أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - خلدون النبواني - فيلسوف ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: هل لعبت الفلسفة دوراً ما في الربيع العربي؟ الفلسفة من تأويل العالم إلى تغييره. / خلدون النبواني - أرشيف التعليقات - رد الى: حميد زناز - خلدون النبواني










رد الى: حميد زناز - خلدون النبواني

- رد الى: حميد زناز
العدد: 452948
خلدون النبواني 2013 / 2 / 23 - 13:49
التحكم: الكاتب-ة

الأستاذ الغزيز حميد زنار شكراً لمداخلتك وأعتذر عن التأخر في الرد عليها وعلى غيرها. اسمح لي أن أعلن وبعد قراءتي لمداخلتك أنها مداخلة لا ترى إلا بعين واحدة وهي لهذا السبب تحتوي على الكثير من المغالطات والمفارقات التي لا يُصادق عليها تاريخ الفلسفة عبر الزمن وفي مختلف الحضارات حتى تلك الأكثر ابتعاداً عن الدين. لقد اعتدتُ قراءة مقالاتك على موقع الأوان، وكانت دائماً برأيي تحتوي على وجهة نظر نقدية قوية ولكنها تذهب في تطرفها ونقدها حد التطرف الإسلامي. فالتطرف كما تعلم يا سيدي الفاضل مرجعيته واحدة سواء أكانت علمانية أم دينية، -ديمقراطية- أم دكتاتورية الخ.
هناك شيء من جلد الذات نجده في بعض كتابات المفكرين فهم لا يرون إلا السلبيات ويسقطون ذلك على قراءتهم فيصبغون كل ما يقولون بهذا اللون السوداوي المتشائم. فكل ما ينتجه تاريخ العرب بنظرهم هو مُدان وهو سيء وهو سلبي مقارنةً بما ينتج الآخرون وفي هذه عقدة نقص خطيرة. في هذا الصدد يمكن أخذ ردك هنا ومقالاتك الأُخرى كمثال على هذه النظرة واحدية الرؤية التي ترى بعين عوراء. كما يمكن مثلاً أخذ قراءة فرج فودة في كتابه المشوق على أي حال -الحقيقة الغائبة- والذي لم يرَ في التاريخ العربي الإسلامي سوى تاريخ للمؤامرات والشذوذ الجنسي والكفر. لا شك أن ما تقدمه أنت وما قدمه فرج فودة يقوم على شيء من الحقيقة وهو يعري الكثير من الأوهام التي تغرق بها مجتمعاتنا، ولكنكما مرة أُخرى تركزان على السلبي والمعتم حتى تشعراننا ـ دون قصد ـ بعقدة النقص وحتمية الفشل التاريخي. لا يا سيدي ليس الأمر كما ترى فقط وسأحاججك بما جاء في نقدك فلسفياً وذلك بتوقفي عند بعض النقاط.
لقد قلتَ مثلاً أنه -لا أثر للفلسفة في المدرسة العربية الإسلامية-. احترم رأيك ولا أوافق على هذا التعميم غير المنطقيّ وغير المدروس. الفلسفة العربية الإسلامية موجودة برأيي وقد تركت أثراً واضحاً في تاريخ الثقافة العربية وكان لها اسهاماتها وفلاسفتها ولا يمكن لي مثلاً أن أُسقط ازدهار الفلسفة في الحضارة العربية الإسلامية حتى القرن الثالث عشر حيث انهزمت الفلسفة العقلانية الرشدية أمام السلفية الغزالية. فقط أصحاب المركزية الأوروبية والمتعصبين ضد كل ما هو من نتاج الثقافة والحضارة العربية هم من ينكرون هذه الحقيقة ويقفزون فوقها وكذلك البعض ممن يشعر بعقدة النقص تجاه الآخر فيجعل كل ما جاءت به الثقافة العربية ركام من اللاشيء أو من الإخفاقات والمصائب.
ثم تعترض بعد ذلك عمن يُطلقون اسم -فلسفة إسلامية- وذلك بحديثك عن أن الفلسفة عندنا قد تمت - أسلمتها: يقولون فلسفة إسلامية، دون خوف من التناقض ولا من التفاهة.- قد اتفق مع هذه التسمية وقد لا اتفق، ولكن ألا ترى معي بأن الفلسفة الإسلامية نشأت في وسط دينيّ قوي وقد استطاعت اختراقه وعقلنته بحدود الممكن وهي بهذا لا تختلف كثيراً عن غيرها من الفلسفات الغربية التي نشأت في وسط دينيّ مُسيطر ومهيمن كالفلسفة المسيحية الوسيطة في أوروبا سواء عند القديس أوغسطين أو توما الإكويني على سبيل المثال لا الحصر بل وحتى عند ديكارت أبو الشك الذي جعل من الله ضامناً لوجود العالم. ثم تدين حضرتُك ساخراً -أن نربط الفلسفة بدين مّا ونقول إنّها فلسفة إسلاميّة أو يهوديّة...؟- ولكن أنت تعرف جيداً يا سيدي أن العديد من مدارس الفلسفة الغربية يسمون تلك في الفلسفة الغربية ب -الفلسفة المسيحية- دون عُقد ولا مبالغة ولا تضخيم ولا جلد مازوشي للذات كما يفعل البعض عندنا. وقد تحدث هابرماس مثلاً عن أثر اليهودية والتصوف اليهودي على الفلسفة الألمانية وكذلك فعل دريدا في كتابه -قوة القانون- عندما تحدث عن حضور لليهودية عند كبار مفكري الألمان ذوي الأصل اليهودي حتى الملحدين منهم في القرن العشرين معدداً بذلك أسماء مثل: كوهن بوبر، شوليم، أدورنو، أرندت وبنيامين. لماذا هذا الجلد للذات الذي يحضر دائماً وبلذة مازوشية في كتاباتك يا أستاذي الكبير؟
.
سأتوقف عند قراءتك لابن رشد في أضمومته الشهيرة -فصل المقال- ولأعبر عن احترامي لها فكما تعلم النص أي نص هو حمّال وجوه ويقرأ قراءة متعددة. ولكن دعني اعترض عليها لتقديم قراءتي الشخصية لهذا النص الرشدي الرائع.
لقد قلتَ أنت وهنا أقتبس كلامك حرفياً:
-ألم يكن مشروع ابن رشد جَعل الفلسفة خادمة للدين، والعقل خادما للوحي؟ ألم يعلن عن قصور العقل في حال تصادمه مع الشرع بقوله في - تهافت التهافت- إنّ - الفلسفة تفحص عن كل ما جاء في الشرع، فإن أدركته استوى الإدراكان، وكان ذلك أتم في المعرفة، وإن لم تدركه أعلمت بقصور العقل الإنساني عنه -؟ أليست الحكمة في رأي ابن رشد -صاحبة الشريعة والأخت الرضيعة...وهما المصطحبتان بالطبع المتحابتان بالجوهر والغريزة -؟ هل تردد في القول بوجوب قتل الزنادقة؟ ألا يحاول - فصل المقال- عقد تصالح بين العقل والوحي؟ هل هناك رابطة ما يمكن أن تربط بين الفلسفة والشريعة؟ يهدف الدين إلى خلاص الإنسان بينما تفتح له الفلسفة طرقا شتى ليخلق لنفسه سعادة خاصة في مداخلته ضمن - أيام ابن رشد- سنة 1998 التي تقام كل سنة في إكس أون بروفنس، جنوب فرنسا، ذهب محمد عابد الجابري بعيدا جدا حينما اعتبر الرشدية أصل الحداثة. رغم كل ادعاءات المشتغلين بالفلسفة، عربهم وعجمهم، لا يمكن لتجربة قاضي قرطبة أن تنتج -عقلانية- بأي حال من الأحوال. لم تكن لابن رشد لا الرغبة ولا الظروف المناسبة للتحرر من وصاية السماء. ربما كان ضحية عصره، أما الذهاب إلى اعتباره مفكرا عقلانيا فهو ضرب من الكذب على النفس لدغدغتها. فلئن أعاد ابن رشد بعض سؤدد للنظر الفكري فإنه لم يفصم عراه باللاهوت-.
مرّة أُخرى هي قراءتك التي احترم، ولكنها نفس القراءة التي تريد أن تطفئ كل شيء وترى الحضارة العربية بعجزها وفشلها. لا يا سيدي، لا أرى معك، أن ابن رشد قد جعل الفلسفة خادمة للدين، اللهم إلا إذا قرأناه من منطق العين السوداء التي لا ترى في الشمس نوراً. قراءتي لهذه الأضمومة أنها كانت مبنية على ثلاثة مراحل: الأولى: محاولة شرعنة الفلسفة عبر الدين. لا شك أن الدين كان مُسيطراً في عصر ابن رشد وكان شبح السلفية يزداد قوة فكان الممر عبر الدين ممراً إجبارياً لابن رشد وما عباراته حول ضورة إعمال العقل والشك عبر الأيات القرآنية التي استشهد بها إلا خطوة أولى. وهنا أيضاً ترد عبارته حول أن الحكمة هي صاحبة الشريعة والأخت الرضيعة. في خطوة ثانية سيحاول ابن رشد مساواة الحكمة بالشريعة وجعل القياس المنطقيّ مساوياً ومكافئاً للفقه الشرعيّ. الخطوة الثالثة والأخيرة تأتي في آخر أضمومته بتقديم الحكمة على الشريعة وهنا يتساءل سؤاله الشهير: في حالة اختلفت الحكمة وظاهر النص ماذا نفعل؟ لم يُجب هنا بإخضاع للفلسفة للنص. لا، فقد طالب بضوروة تأويل النص وفقاً لأحكام العقل والقياس المنطقيّ. ألم تقرأ في هذه الأضمومة يا سيديّ كيف دعى ابن رشد إلى الانفتاح على الآخر والأخذ منه سواء أكان متقدماً علينا في الزمان إشارة إلى الإغريق أو سواءً مختلفاً في الحضارة جغرافياً كحضارات الغرب أو الحضارات الأُخرى؟ لا شك أنك فعلت، ولكن رؤيتك للأمور من عينٍ واحدة ستجعلك لن ترى هذا وستؤله تأويلاً خاصاً بالإخفاق.
ثُم تأتي عبارتك المثيرة والتي تتناسق مع منطق الرؤية الواحدة: -ونسي أصحاب الوليمة اللاعقلانية أن ممارسة الفلسفة بأمانة تتناقض تماما مع الإيمان وأن الإلحاد مهنة الفيلسوف.- من قال لك أن الإلحاد مهنة الفيلسوف؟؟؟؟ حسناً أنا شخصياً غير مؤمن ولا أعترف لا ب -حقيقة- الأديان ولا بما جاء فيها، ولكن لا يوجد فيلسوف حقيقي يمكن له أن يعتبر الإلحاد مهنة. عندما يتحول الإلحاد إلى دعوة يُصبح إيماناً مقلوباً إلهه هو اللاإله ودينه هو اللادين ومتطرفيه هم الذين يسنون سيوفهم ضد كل من يكفر بإلههم: الإلحاد. لو قبلنا برأيك هذا لأخرجنا 90 بالمئة من الفلاسفة من تاريخ الفلسفة. ماذا سنفعل بأفلاطون وأفلوطين وسبينوزا ولوك، بل وحتى فولتير المؤمن وإن كان معادياً للكنيسة؟ لا تقل لي أنك ستخرج كانط أيضاً المسيحي الكالفيني من تاريخ الفلسفة؟ وهل علينا أن نقصي بول ريكور من تاريخ الفلسفة أيضاً؟ الخ الخ
لا شك أن هناك من يدرس الفلسفة ويكون لا علاقة له بها وهنا قد ينطبق كلامك على بعض أساتذة الفلسفة في الجزائر الذين تحدثت عنهم بقولك: -هل من الصدفة أن يتعاقب على رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى أساتذة درّسوا الفلسفة في الجامعة الجزائرية، بل كانوا على رأس معهد الفلسفة ثم انحدروا إلى -رأس الحكمة مخافة- لا شك أن الفلسفة غير مزدهرة في عالمنا العربي اليوم وهذا لا علاقة له بالفلسفة فقط بل هي مرحلة انحطاط تاريخي أجد في الربيع العربي وتواتراته أفقاً تاريخياً للخروج منه. لا يقتصر الأمر على الجزائر فقسم الفلسفة في جامعة دمشق التي درستُ فيها يعج ب -أساتذة- لا يجيدون قراءة نص فلسفي واحد ولا صياغة فكرة وقد جند نظام البعث بعضهم مخابرات رسمية ولا يقتصر الأمر على عماد فوزي الشعيبي عندنا. ثم أن وزير الداخلية السوري الأسبق في عهد حافظ الأسد محمد حربة كان وزيراً للداخلية لمدة سنوات وسنوات وهو حاصل على دكتوراة في -الفلسفة- وقد مارس مهنة التشبيح على أكمل وجه وهو أبله بكل معنى الكلمة. الفلسفة كما أفهمها هي الهامش الذي يتراكم فيخترق المركز ويقلبه.
أنا مع أن نرى بصيص ضوء في جدار الليل بدل أن نصبغ الشمس باللون الرمادي ونستلذ بجلد الذات.
كلمة أخيرة أود التساؤل فيها حول عبارتك التي تقول: - ربما من هنا تأتي الأصولية فما هي في النهاية إلا الاعتقاد بامتلاك الحقيقة وعقاب الذين لا يريدون الأخذ بها- نعم ولكن الأصولية ليست دينية فقط وهي تلتقي وتتماهى مع الأصولية الإلحادية التي تتحول إلى دين يرفض الاعتراف بوجود الأخر وبحقه في أن يكون واهماً


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
خلدون النبواني - فيلسوف ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: هل لعبت الفلسفة دوراً ما في الربيع العربي؟ الفلسفة من تأويل العالم إلى تغييره. / خلدون النبواني




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - الجانب الأخر من التاريخ.... / عباس علي العلي
- قانون المثليه الجنسيه امام البرلمان العراقى / على عجيل منهل
- غزة بين الإفلاس الكبير وغياب التنازلات! / يحيى الصباح
- هواجس في الثقافة مقتطفات 134 / آرام كربيت
- للذئبِ حكمتهُ / ماجد مطرود
- جنتان / نصيف الشمري


المزيد..... - “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- القنوات الناقلة لمباراة مازيمبي والأهلي في دوري أبطال أفريقي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - خلدون النبواني - فيلسوف ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: هل لعبت الفلسفة دوراً ما في الربيع العربي؟ الفلسفة من تأويل العالم إلى تغييره. / خلدون النبواني - أرشيف التعليقات - رد الى: حميد زناز - خلدون النبواني