السيدة نادية شمروخ اْنتقاداتك في حضور المراْة اْثناء الاْنتفاضات العربية في محلها,ولكنني لي وجهة نظر اخر حول اْنكماش حضور المراْة العربية قبل وبعد الاْنتفاضات,اْن اْقرارنا بفاعلية وجود شخصية المراْة كحقيقة تاْريخية واْجتماعية حاضرة ومطالبتها بتجسيد هذا الدور الثوري ربما ليس في محلها,لاِن الاْشكالية الجوهرية في التراث الاْجتماعي والتاْريخي لحضور شخصيتها لا زالت غير مكتملة في المجتمعات العربية,التي تتصف بحق بمجتمعات اْبوية وسلطوية تؤجج ثقافة الجمع الذكوري القيادي في كافة التحولات والقرارات الاْجتماعية والسياسية والدينية,اْن مهام المراْة قد حكمت عليها بنضال من اْجل اْعادة صياغة اْنسانيتها و وجودها ككائن غير مختلف عن الرجل فالتراث المهيمن على ثقافة المجتمعات العربية هو تراث التجمع الذكوري والاْيدولوجيا الذكورية ,المكان الذي تختفي فيها شخصية المراْة وتظل محكومة بالبحث عنها كظاهرة تاْريخية لوجودها الطبيعي,لماذا؟اْولا اْن الثقافة التي تعمم الوجود الذكوري راسخة في رؤية الاْنسان في منطقتنا,فالدين ياْمرنا اْن نتقبل شخصية المراْة في قالبها الصغير الذي يكون دائما اْسفل اْقدام الرجل,فالمجتمع ياْمرنا اْن نتقبل مشاركة النراْة في الاْحزاب الليبرالية والشيوعية مشاركة بغاء وفتنة,التراث السائد والجمعي لمجتمعاتنا ياْمرنا اْن المراْة خلقت من اْجل اْمتاع الرجال والطبخ وتربية الاْطفال.اْي هنالك عملية فكرية وفلسفية واْيدولوجية ودينية تعمل على وضع شخصية المراْة كشخصية غائبة ليس من الضروري وجودها في مسائل توصف بمسائل رجولية,فقد اْصبحت شخصية المراْة بمفابتة شخصية تمتلكها الرجال وتقرر مصيرها من قبل الرجال,اْنها ظاهرة متمازجة مع ظاهرة الدفاع عن الشرف ,والدفاع عن ممتلكات مسيجة للرجال,فعليها اْن لا تختلط مع الرجال اْن لا تعمل,اْن تخرج وجدها,اْن تظل بين الجدران,اْن لا تكشف عن جسدها ,اْن تلبس النقاب,اْن لا تحمل السلاح اْن لا تنظم للاْحزاب,ففي بيئة موبوءة كهذه البيئة لم تتمكن المراْة من رسم شخصيتها ولم تتمكن من اْن تتخيل باْنها متساويةمع اْنسان اخروبالتالي لم تتمكن اْن تكون من شخصيتها شخصية اْقتصادية وثقافية واْنسانية ,فلا زالت المراْة تبحث عن شخصيتها بلا جدوى,لاْن القوة الفكرية والعقائدية لقولبة شخصيتها كدمية بيد الرجال ما زالت تهيمن على اْكثرية المجتمعات العربية,لاْن الرجال ينوبون عن شخصيتها,فالمنظمات النسوية العربية هي منظمات خجولة واْحتشامية تعمل ضمن دائرة رؤية الرجل الذكوري لعملها وحركتها,ولم نسمع يوما عن اْشكالية فكرية تثيرها المنظمات النسوية وحركاتها في تجسيد شخصية المراْة وكسرها لهذا الطوق التاْريخي والحصار العقائدي اْزاء شخصيتها الضائعة في شخصية الرجال,وكاْنها تمثل الرجال في فكرها وعقيدتها وحياتها,لا يعني ذلك اْن المراْة ومن اْجل اْبراز اْشكالية حضورها اْن تفقدالاْنوثة التي تحملها معها,ليس الاْشكال في التميز البايولوجي والفيزيونومي,بل الاْشكالية في رؤية الاْنسان الشرقي والترسبات التاْريخية للتراث المتسلط والاْيدولوجيات والعقائد التسلطية عليها,اْعتقد اْن النضال الجوهري لحضور المراْة العربية تكمن في كسر الثقافة التي تعمل على غياب شخصية المراءة والعمل على تفخيم الخوف الاْجتماعي من المراْة والعمل على االاْمتلاك التاْريخي لمكانة ووجود شخصية المراْة وعلى عدم تحول المراْة من اْنسانة مستهلكة الى اْنسانة منتجة ولكي لا تكون بعدها قوة اْقتصادية وسياسية وتاْريخية واْجتماعية,فلافما زالت المراْة لم تتمكن من تجسيد كينونتها كشخصية مستقلة لاْنها لم تتمكن ومعها الثقافة العلمانية من فرض شخصيتها كشخصية مستقلة,لكي تصبح شخصية تشرع جميع حركاتها ومشاركاتها ونتاجاتها وعملها وحياتها صورة مطابقة للرجل ورؤية الرجل للمراْة فبدون هذه المشاركات العقائدية تدخل المراْة الى عالم المخالفات وحدود العصيان والتمرد ,لاْنها سئلت نفسها وسئلت الجميع هل اْنا موجودة اْم لا,هنالك ثقافة واسعة ينتجها الرجال و تحرض على وضع المراْة في موقع الاْمتلاك الجمالي للاْنسان,فالمغني الذي ينشد حبه للمراْة لا توجد في كلماتها قبول ذاتي للمراْة كشخصية مستقلة فهو يرديها بجانبه دائما تلبي رغباته ونزواته.الرؤساء والسياسيون يوجهون خطاباهم لمجتمعاتهم كخطابات موجهة للرجال وليست للنساء,وجميع خطب الجمعة والماذن يوجهون خطاباتهم للرجال,اْنها شخصية عليها مراقبة اْجتماعية تحدد حركاتها وعملها وترصد اْقوالها واْفعالها,كل القوانين العربية تعمل على تصغير وتحديد دورهااْذا اْن ظروف المراْة في بيئة ملوثة كهذه البيئة هو وجود ماْساوي وتراجيدي واْنكماشي تسلسلي بحيث اْصبحت هذه الرؤية بمثابتة رقابة تاْْريخية لا تحتاج الى من يحركها ولا الى من يراقبها.فالماكنة التاْريخية لحجب شخصية المراْة تعمل بشكل مستمر ودون رقيب لاْنها لم تصل بعد الى موقع تتمكن من خلالها محاسبة ومسائلة من وقف ضد تجسيد شخصيتها كشخصية مستقلة,فكيف الحديث عن دور للمنظمات النسوية والبحث عن مشاركتها وتوجيه اْية اْنواع من الاْنمتقادات حول فعالية شخصيتها ووجودها اْصلا في مجتمعات تتقبل المراْة وتشرع وجودها ضمن شروطها وقوانينها ورؤيتها وتراثها لها؟الا اْن ذلك لا يعني الاْستكانة لهذا الواقع المزري,فالعمل على ترسيخ الثقافة الاْنسانية والذاتية والفردانية الحرة ونشر ثقافة تقبل الاْنسان ككيان حر,وتشريع قوانين جديدة تتقبل المراْة كشخصية مستقلة والعمل على تحطيم وتفريغ الثقافة الذكورية التسلطية والعقائدية التمايزية التاْريخية والعمل على المطالبة بنسب معقولة لمشاركة المراْة في الحياة الاْجتماعية والاْقتصادية والسياسية للمجتمعات العربية من خلال تفعيل منظمات المجتمع المدني هي وسائل للعمل فقط ونجاحها تبقى مرهونة بنسبة مشاركة الرجال ممن يحملون الفكر الاْنساني والفكر الحداثوي في حياتهم وثقافتهم في المسائل التي تتعلق بتجسيد شخصية المراْة كظاهرة اْجتماعية وطبيعية وتاْريخية كظاهرة الرجال وما يفعلون. ,
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
نادية شمروخ - المديرة التنفيذية لمنظمة اتحاد المرأة الاردنية- في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الثورات العربية وانعكاساتها على حقوق النساء. / نادية شمروخ
|