تحياتي للاْْخ العزيز اْفنان القاسم, 1 جهدكم في مقارنة المعلقات مع مراحل تطور الشعر العربي راْي قابل للنقاش,لاْسباب عديدة,منها اْن فكرة القبول الواسع للشعر الكلاسيكي بالمقارنة مع الشعر الحديث هي فكرة منتشرة في الشرق بشكل عام,فلا زال الاْنسان في منطقتنا لا يستقبل الشعر الحديث كشعر متكامل للقراءة ولا يفهمه ككلام,هنالك اْسباب كثيرة,فمن الناحية الحضارية يعبر الشعر الحديث عن تحول عقلية الاْنسان من عقلية خارجة عن المدن وقيمها وثقافتها,الى عقلية مدنية تتعامل يوميا مع مستجدات الاْنفتاح,ثانيا اْن الشعر الحديث قد جاء بعد اْنجازات اْنسانية كبيرة في الثقافة والعلوم والتكنولوجيا,اْي التغيير الجذري لنمط الحياة والعلاقات الاْنسانية,الشعر الحديث بخلاصه من التوغل المتزايد للاْسلوب البلاغي ومن الوزن والقافية’واْستيعابه لاْسلوب النثر الشعري,تمكن من اْحتواء هذه المستجدات وصهرها في محيطه الفكري والجمالي والمعرفي,وهذا لايعني اْن الشعر الكلاسيكي لم يتعامل مع الفكر والمعرفة ولكنه لم يكن بحاجة ماسة في التعامل معها على اْساس جمالي وشكلاني,ولذلك من المعتقد اْن كل عصر له اْنسانه ونمط الحياة فيها قابلة للتغيير المستمر مما يستوجب تغيير اْسلوب الاْنتاج والتلقي,ولا يعني ذلك اْن الاْدب اْو النص الاْبداعي سينهار مع هذه التحولات,والحالة هذه اْقول اْن فكرة مقارنة نصوص كتبت قبل اْكثر من اْلف سنة مع النصوص الحديثة واْقامة الحكم على الاْفضلية منها هي فكرة لا توصلنا الى اْستنتاجات كبيرة ولا يمكن اْعتبارها طريقة للبحث,اْولا اْن زمن الكتابة اْي لحظة الكتابة لها اْهمية كبيرة,من هو الاْنسان الذي يكتب ولمن يكتب,كيف يعيش هذا الاْنسان الذي يكتب وكيف يعيش المتلقون؟كيف يفكرون؟ماهي البيئة الاْجتماعية التي يكتبون فيها وما هي المثل والاْعراف في زمنهم؟ كيف يتذوقون؟ اْنها اْسئلة لا تمت بصلة مع النص,اْنها عوامل خارجية ليس من الضرورة اْن تنتج شعرا,ولكن الاْنسان وبالرغم من كل معتقداته ومعرفته هو كائن اْجتماعي,واْن لغته اْيضا تطورت في بيئة اْجتماعية كما يؤكد بارت باْن اللغة هي نتاج اْجتماعي,ولكن الشعر لا يقلد الواقع ولا يريد اْن يغير الواقع ولا يتمكن العمل على تغير الواقع .فالسريالية فشلت في اْعتقادها باْن الشعر باْمكانه تغير الواقع,الشعر هو تعبير عن حساسيات تذوقية وجمالية ولغوية ووجودية ,اْي الجانب الفني الذي يمتلكه في اْسلوبه وشكله, البنية اللغوية التي تتمكن من اْفراز نمط من التعبير ,ولذلك فاْن التغير في لغة الشعر بين عصر وعصر اخر,بين شاعر وشاعر,بل بين قصيدة لشاعر وقصيدته اْخرى لنفس الشاعر تستوعب تغييرات جوهرية في بنيتها الدلالية والجمالية والفكرية,فكيف نجيز لنفسنا الاْحاطة بكل هذه التغيرات عبر مئات السنين؟ربما يكمن الخلل في طريقة البحث,ومن خلال هذا التمهيد ساْناقش الرسم المنهجي لدراستكم واْعتمادكم عليه: لقد اْخترتم المستويات الثلاثة لقراءة تاْريخ الشعر العربي, مستويات الوظيفة(المعني) ,مستوى الحدث (الفعل التصوري) مستوى الخطاب (الكلام ودلالاته) ,اْول ملاحظة على تبني هذه المسويات للشعر هي هل الكلام والحدث لا تؤديان وظيفة ما في المعنى ؟وهل الدلالة خارجة عن المعنى؟ من المؤكد اْنكم اْبقيتم كل هذه المستويات خارج الاْبعاد الحديثة للنقد الجديد كالاْبعاد الجمالية والشكلانية ومن ثم خارج علاقة الشعر بالمعرفة وخاصة الفلسفة والفكر,فكيف التوفيق بين قرابة هذه المستويات في وظائفها وفي علاقتها بالمعنى ؟ الدلالات الشعرية تنتج المعاني ضمن اْشارات لغوية وبنيوية ,,والكلام ودلالاته ينتج المعنىاْيضا,والحدث الوظيفي كبنية لغوية تنتج المعنى اْيضا,هذه مستويات من العسير اْجراء التمايز الوظيفي فيما بينها لاْنها تؤدي الدور الرئيسي بالنسبة لكم وهو اْنتاج المعنى,,فاْذاما اْعتبرنا الوظيفة الرئيسية للنص وهي اْنتاج المعنى وتبنيناها كمعيار شعري,علينا اْن لا ننسى,اْن المعني متعلقة بالبنية اللغوية التي تدخل في اْطار نظام لغوي,ونظام اْسلوبي,ونظام شكلاني يتعلق بجماليات اللغة,ويتعلق في اخر المطاف بالكيفية التي يكتب بها النص,اْي الشكل اللغوي,لقد طبق الناقد جان كوهين معايير وظيفية على المستويين السيمانتيكي والصوتي,واْستخدم مفاهيم لغوية وبنيوية كمفاهيم الاْنحراف اللغوي(كقيمة شعرية),على سبيل المثال,فطبق مفردات هذه المفاهيم على الشعر الحديث والشعر الكلاسيكي الفرنسي,بعد اْن اْقام مقارنات واْحصائيات كثيرة في هاتين المستويين بين المرحلتين,فتبين اْن نسبة الاْنحراف اللغوي في الشعر الكلاسيكي تبقى في كثير منها في درجة الصفر,بينما اْرتفعت هذه النسب في الشعر الحديث الى مستويات مرتفعة جدا,يعتبر ذلك طريقة للبحث المنهجي,فكيف طبقتم هذا الطرح ضمن هذه المستويات على الشعر العربي الذي يمتد مساحته الى اْكثر من اْلف وحسمائة سنة؟وما هي الدلائل اللغوية والمعنوية والاْسلوبية والبنوية والشكلانية في كل قصائد الشعر العربي؟فلم اْرى تطبيقات لا لغوية ولا فكرية ولا شكلانية وجمالية على قصائد الشعراء الذين ذكرت اْسمهم,وهل من الممكن اْعتبار الشعر الكلاسيكي والشعر الحديث نمطا وشكلا موحدا؟ اْقول اْن الشعر الكلاسيكي مرتبط بقوانين لغوية وقواعدية وشكلانية وبلاغية موحدة واْن الشعر الحديث قد كسر هذه القوانين,وبالتالي اْدى هذا التغير الى نمط جديد لكتابة الشعر ووظيفة الشعر ولغة الشعر ومن ثم نمط جديد من جماليات لغة الشعر,وكل هذا التغيرات لها تاْثيرات جوهرية على كيفية نقل الفكر وكيفية اْستخدام اللغة.ويعني ذلك اْننا اْما طريقتان مختلفتان لاْستخدام اللغة في اْنتاج نص تمتاز بالجانب الفني اْكثر من اْمتيازها بالجانب الوظيفي والاْجتماعي,اْن ذكركم للتاْثير الاْجتماعي على الشعر بقولكم(لم يرافق الشعر العربي في تطوره تطور البنية الاجتماعية) هو كلام فكري عام بحاجة الى تطبيقات ميدانية في لغة الشعر العربي,ومن ثم بحاجة الى البحث عن منهج فكري ولغوي تجسدان البنية الاْجتماعية,اْو تبني المناهج السابقة في النقد الحديث
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
أفنان القاسم - اديب ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الأدب العربي لم يرق إلى المعلقات وألف ليلة وليلة / أفنان القاسم
|