تحياتي الرائع والمناضل استاذ سامي كم يسرني ان اقرأ المقال هذا و على السريع, و بعض التعليقات, انه جهد محترم اشد على يدك ايها الصديق. طبعا اتفق على كل رؤياك و طرحك و على الاجابات للاخوة المعلقين, و فرحت بالغة الجدية والادبية التي تطغي على الحوار, فهذا يعكس عمق الفهم و الرغبة في تجاوز القيم القديمة والعمل على نقدها بشكل موضوعي, من هذه المقدمة اريد الدخول على امر مهم, ان الوضع الحالي للمجتمع والدولة التي نعيشها, قد انتجت النخبة الواعية والمجربة ومع انها انتجت الغالبية المغيبة.ما اريد قوله ان شعوبنا تعيش حالة غريبة و مريضة فطغيان الدين هو ليس ذاتي بل انه تجلي لحالى الوضع الطبقي المسرطن.ان التشويه الذي تم للمجتمع ومن خلال سلطة الدكتاتورية ومن المحيط إلى الخليج حفرت في الجسد الطبقي وشم التشرنق على جميع الاصعدة. لنرجع الى ال50 و 60 الستينات فترة التحرر الوطني و القضاء على الاستعمار بيد رجال الاحرار من عكسر واحزاب وطنية وحظور احزاب شيوعية,أدى انزواء الدين فصار جمال عبد الناصر مصر وعبد الكريم قاسم العراق حضورا في وجدان الشعب, لم يجرأ رجل الدين عما عليه اليوم! ما اعنيه ان الثورة التحررية عملت على البداية بمشروعات اقتصادية وسياسية وصار بروز للنقابات واتحادات الطلبة الوطنية و منظمات نسوية و عملت احزاب اليسار و شيوعية على تحشيد شباب الشعب, وبشكل جماهيري.اي ان الطفرة الاقتصادية والسياسية كانت محاولة لبناء دولة علمانية. لكن الذي حدث ان التحدي ارعب الرجعية العربية وكان رجل الدين يتلوى ألماً من فقدانه المنزلة الطبقية و الدينية, فبدأ العمل والتكتل لقوى الرجعية من مملكة سعودية ودول الخليج, وطبعا بتحالف الغرب و امريكا. فتم اسقاط المشروع الحداثي والتوجه العلماني للدولة وفقدت الدولة البريق التقدمي.فهذا الارتداد صاحبه توقف للمشاريع الاقتصادية, وإلى نمو طبقة برجوازية طفيلية مرعبة تعتمد على الدكتاتور الفردي( قذافي واولاده صدام وأولاده و حسني وأولاده ووو) الدولة صارت ملك للدكتاتور و صار الوطن شركة بيد الدكتاتور وهذا الدكتاتور عمل على التقارب لشكل المملكة الوهابيةوالمشايخ الخليج وهو كان يستخدم الدين في الدولة من اجل تخدير الجماهير, ووسيلة للسيطرة على دفة السلطة, إذ الدكتاتور الطفيلي قضى على التطور الاقتصادي الحضاري, لذا تكلس الوضع ولمدة 4 عقود فالدولة كانت بلا هدف ولا قيم. لذا استطاع الاسلام السياسي الافادة من توجهات الدكتاتور في ضربه للمنظمات اليسارية والشيوعية والطلابية و المنظمات النسوية, فهكذا صار انهيار لكل القيم الحداثوية التي جاء بها قادة التحرر الوطني بكلمة اخرى لم تتطور البرجوازية الوطنية لتقفز الى دولة برجوازية صناعية, لتقوم بمهامها كما قامت البرجوازية الوطنية الصناعية في اوربا.طبعا لا ننسى ان الغرب وامريكا كان يعمل مع السعودية والخليج لايقاف التطور الاقتصادي و حضور اليسار والاحزاب الشيوعية, تماما كما حاولت امريكا على ضرب الفيتنام وكوبا لكن فشلت هناك ونجحت في المنطقة العربية حيث ركزت امريكا وبريطانيا على منابع النفط في العراق والسعودية والكويت وايران. ما حصل ان تآكل النظام البرجوازي الطفيلي المتمثل بقذافي وصدام و حسني, صار لقمة سائغة للاسلام السياسي, فحالة التردي كانت موجودة في العقود الاخيرة للدكتاتور صدام و حسني و قذافي, وهكذا صرح حسني مبارك الاخوان من بعدي و خط صدام حسين الله و اكبر على العلم العراق, و هو بحد ذاته كان خوف الدكتاتور من القادم المرعب( كش مات للدكتاتور), بعد تحطيمهم لاحزاب اليسار و الشيوعية. ان انهيار الدكتاتورية رفع الغطاء عن كل القيح و القيم المتعفنة التي كان يتربع عليها الدكتاتور, الذي عمل لمدة 4 عقود في خدمة الامبريالية الامريكية, وهكذا تبرز الحقائق اليوم ومن الغرب وامريكا عن كيف تم تدمير جمال عبد الناصر وقتل عبد الكريم قاسم في العراق,و هناك الكثير من الرجال في البنتاكون والبيت الابيض اكدوا عن عمالة صدام حسين لامريكا. ومن هنا نرى حجم و ثقل التركة التي خلفها الدكتاتور والامر لم ينتهي فبعد سقوط الدكتاتور جاءت امريكا, كما نابليون محررين لا فاتحين في العراق وجاء فصل الدولة الطائفية والقتل على الهوية وهو من خيرات الدولة الدكتاتورية التي عملت على قمع الشعب و تدمير نسيجه القومي و كل اطيافه و تحطيم العقل والتفكير الطبقي, و في مصر دعمت امريكا دولة الاخوان كحزب يمثل البرجوازية الطفيلية لتحويل مصر الحضارة الى سعودية بكل معنى الكلمة عشائرية طائفية لقتل الشيعة والاقباط. لهذا اقول ان الدين هو انعكاس لشكل السلطة البرجوازية الطفيلية التي تكلست و صارت كابوس ينتج اشكال من سرطانات للتخلف والشعوذة وتحطيم العقل وقتل الانسان. بأختصار يمكن القول ان جميع الدول العربية مرت في مخاض تحقيق الديمقراطية واثبتت البرجوازية القومية فشلها التام مما حدى بها التراجع الى الخلف عوضا عن التقدم لذا صار التفكير الديني هو السائد و تجرأ الاخوان للتقدم للسلطة. الا ان الضربة القوية التي وجهها الشعب المصري لدولة الاخوان كان شيء رائع و مبكر! فكر ! ان الشعب المصري هزم سلطة الاخوان في 369 يوم! اتذكر لليوم كيف ضحك الناس من الشعب المصري على انه شعب جاهل وغبي بَدلَ حكم العسكر بدولة الاخوان, فصرخ قصيري النظر لا يسطيع الشعب المصري الخلاص من دولة الاخوان لقرن. لكن اثبت الشعب انه ليس غبي واثبت بأنه يسبق الاحزاب السياسية في مصر ولعدم وجود احزاب سياسية وافق الشعب بالقائد السيسي. فالشعوب لا تهمل بل تمهل. ان ازمة الديمقراطية هي اليوم ترجع قوية في نفوس الشعوب المقهورة ولذا في اجواء الصخب هذه,اليوم تحاول البرجوازية الطفيلية المرتبطة بالامبريالية حلها عبر افتعال الحرب الطائفية, وهي بديل عن الحرب التي خاضها صدام حسين بحروب الخليج للهرب من حل الازمة الديمقراطية. الاسلام السياسي هو صرخة بداية النهاية لهزيمة البرجوازية الطفيلية,قد تطول او تقصر حسب نمو و صعود احزاب اليسار او ظهور شخصيات سياسية ام عسكرية حاذقة كما حالف الحض الشعب المصري! افلاس دين دولة البرجوازية!!!
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
سامى لبيب - مفكر يساري وباحث في الشأن الديني – فى حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول حضور الفكر الدينى كسبب للتخلف ومقوض لتطور المجتمعات العربية وكأداة للسيطرة الإستعمارية . / سامى لبيب
|