|
رد الى: Igia Gad Elkarim - عصام الخفاجي
- رد الى: Igia Gad Elkarim
|
العدد: 360535
|
عصام الخفاجي
|
2012 / 4 / 25 - 03:35 التحكم: الكاتب-ة
|
أعود إلى الموضوع الذي أثار اكبر قدر من النقاش والنقد والإعتراض: الصهيونية، الناتو وأمريكا. وأحيل في الوقت نفسه إلى ردود على تعليقات زميلات وزملاء آخرين. أولا، يعتقد بعض المعلقين إن الإكثار من الحديث عن مخططات الصهيونية وأطماعها ونجاحاتها عمل نضالي. وأرى إن هذا النوع من التهويل ليس إلا دعوة للإستسلام لها إذ يصورها كيانا كلّي القدرة يمد أذرعه حول الكرة الأرضية ويفعل ما يشاء في الشرق الأوسط وأفريقيا والبلدان الغربية بالطبع. ثانيا، إن اختزال مطامع الإستعمار إلى تفتيت وتقسيم الدول ليس إلا دعوة لتجاهل المعنى الحقيقي لإستغلال الشعوب. فكبر الدولة أو صغرها لايحدد قوتها أو درجة تطورها: مساحة السودان أكثر بسبع مرات من مساحة المملكة المتحدة، ومساحة العربية السعودية أكثر تزيد عن ستة أمثال مساحة اليابان. ومن حيث عدد السكان فإن سكان مصر يزيدون عن أربعة أمثال مساحة هولندا. ثالثا، من العبث والغطرسة القول بأن كل ما جرى ويجري في العالم العربي هو مخطط غربي، فهو يحقّر الشعوب المنتفضة ضد الفساد والقمع ويضع الكاتب في موضع الحكيم العارف بما لاتعرفه شعوب جاهلة. رابعا، إنه لايفرّق بين مواقف إسرائيل والغرب من هذه الثورة أو تلك، كما أنه يطمس الصراعات بين الدول الغربية حول الموقف من هذه الثورة أو تلك، وهو أمر يؤسفني أن أقول إنه مثير للسخرية. فلنحاول تفكيك واقع معقد، يختزله -العارفون- إلى مؤامرة ذات طابع دولي، إختزال يصب هو في مصلحة القوى المعادية إذ أنه لايدعو إلا إلى الإبقاء على االنظم الحاكمة لأن الثورة عليها جزؤ من مخطط صهيوني، وهو اختزال لايدعو إلا إلى تيئيس الجماهير من قدرتها على الثورة وفرض مطالبها لأن ذلك تنفيذ لمصالح العدو. وقفت فرنسا إلى جانب نظام بن علي في تونس ووقفت إسرائيل وأمريكا والسعودية إلى جانب نظام حسني مبارك فيما وقفت قطر مع إسقاطه وتخشى إسرائيل من سقوط نظام بشار الأسد خوفا من مجئ الإسلاميين. ومن البداهة القول أن كلا من هذه البلدان تسعى إلى تعظيم مصالحها، لكن مصالحها ليست موحدة على خلاف ما يراه صاحب نظرية المؤامرة المتكاملة. وفضلا عن ذلك فإن كل الدول التي سبق ذكرها وغيرها اضطرت إلى التسليم بالأمر الواقع بعد انتصار الثورات وأخذت بالبحث عن سبل للتعاطي مع القوى الصاعدة. ويسري هذا الأمر على حالات كثيرة عدة، يختزلها التفسير ال... إلى مؤامرة من جانب حلف الناتو، ولايرى الصراعات في داخله، واضعا كتلة هلامية كبيرة في سلّة واحدة اسمها الغرب. ولعله لايرى في ذلك كله إلا تبادلا للأدوار بشكل مسرحي! هل كان موقف فرنسا التي عارضت بشدة غزو العراق، بسبب مصالحها المتشابكة مع نظام البعث العراقي مماثلا لموقف الولايات المتحدة؟ وإذا كان حلف الناتو كله متآمرا استعماريا ذا سياسة موحدة، فكيف نفسر موقف تركيا، وهي من أهم أعضاء حلف الناتو، الذي منع الولايات المتحدة وحلفاءها من استخدام أراضيه لمرور القوات التي احتلت العراق؟ وأكثر من هذا، كيف نفسر موقف الحكومة الإسرائيلية الحازم تجاه إسرائيل على الضد من مواقف حلف الناتو؟ وأيا يكن موقفنا من الحركات الإسلامية فإن اعتبارها أداة في يد الصهيونية لا يثير إلا ال... لأنها الأكثر عداءا لإسرائيل، لأسباب دينية على الأقل. وكانت هذه التنظيمات (والشيوعيون قبلها) ممنوعين من الدخول إلى الولايات المتحدة حتى وقت قريب، وبعض هذه التنظيمات كان مدرجا ضمن التظيمات الإرهابية. من هنا أعجز عن وصف رأي يقول إن القاعدة والسلفيين أداة بيد أمريكا التي ضحّت بإلاف الجنود وأنفقت مليارات الدولارات لمحاربتهم. أم لعل ذلك كان جزءا من مسرحية وفصلا من المؤامرة المزعومة؟ ويمضي التعليق إلى القول بأن أمريكا لم تجد القاعدة أو السلفيين (عملاءها كما يرى) فاضطرت إلى غزو العراق. فهل كان من الأفضل نشر عناصر القاعدة في العراق لمنع احتلاله؟ ومن كان وراء الأعمال الإرهابية الدامية هناك إن لم تكن القاعدة وبقايا البعث؟ أكرر القول بأن ثمة أختلافا نوعيا بين احتلال بلد ما وبين استهداف نظامه وأجهزته من خلال استخدام السلاح الجوي. الأول يعني إنهاءا رسميا لإستقلال البلد وإدارته بشكل كامل من قبل القوى المحتلة وإعادة تشكيل مؤسساته وبنيته السياسية وفقا لإرادة تلك القوى. أما في الحالة الثانية فإن دور القوى الغربية هو إسناد الثوار، إذا توافقت مصالحه مع أهدافهم وإذا شعر بأن هذا الإسناد لن يكلفه الكثير أو يؤثر على علاقاته الدولية، وهو مايحصل في سوريا لسوء الحظ. لابد لمن يؤمن بمعاداة الإستعمار حقا أن يعود إلى أوليات ما تعلمناه عن ماهيته ومظاهره: استثمار رؤوس أموال يحقق عبرها مصدّر رأس المال أكبر ما يمكن من ارباح (مع إني أعتقد بأن الإستثمار الأجنبي أمر يعود بالفائدة على البلد المستورد له كذلك إن أحسن توجيهه وإدارته) وإقامة قواعد عسكرية على أراضي البلد المستعمر (بفتح السين). فلماذا لانملك الجرأة ونسمّي القواعد العسكرية الروسية في سوريا وليبيا القذافي استعمارا في حين نسمي القواعد الغربية في الخليج كذلك؟ ولماذا لا نرى في دور الصين الناهب لثروات أفريقيا والداعم لدكتاتورياتها حفاظا على استمرار مصالحه استعمارا وكنّا نعتبر دعم أمريكا لدكتاتورية الشاه في إيران ودعمها للحكم العسكري في الباكستان كذلك؟ ولنأت إلى جانب أخير وهو أن مايريده الغرب وامريكا وإسرائيل لابد وأن يتحقق لأن كل التغيرات التي حصلت ليست إلا صناعة غربية/ أمريكية/ صهيونية. هل كانت هذه الدول مجتمعة تريد سقوط نظام حسني مبارك؟ بل هل كانت تفضل صعود الإخوان المسلمين لحكم أهم دولة مجاورة لإسرائيل؟ وهل كانت تفصل صعود حزب النهضة الإسلامي في تونس بديلا عن نظام بن علي؟ بل هل كانت تريد سقوط علي عبدالله صالح حليفها الأساس في محاربة تنظيم القاعدة؟ إن الوقائع على الأرض وتوازنات القوى (كما اشرت في حواري مع الأستاذ صلاح بدر الدين)، لا إرادات ومؤامرات الآخرين، هي ما يحدد مآل الثورات والحروب. والمثال الأكثر جلاءا على ما أقول هو النتيجة الدرامية لثماني سنوات من الإحتلال الأمريكي للعراق. أرادت الولايات المتحدة للأخير أن يكون حليفها الأهم في المنطقة، وانتهى الأمر إلى تحوله إلى الحليف الأول لعدوها الرئيس إيران. فلنتق الله في العلم والتحليل السياسي!!!
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
عصام الخفاجي - مفكر أكاديمي وباحث في العلوم الاجتماعية - في حوار مفتوح حول : موضوعات للنقاش حول ثورات الربيع العربي وآفاقها. / عصام الخفاجي
|
|
لارسال هذا
التعليق الى شبكات
التواصل الاجتماعية
الفيسبوك، التويتر ...... الخ
نرجو النقر أدناه
|
تعليقات
الفيسبوك
|
|
|
المزيد.....
-
قرن من النضال: ضوء على خبرات الحزب الشيوعي اللبناني ومخزون ت
...
/ أحمد الديين
-
مائة عام من النضال لقضايا شعبنا ووطننا
/ موريس نهرا
-
عبد الحميد الحاج (فتحي) يغادرنا
/ حمه الهمامي
-
الشعبوية والمرفق التربوي: الشعارات الخاوية عوض الا
...
/ علي الجلولي
-
تفكيك الجرح: سيميائية العلاقة بين الذات والقصيدة في منطق الف
...
/ كريم عبدالله
-
حصاد غوغائية العربان
/ وهيب أيوب
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
تفسير حلم المطر الغزير في الحرم المكي
المزيد.....
|