أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - خالص جلبي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: ثقافة السلم و اللاعنف، الأديان والعلمانية / خالص جلبي - أرشيف التعليقات - رد الى: واثق السيد - خالص جلبي










رد الى: واثق السيد - خالص جلبي

- رد الى: واثق السيد
العدد: 206297
خالص جلبي 2011 / 1 / 13 - 17:24
التحكم: الكاتب-ة

يبدو أن الأخ الواثق واثق جدا مع أن التاريخ أعطى حكمه تنفيذا بالمقصلة على يد الأمير يلتسين فانتهت الشيوعية إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليها بعد أن تسببت في مقتل 200 مليونا من الأنام..

يقول المثل الله يطعمك حجة والناس من عرفات راجعة؟ ويبدو أن الواثق لم ينتبه بعد إلى الزلزال الروسي وانهيار سد يأجوج في برلين ونهاية الرفاق إلى بلاليع التاريخ..

لقد كشفت المخابرات في برلين الشرقية من الملفات المتلفة عن كل مواطن مايحتاج للعمل ثلاثين سنة أخرى ماهو أطول من عمر سور برلين

حتى جعله ربي دكاء وكان وعد ربي حقا، وأنا شخصيا لي تجربة جميلة معهم أضعها بين يدي الحزبي المتحمس بنظارات قاتمة كافية للارتطام حيث تحرك صاحبها؟
المقبرة الاشتراكية

( عندما يقع الانسان في قبضة نظام شمولي )

(بقلم خالص جلبي)



لايعرف طعم الحرية الا السجين ، ولايفهم الطفل معنى المتعة الجنسية مهما شرحتها له ، ولايدرك لسع الأفعى أو حرق الجمرة الا من كابدها ، ولايفقه معنى الحب الا من احترق في ضرامه ، ولايعقل الانسان معنى الذل والخوف حتى يقع في قبضة نظام قمعي وهي تجربتي التي كابدتها لساعات في ألمانيا الشرقية ، ولدت من رحم الذاكرة بعد حمل دام عقدين من الزمن ؟ ومناظر استيقظت من سبات فجأة على غير موعد ، وهذه هي مفاجآت الذاكرة فلا تموت بل تزداد تألقاً وبهاءً ووضوحاً مع الأيام .

كان ذلك قبل انعتاقها من الأسر الروسي بعد أن ذاقت كؤوس الذل مترعة دهاقاً لمدة أربع وأربعين عاماً فأُصيبت بالشلل والخرس ولم تتعافى حتى اليوم بعد أن انهار جدار برلين في نوفمبر 1989 م على الرغم من كل تدبيرات العلاج في العناية المشددة في حضن أختها المقتدرة ألمانيا الغربية تضخ في عروقها مليارات الماركات ، وتعلمنا البيولوجيا أن المشلول إن لم يستعد عافيته بسرعة تيبست مفاصله الى غير رجعة ، والدماغ الذي ينقطع عنه الاكسجين للحظات يحترق .

إذا كان الاكسجين للدماغ مادة الحياة فهو الحرية للمجتمع ، وإذا كان انقطاع الاكسجين عن الدماغ لفترة خمس دقائقه يحرقه الى الأبد بموت لارجعة منه ويدخل الانسان المرحلة النباتية ؛ فإن انقطاع نسمات الحرية عن المجتمع يحرق الدماغ الاجتماعي ربما الى غير رجعة وهي مأساة ألمانيا الشرقية حالياً التي تتعلم المشي بعد شلل والنطق بعد خرس كما يحدث في المعاقين في مراكز التأهيل .

إذا كانت ألمانيا الشرقية قدر عليها الموت لجيل واحد فإن الأمة العربية ميتة منذ قرون قد ودعت ثقافتها نظم الحياة وتحولت الى متحف لايختلف عن اللوفر في شيء سوى انه يضم أناسي كثيرا ويبقى الأمل بأن الله يحيي الأرض بعد موتها .

كان الضابط الألماني يتنقل من سيارة لأخرى فينحني على الراكب ليسأل ببلاهة سؤالاً واحداً محدداً ليتلقى جواباً واحداً محدداً لايتشابهان الا في الغباء ؟ : هل تحمل أسلحة هل عندك ذخائر ( HABEN SIE WAFFEN ) ؟ وكان الجواب بالطبع لا .... والويل لمن تسول له نفسه فيتندر أو يبتسم أو ينكت في هذا الموقف العصيب ؟!

كان هذا على حدود ألمانيا الشرقية قبل عشرين سنة عندما دخلتها للزيارة فاستقبلني وجه الضابط الأكثر تجهماً من الوجوه الألمانية التي اعتادت الجدية فلاترى وجه المواطن الألماني عادة الا متجهما لايعرف الضحك .

كان الضابط السائل من المانيا الشرقية يقبض راتبه الشهري على طرح هذا السؤال الغبي وهو يدور على آلاف السيارات كما يدور الحمار في الرحى في رواية بائسة عن البطالة المقنعة في الأنظمة الاشتراكية التي تؤمن دخل المواطن بدون أي انتاج .

كان يطرح السؤال على قوافل لاتنتهي من السيارات في زحوف غير حريصة على زيارة ألمانيا الشرقية بقدر حرصها على الوصول الى العاصمة الذهبية برلين في شطرها الغربي التي كان قدرها أن تسكن داخلها كما يختبيء مح البيض الأصفر داخل قشرة بيضة متعفنة يحيطها جدار كلسي جاف قاسي عازل ؟

كانت زيارة ألمانيا الشرقية ليست سهلة يسقط من يتورط فيها في شبكة من معاملات مرهقة مزعجة عليها إشارات استفهام لاتنتهي فإذا دخلها صرف المارك الغربي بالشرقي وهو أضعاف أضعافه ، ولايستطيع أن يشتري مايريد فالنظام يطلب من المواطن أن يشتري حاجته أما الكماليات فقد تعدى حدود النظام وعتى عتوا كبيرا ؟

كان ذلك قبل سقوط حائط برلين وكنت يومها في رحلة اختصاصي في قسمها الذي كان يسمى ألمانيا الغربية أما الشرقي فكانوا لايسمونه ألمانيا الشرقية بل جمهورية المانيا الديموقراطية ( D D R ) في نكتة كبرى عن وطن لم يبق فيه مكان للمواطنة وجمهورية قد تملك أي شيء الا الديموقراطية فلايشمها المواطن المنكوب الا من مسافة سبعين خريفا ؟ يهرب منها الألماني بسبب الى السماء على جناح الريح فيما يشبه قفزات وطواط الليل ، أو مقلداً الأرانب بأنفاق يحفرها في باطن الأرض ، أو أن يدخل مغامرة تكلف الرأس وماحمل عندما نجح مغامر سوري في تهريب عائلة بكاملها في الصندوق الخلفي للسيارة معرضين للاختناق بانعدام التنفس الذي اعتادوه تحت مظلة نظام ( هونيكر ) ، وبعد هذه الحادثة تعلم الشرقيون بعدها أن يضعوا الآلات الراصدة للحم الحي ؟

كانوا ينجحون احياناً وفي الأغلب يطلق عليهم الرصاص فيقتلون أو يموتون اختناقاً أو حرقاً أو غرقاً أو مهشمة عظامهم يسقط أحدهم من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق وهم في طريقهم الى الحرية ؟!

إن سفرا كاملاً يكتب عن قصة رواد الحرية وعشاقها .

في إحدى الأيام زرت مدينة ( فولفسبورغ WOLFSBURG ) لزيارة صديقي أحمد المسقطي وهو يسكن ألمانيا الغربية منذ عشرات السنوات ويعمل في شركة انتاج سيارات ( الفولكس فاجن ) الشعبية و( أودي ) وغامرنا من الاقتراب من حدود المانيا الشرقية وعندما ارجعنا البصر كرتين انقلب الينا البصر خاسئاً وهو حسير فشاهدنا أعشاش المراقبة فوق الاسلاك الشائكة مسلحة بالمناظير المقربة والرشاشات الآلية الجاهزة وسمعنا حركة ( خرطشة ) السلاح وهم يتاملون الطفيلين يقتربان .

إن الشباب جديون جاهزون لحماية المكتسبات الاشتراكية ؟

كانت ألمانيا قد قسمت بعد الحرب العالمية الثانية الى شطرين وفي عمق قسمها الشرقي تقبع برلين بجدارين أشبه بالكروموسومات ( الصبغيات ) الحية مطوقة بنواة الخلية فسور يقسم العاصمة الى قسمين يخترق البيوت والمزارع والحانات فلا قيمة الا للنظام ؟ وسور يغلف ألمانيا الشرقية مثل غلاف الخلية الخارجي ، وكان من يريد زيارة برلين من أراضي ألمانيا الغربية فإن عليه أن يعبر مسافة 300 كم عبر أراضي الدولة الاشتراكية الشقيقة في زيارة غير مرحب بها وجار لايأمن جاره بوائقه ؟ وكانت زيارة مثيرة يدخل فيها الزائر الى عمق أحشاء النظام الاشتراكي فيرى نظام الحياة ونشاط المجتمع ودبيب البشر والبنية التحتية فيما لايستطيع النظام أن يخفيه أو يطبل له ويزمر فتعرف الناس في سيماهم وحركاتهم وأشكالهم

كان نظام ألمانيا الشرقية أقسى امتحان للنظم الشمولية امام دخول الرأسماليين المتكرر عنوة كل يوم الى أحشاء النظام الاشتراكي يتأملونه ويسخرون من عجزه في حراسة مشددة من الارهاب لكيان مصطنع ؟ وهذا ماقدر لي في زيارتي المثيرة التي أخطأت فيها الطريق فدخلت برلين الشرقية بدلاً من الغربية ؟!

اثناء اقامتي الطويلة في ألمانيا الغربية كنا نخترق الأرض الألمانية في شرايين رائعة من الطرقات السريعة وكان أكثر مايلفت نظري ثلاثة أمور : نظافة ترتاح لها النفس ودقة يحار فيها العقل وتنظيم يعشق التفصيلات .

كانت لوحات التوجيه في الطرق من الكثرة بحيث كنت أقول هل وضعت هذه لأغبياء ؟؟ وكنت في الواقع أنا الغبي لإن السر تفتح لي بعد ذلك وعرفت أن هناك خطة في ذهن من وضع خرائط الطرق أن يوصل المواطن الى مرحلة أن لايسأل أحداً ؛ فيهتدي أي انسان الى أي عنوان في كل الأرض الألمانية بدون سؤال انسان واحد ؟ فلاسرعة نظم الحياة ، ولاطبيعة المجتمع الذي لايقوم على العلاقات الشخصية ، ولاتعقيدات الماكينة الحضارية تسمح لك بتضييع الوقت في السؤال ، فالحضارة هي الوقت كما يقول مالك بن نبي ، وعندما يدخل الاحساس بالوقت الى حياتنا نكون قد باشرنا دخول معمل الحضارة ؟ ويصعب على الشعب الثرثار أن يتنبه للصوت الصامت لوقع أقدام الوقت الهارب ؟؟

كل مدينة لها خارطتها تجدها في أي ( محطة بنزين ) وبسعر رمزي وفي مدخل كل قرية لوحة أنيقة في لوح محفوظ من البللور النظيف كقطعة جمالية تعطيك فكرة عن جغرافية الشوارع والأزقة الضيقة فلاحاجة للسؤال او الاستفسار عن العنوان هل يبعد برمية حجر ( مشرق ) خلف مضارب بني هلال ، وليس البيت في دخلة الزرابلية خلف كازية ابو حمدو بجانب الترزي أبو عنتر مقابل نادي الضباط في الملحق من بناية أبو كساب ؟ يكفي أن تعرف أن من تقصد زيارته هو في شارع ( شميدت 13 ) لتلقي نظرة على الخارطة فتعرف أنه الشارع الخامس الى اليمين ؛ فإذا ولجت الشارع كانت الأرقام الهادي الثاني الى سواء السبيل ؛ باعتماد نظام الشفع والوتر فتصل ولو كان الليل يسر أو مع الصبح إذا تنفس ؛ فكل الأرقام الفردية الى اليمين وكل الأرقام الزوجية الى اليسار فلاحاجة أن تتلفت ذات اليمين وذات الشمال كالمجنون فيصدمك أحد من الخلف في زحمة بحثك عن هدفك أو يزمر لك بيد لا ترتفع عن ( البوري ) في جلجلة يوقظ بها الأموات ؟ يكفي أن تعرف الشارع ثم تلتفت الى أحد الجانبين لتتابع بهدوء قيادة سيارتك حتى تصل مأمنك أمام الرقم المطلوب فتقرع الباب ليخرج الصديق مرحبا غير متعجب أنك لم تسأل انسانا واحدا مرة واحدة ؟


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
خالص جلبي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: ثقافة السلم و اللاعنف، الأديان والعلمانية / خالص جلبي




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - رؤيتكِ أجمل ساعة / شيرزاد همزاني
- إطار تفاهمات جديدة بين الولايات المتّحدة والنظام الايراني حو ... / نزار فجر بعريني .
- بمناسبة ذكرى عيد ميلاد لينين ال 154 – نظرة جديدة لثورة أكتوب ... / زياد الزبيدي
- طنجة: مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية يدعو الجهات المسؤو ... / أحمد رباص
- المعابر في بلدان الطوق وقلة الذوق / كاظم فنجان الحمامي
- مطارنة حلب المخطوفين .. (القضية المنسية) / سليمان يوسف يوسف


المزيد..... - اكتشاف ظاهرة تشبه هالة ضوئية على كوكب خارج نظامنا الشمسي لأو ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- السعودية تستضيف اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي بحضور ألف م ...
- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يسجل -انتهاكات جدية- لحقوق ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - خالص جلبي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: ثقافة السلم و اللاعنف، الأديان والعلمانية / خالص جلبي - أرشيف التعليقات - رد الى: واثق السيد - خالص جلبي