|
رد الى: amer nasser - رابح لونيسي
- رد الى: amer nasser
|
العدد: 662155
|
رابح لونيسي
|
2016 / 2 / 6 - 14:34 التحكم: الكاتب-ة
|
شكرا على تعليقك وإثارتك لهذه المسألة، وقد سبق أن تطرقنا إليها في ردودنا على تعليقات سابقة، يجب أن نوضح في البداية أننا لسنا في حرب لنتنازل أو نأخذ من هذا أو ذاك، فهدفنا هو كيفية تحقيق نظام ديمقراطي وإجتماعي في مجتمعاتنا، فلم نتنازل لأي كان، بل ما قلناه هو أن كل المجتمعات دون إستثناء عرفت مظاهر جنينية للديمقراطية في تاريخها، وأن هذه المظاهر ليست خاصة بالغرب، كما أن كل المجتمعات، عرفت لمئات السنين مظاهر إستبدادية بأشكال مختلفة، بما فيها الغرب الذي وصل اليوم إلى نظام ديمقراطي، لكنه ناقص، فهو في الحقيقة نوع من ديكتاتورية الطبقة البرجوازية بأسلوب ناعم، بل حتى المكاسب الإجتماعية التي عرفتها هذه المجتمعات، وتنازل بها الطبقات البرجوازية الحاكمة للعمال والطبقات المحرومة كانت مجرد تنازلات تكتيكية لإجهاض أي ثورة إجتماعية مستقبلية، وقد نبه البعض اليوم على بحث البعض من هذه الطبقات البرجوازية والرأسمالية في الغرب عن تبريرات للحد من الحريات، مادام لايوجد أي بديل سياسي وإجتماعي يهدد مصالحها بعد إنهيار المعسكر الشيوعي. لايمكن لنا إطلاق الأحكام المطلقة، بأن كل الموروث الديني عدو للديمقراطية، وأننا يجب رميه كله، لقد عرفت أوروبا أنظمة إستبدادية بشعة في التاريخ المعاصر لاعلاقة لها بالدين إطلاقا مثل الفاشية والنازية، ثم لم تقم الديمقراطيات في الغرب على أساس العداء العنيف للدين، بإستثناء فرنسا، فلنسجل هذه الملاحظة جيدا، فالدول التي عرفت إنتشارا للبروتستناتية، تم فيها إنتقالا سلسا إلى الديمقراطية دون أن تطرح نقاشا حول المسألة الدينية مثل أنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك على عكس البلدان والدول التي يغلب عليها الأرثوذكسية والكاثوليكية مثل فرنسا مثلا، أين قامت ثورتها في 1789 ضد النبلاء والكنيسة بسبب تحالف الكنيسة مع طبقة النبلاء والحكم الملكي المقدس، وكانت تبرر سلوكاتهم الإستعلالية والتمييزية دينيا، لكن رغم ذلك لم تتمكن فرنسا ذاتها أن تعلن وتسن قوانين العلمانية صراحة إلا في 1906، أوردت ذلك، كي أبين مسألة هامة جدا وقعت في الغرب، فلم تكن المسألة هو ضرب الدين لذاته، بقدر ماكانت تحرير الإنسان من سيطرة رجال الدين بفعل الإصلاحات الدينية التي قادها لوثر وكالفن وغيرهم، مما جعل بإمكانية أي مسيحي أن يقرأ الكتاب المقدس ويؤوله حسب فهمه، ولا ينتظر رجل الدين في ذلك، ولهذا تحرر هؤلاء من رجال الدين، ودخلوا في نظام ديمقراطي دون أن تثير المسألة الدينية أي عراقيل وعوائق، فما نريد قوله، هو ليس معاداة الدين في مجتمعاتنا، بل تحرير الإنسان من سيطرة رجال الدين، وكما كتبته في إحدى مقالتي، فإننا نحتاج إلى -بروتستانتية إسلامية-، وهذا لن يتم إلا بتطبيق أول أمر قرآني، وهو -إقرأ- بمفهومه الحقيقي، فبالتعليم العميق، يكتسب الإنسان روحا نقدية، ويصبح لا حاجة له إلى رجل الدين كي يفتي له، فيستغله من خلال ذلك، فيتحرر الإنسان نهائيا من رجل الدين الذي سيضعف تأثيره في المجتمع، فلا يتمكن أي كان من إستخدام الدين لتبرير الإستبداد والإستغلال وإقصاء مواطنين من حقوق المواطنة الكاملة، أي يصبح الدين فعلا مسألة شخصية، ليس فقط في مسألة العبادات، بل حتى في تأويلاته وفهمه دون أي تدخل من أي كان، وبتعبير آخر سيتحرر الإنسان من تأويلات رجال الدين للنصوص الدينية، لأن أغلبهم يأولون ذلك لخدمة مصالحهم الطبقية، فعندما يتحرر الإنسان عنهم، سيحدد هذا الأخير ممارساته وتأويلاته للدين إنطلاقا من مصالحه الطبقية هو، وليس مصالح بعض رجال الدين الذين يستغفلونه. أن المعضلة التي نعاني منها هو كيف نواجه الإستبداد السياسي بإسم شعارات متعددة دون الوقوع في إستبداد آخر تحت غطاء ديني، وهو أبشع بكثير، لأنه سهل تبريره، فهل سنقوم بذلك بمحاربة كل الموروث الديني دون إستثناء، مما سيعطي قوة للمستبد بإسم الدين، ويضعف الفكر الديمقراطي وكل الديمقراطيين وتصويرهم لعامة الناس أنهم يحاربون الدين، أم سنوظف التراث الديني، ونستخرج منه الحزء العقلاني والمستنير منه، والذي بإمكاننا إستخدامه لتأصيل الديمقراطية وقيمها في مجتمعاتنا، وننطلق في ذلك كله من فكرة تعدد التأويلات للنصوص الدينية، ولا وجود لحقيقة مطلقة، فكل شيء نسبي، وإنطلاقا أيضا من إقناع الذين يعتقدون أن بإمكانهم إستخراج برامج حزبية من نصوص دينية، بأن النظام الديمقراطي لايقصيهم شريطة إحترامهم لكل آلياتها ومبادئها التي لا تتلخص فقط في الإنتخابات كما يعتقد البعض، ومنها قبولهم بشرط أساسي ويتمثل في عدم توظيف الدين في خطابهم وعملهم السياسي لامن قريب ولا من بعيد، وبأننا كلنا بإمكاننا توظيفه بما فيها للدعوة إلى العلمانية المتطرفة، لأن النصوص الدينية تحمل تأويلات عدة، ومن ثم يقتنع الجميع بالتخلص من هذا الصراع القاتل داخل المجتمع، والذي توظفه الأنظمة الإستبدادية الحالية بضرب هذا بذاك للإبقاء على الوضع كما هو بحكم أنه الحكم بين هذين الطرفين، وبتعبير آخر العمل بالحوار والنقاش على تشكيل ما أسماها محمد عابد الجابري ب-الكتلة التاريخية- لمواجهة الأنظمة الإستبدادية- بعد إتفاق الجميع على أن النظام الديمقراطي الحقيقي يعيش في ظله المتدين وغير المتدين، ويضمن الحريات للجميع شريطة إحترام الآخر والإلتزام بمبادئه كاملة. يجب علينا قراءة ظاهرة النهظة والإصلاح الديني التي عرفتها مجتمعاتنا المعاصرة بداية بمحمد عبده والأفغاني بتمعن، فقد تمكن هؤلاء الإصلاحيين تحقيق خطوة جبارة نحو الحريات الديمقراطية، وقد ذكرت جوانب منها في المقالة الإفتتاحية، فالكثير من اللبيراليين في مصر كلطفي السيد وزغلول وغيرهم مثلا كانوا نتاج غصلاحات محمد عبده، ولو أستمرت تلك الإصلاحات، لكنا قد خطونا خطوات جبارة، لكنها تراجعت لعدة أسباب، ليس هنا مجال بحثها، لكنها ظاهرة تتكرر دائما في تاريخنا، فكل محاولة إصلاح وتطور للأمام تفشل بعد مدة، فتعود الافكار الظلامية والمتطرفة من جديد، اعتقد أن هذه الظاهرة تحتاج إلى بحث علمي معمق لمعرفة أسبابهان كي نتجنب عدم تكرارها. لم أقل إطلاقا في مقالتي الإفتتاحية ولا في كتاباتي وجود ديمقراطية في التاريخ الإسلامي، بل هناك مظاهر جنينية، بل أطرح دائما سؤالا جوهريا، وهو كيف للمسلمين الذين يقرأون في القرآن الكريم أن آدم قد طرد من الجنة بسبب أكله للشجرة معتقدا أنه سيكون له بذلك الملك الذي لايبلى، ولم ينتبهوا إلى هذه الآية التي تقول أن مشكلة السلطة هي أكبر مشكلة للإنسان الذي يجب عليه حلها، لكنهم لم يفكروا في ذلك، بل برروا الإستبداد، وليس فقط ذلك، بل برروا وجود نظاما إستبداديا كسرويا، نقله وأستورده الأمويون من بلاد فارس، ولم يقل لهم أي كان آنذاك أنه إستيراد لسلوكات ومؤسسات غير مسلمين، فلنقم اليوم بإستيراد الآليات الديمقراطية التي تتماشى مصالح الشعوب، كما أستورد الأمويون بالأمس نظام بلاد فارس الكسروي الإستبدادين والذي كان ضد مصالح المسلمين. فالتخلص من الفكر الديني المتطرف يحتاج إلى معارك على عدة جبهات فكرية وإقتصادية وسياسية، ويتمثل في جانبها الفكريي بضرب الجانب المظلم والتأويل الإنحطاطي للنصوص الدينية، وبالعمل في الجانب الإقتصادي من أجل فك الإرتباط بالرأسمالية العالمية التي هي أحد اسباب تخلفنا، والعمل على الصعيد السياسي بإقامة نظام ديمقراطي، وذلك بإيجاد آليات، لا تقصي أي كان، بما فيهم الذين يعتقدون بأنه بالإمكان إستخراج برامج سياسية وإقتصادية من نصوص دينية، لكن شريطة عدم إستغلالهم الدين في عملهم السياسي، فبذلك نتطور تدريجيا وبمرور الزمن، لأن أي إقصاء، سيعطي لهم ذريعة نشر هذه الفكرة، وهذا السلاح الفتاك الذي يستخدمونه، وينشرونه بدعم من الأنظمة الإستبدادية، وهي إشاعتهم أكذوبة أن الديمقراطيين يحاربون الشعب في دينه.
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
رابح لونيسي - بروفسور ومفكر جزائري - في حوار مفتوح مع القراء والقارئات حول: مستقبل الحركية الديمقراطية في العالمين العربي والإسلامي / رابح لونيسي
|
|
لارسال هذا
التعليق الى شبكات
التواصل الاجتماعية
الفيسبوك، التويتر ...... الخ
نرجو النقر أدناه
|
تعليقات
الفيسبوك
|
|
|
المزيد.....
-
أفكارٌ بسيطةٌ غيرَ مُلزمَة لأحد ..(32)
/ زكريا كردي
-
خبراء مغاربة وأجانب بالجديدة يتدارسون افضل السبل لإدماج الذك
...
/ عزيز باكوش
-
زميلتي الكورية التي فازت بجائزة نوبل للآداب2024/محمود شقير3
/ محمود شقير
-
وقف الحرب في لبنان أكثر احتمالاً من غزة
/ سنية الحسيني
-
الراسمال الرمزي ودوره في ترسيخ الاستلاب في الشرق الأوسط
/ غالب المسعودي
-
الغارات الإسرائيلية جعلت صور اللبنانية مدينة أشباح
/ حسن العاصي
المزيد.....
-
عضو بالكنيست الإسرائيلي: مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وجالانت
...
-
إسرائيل تدرس الاستئناف على قرار المحكمة الجنائية الدولية الص
...
-
وزير الخارجية الأردني: أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت رسالة لو
...
-
هيومن رايتس ووتش: مذكرات المحكمة الجنائية الدولية تفند التصو
...
-
الاتحاد الأوروبي والأردن يُعلنان موقفهما من مذكرتي الاعتقال
...
-
-فاتنة الحلبة-.. الحسناء سيدني تخرج عن صمتها بعد أن اشعلت من
...
المزيد.....
|