أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - خلدون النبواني - فيلسوف ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: هل لعبت الفلسفة دوراً ما في الربيع العربي؟ الفلسفة من تأويل العالم إلى تغييره. / خلدون النبواني - أرشيف التعليقات - رد الى: محمد الرازقي - خلدون النبواني










رد الى: محمد الرازقي - خلدون النبواني

- رد الى: محمد الرازقي
العدد: 450343
خلدون النبواني 2013 / 2 / 11 - 22:11
التحكم: الكاتب-ة

الزميل العزيز محمد الرازقي أسعدني حقيقة رأيك وأفكارك وهواجسك التي ابتدأت بأسئلة كانط الشهيرة الثلاثة. أقول يُسعدني هذا ليس فقط لأنها تُذكرني بنفسي وإنما لأنها نفس الأسئلة التي ما فتئت الفلسفة تطرحها على نفسها منذ الإغريق ولغاية اليوم. ليس غريباً أن تُتهم الفلسفة إذن باغترابها عن الواقع وانعزالها عنه في برجها العاجيّ الشهير فسؤال الجدوى من الفلسفة لم يساور فقط خصومها وأعداءها وإنما فلاسفتها أيضاً كما أشرتُ إلى ذلك في مقدمتي الافتتاحية. ولكن سؤال الفلسفة العملي سؤال قديم قدم الفلسفة وما تساؤلك الكانطيّ الهيغليّ الماركسيّ حول علاقة المعرفة بالتغيير أو النظرية بالممارسة إلى سؤالي الفلسفة القديمين المتجددين دائماً. رأيي الشخصي أن الفلسفة قد سارت دائماً على قدمين اثنتين: نظرية وعملية ونادراً ما رأيناها عرجاء. منذ سُقراط الذي قال عنه شيشرون أنه قد أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض والفلسفة تهتم بشؤون الأرض بقدر اهتمامها بشون السماء بل وأكثر. لنتذكّر أن إنّ أفلاطون الذي كتب محاورة -فيدون- ليتحدث عن الروح هو أيضاً الذي خطَّط نظاماً لحياة الإنسان السياسيّ على الأرض في كتابه -الجمهورية-. أمّا أرسطو الذي وجدّ في الانطولوجيا الفلسفة الأولى، هو نفسه الذي تحدّث بالمقابل عن الإنسان كحيوان اجتماعيّ سياسيّ والذي كرَّس له مؤلفه المعروف -في السياسة-.
بهذا الشكل المتأرجح الذي يراوح بين الفلسفة النظرية والفلسفة العملية سيستمر الحراك الفلسفيّ في أوروبا وعند معظم الفلاسفة الذين جاؤوا بعد أرسطو. ولو ضربنا صفحاً عن الإنتاج الفلسفيّ في العصور الوسطى حيث كان فلاسفة تلك الحقبة -يعرفون خريطة الفردوس أكثر من كتاب الأرض-، فإنا سنجد أنّ الفلاسفة الحديثين قد انشغلوا بالأسئلة الفلسفيّة الخالصة كسؤال المعرفة بقدر ما اهتمّوا بمسائل الإنسان ومشاكله السياسية والاجتماعية والأخلاقية وبمعنى آخر الفلسفة العملية. إذا استثنينا مثالين اثنين يشذّان عن هذه القاعدة- أحدهما صبَّ اهتمامه على الفلسفة النظرية والمقصود هنا ديكارت، وآخر لم يحفل بأمور الفلسفة النظرية وركّز جُلّ اهتمامه على مسائل الفلسفة العمليّة كفلسفة القانون والسياسة والمعني هنا توماس هوبز- فإننا سنلحظ انشغال الفلسفة الحديثة بأسئلة السماء وبأسئلة الأرض معاً.
فجون لوك الذي كتب - مقال حول الفهم الإنسانيّ 1690- هو نفسه من كتب -مقالتان عن الحكومة 1689 -. أما ديفيد هيوم الذي كتب -مبحث في الفهم الإنسانيّ 1751- هو أيضاً من انشغل وعلى مدى عدّة سنوات بكتابة مقالات حول السياسة والأخلاق جُمعَت في كتاب صدر عام 1741 تحت عنوان - مقالات أخلاقية وسياسية-. وإذ يكتب سبينوزا في الفلسفة النظرية كتابه - أفكار ميتافيزيقية 1663- فإنه سيكتب كذلك كتابه المشهور في الفلسفة العملية - رسالة في اللاهوت والسياسة 1676-. أما لايبنتز صاحب كتاب -المونودولوجيا 1714- فقد أخذت الفلسفة العملية جزءا من اهتماماته أيضاً فكتب فيها -منهج جديد لدراسة القانون 1668-. في مشروعه النقدي الثلاثي يُعبِّر كنط خير تعبير عن اهتمامات الفلسفة الأساسية في عصره والتي يصوغها بأسئلته الثلاثة التي بنى على أساسها مشروعه النقديّ. فسؤاله الأوّل: ماذا أستطيع أن أعرف؟ يُعبِّر عن سؤال الفلسفة النظريّ والذي سيحاول الإجابة عليه بكتابه -نقد العقل المحض- الذي ظهرت طبعته الأولى عام 1781. أمّا السؤال العمليّ: ماذا عليّ أن أفعل؟ فسيجيب عنه في كتابه -نقد العقل العمليّ 1788-. هكذا لم يبق عليه إلا أن يجيب عن سؤالٍ نظريٍّ من طبيعة مختلفة عن طبيعة المعرفة أي سؤال الحكم الجماليّ الذي سيكرِّس له مؤلّفه -نقد مَلَكة الحُكم 1790-.
منذ أفلاطون وحتى كنط والفلسفة تمشي علي قدمين اثنتين: نظرية وعملية وقليلاً ما رأيناها عرجاء. لن يشُذّ هيغل عن هذه السُّنَّة التي خطّتها الفلسفة لنفسها- رغم تلوّناتها الكثيرة - وأقصد هنا دائماً جانبي الفلسفة النظريّ والعمليّ. لكن مع هيغل لن يظلّ هذان المبحثان منفصلين بل سيؤدّي أحدهما إلى الآخر تاريخياً. فالعقل الذي تمّ التعبير عنه كنطياً بوصفه عقلا مُجزَّأً، سيوحِّد جبهاته الثلاث في عقلٍ تاريخيّ يحقّق معرفته ويتجسّد عينيّاً عبر سيرورة الروح. فبعد أن يغترب الروح عن ذاته، فإنه سيجد معادله السياسيّ حيث يتجسّد الروح المطلق في الدولة القومية وتتعرّف الذات على ذاتها تماماً بعد رحلتها الأوديسيّة. إنّ الروح برحلته الميتافيزيقية يتعين في مجتمع تحكمه القوانين والأنظمة والشرائع وما مؤَلَّف هيغل - مبادئ فلسفة الحق 1821- إلا دمجٌ خلاّقٌ بين مهمّتي الفلسفة النظرية والعملية. هكذا فإنّ الذي تحدّث عن روحٍ مُطلق كان قد تحدّث عن روحٍ موضوعيٍّ أيضاً. وصولاً إلى هيغل الذي بدأ بالفكرة وانتهى بالدولة لم تتخلَ الفلسفة بالإجمال عن إحدى مهمتيها النظرية والعملية كما لو أنّ الفلاسفة أدركوا حتى ذلك اليوم أنّ الانتقاص من إحدى هاتين المهمّتين هو انتقاصٌ من الفلسفة نفسها: فلو اهتمّ المرء بالأسئلة العملية فقط لأصبح مجرَّد باحثٍ سياسيّ أو مشرِّعٍ قانونيّ أو عالِم اجتماع، ولو أنّه اهتم بالأسئلة النظرية فقط لانزوى في برجه العاجيّ وأعلن عدم انتمائه إلى واقعه وزمانه.
فقط مع ماركس ستختار الفلسفة بين النظرية والتطبيق حيث سيعلن مرحلة إلغاء الفلسفة لنفسها وضرورة تجاوزها. مع ماركس الأخير ستقيم الفلسفة قطيعةً مع أسئلة الوجود الكبرى وستنتزع الإنسان من سياقاته الكونية لتجعل منه مجرَّد فرد عاملٍ في مجتمع يحكم تطوّره الصراع الطبقيّ. مع ماركس الأخير تأخذ أسئلة الفلسفة الكبرى بالاختفاء وتقترب الفلسفة من العلوم الوضعية حتى تذوب فيها وينحلّ العقل في البراكسيس والنظرية في التطبيق والروح في المادّة والآلهة في الآلة والتأمّل في العمل والفلسفة في الاقتصاد وعلم الاجتماع وعلوم المادة. هكذا يتشخصن المطلق ويغدو اغتراب الروح الهيغلي اغتراب العامل عن عمله في مجتمعٍ متفاوتٍ طبقياً. مع ماركس يبتلع السؤال العمليّ السؤال النظريّ وتكفّ مهمّة الفلسفة عن أن تكون تفسير العالَم فالمهمّ الآن تغييره كما كتب ماركس
مرّة أُخرى أثر الفلسفة تراكمي وليس علينا أن نحكم أننا نخفق دائماً في درس التاريخ. ليس هناك لعنة تطاردنا منذ القرن الثالث عشر ميلادي تحكم علينا كعرب أو كأمة أن نكون متخلفين. لم يكن التاريخ الحديث ناضجاً لمرحلة التغير العربية يوماً كما هو الحال عليه اليوم. هناك وعي جديد يتفتق من لك قيد وهو كالعاصفة سيدور ويدور ويدور ولكن علينا أن نحاول أن نجعله يدور لصالحنا وهذا هو جدل التاريخ والإرادة الواعية.
مودتي


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
خلدون النبواني - فيلسوف ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: هل لعبت الفلسفة دوراً ما في الربيع العربي؟ الفلسفة من تأويل العالم إلى تغييره. / خلدون النبواني




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - الفيتو الأمريكي ضد الفلسطينيين -من 5 حزيران/يونيو 1967 حتى ا ... / محمود سعيد كعوش
- ماذا نجد تحت قمصان أصحاب حقوق الإنسان؟ / فلورنس غزلان
- الحركة النسوية والتغيير السياسي / ا لجزء الثاني - الحركة الن ... / نادية محمود
- اليهودية بين افران الالمان وسلام ايران / عدنان الصباح
- الهجرة كموضوع تراجيدي / محمد بلمزيان
- الالهة المدوّرة / ماجد مطرود


المزيد..... - هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - خلدون النبواني - فيلسوف ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: هل لعبت الفلسفة دوراً ما في الربيع العربي؟ الفلسفة من تأويل العالم إلى تغييره. / خلدون النبواني - أرشيف التعليقات - رد الى: محمد الرازقي - خلدون النبواني