|
رد الى: سامي حسن - ياسين الحاج صالح
- رد الى: سامي حسن
|
العدد: 433607
|
ياسين الحاج صالح
|
2012 / 11 / 20 - 23:45 التحكم: الكاتب-ة
|
ما هو تعريفك، سامي، لموقع اليسار؟ هل هناك نواة أساسية تحدد هذا الموقع؟ ما هي؟ من جهتي أعرف اليسار بثلاثة انحيازات: انحياز للشرائح والطبقات والمجموعات الأكثر هامشية وحرمانا (بما في ذلك النساء)، وانحياز آخر للتغيير والصيرورة على الصعد السياسية والفكرية والاجتماعية، وانحياز ثالث للممارسة الحية المتجددة على حساب أي نظم فكرية ناجزة أو تشكيلات سياسية قائمة. بهذا المعنى أنا يساري، وليس بمعان أخرى قد يكون منها أن يكون الواحد منا شيوعيا. لست شيوعيا، وأرى أن الشيوعية صيغة تاريخية متجاوزة لليسار، وأن انهيارها الذي وقع قبل نحو ربع قرن أمر مرغوب وطيب من وجهة نظر يسارية مستنيرة، وليس فقط من وجهة نظر -ليبرالية- أو غيرها. ورأيي أنه لا يلزم حتى أن يكون اليساري ماركسيا، وإن تكن الماركسية مدرسة كبرى للتفكير السياسي والتاريخي. وأعترف أيضا أني قليل الماركسية، وإن كنت أجد نفسي غالبا اكثر ماركسية من كثير من أصحابنا الماركسيين المداومين. والمسألة على كل حال ليست مسألة خيارات وتفضيلات ذاتية. أعتقد أني أقرب إلى تطورات تاريخية طرأت، لدينا وفي الغرب، على الفكر الماركسي. ومن أشرت إليهم إشارات عابرة في المقال موضوع النقاش مثل ياسين الحافظ وإلياس مرقص سورياً (وأضيف عبدالله العروي)، وهربرت ماركوز وبيير بورديو وألان تورين وغيرهم كثيرين هم ماركسيون في الأصل، شعروا بعدم كفاية شيوعية عصرهم، والماركسية ذاتها، واشتغلوا في اتجاهات متنوعة، بقي فيها كثير أو قليل من الأصل. أنا من هذا التيار العامل على فتح الآفاق الفكرية والسياسية، وليس قول الأشياء نفسها دوما. هذا لا يقتضي أنك لن تجد شيئا مفيدا البتة لدى شيوعيين، لكنه ينفي بالفعل الخصوبة والحرية الفكرية عن هذا التيار. وفي سورية أنا أتحمل مسؤولية نفي أي شيء فكري أو ثقافي مفيد عند صنف اليسار الشيوعي خلال ربع القرن الأخير. وتعرف أن التيارات الأكثر ديناميكية في اليسار السوري انفتحت على الديمقراطية، وضمنا على الليبرالية، منذ سبعينات القرن العشرين. ولم يكن هذا بدوره تفضيلا ذاتيا، بل تحولا ضروريا بحكم وقع البلد في قبضة استبداد متوحش. لكن كانت ديمقراطيتنا اجتماعية، قبل أن يدخل ذا التعبير التداول، بحكم كوننا شيوعيين وقتها. وبعد عودتنا إلى العمل العام في مطلق القرن، بعد نحو عشرين عاما من الانقطاع، وكانت الشيوعية انهارت عالميا (وأنا ممن يظنون أن الحكم على التشكيلات الاجتماعية والتاريخية هو الممارسة والتجربة، وان ما يفشل في التاريخ لا ينجح في النظرية)، كان وزن العنصر الليبرالي في تصورنا للديمقراطية أكبر من وزن العنصر الاجتماعي أو الاشتراكي. وهذا كان ينطبق علي أيضا. تغير الأمر فيما يخصني بعد نحو خمس سنوات، كانت بمثابة مرحلة انتقالية... ما أريد قوله هو أن خيارتنا ابنة تاريخنا، وليست تفضيلات إيديولوجية شكلية. وأرى أن الخيار الذي أسير عليه، متفاعلا مع هذا التاريخ، أخصب ثقافيا وفكريا من غيره، وأقدر على شرح سورية المتغيرة وفهمها. ومن جهتي أنا مهتم كثيرا بالمعرفة، أعمل على أن يكون ما أكتبه قيمة معرفية، أن يضيف جديدا، فكرة أو مفهوما جديدا، قبل ان ينضوي ضمن خانة يسار أو ليبرالية أو غيرها. وهذا لأني مثقف قبل كل شيء، تعنيني الثقافة والإنتاج الثقافي والقيم الثقافية المضافة، قبل أية يافطات إيديولوجية. اليميني الذي يثقفني أقرب إلي من اليساري الذي يجتر كلاما قديما لا يتغير. وأعترف أن هذا شائع. أعود إلى السؤال. كان ماركس يأخذ على مادية زمانه أنها تركت الجانب النشط والديناميكي للمادة، أي التفكير والنشاط الاجتماعي، للمثالية واحتفظت لنفسها بالشيء والموضوع. أظن أنه يمكن قول الشيء نفسه على -يساريي- اليوم الشيوعيين، الذين يتركون التجدد والتنوع وطرق دروب جديد من التفكير والعمل لليبرالية، بينما يتركون لأنفسهم اجترار الكلام نفسه طوال حياتهم. ويبدو أن هذا الصنف اليساري يعتبر أن كل ما هو ليس مثله ليبرالية. هذا جهل، وهو يشبه قول فقهاء مسلمين قدماء: الكفر ملة واحدة. ليس المختلفون عنك مثل بعضهم، إلا إذا اعتبرت نفسك مركز العالم. وليس أحد ممن ذكرتُ قبل قليل ليبراليا، إلا بمعنى أن هناك قيما ليبرالية هي الأساس في كل مجتمع ودولة وثقافة حديثة، قيمتا الفردانية والحرية بخاصة. لكن ماركس ليبرالي أيضا بها المعنى. ليس اليسار مسألة خبز والليبرالية مسألة حرية، على ما يستدل من أدبيات اليسار الماضوي. ولسنا نريد الحرية من أجل الخبر كما قد يفكر هذا اليسار (وقرأت هذا الكلام عند مثقف يساري لبناني)، بل نريد الخبز من أجل الحرية. هذا هو الموقف اليساري، وهو في رأيي الموقف الماركسي أيضا. والجوهري في اليسار في تصوري هو ما قلته في المتن، وسبق أن قلته مرات، وهو تملك التغيير أكثر من تغيير الملكية الشيوعية. في شيوعية القرن العشرين جرى تغيير الملكية، لكن الاغتراب الاجتماعي اشتد ولم يتراجع، وتحولت الشيوعية إلى ما يشبه دينا، والسلطة الشيوعية إلى شبه رب معبود. تملك التغيير يعني تملك السلطة العامة، وتملك المعاني التي ينتجها البشر وينظمون مجتمعاتهم بها وغيرونها، فوق تملك عملية الإنتاج والتحكم بها. وحين ترى، سامي، أنه ليس هناك شرح -يساري- واحد من النوع الذي أفترض أنه في بالك (وأظنه الشيوعي) للمجتمع السوري وللنظام السوري ولتطور سورية خلال سنوات البعث، وأنك لن تجد حتى شروحا جزئية لبعض القضايا، وأن علاقة اليسار المزعوم بالماركسية اليوم أوهى اليوم مما كانت من قبل، وقد كانت واهية أيضا، وأن القوم أما في حضن النظام أو يشغلون المواقع الأقرب إليه ضمن المعارضة، فلا أرى ما هو الشيء الجيد في أن يكون المرء يساريا. من جهتى لست يساريا بالقطع بهذا المعنى. لكن اليسار والتفكير اليساري والحساسية اليسارية أهم من أن يتركوا لأمثال هؤلاء. ولا أنوي من جهتي تركها لهم. أعترف أن يساريتي تفتقر لشيء مهم في اليسار الشيوعي القديم، وهو أنها منفصلة عن حزب سياسي أو قوة اجتماعية منظمة. يسارية ثقافية إن جاز التعبير. لكني لا أجد ما أحسد عليه اليسارية السياسية. هل لا تزال حية ترزق بالمناسبة؟
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
ياسين الحاج صالح - كاتب سوري - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: قضايا في شأن الثورة السورية واليسار / ياسين الحاج صالح
|
|
لارسال هذا
التعليق الى شبكات
التواصل الاجتماعية
الفيسبوك، التويتر ...... الخ
نرجو النقر أدناه
|
تعليقات
الفيسبوك
|
|
|
المزيد.....
-
خاطرة
/ أبوبكر المساوي
-
هل كانت فلسطين السبب بالإطاحة برئيس الأساقفة
/ جواد بولس
-
زيادة الأسعار في مناطق - الادارة الذاتية -: يزيد الأعباء على
...
/ اكرم حسين
-
8 الوصول إلى القوة العلاجية للعصب المبهم Polyvagal - تمارين
...
/ خسرو حميد عثمان
-
الركض*
/ إشبيليا الجبوري
-
عن الأوباش
/ إلياس شتواني
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا
...
-
بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت
...
-
سؤال يؤرق واشنطن.. صنع في المكسيك أم الصين؟
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
المزيد.....
|