أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - عبد السلام أديب - باحث يساري ومناضل نقابي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: نمط انتاج رأسمالي في مفترق الطرق: الاشتراكية أم البربرية؟ / عبد السلام أديب - أرشيف التعليقات - رد الى: مكارم ابراهيم - عبد السلام أديب










رد الى: مكارم ابراهيم - عبد السلام أديب

- رد الى: مكارم ابراهيم
العدد: 573953
عبد السلام أديب 2014 / 9 / 29 - 17:34
التحكم: الكاتب-ة

تحية مجددة للرفيقة العزيزة مكارم ابراهيم، تطرحين من خلال مداخلتك قضايا جد مهمة وملاحظات ثاقبة، حيث تنبهين الى سلسلة من القرارات السياسية الحكومية التي تم اتخادها لتدبير الازمة على كاهل الفقراء والتي أصبحت تدمر الأساسات المادية للطبقة العاملة من تسريحات واسعة للأيدي العاملة وبطالة متزايدة في جميع الدول حتى المتقدمة منها ومن بينها البلدان الاسكندنافية كالدانمارك حيث تعيشين وتلاحظين ذلك جيدا. كما تلاحظين التزايد المتواصل في معدلات الفقر بينما في الجهة المقابلة تلاحظين التزايد الفاحش في غنى وثروات الاقليات الحاكمة.
تتناولين على المستوى السياسي ظاهرة الحروب المحلية وتصاعد ظاهرة الاسلام السياسي وبروز الجماعات الاسلامية المتطرفة كداعش وجبهة النصرة، وتتساءلين عن مدى العلاقات التي تجمع هذه الجماعات الاسلامية المتطرفة بالموساد وبالإمبريالية على خلفية اتهامات قائد داعش ابو بكر البغدادي بأصوله اليهودية. كما تطرحين امكانية اعتماد الاستراتيجية الامبريالية على لباس الارهاب الاسلامي المتشدد كصناعة صهيونية أمريكية.
انك تطرحين هذه الاشكاليات الكبرى وتجيبين عنها في نفس الوقت بتلميحاتك وملاحظاتك وخلاصاتك الصائبة، سأحاول من جهتي أن أجد لها بعض الروابط التي تجمع فيما بينها على المستويين الاقتصادي والسياسي.
لقد سبق لي أن أشرت في الأرضية المطروحة للنقاش الى خلاصة هامة لكارل ماركس في مقدمة نقده للاقتصاد السياسي الصادر سنة 1859 تقول، أنه عند بلوغ قوى الانتاج وعلاقات الانتاج درجة قصوى من التناقض حيث يقود أي استمرار في ذلك التناقض بشكل مباشر نحو تدهور قوى الانتاج. إن هذه الخلاصة الدقيقة لماركس هي بالفعل ما يحدث في مرحلة الامبريالية كأعلى مرحلة للرأسمالية والتي سيفسرها لينين بشكل أعمق. وإذا كان هذا النوع من التناقض قد بلغ أوجه مع بداية القرن العشرين واستطاعت الامبرياليات معالجته مؤقتا عن طريق تفجير مجزرتين عالميتين سقط ضحيتهما 84 مليون نسمة من العمال المجندون قسرا في الجيش بايديولوجيات برجوازية مخادعة، اضافة الى تدمير حربي واسع لقوى ووسائل الانتاج وهو ما نتج عنه بعد انتهاء الحرب ما يسمى بالثلاثينية المجيدة 1945 – 1975 وهي الفترة التي تتطابق مع اعادة بناء ما دمرته الحرب العالمية الثانية ومع مخطط مارشال. لكن التناقض سينفجر من جديد وبكل قوة بعد انتهاء اعادة البناء منذ أواخر عقد الستينات من القرن العشرين وهو التناقض الذي انطلق مع ما يسمى بتضخم الجمود بمعنى تزامن التضخم مع الكساد، تعمق هذا التناقض والازمة المزمنة المترتبة عنه والتي نهت عهد الكينزية هي التي يمكن الانطلاق منها لتفسير ما يحدث في عالمنا المعاصر. بمعنى أن أزمة البنيات التحتية الاقتصادية وما ينتج عنها من تسريحات جماعية ومن تجميد للاجور ومن افقار واسع ومن ضرب كافة الخدمات الاجتماعية المكتسب من خلال نضالات عمالية مريرة، كل ذلك أصبح يتم لصالح تعويض البرجوازية المهيمنة عالميا ومحليا بدون شريك عن تدهور معدل ارباحها معدلات تراكمها الرأسمالي، وهو ما أحدث افقارا واسعا وسط الجماهير الشعبية من جهة واثراء فاحشا للأقليات المهيمنة من جهة أخرى.
إذن فنحن أمام عنصر أول من الاجابة يتمثل في وضعية البنيات التحتية الاقتصادية المتأزمة والتي خلقت هشاشة واسعة وسط الجماهير الشعبية، وبطبيعة الحال أن هذا الافقار الواسع المحلي والعالمي سيؤدي إلى ردود فعل قوية، فكما يقول كارل ماركس ليس في البؤس غير البؤس، بل أن البؤس يدفع الناس الى التفكير والثورة من أجل تحسين أحوالهم. لذلك فإن العنصر الثاني من الاجابة تتمثل في الغليان الذي أصاب البنيات الفوقية نتيجة ازمة البنيات التحتية. ونعني بالبنيات الفوقية كامل الصرح الايديولوجي والسياسي والثقافي والاجتماعي والقانوني والمؤسساتي... الخ، علما أن تدهور وضع البنيات التحتية يؤدي مباشرة الى اختلالات لا حدود لها في البنيات الفوقية. فكارل ماركس يشير في مقدمة نقد الاقتصاد السياسي: -التغير الذي يحدث في القاعدة الاقتصادية يزعزع بحدة أكبر أو أقل سرعة كامل صرح البنيات الفوقية-. ونستخلص هنا أن التناقض الحاصل نتيجة الازمة الحادة في البنيات التحتية الاقتصادية وانعكاس ذلك التناقض في تدهور متواصل للبنيات الفوقية، فنصبح إذن أمام دوامة من التحلل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وبالتالي تفشي مظاهر الانحطاط نتيجة لكل ذلك.
ونظرا لأن الناس لا تستوعب ما يحدث لها من تدهور وانحطاط في شروط معيشتها نتيجة الأزمة، فإنها في الغالب ما تبحث عن تفسيرات ميتافيزيقية خرافية بعيدة كل البعد عن التحليل المادي العلمي. فالناس تجد نفسها أولا أمام الايديولوجية البرجوازية المهيمنة عالميا ومحليا، وهي الايديولوجية التي تصاب بالانحطاط أيضا وتبدأ في التفكك نظرا لفقدانها لبريقها وللمصداقية وتظهر بشاعتها أكثر عندما تبدأ القوى المهيمنة في معالجة تناقضاتها على حساب الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية. وحتى لا تنحاز الجماهير الشعبية نحو الفكر البروليتاري الثوري الذي يتطلع الى التحرر من نمط الانتاج الرأسمالي وفرض الاشتراكية، تسعى البرجوازية المهيمنة نحو تكريس الفكر الميتافيزيقي والخرافي كجواب على الأزمة من أجل حجب الرؤية العلمية لها. فلا تجد البرجوازية أمامها سوى الفكر الديني الغيبي الذي يفسر ما يحدث من انحطاط على اساس خرافي يتمثل في أن -الابتعاد عن الدين وعدم احترام الشعائر الدينية هو اساس المصائب-. وانطلاقا من هنا يمكننا تفسير مراهنة الامبريالية منذ الانتفاضة التونسية على الاسلام السياسي كثورة مضادة وكأساس لتقويض أي وعي طبقي جنيني بدأ يتطور في المنطقة.
لقد حاربت الامبريالية الفكر الاشتراكي بشكل مبكر في الاتحاد السوفياتي عن طريق تقوية التيارات الدينية، كما وظفت الولايات المتحدة المجموعات الدينية المتشددة في افغانستان عندما كانت خاضعة للنفوذ السوفياتي والتي عمل فيها بن لادن كعميل للمخابرات الامريكية دورا اساسيا. كما ستحارب الكثير من البلدان انتشار الفكر الاشتراكي داخلها عن طريق تقوية النزعة الدينية. وهذا ما حدث في المغرب أواخر عقد السبعينات حينما تم الغاء تدريس الفلسفة والسوسيولوجيا وتعويضهما بالفكر الاسلامي مما أدى الى تراجع الفكر الاشتراكي وتقدم الفكر الغيبي والخرافي.
بطبيعة الحال ان تحكم الامبريالية والصهيونية في المجموعات الاسلامية المتشددة يظل مع ذلك نسبيا، وأن نتائجه لا تكون مضمونة بشكل كامل مائة بالمائة وهو ما يحدث حاليا في مثال داعش، فالامبريالية والصهيونية قد لا تتحكم سوى بشكل جزئي في هذا الوحش الذي صنعته. لكن الامبريالية متأكدة بأن صناعتها لهذا الوحش سيدمر خلايا العقل الانساني الواعي الديموقراطي والاشتراكي في المنطقة وبالتالي لن يسعى هذا الوحش الى تدمير نمط الانتاج الرأسمالي الذي يعيش مرحلة انحطاطه. بل يشكل سببا لتعبئة مختلف الشعوب المسالمة وراء الامبريالية للتدخل عسكريا لاستئصاله وبالتالي تحقيق بعض الاهداف الاستراتيجية الحربية للإمبريالية.
خلاصة لما سبق أن نمط الانتاج الرأسمالية الذي يوجد في وضعية كارثية نتيجة أزمة البنيات الاقتصادية التحتية والتي بلغت مرحلة جد متقدمة من احتداد التناقض بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج مما ولد ازمة متفاقمة متواصلة اعتمدت معها البرجوازية المهيمنة اساليب تدبير الازمة على حساب الجماهير العاملة. ونظرا للاختلالات التي ترتبت عن ذلك اختلت معها البنيات الفوقية الايديولوجية والسياسية والثقافية والقانونية ... الخ. وحتى لا تترك الامبريالية للجماهير العمالية المتضررة من ازمة نمط الانتاج الرأسمالي الحرية لاختيار طريق الثورة لفرض الاشتراكية بدلا من نمط الانتاج الرأسمالي، تلجأ الى تقوية الفكر الديني والخرافي والظلامي لتشويه الوعي الطبقي، وهذا ما أدى الى ولادة الوحش داعش الذي أصبح مبررا للإمبريالية لتتدخل عسكريا بحثا عن معالجة مؤقتة لانحطاط نمطها الانتاجي.
مع صادق محبتي وتقديري


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
عبد السلام أديب - باحث يساري ومناضل نقابي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: نمط انتاج رأسمالي في مفترق الطرق: الاشتراكية أم البربرية؟ / عبد السلام أديب




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - لماذا يكره الاخوان المسلمين السعودية ويحبون تركيا ؟!! / أحمد فاروق عباس
- الوعي بين النفس والوجود (1) / علي محمد اليوسف
- السنغال – ظروف وآفاق فَوْز حزب -باستيف- المُعارض / الطاهر المعز
- رسالتان لحكومات العالم : / عزيز الخزرجي
- سيناريو اليوم المشؤوم / كاظم فنجان الحمامي
- تحويل غزة إلى أرض غير صالحة للسكن للأجيال المقبلة ( الأرض ال ... / علي ابوحبله


المزيد..... - تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- بعد فوز ترامب.. الاهتمام بـ-التأشيرات الذهبية- بين المواطنين ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - عبد السلام أديب - باحث يساري ومناضل نقابي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: نمط انتاج رأسمالي في مفترق الطرق: الاشتراكية أم البربرية؟ / عبد السلام أديب - أرشيف التعليقات - رد الى: مكارم ابراهيم - عبد السلام أديب