الصفحة الرئيسية - هشام غصيب في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: من الثورة العربية الى الثورة العالمية / هشام غصيب - أرشيف التعليقات - الشيوعيون العرب لم يكونوا مناشفة - سعيد مضيه

الشيوعيون العرب لم يكونوا مناشفة - سعيد مضيه

- الشيوعيون العرب لم يكونوا مناشفة

العدد: 228906

سعيد مضيه

2011 / 3 / 31 - 12:11
التحكم: الكاتب-ة

الدكتور هشام غصيب اهتدى إلى الماركسية وهو يبحث عن حل لإشكالية فلسفية وجده في المادية الجدلية. ومنذ ذلك الحين أتقن الغوص في البحر الزاخر. وهو ، نرجو له العمر المديد ومواصلة الإنتاج الغزير، مثل الراحل محمود أمين العالم، وجد ضالته في الماركسية حرصا على انسجامه المعرفي، وهو يبحث عن الحقيقة. وجد العالم بيئته واندمج فيها، وربما هو الوحيد بين الماركسيين العرب جمع في نشاطه الدؤوب التعمق الفلسفي مع التنظيم السياسي. ولكن الدراسات الفلسفية للدكتور هشام غصيب موضع تقدير واحترام، نظرا لما تنطوي عليه من صدق وجرأة اقتحامية.
لكنه يظلم الشيوعيين ، وكثيرا ما يقسو في ظلمه. فالشيوعيون العرب قدموا تضحيات دفاعا عن حقهم في اتخاذ الموقف السياسي الأفضل ـ حسب قناعاتهم ـ لتقدم مجتمعاتهم . وكثيرون انشغلوا بالعمل اليومي عن التزود بالدليل المرشد الماركسي. بل إن قياديين تلمسوا الطريق بواسطة الحدس. وعلى العموم سادت الأمية الماركسية في أوساط الشيوعيين كافة تصدوا لعبد الناصر وهو في أوج قوته دفاعا عن الديمقراطية ؛ لكن الجماهير وقفت بجانبه وانعزل الشيوعيون. وحيال تعقيدات الوضع بالنسبة للقضية الفلسطينية، والتباسات المواقف وقعوا في الأخطاء ، لكنهم لم يكونوا مناشفة على الإطلاق. و من انتهت حياته بصورة طبيعية كان على أتم استعداد في لحظات المواجهة لتقديم حياته دفاعا عن الموقف الثوري. ربما نجد الإشكالية في حيثيات أخر..
في الأدبيات الماركسية حصلت ازدواجية بالنسبة لشيوعيي بلدان الشرق. خطاب لينين في مؤتمر كادحي الشرق الثاني حيث حذر الشيوعيين من -تقليد تكتيكاتنا - . نصح لينين بأن يناضل الشيوعيون أولا لتخليص مجتمعاتهم من إرث العصر الوسيط ويضعوها على مدرج الحضارة العصرية ، ثم يخوضوا النضال الطبقي. طمست هذه النصيحة الهامة؛ طمستها بنود شروط الاشتراك في الأممية الشيوعية ، والتي أغفلت تماما عيانية الظروف المحلية للمناطق والأقطار. وجرى تجميد الديالكتيك المادي ، أي خنقه، وأقر الشيوعيون بالخطا الجسيم. غيبت تماما نصيحة لينين واضطر الشيوعيون تقديم تضحيات جمة ، شهداء وسجناء ومطاردين ومنفيين، بينما المجتمعات تكابد ظروف العصر الوسيط وعلاقاته الاجتماعية وقيمه ومعاييره.
في ظل البنية الكولنيالية تكلست العلاقة الاجتماعية الموروثة. بل إن الكولنيالية ، ومن خلال نظم التعليم ومناهجه التي أقرتها ، وعبر تجميد النماذج الاقتصادية المتخلفة وتتبيع المجتمعات لهيمنتها ، أعادت إنتاج التخلف . وكما لاحظ الدكتور هشام شرابي فإن - حياة العربي تبدأ وتنتهي بالتلقين . اما العنصر المشترك بين التلقين والعقاب فهو أن كلا منهما يشدد على السلطة ويستبعد الفهم والإدراك. أي أن كلا منهما يدفع إلى الاستسلام ويمنع حدوث التغيير-.
عوامل عديدة تضافرت لتضع الشيوعيين داخل متاهة وفقدوا البوصلة ؛ فتورطوا بالنتيجة في صراعات داخلية سخيفة ومكلفة. وهنا يجدر بالبحث التجريدي للفلسفة تلمس عيانية الواقع وتترجمه في قالب نظري... ولا تنظيم بدون مثقِفين،(منظمين وقادة) . ولا تنظيم بدون تحديد دقيق لملامح العنصر النظري من وحدة النظرية والممارسة بقدر امتلاكها لرؤية شاملة للحياة والعالم متجددة وحيوية وجذرية ومناقضة لأنماط التفكير السابقة-
سأظل معجبا بطروحات الدكتور غصيب الفلسفية وواثقا من أن معاناة فهمها تتطلب الجلد والمثابرة حتى بالنسبة لمن استوعبوا قدرا متواضعا من الديالكتيك المادي.
وتحية إلى الدكتور الباحث المقدام.

للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
هشام غصيب في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: من الثورة العربية الى الثورة العالمية / هشام غصيب