقد جاء في الحرب الاهلية في فرنسا ( 1871):
إن الكومونة كانت تعتزم إلغاء تلك الملكية الطبقية التي تجعل عمل الكثرة ثروة القلة؛ كانت تعتزم مصادرة ملكية المغتصبين. كانت تريد أن تجعل الملكية الفردية حقيقة واقعية بتحويل وسيلتي الإنتاج، الأرض و الرأسمال، اللتين هما الآن، قبل كل شيء، أداتا استعباد العمال و استثمارهم، إلى أداتين للعمل الحر المشترك. – ولكن هذه شيوعية، شيوعية ((مستحيلة))! غير أن أولئك الممثلين من الطبقات الحاكمة – وهم كثيرون – الذين أسعفهم ذكاؤهم فأدركوا استحالة استمرار الوضع الراهن طويلا قد غدو رسل الإنتاج التعاوني اللجوجين الضجاجين. و إذا كان للإنتاج التعاوني ألا يظل كلاما فارغا أو خداعا، إذا كان له أن يحل محل النظام الرأسمالي، إذا نظمت الجمعيات الإنتاج الوطني بناء على خطة مشتركة ووضعته تحت إشرافها هي، فوضعت بذلك حدا للفوضى الدائمة و الأزمات الدورية التي هي القضاء المحتوم للإنتاج الرأسمالي – ألا يكون ذلك، وهذا ما نسألكم، أيها السادة المحترمون، شيوعية، شيوعية ((ممكنة))؟
15. لكن كيف سيقع تقسيم المنتوج الإجتماعي ؟ أن على المنتجين المتحدين , أن يقوموا بعمل ضروري وعمل زائد على الضرورة. بحيث إنهم عندما يفرغون من تعويض وسائل إنتاجهم , سيخصصون جانب من الانتاج لاستهلاكهم , ويتركوا احتياطياً من الإنتاج للاستعمالات التالية: 1) قسم للقاصرين عن العمل . 2) قسم للطوارئ. 3) قسم يدخل في التراكم 4) قسم للعمل الغير منتج / المصاريف العامة للإدارة.
16. و في نمط الإنتاج الشيوعي , وافق ماركس على نظام يقوم استبدال سندات عمل bons de travail , مقابل وسائل استهلاك مساوية لكمية العمل المناسبة .
ولكن تبقى هناك تساؤلات مشروعة , منها: 1. هذه النظرية تترك هنا او هناك بعض المواضع الغامضة و عدد كبيراً من التساؤل, وتتضمن بعض الجوانب الطوبائية Utopiques . 2. مسألة زوال الطبقات هي مسألة عسيرة و معقدة جداً , بحيث قال ماو تسي تونغ عنها : أنها تستغرق قرون. 3. لا يقول ماركس الكثير عن نظام العمل , في المجتمع الشيوعي, لذلك قال لينين أن المجتمع سوف يصبح مكتباً واحداً أو مصنعاً واحداً. 4. كيف سيتمكن نمط الإنتاج الشيوعي من تجديد إنتاج ذاته ؟ 5. كيف سيتوزع العمال بين مراكز الإنتاج؟ 6. وتبقى مسألة توزيع الإنتاج , مجهولة ولا نعرف كيفية عملها؟ 7. وتبقى المسألة الاهم وهي الدولة. فاذا كانت ديكتاتورية البروليتارية تحطم الدولة البرجوازية , فأن الشيوعية تحطم كل دولة كدولة . كيف سوف يكون شكل النظام السياسي , داخلياً و خارجياً, كيف يتعامل مع الدول الاخرى, هل هناك هيئة سياسية تقوم بهذا الدور؟ 8. أستخدم ماركس في كتاب نقد برنامج غوتا 1875 : في المرحلة العليا من الشيوعية , الشعار المسيحي : من كل حسب مقدرته إلى كل حسب حاجته.
From each according to his ability, to each according to his need…
ونقول مسيحي , لانه ورد مرتين في العهد الجديد. الاولى , في متى 25: 14- 30 فمَثَلُ ذَلِكَ كمَثَلِ رَجلٍ أَرادَ السَّفَر، فدعا خَدَمَه وسَلَّمَ إِلَيهِم أَموالَه. فأَعْطى أَحَدَهم خَمسَ وَزَنات والثَّانيَ وَزْنَتَين والآخَرَ وَزْنَةً واحدة، كُلاًّ مِنهم على قَدْرِ طاقَتِهِ.
والثانية, وردت في اعمال الرسل, 4:35 ويضعونها عند أرجل الرسل، فكان يوزع على كل أحد كما يكون له احتياجه
وهذا الشعار , اعتقد ان
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
محمود يوسف بكير - كاتب وباحث في الشئون الاقتصادية والإنسانية - في حوار مفتوح مع القراء والقارئات حول: بعض أفكار ماركس وهل تصلح للتطبيق وكعلاج لمشاكل الرأسمالية. / محمود يوسف بكير
|