أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حسان خالد شاتيلا - كاتب ومفكر يساري - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: دور ومهام اليسار الاشتراكي الثوري في ثورة الخامس عشر من آذار 2011 في سوريا. / حسان خالد شاتيلا - أرشيف التعليقات - رد الى: جورج ابراهيم - حسان خالد شاتيلا










رد الى: جورج ابراهيم - حسان خالد شاتيلا

- رد الى: جورج ابراهيم
العدد: 457351
حسان خالد شاتيلا 2013 / 3 / 15 - 04:42
التحكم: الكاتب-ة

السيد جورج إبراهيم،
سيدي الكريم،

في منتصف الخمسينات من القرن العشرين، وكان المجتمع في سورية ومجلس النواب يخوض معركة سياسية حامية الوطيس ضد الأحلاف النيوكولونيالية التي استقطَبَت عراق السلالة الملكية الهاشمية، وأردن الملك حسين، وتركيا عدنان مندريس، وآل سعود في شبه الجزيرة العربية، والإمبراطورية الإيرانية. هذه القوى الإقليمية، لم تفتأ تمارس ضغوطا بشتى الوسائل على السياسة السورية لحملها على الانضمام إلى -حلف بغداد-. آنذاك اغتالَ عسكري من الجيش السوري ضابطا برتبة -عقيد ركن-. الهدف من وراء اغتيال عدنان المالكي، بيد عسكري منتمٍ إلى الحزب القومي السوري، سياسيٌ محض. سياسيٌ ليس غير. سياسيٌ أولا وأخيرا.
هذا حدثٌ سياسيٌ وتاريخي، لا أثر فيه للطائفية والأثنية الدينية والقومية والعشائرية، وغير ذلك من موضوعات علم الاجتماع وفروعه، ومنها الأنثروبولوجيا أو علم ثقافات الجماعات الدينية والقومية، إلخ. لا علاقة له، من حيث هو يندرج خلال الخمسينات في المعركة السياسية بين الرجعية والتقدُّم، بالطائفية، وذلك بالرغم من أن القاتل -علوى-، والضحية -سني-
قس على ذلك، إن صح التعبير، أن الإمبراطورية العثمانية نَصَبت المشانق لرواد الثورة العربية، والذين كانوا يناضلون من أجل الانسلاخ عن تركيا، وتشييد الدولة العربية. السلطان العثماني شنق هؤلاء الشهداء لأسباب محض سياسية. إنه لم يميِّز بين مسيحي ومسلم، حسب المذهب والفرق الدينية. إنما هو قاضاهم لانتمائهم القومي المناهض للعثمانيين والقومية الطولانية. فإذا ما استعدنا، الآن، مصادر تاريخنا السياسي، أو مرجعيات الثقافة السياسية السائدة في المغرب والمشرق، لدى الأكراد والأمازيغ والعرب واليهود والمسيحيين، لرأينا كيف يتهاوى علم الاجتماع ومعه الأنثروبولوجيا إلى أسفل هاوية في عالم المعرفة. ذلك أن الثورة، منذ نشوء الحركات العامية (كومونات باللغة الفرنسية) في القرن التاسع عشر، دثرت الهويات الأثنية، ورفعت المعركة السياسية فوق الحروب ما بين الطوائف والأديان. فالقومية العربية، والحركة الشيوعية، وثقافات التحرر والثورة، والحركات القومية التحررية، من حيث مصادرها الأيديولوجية، جَمَعت في ميدان المعركة السياسية، دون تمييز بين مسيحي ومسلم، سني وشيعي، كل مكوِّنات المجتمع، ووحَّدَت بينهم، أو ذوبتهم في الصراع السياسي، ليكونوا طبقات وقوميات ووطنيات.
إن القديم يقاوم، ولا يختفي إلا في وقت متأخر، أما الحديث فإنه لا يظهر في وقت مبكِّر، وذلك بانتظار أن يتحوَّل الفعل عبر الزمان التاريخي، ومن خلال حالات اجتماعية، مادية وموضوعية، وفي سياق الصراع السياسي في المجتمع، إلى أنظمة معرفية، وقوانين، وتشريعات، وموازين قوى، وأحزاب، إلخ. غاية القول هنا، إن معركة القطيعة ما بين الدين والسياسة كانت انتهت، في منتصف الستينات من القرن الماضي، إلى ترجيح السياسة على الدين، على نحو ما هو واضح في الساحة السياسية التي كانت مسرحا للصراع ما بين القوميين والاشتراكيين والشيوعيين واليساريين، الوحدويين العرب والانفصاليين أتباع السياسة العربية الرسمية.
هزيمة حزيران 1967 قلبت موازين القوى في هذه المعركة الممتدة عبر قرنين اثنين، لترجِّح الدين على السياسة، الليبرالية الاقتصادية والسياسية على السلطات الشعبية والاشتراكية، الحرب الكلاسيكية على النضال الثوري المسلح، الصواريخ على الحجارة، القُطْرية الانفصالية على الوحدة القومية. هذه الهزيمة التاريخية دَحَرَت أنظمة سياسية، وعزَّزت تَسَيُّس الأديان السماوية التوحيدية بكل مذاهبها وفرقها الدينية. فإذا بآل سعود ومشايخ شبه الجزيرة العربية، والعسكريتاريا في سورية ومصر، يرسمون في الساحتين الإقليمية والدولية المسار أمام السياسة العربية الرسمية التي انحنت أمام الدولة الصهيونية عندما تخلَّت عن -لآت الخرطوم-، لتوافق على -قرار التقسيم- الثاني لفلسطين، 242+381 الصادر عن مجلس الأمن الدولي غداة الهزيمة. منذ هذه الهزيمة، والسياسة الرجعية العربية والدولية التي لا توفِّر جهدا من أجل تَسّيُّس الدين، تتربع فوق كل مراكز القوى في سورية وأوطان العرب والأكراد والأمازيغ، لتنشر المذهب الوهابي.
بالرغم من أن الدين تفوَّق على السياسة منذ نهاية الستينات من القرن العشرين، إلا أن السياسة، وإن كانت هي المهزومة من حيث موازين القوى والعلاقات الاجتماعية والمرحلة التاريخية، فإنها، مع ذلك هي التي تُسَّيِّس الدين، إذ هي تُخضعه لأحكام ومعايير المعركة السياسية. السياسة الدينية، الإسلام السياسي، ما هو سوى خضوعٌ اللَّاهوت وعلوم الدين، لمعركة سياسية تدور رحاها بين طرفين اثنين، أحدهما سياسي ركب الدين، والآخر يستجير بالسياسة لتحديث أيديولوجيته الدينية. إنهما يتصارعان من أجل السيطرة على سلطة السياسة والمال، وتنظيم المجتمع بالاعتماد على الأيديولوجية الدينية للهيمنة عليه. إن تاريخ الفكر الإسلامي يَتْبَع للسياسة المتغيرة عبر الحروب، والمنازعات ما بين جماعات أثنية متصارعة على الجاه والمال. المعركة السياسية من أجل الجاه والمال هي التي وَزَّعت المسلمين إلى مذاهب وفرق.
إن هذه المعركة المحتدمة ما بين السياسة والدين منذ الهزيمة، تجري رحاها في سياق المعركة السياسية ما بين الاستبداد الظالم والحريات السياسية، ما بين الديكتاتورية والديمقراطية، الرأسمالية البيروقراطية والريعية من جهة، مقابل الطبقات الشعبية والمهام الوطنية التحررية والتنموية، من جهة ثانية. بيد أن السياسية تَشهد، ما بعد 11 أيلول/سبتمبر 2011، حالة من المغالاة في تصنيف المسلين إلى مؤمنين وكافرين، معاصرين ومحافظين، سنة وشيعة. حتى أن سيدنا محمد انحسرت شمسه الساطعة، عندما اكتست السماء بغيوم سوداء محمَّلَة بالمفرقعات والقنابل وأمطار غزيرة من العيارات النارية، وسطع في الأرض والكون نور الأئمة الجدد الذين ينافسون الأنبياء والرسل على قيادة الجماعة.
على هذا النحو، فإن الصراع ما بين السنة والعلويين ليس دينيا، ولا هو اجتماعي بنيوي، وليس أثنيا، وإنما هو نتاج لتسيُس الفرقة العلوية، من حيث أن هذا التسيُّس الطائفي موظَّف من قِبَل السلطات لحمايتها. الأمر الذي يشطر المجتمع إلى جبهتين اثنتين متحاربتين سياسيا. من جهة، جبهة الاستبداد والقهر والاستغلال، مقابل جبهة التغيير الجذري للتكوين الاقتصادي الاجتماعي في سورية، من جهة ثانية. هذا الانشطار يَقْطَع اليوم، خلال زمان ثورة الخامس عشر من آذار، السياسة عن الدين، الثورة المضادة عن الثورة السياسية الاجتماعية. هذا الانشطار القاطع اتسع وامتد ليشمل كل الديانات والطوائف والقبائل، حتى أن الجهاديين السنة يذبحون أهل السنة بحجة التكفير، ومن أهل السنة من التحقوا بالسلطة، في ما كان الأسد الأب ثم الابن ينكِّلون أبشع التنكيل بكل علوي يعارض الرأسمالية البيروقراطية والاستبداد.
الأنثروبولوجيا مُكَون أيديولوجي من مكونات الثورة المضادة. ثمة مدارس في مجال العلوم الإنسانية تَنسُب المادية التاريخية إلى علم الاجتماع، وتُصَنِّف -الماركسية- ضمن نظريات علم الاجتماع، أو علوم الاقتصاد، فضلا عن المناهج العلمية والمنطقية. كلا، إن المادية التاريخية تركت أثرا عميقا في علم الاجتماع وعلم النفس والمنطق وعلوم الطبيعة، غير أنها أوسع من أن تُصَّنف ضمن إحداها. إنها معرفة مادية، علمية، نقدية، موضوعية، سياقية، ظرفية وتطورية. هي التي تُعَّرف العلوم الإنسانية والعلوم التجريبية والطبيعية والرياضيات، لكن أياّ من هذه العلوم لا يُعَرِّفها. الأنثروبولوجيا أبعد ما تكون عن تعريف المادية التاريخية.
الحرب ما بين هذين النمطين من المعرفة، إن لم تنته إلى انتصار طرف على آخر، إلا أن المادية التاريخية حدَّت إلى حد كبير من مجازر الأنثروبولوجيا التي تروِّج، من حيث هي علم بورجوازي استعماري النشأة، يُقطِّع المجتمع إلى ذرات منفصلة أو متنابذة، كل منها مستقل عن الآخر من حيث هو بنية غير قابلة للتفكك والتغيُّر، تروِّج للحروب الأهلية ما بين الطوائف والأديان، والمنازعات القومية، وتُرسِّخ الروابط الدموية، والعصبية القبائلية. إنها أشبه ما تكون بعلم الأثار وعلم المستحاثات.
تفنيد الأنثروبولوجيا باعتبارها نظرية أيديولوجية معادية للتطور والصراع الطبقي وتحرر الشعوب، لا ينفي أن التكوينات الاجتماعية التي تعود إلى عهد الإقطاع وما يرافقه من انتشار ضيِّق للعلاقات الرأسمالية، إذا هي اندثرت ما بعد انتشار العلاقات الرأسمالية في الزراعة والصناعة، في الريف والمدينة، فإنها تعود إلى الظهور إذا ما بقي النمط الإنتاجي للدولة نمطا قديما. النظام السياسي للدولة السورية العتيدة يَتْبَع، خلال كل العهود، عبر القرون وحتى غاية اليوم، نمط الاستبداد الشرقي، بالرغم من أن العلاقات الرأسمالية اتسعت لتحل محل العلاقات الإقطاعية. غير أن السلطة المُستبدة التي تَسحب من المجتمع كل السلطات، وتقتدي بأيديولوجية العنف بمختلف ألوانه الدينية والعرقية والعشائرية، تنفرد في تراكم رأس المال، وتحصيل الثورة. السلطة مصدر الثروة في المجتمعات التي اجتازت نمط إنتاج الاستبداد الشرقي، لكنها حافظت على نمطه السياسي، فلم تَعْرف الديمقراطية السياسية التي تأتي من نمط الإنتاج الرأسمالي الذي يفسح المجال أمام تراكم رأس المال في العلاقات الإنتاجية، ويُتيح لرأس المال أن يحتكر لنفسه السلطات السياسية، لحماية رأس المال، الذي حَمَله إلى تكوين دولته، من الصراع الطبقي، وذلك بفضل الأنظمة الأيديولوجية، من ثقافية وقانونية وتشريعية وبوليسية.


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
حسان خالد شاتيلا - كاتب ومفكر يساري - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: دور ومهام اليسار الاشتراكي الثوري في ثورة الخامس عشر من آذار 2011 في سوريا. / حسان خالد شاتيلا




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - رباعيات (9/10)‏ / إبراهيم رمزي
- حديث البيدق- طوفان الاقصى حتى لا ننسى (34) / نورالدين علاك الاسفي
- يوسف زيدان وفراس السواح..ألعاب الكبير والأكبر والأهم وأسماء ... / جاكلين سلام
- خمريات الشاعرة الكبيرة وئام ملا سلمان: بلوغ الأرقى (3-10) / حسين علوان حسين
- أنا الذّكْرى / محمد السوادي
- قمر وحيد ... / محمد نور الدين بن خديجة


المزيد..... - نتنياهو عن مذكرات اعتقال الجنائية الدولية المحتملة بحق قادة ...
- ألمانيا تعلن عزمها تزويد أوكرانيا بقذائف مدفعية بعيدة المدى ...
- سويسرا.. ابتكار روبوت بـ4 أرجل يقفز كالغزال
- دق الباب.. اغنية أنثى السنجاب للأطفال الجديدة شغليها لعيالك ...
- 16 قتيلا من عائلتين في غارات إسرائيلية على رفح
- شويغو: التشكيلات المشاركة في المنطقة العسكرية الشمالية تتقدم ...


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حسان خالد شاتيلا - كاتب ومفكر يساري - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: دور ومهام اليسار الاشتراكي الثوري في ثورة الخامس عشر من آذار 2011 في سوريا. / حسان خالد شاتيلا - أرشيف التعليقات - رد الى: جورج ابراهيم - حسان خالد شاتيلا