السيدة القديرة فاطمة ناعوت تحية طيبة نجات حميد احمد اْعتقد اْن هذا القول لبرنادشو يندرج ضمن العقلية الكلاسيكية الاْوروبية في مجال الفلسفة والفكر ولا يمثل اْزمة المبدع في هذا الزمان ,لاْن السؤال الاْهم وبالعلاقة بالاْبداع و(اْزمة كل مبدع) هو السؤال عن ماهية الكتابة واللغة والرؤية ,لقد اْوضحت فكرة التناص اْننا نعيد صياغة ما قيل سابقا بصورة اْو صياغة جديدة كما اْكد على ذلك بارت ,فبرناردشو نفسه لم ياْت بفكرة جديدة تتمكن من تجاوز ما اْوتي به من قبله كتاب ومفكروا ما بعد الحداثة لاْنه كان يمتلك في قرارة نفسه قوة اْيدولوجية في الكتابة,فاْفكاره عبارة عن تمازج العالم الفلسفي والفكري الكلاسيكي مع الاْفكار الحداثوية ,واْعتقد اْن اْزمة الاْبداع هو البحث عن السبب الوجودي لمعنى الاْبداع ,اْي لماذا اْبدع ولماذا الاْبداع مهم بالنسبة لي؟ اْي هل للاْبداع مغزى بشري واْنساني ووجودي؟فبهذا المقياس الكلاسيكي من الممكن تصوير شخصية هتلر شخصية مبدعة لاْنه كان يحلم بتوحيد اْوروبا اْعتقادا منه اْن ذلك الهدف الذي فشل نابليون فيه سينجح هو لان بونابرت لم يكن يمتلك الطائرات ولا الدروع الحديثة,ومن الممكن ان نعتبر الطاغية صدام حسين مبدعا لاْنه كان يحلم بالبطل التاْريخي الذي يوحد العرب ومن الممكن اْعتبار من اْستهدفوا بناية التجارة العالمية مبدعون لاْنهم فكروا وحققوا وحلموا بشىْ لم يفكر فيه اْحد ومن الممكن كل من اْخترع اْسلحة فتاكة وحديثة مبدعين لاْنهم حققوا حلمهم الذي لم يكن له وجود قبلهم .....الخ فمن الناحية الاْخلاقية والاْنسانية والتاْريخية اْثارت فكرة الحداثة مراجعة ماهية الاْنسان والوجود معا وكيف نميز بين الفعل الاْنساني والغعل الحداثوي اللااْنساني ,وهل يحتل الاْنسان فيه مركزا اْنسانيا في كل ما يفعله,فهل من الجائز اْعتبار هتلر وشخصا مثل برنارد شو و كوشنير شخصين يحتلون مكانة واحدة في ميزان الاْبداع ؟وهل من الجائز اْعتبار مخترع الكلاشينكوف وتوماس اْديسون شخصين مبدعين ونضعهما في كقة واحدة؟ فاْذا ماكان حديثنا عن الاْدب ودوره في تحقيق التغيير الفكري اْو الاْجتماعي,فمنذ السرياليين توصل كثير من الاْدباء وفلاسفة العصراْن الاْبداع في الاْدب وحتى مزاولة الاْدب لاتلعب دورا في التغيير الاْجتماعي واْذا ما حدث ذلك فاْنها ليست من اْهداف الاْدب ,فكان اْبتعاد الشاعر اْوكتافيو باز عن السريالية تكمن في هذه المساْلة الحساسة لاْنه لم يعتقد باْن باْمكان الاْدب اْجداث التغيير مهما كان مبدعا,ففي مناسبة اْجتماعية قال سارتر منكسرا ما فائدة الاْدب اذا لم يتمكن من اْنقاذ طفل من الموت؟الفكرة الاْساسية هي اْن الاْدب هو مسائلة اْحاسيس الاْنسان ووعييه,وليس توحيه هذه الفكرة وصقلها كواجب اْخلاقي فماذا نقول ازاء المخرج الذي يبدع في سرد حياة اْنسان قاتل ويبرر اْفعاله من المستبعد جدا البحث عن الاْدب كبديل لاْية مزاولة اْنسانية وبشرية ؟ا(( يُنظرُ في أحايين كثيرة للمبدع والعالِم نظرةَ المجنون المنشقّ عن الطريق الجمعي)) كيف ذلك ؟اْن فكرة الجنون في الاْبداع ليست في فكرة اْعتبار الاْنسان مبدعا لاْنه قد جن جنونه اْو اْن الجنون يوصل الاْنسان الى الاْبداع,كما اْستخم هنا,بل اْن علاقة الجنون بالاْدب هي علاقة فلسفية ,الجنون فى الفكر تشبه البذور في الاْرض الخصبة ,اْي العوامل المحركة والمحرضة لفكر الاْنسان ورؤيته في كيفية التعبير عن نفسه وهو يشعر باْن الفكر فيه صفة التجديد المستمر واْن الجنون ليس الاْنشقاق عن الطريق الجمعي بل تفسير الفكر الجمعي وتجاوزه بواسطة حالات فكرية تشترك فيها عوامل نفسية وفلسفية ووجودية.ليتكي قراْتي طروحات هايدجر عن الكتابة والجنون ,ولذلك فاْن النص كما في النقد الكلاسيكي عبارة عن كتابة يجب محاكمته كما تقول(أودُّ أن نختبر معًا إن كان يليق أن نحاكم -قطعة أدبية-فباْي مفهوم اْكاديمي وعلمي نقوم بمحاكمة النص ؟ واْين ماكنة مفهوم المحاكمة من الرؤية التاْويلية والاْلسنية والبنوية والشكلانيةفي تحليل النص؟ النص لا يحاكم بل النص هو عالم قائم بذاته والنقد يحاول اْن يبحث عن البنى والمكنونات الدلالية التي تساعدنا في تحقيق حالة التلذذ والمشاركة والتاطف والفهم الموازي ,لقد ولى زمن توجيه الكاتب من خلال نصهم ,فكل الطروحات الاْيدولوجية كانت من واجبها الاْخلاقي اْن توجه الكاتب من خلال نصه وتشتيت كل مفهوم اْو رؤية باْمكانها اْحداث الخلاف والرؤية المختلفة.فاْذا ماكان الحداد لايستطيع اْن يقوم بعملية جراحية فاْن في الاْدب يختلف الاْمر كثيرا ,فالناقد الاْلسني والتاْويلي اْو الشكلاني و البنيوي يتمكن ومن خلال رؤيته المنفتحة على المعرفة الاْنسانية واللغة والمعنى اْن يحلل كل الاْنواع الاْدبية وكل الخطابات النثرية وحتى السياسية والفنية وحتى تحليل التقارير والاخبار الصحفية والغناء والرقص والملبس والاْكل ...الخ. اْن مفهوم الاْبجديات الغيرمعروفة ورسم العالم (الطوباوي) الذي يتمناه وبعدها تترائى اْمام عينيه صور شعرية ..حلمية,,,هو فهم كلاسيكي للاْدب والتجديد الاْدبي ,لاْن كل جنس اْدبي له عالمه الخاص به في تنظيم واْنتاج المعنى,من الممكن اْن يكون الاْديب حالما ولكن حلمه مرتبط برؤيته للحياة وفهمه وتاْثره ولكن الحلم لن ياْتي اذا ماكان الاْديب لا يمتلك رؤيته الخاصة للحياة والحلم يتغير لدى الناقد اْو الباحث مما هو عليه عند الشاعر في الكيفية والتاْثر ,وليس الحلم من يخلق الاْبداع لاْن الحلم هو اْنتاج لما نفكر فيه وما نريد طرحه,فهنالك من يحلم دائما وليس بمقدوره العمل على تحقيق حلمه ولا يعتبر محاولته هذه اْبداعا اْو خلقا اْدبيا ,واْذا ما اْعتبرنا الحلم كطموح اْنساني لتحقيق عالم اْفضل كما جاء في مقاطع من هذا البحث,هنالك طرق اْخرى لتحقيق هذا الهدف دون الاْستعانة بالاْدب ,لاْن ليس من واجب الاْدب اْن يحقق عالما اْفضل من هذا العالم كفكرة رئيسية وهدف رئيسي لممارسته ,الاْدب عبارة عن فن اْنتاج المعنى بشكل اْخر ومعاني اْخرى .
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
فاطمة ناعوت -كاتبةٌ صحفية وشاعرة ومترجمة مصرية - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: لماذا يقتلون الشعراء؟! أبجدياتُ الحُلم، وأبجدياتُ الواقع. / فاطمة ناعوت
|