اْخي العزيز خلدون النبواني تحية طيبة ربما لم يكرس ماركس فكره لاْقامة دولة اْكثر من اْنهماكه في المشاركة الفكرية والسياسية والفلسفية لسحق نظام فكري وسياسي عالمي يقوم على اْساس غير قويم وغير عادل,وبالرغم من التراث الكبير للثورات التي اْجتاحت العالم قبل وبعد الحرب الباردة.الا انها فاتحة لاْسئلة مهمة لم تثيرها في موضوعك عن دور الفلسفة في العالم العربي اْو خارجه وهذا ما اْريد اْن اْوضحه ,اذا ما اْفترضنا اْن العالم قبل ظاهرة العولمة وبالرغم من فقر وسائل الاْتصال واْنعدام التكنولوجيا الجديدة تاْثرت اْيما تاْثير بالفكر الماركسي,بحيث غطت الثورات الماركسية مساحات واسعة في العالم,اْما الان وبالرغم من التغيرات المذهلة في تكنولوجيا الاْتصال فاْن الفكر الماركسي لم يتمكن من اْحداث ثورة واحدة في العالم,واْن القول باْن الاْنتفاضات العربية اْنما كانت تحت تاْثير الفلسفة الماركسية وبشكل كبير,اْنما يعتبر خطاْ فادحا,لماذا؟ اْن الاْنظمة العربية التي تاْسست معظمها خلال الحربين العالميين الاْولى والثانية ساهمت في اْقامة اْنظمة سياسية تراكمية النماذج ,واْدى هذا التراكم ذو البعد الواحد في الحكم الى غياب الفكر التنويرى الحداثوي والفلسفي الاداعي ,واْمام قمع الفكر الحر والاْنفتاحي من قبل كافة الاْنطمة العربية وحتى الان,اْصابت المجتمهات العربية باْكبر اْنتكاسة في مجال الفكر والفلسفة,وبالمقارنة بالتغيرات الهائلة في هذين المجالين في العالم فكانت النتيجة واضحة جدا,كان الفكر المعارض هو فكر محكوم عليه اْن يكون فكرا يساريا او دينيا وسلفيا وليس لبراليا وبعد عقود من السنين ساهمت التحالفات السياسية العربية مع الاْنظمة الشيوعية والاْشتراكية في نشر الفكر الجديد لما اْحتوت من مناقشات للفكر الليبرالي,وان ينفتح الاْنسان العربي على الفكر الجديد وحاصة الفكر الديمقلراطي والفلسفة الحديثة,والسؤال المهم الذي يطرح نفسه,هل اْن الاْنتفاضات العربية لها جذور فلسفية للفكر الماركسي اْو ليبرالي؟ اْقول وبالرغم من دور الفكر الماركسي في الحوار مع الفلسفات ت الحديثة وبالرغم من تجذر هذه الفلسفة الماركسية في حياة ووعي الاْنسان العربي,الا اْنها لم ترتقي الى مستوى اْفراز حركات فكرية وسياسية متمردة عن العقلية المهيمنة في الوطن العربي,وبشكل مؤثر لماذا؟ لان الثقافة العربية ومنذ تاسيس اْلانظمة وحتى الان لم تتمكن من الاْبداع الفكري والفلسفي ولم تشارك بشكل فعال في الفكر والفلسفة,بل كل ما فعلت التاْثر العميق بالفكر المنتج خارج مجتمعاتها ,واْنتم لاحظتم مدى القسوة التي تلقاها اْصحاب الفكر في تحليل الخطابات الدينية في الوطن العربي,وكيف تمكنت هذه القوة الاْجتماعبة المسلحة بالغكر الاْيدولوجي من كبح جماح التجديد الفكري والفلسفي,من اْجل شل حركة عقل الاْنسان العربي وسجنه في متاهات الماضي والتراث, فاْصاب العقل العربي بشلل نصفي ودخل الفكر الجديد في سبات عميق,ولذلك لم يوعي الاْنسان العربي سبب اْنتفاضاته ولم تتمكن النخبة الفكرية العربية من تفسير ما يجري,ولم تتمكن اْية حركات يسارية اْو اْسلامية اْوليبرالية من تمثيل هذه الحركات والتنظير لها,بلكن وبالرغم من ذلك لا بد من الاْعتراف باْن الحركات السلفية والعقائدية شاْنها شاْن الحركات اليسارية والليبرالية كانت موجودة خلف هذه الاْنتفاضات دون اْن تتمكن من تمثيلها,ولذلك اْقول اْن المجتمعات التي قد غابت عنها الفلسفة وهي تواجه التغير لها فلسفة واحدة وهي التمرد على السائد والعريق والبعد الواحد في الحياة ,لقد قلت في مداخلاتي السابقة اْن هذه الاْنتفاضات هي بداية لثورات اْشمل وثورات حقسيقية وقد صح ما قلت ,كيف؟ اْن محاولة اْية جهة سياسية اْو دينية في الاْستيلاء على السلطة ومحاولة تمثيل التشتت الاْيدولوجي خارج التقبل بالفكر والفكر الديمقراطي ستصاب بالفشل,لاْنها ستسد الطريق اْمام المشاركة الجمعية لاْفراد المجتمع,لان لكل شريحة اْيدولوجية نظرتها الخاصة الى العالم ولذلك فشل التيار الاْسلامي على سبيل المثال من تمثيل الشرائح الفكرية اليسارية والليبرالية كما نرى ذلك بوضوح في تونس ومصر واليمن والعراق وسوريا,كل ذلك يدل على عدم تمكن المجتمعات العربية من افراز فلسفتها دون المساس بالاخرين والهجوم العنيف على الفلسفات الاْخرى بحيث اْصبح الصراع التعنيفي الاْنتحاري اْمام سطوة الاْخر وعنفه,السمة الجوهرية التي هيمنت على هذه الاْنتفاضات ولعل تسمية هذه الاْنتفاضات الشعبية ب((الربيع العربي))اْشارة الى غياب فلسفة عقلانية جديدة كمؤثر تاْريخي ولا يعني ذلك اْن هذه الاْنتفاضات قد قامت دون جدوى,اْو لم تحقق شيئا,اْنها تمكنت من سحق الشرعية التاْريخية في فرض الاْرادة على الاْخر وتمثيله بالقوة,اْنها تمكنت من التلويح بعالم يكون فيه الاْنسان صاحب اْختيار,اْنها شاركت في بلورة فكرة الفردانية,اْنها تمكنت من كسر هيمنة عالم سياسي وفكري واْيدولوجى فرض عليه منذ عشرات السنين وحققت الاْرادة الفردية في التمثيل والتعبير والعمل والمشاركة ,هذا الاْنسان الذي ظل اْنسانا ممثلا به لعشرات السنين دون اْن بينطق ويعبر عن فكره,اْذا اْنها فاتحة الوعي الفرداني الحديث,اْساسها كل الاْفكار والفلسفات والاْيدولوجيات التي تمكنت من الاْنتشار وبواسطة سرعة الاْتصالات وظاهرة العولمة بين المجتمعات العربية ومنها الغكر الماركسي والاْفكار اليسارية الا اْنني اْقولها اْن تحقيق هذ المبادىْ الغكرية والفلسفية لهذه الاْنتفاضات بحاجة ماسة الى التنظير والتمثيل فلا زالت تتحرك بعفويتها ولا تجد من يمثلها اْو يطورها,اْستمتعت بقرائتي لمقالكم وشكرا لكم
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
خلدون النبواني - فيلسوف ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: هل لعبت الفلسفة دوراً ما في الربيع العربي؟ الفلسفة من تأويل العالم إلى تغييره. / خلدون النبواني
|