|
البرابرة - أفنان القاسم
- البرابرة
|
العدد: 431924
|
أفنان القاسم
|
2012 / 11 / 14 - 19:47 التحكم: الكاتب-ة
|
(7) لن آخذَكِ معي على الطريقِ الطويلةِ يا ابنتي طريقُ البرابرةْ ةِ طريقٌ لها نهايةٌ ككل طريق ليست ككل نهاية خوفًا عليكِ من الوقوع في اللُّجة ةِ التي وقعت فيها خوفًا عليكِ من التحليقِ في فضاءِ السقوط دون أن يلتفتَ إليكِ أحد خوفًا عليكِ من قطفِ زنابق الموت لتضعيها على قبري كلُّ هذا مغامرةٌ أنت لا تقدرين عليها مغامرةٌ بلا عاقبة دَوامةٌ تجرفُ الناسَ والأحلام وأحذيةَ البرابرة وأوهامَ ماركس وأقراطَك التي لم تشتريها تجرفُ السفنَ والأيام ولياليَ بغداد وفساتينَكِ التي لم ترتديها تجرفُ كلَّ ما يقبعُ هناك من سخريةِ قدرٍ ليست متوقعة تجرفُ حنينَ البرابرةِ إلى عناءِ النفوس لمّا يترُكُكِ المرءُ وحيدة لا أحدٌ يسألُ عنكِ حتى ظلُّكِ لا يسألُ عنكِ حتى الغبارُ على نعلِكِ لا يسألُ عنكِ حتى قطعةُ الجبنِ التي تتركينها لقطتِكِ لا تسألُ عنكِ حتى موزعُ البريدْ دِ لا يسألُ عنكِ حتى الصورُ التي لكِ في الفيسبوكَ لا تسألُ عنكِ حتى أصابعُكِ المارةُ أمامَ عينيكِ لا تسألُ عنكِ الكلُّ لا يسألُ عنكِ إلا بربريةُ الكلمات يَحْدَبُ عليكِ البرابرةُ على طريقتهم فتشعرينَ فجأةً بنفسكِ شيئًا موجودا شيئًا يتنفسُ الهواء ليواصلَ الحزنُ على نفسِهِ دون أن يكون ذلك حزنا وإنما الشعورُ بالانتهاءْ ءِ الدائم وتواصلينَ العيشَ يا ابنتي ليس كما تريدين ولكن كما يريدُ البرابرة كما يريدُ المحتفِلُ بموتِهِ القادم تحاولينَ أن توقفي كلَّ شيء كيلا يمضي الأمرُ سريعا تحاولينَ أن توقفي الليل كيلا يتجاوزَ منتصفه فتكتبينَ قصةً كما يحبُّ البرابرة قصةً طويلة لن تكمليها كيلا يطلعَ النهارْ في الطريقِ أقدامٌ يا ابنتي لا أجساد لها أقدامٌ ليست بربرية وعلى النوافذِ أثداءْ ءٌ لا صدور لها أثداءٌ ليست بربرية وبين صفوفِ السياراتِ شفاهْ هٌ لا أفواه لها شفاهٌ ليست بربرية كل هذا لأنك غاضبةٌ مني غضبَ البرابرة لماذا تركتُكِ وحدَكِ في بحرِ الوقت وأنت لم تكبري بعدُ مع الحيتان؟ لم يكن ذنبُكِ ألا تعرفي كيف ترتدين الموج لم يكن حبُّكِ لأبيكِ كافيا لم يكن ندمي ندمَ أسماكِ القرشْ شِ على الماضي فلم أكن مَلِكَا لهذا تعلمي الندمَ قبلَ فواتِ الأوان وصيري للمكانِ وردة يسحقُهَا البرابرةُ بأقدامهم دون أن يعلموا ثم يندمون
(8) هذا العالمُ الآليُّ سأدخُلُهُ معكِ يا ابنتي فلا تخافي سأقضمُ التفاحةَ الآليةَ عنكِ فلا تتكسرُ أسنانُكِ وأرتدي فستانَكِ الآليَّ بدلكِ فلا تتوجعُ أحلامُكِ وأتركُ حذاءَكِ الآليَّ لظلكِ فلا تتتالى آفاقُكِ في حضارةِ البرابرةْ البحيراتُ لم تقبلْكِ لها أميرة ةً وكلُّ الإوزاتِ العراقيةِ آلية ولا الجبالُ حبيبةً لوشاحها الأزرق وكلُّ النسورِ آلية ولا السهولُ فصلاً من فصولها وكلُّ شقائقِ النعمان آلية ما العملُ إذن من أجلِ بسمةِ الصباحِ على ثغرِكِ؟ هل أذهب بها إلى فترينة في الشانزلزيه؟ كل الأشياءِ في الفترينات آلية هل أخبئها بين كفي نافورةٍ في ساحةِ شاتليه؟ كل تماثيلِ الماءِ آلية هل أتركها في الأوبرا بين مسرحياتِ موليير؟ كل الأقنعةِ آلية سأحبَُ امرأةً أخرى غيرَ أمكِ امرأةً آلية كي أفهمَ معنى الزمنِ الآليِّ في التقويمِ البربريّ سأغتصبُ ابنتها كي أعيدَ لها إنسانيتها سأقتلُ زوجها كي أحررَهُ منَ التكنولوجيا سأسرقُ لوحةً من لوحاتِ اللوفرَ كي أُذكّرَ الناسَ أن هناك متحفًا ليس آليا سأعترضُ طريقَ الرئيسِ وهو ذاهبٌ إلى الإليزيه كي أكونَ السجينَ الوحيدَ في عكا سأقودُ مظاهرةً لكلِّ الرجالِ الآليينَ كي يصعدَ القمرُ ليلا سأجعلُ من عاهرةِ رفضت النومَ مع محركِ رولس رويس عاشقةً كي تموتَ كلُّ الملكاتِ حسدا الزنابقُ الآليةُ تتكلمُ كلَّ اللغات إلا لغتَكِ الطيورُ الآليةُ تقومُ بكلِّ الصلوات إلا صلاتَكِ الثعابينُ الآليةُ تغني كلَّ الأغنيات إلا أغنيتَكِ هل تذكرينَ -الغدَ- لما غدوتِ لغةَ الزنابق في الهند ولم يفهمْكِ المَهراجات؟ لما قمتِ بصلاةٍ للغجرِ في ميامي ولم تفهمْكِ أثوابُ السباحة الحمراء ذاتُ القطعتين للشقراوات؟ لما غنيتِ وحدَكِ دون المغنينَ الآليينَ في كنيسةِ القيامة ولم تطرب لك مريم؟ حتى اللهُ في القدس آليٌّ في زمنِ البرابرة فلنستسلمْ إذن لعدمِ البراءة ونجعلْ من البرتقالِ الآليِّ متعةَ يافا لندفعْ عدمَ الحياءِ في أحضانِ من توسوسُ لهمُ الملائكة في فنادقِ الدرجةِ الأولى ونمنعْ شجرَ السرو الآليّ في حدائق نيويورك من الغيرة لنعرضْ عدمَ العدم ونُعِدْ للمحرابِ الآليِّ الحياةَ في قصصِ الرذيلة لم يَفُتِ الوقتُ بعدُ وأنتِ لما تزالينَ يا ابنتي صغيرة والعالمُ الآليُّ عالمُ اليومِ لم يصبحْ عالمَكِ غدا سأُبْعِدُ الغدَ عن طرقِ بابِكِ عندَ منتصفِ الليل وأقاومُ رغبتي في النوم لكني لن أصمُدَ طويلا أمام رغباتِكِ البربرية رغباتِكِ الآلية
* يتبع تحت...
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
أفنان القاسم - اديب ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الأدب العربي لم يرق إلى المعلقات وألف ليلة وليلة / أفنان القاسم
|
|
لارسال هذا
التعليق الى شبكات
التواصل الاجتماعية
الفيسبوك، التويتر ...... الخ
نرجو النقر أدناه
|
تعليقات
الفيسبوك
|
|
|
المزيد.....
-
مقامة خطار .
/ صباح حزمي الزهيري
-
ماذا بعد قرار تجريم قادة الصهاينة؟
/ ميلاد عمر المزوغي
-
قصة قصيرة جدا / صَلاةٌُ بِوُضوءٍ حَجَرِيٍّ /
/ بويعلاوي عبد الرحمان
-
قراءة في التحليل النقدي لمجدي خليل حول قرار المحكمة الجنائية
...
/ عبير سويكت
-
وزارة المواهب والكفاءات
/ كاظم فنجان الحمامي
-
نحن على حافة الهاوية!!
/ سعاد عزيز
المزيد.....
-
هل تجرّب بدائل اللحوم النباتية؟ شركة في أبوظبي تريد إقناعك ب
...
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
“اضبطها الآن ودلع عيالك” تردد قناة وناسة 2024 الجديد Wanasah
...
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
المزيد.....
|