|
ملاحظات - محمد المثلوثي
- ملاحظات
|
العدد: 326373
|
محمد المثلوثي
|
2012 / 1 / 19 - 23:28 التحكم: الكاتب-ة
|
تحياتي الخالصة للرفيق سامح أظن أن نقطة الانطلاق في بحث المستقبل ليست في بناء نظريات متكاملة تحل كل المشاكل بطريقة ذهنية ثم الاتجاه نحو تطبيقها على الواقع، بل تكمن نقطة الانطلاق في بحث الواقع التاريخي كما هو متحقق أمام أعيننا. فالضرورة التاريخية لتجاوز النظام الرأسمالي لم تنشأ الا بمفعول تطور الرأسمالية نفسها وتطور أزماتها وتناقضاتها واثبات عجزها الواقعي عن فض المعضلات الاجتماعية المتفاقمة، فأكثر من ثلاثة قرون من الرأسمالية يمكن له أن يعطينا الدليل الحاسم على كون الفقر والتهميش والبطالة والاستغلال...الخ ظواهر تزداد ضراوتها مع كل تقدم رأسمالي، كما يعطينا الدليل على عقم كل محاولات اصلاح هذا النظام من خلال تغيير أشكاله السياسية أو الحقوقية من رأسمالية الدولة الى المنافسة الحرة الى التعاونيات الرأسمالية الى الجمهورية الديمقراطية الى الديكتاتورية العسكرية الى الدولة الدينية أو المدنية...الخ ففي هذا المجال من الاصلاحات فنحن لا نتحدث عن امكانيات في المستقبل بل عن تجارب قد وجدت بالفعل وأثبتت افلاسها التاريخي. وهكذا فالحديث عن الاشتراكية كمشروع تاريخي لتجاوز الرأسمالية لا يمكن أن يكون محل تأملات فلسفية أو بناءات تجريدية، بل هو موضوع نقد النظام الرأسمالي القائم بالفعل، وهذا النقد النظري والعملي ليس ابتداعا من أحد ولا هو مذهب ايديولوجي بل ان تطور الرأسمالية وأزماتها وما ينشب عنها من نزاعات اجتماعية تأخذ في كثير من الأحيان أشكالا انتفاضية مثلما يحدث هذه الأيام، هو بالذات ما يحول هذا النقد الى مشروع للتغيير الاجتماعي. فلو أخذنا تجربة الانتفاضة في تونس لوجدنا أن فكرة اقامة المجالس والتعاونيات وأخذ الناس بالمبادرة بتسيير شؤونهم بأنفسهم لم تكن موجودة الا في كتابات قليل من الأفراد، أما الآن فكل الأحزاب أصبحت تضع في برامجها أفكارا من هذا النوع، واصبح هناك الكثير ممن يتحدث عن ضرورة اقامة المجالس المحلية المنتخبة مباشرة من الأهالي، غير أن هذه التجربة أثبتت أيضا أن هذه المجالس والتعاونيات لا يمكن لها أن تتطور الا في اطار صراعها مع الدولة، فهذه الأخيرة سريعا ما تعيد بسط هيمنتها بمجرد أن تخف الموجة الانتفاضية فتقوم اما بالاجهاز على هذه المجالس أو ضمها ضمن أجهزتها البيروقراطية، كذلك أثبتت التجربة أن قيام المجالس في حد ذاته، ورغم أهميته التاريخية، فانه لا يجيب بالكامل على المشاكل التي تعترض الحركة، اذ أن المجالس اذا لم تتجه الى التغيير الاجتماعي الفعلي، اذا لم تبادر بالاستيلاء على وسائل الانتاج واعادة ادارتها لصالح الجماهير المنتفضة، اذا لم تقطع وبشكل مباشر وفوري مع كل الآليات والقوانين الاقتصادية الرأسمالية، اذا لم تعد النظر بشكل مباشر في أسلوب الانتاج والتوزيع بما يضمن حلولا فورية لجمهور الكادحين والمعطلين والمهمشين في تصادم واضح وصريح مع مصالح مالكي وسائل الانتاج، اذا لم تبادر بتفكيك أجهزة الدولة وتعويضها بأشكال ادارة ذاتية، اذا لم تقم بكل هذه المهمات أو لم تنجح في أداءها فانها تحكم على نفسها بالعقم في البداية ثم بالهزيمة لاحقا. وأظن أن تطور الحركة المجالسية أو تعثرها لا يتعلق بحقن الجماهير بالوعي بضرورة هذه المجالس، فهذه فكرة لينينية محضة، بل بتكامل العناصر المادية في المجتمع بما في ذلك تراكم التجارب الثورية وهزائمها بالذات وما تعطيه من دروس تاريخية لمستقبل الحركة. وفي هذا الباب ومثلما أعترض على فكرة الحزب الطليعي الذي سيقود الجماهير الى جنة الاشتراكية من خلال استيلائه على السلطة، فانني أتعارض مع فكرة المجموعات الدعوية التي نجد نموذجها لدى بعض الفرق الدينية،فالمجموعات الثورية أينما وجدت لا يمكن بأي حال أن تكون شيئا مستقلا عن الحركة نفسها، ولا أن تبني لنفسها أهدافا خارج الأهداف التاريخية للحركة الثورية، ودورها الفعلي هو المساهمة في تطوير الحركة انطلاقا من واقعها وامكانياتها، وفقط انطلاقا من هذا يمكن بحث أشكال تنظيمها ومضمونشاطها الواقعي. اما فيما يتعلق بالاشتراكية نفسها فهي ليست حلا نهائيا وكاملا لمشاكل المجتمع بل أسلوبا جديدا في مواجهتها، فالى حد الآن لم تواجه البشرية، ولم يتح لها أن تواجه مشاكلها العويصة بشكل جماعي وبروح تعاونية بل انها ظلت تحيل هذه المهمة لفئة قليلة من البيروقراطيين وما يسمى بالخبراء والمختصين الذين فضلا عن عجزهم على ايجاد الحلول فلقد أصبحوا هم بذاتهم مشكلة على كاهل المجتمع. في الأخير جلب انتباهي اعتراض لأحد المتدخلين حول كون غياب الربح سيفقد الناس أية رغبة في الانتاج، وهذه فكرة بورجوازية قديمة عالجها ماركس بالنقد. فاضافة لكون الانتاج من أجل الربح هو ظاهرة رأسمالية مستحدثة ولم تكن شكلا مهيمنا في أساليب الانتاج التقليدية، وهذا الأمر بحد ذاته يثبت كون غياب الربح لا يعني غياب الانتاج بل تغير أسلوبه فقط، فانه لو كان الأمر كذلك لأنهارت الرأسمالية من زمان لأن أغلب البشرية، في ظل الرأسمالية، لا تتمتع بالربح بل هي تنتج لصالح غيرها، بل ان العمل، في ظل أسلوب انتاج قائم على الربح، يتم بشكل قسري، سواء بالقوانين الزجرية أو من خلال الالزام الواقعي، حيث لا يجد الناس من خيار أمامهم سوى العمل أو الموت بالجوع، اما في المجتمع الاشتراكي ، الكوموني، المجالسي فان الحاجة للانتاج تنبع من حاجة الناس أنفسهم لتوفير الشروط المادية لبناء حياتهم ليس كحيوانات استهلاكية تبذر مجالها الطبيعي الحيوي في سبيل اشباع وهمي، بل كمنتجين أحرار لحياتهم الجماعية المشتركة بشكل متوازن ومبدع ومجابهتهم لمشاكلهم واحتياجاتهم بشكل متضامن وليس في شكل ذرات فردية متنافسة
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
سامح سعيد عبود - مفكر وناشط اشتراكي تحرري - في حوار مفتوح حول الحركة الاشتراكية التحررية - الاناركية - وصعودها مجددا، ودورها وعلاقاتها في ربيع الثورات الحالي / سامح سعيد عبود
|
|
لارسال هذا
التعليق الى شبكات
التواصل الاجتماعية
الفيسبوك، التويتر ...... الخ
نرجو النقر أدناه
|
تعليقات
الفيسبوك
|
|
|
المزيد.....
-
لغة الوجوه والعينين: نافذة الروح في فن التمثيل
/ حسام موسي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
من حبر الرغبة
/ عبد العاطي جميل
-
القاص صلاح زنگنه في حوار صريح / الكاتب الحقيقي له موقف
/ صلاح زنكنه
-
نظام الإدارة العامة والموارد البشرية في القطاع العام.
/ فهمي الكتوت
-
حول قدرة السياسيين الغربيين على تدمير الكوكب
/ شابا أيوب شابا
المزيد.....
-
أردوغان: نرغب في زيادة حجم التبادل التجاري مع روسيا
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
بعد تسجيله ثنائية أمام ساوثهامبتون.. صلاح يحقق رقمًا قياسيًا
...
-
العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500
...
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
المزيد.....
|