أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - د. برهان غليون في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أزمة المجتمعات العربية والموقف من الحداثة والديمقراطية والاسلام / برهان غليون - أرشيف التعليقات - رد الى: غسان المفلح - برهان غليون










رد الى: غسان المفلح - برهان غليون

- رد الى: غسان المفلح
العدد: 170593
برهان غليون 2010 / 10 / 8 - 17:15
التحكم: الحوار المتمدن

الدولة غير السلطة بالطبع. وهذا ما كنت قد أكدت عليه في أكثر من نص سابق. فالدولة مؤسسة، أي مجموعة من القواعد التي تنظم العلاقات بين الأفراد والجماعات، مرتبطة هي نفسها بمهام خاصة، وتتبع في تنفيذ هذه المهام أصولا إجرائية قانونية ثابتة ومعروفة. وهي وإن كانت مقر السلطة العمومية إلا أنها مستقلة عنها. فمهمتها هي بالضبط تنظيم قواعد تداول السلطة وممارستها ومنع انحرافها. وهي مرتبطة ارتباطا عميقا بالدستور والقانون الذين يشكلان النموذج الأمثل لفكرة القواعد الناظمة للاجتماع السياسي.
لكن العلاقة بين الدولة كمؤسسة او منظومة من القواعد والمباديء والأصول التي تقوم بإنتاج السلطة العمومية وضبط ممارستها وأدائها والسلطة المرتبط بفريق يمارسها ويتخذ القرارات استنادا إلى الوكالة التي يملكها، ليست علاقة ميكانيكية. إنها علاقة ديناميكية. فنوعية ممارسة السلطة أو أصول إدائها يمكن أن تؤثر في بنية المؤسسة الدولة، فترسخ روحها الدستورية والقواعدية، وتنشر ذلك على مستويات مختلفة داخل المجتمع، فتصبح السلطة العمومية مستندة هي نفسها على سلطات اجتماعية وفكرية مبثوثة عبر المجتمع وفي ثنايا علاقاتها المتشعبة وهذا ما تقود إليه السلطة الديمقراطية او النظم الديمقراطية والذي يجعلنا نتحدث بعد ذلك عن دولة ديمقراطية خالطين بين الدولة والسلطة.
لكن يمكن أيضا لنوع آخر من ممارسة السلطة أن يقود إلى زعزعة أركان المؤسسة بحيث لا يعود لها قيمة في ضبط السلطة والحد من تغولها على الدولة والمجتمع معا. وننتقل من بناء الدولة والتقدم في تحقيق مفهومها بوصفها دولة قانونية وديمقراطية، وهي صورة الدولة الحديثة الناجزة، إلى مصادرة الدولة والسيطرة عليها من قبل فريق لا تستقيم سلطتها واهدافه وغايات حكمه مع القواعد المؤسسية او تقديم المهام العمومية أو التقيد بأصول إجرائية قانونية وسلمية، ويتخذ إجراءات خاصة تقوض الأساس الدستوري والسياسي الذي تقوم عليه الدولة، وتفتح باب السلطة الشخصية والقيادة الدكتاتورية القائمة على القهر او الغواية الكارزمية والسحر.
ومن الواضح أن الدولة العربية ولدت ضعيفة، سواء اكان ذلك في مؤسساتها الرئيسية من حكومة وبرلمان وقضاء أو في آليات التوازن بينها، او في نضوج تمثلها لمهامها العمومية، أو في رسوخ أصول عملها الإجرائية المرعية. وهذا ما مكن السلطات، بمجرد ان امتلكت القوة الشعبية أو العسكرية، من الالتفاف عليها وتفريغها من مضمونها وتحويلها إلى أداة من ادوات سيطرتها الخارجة عن القانون أو العاملة خارج القانون وعلى هامشه. وبمقدار ما فرغت الدولة من مضمونها، صار بإمكان أي قوة خارجية أن تتحكم بها، وأن تلبس قيمصها وتعمل باسمها لتحقيق مهام وخدمة مصالح ووضع أصول وإجراءات لا علاقة للدولة، كمؤسسة عام ولإدارة الشأن العام، بها.
وقصدي أن الدولة لا تختصر في تماهي الفرد مع العلم والنشيد وربما الرئيس نفسه. فهذا هو جزء من الرمزية المتبقية التي يستثمرها أيضا أصحاب المشاريع الخاصة. فالدول تتلخص في البنية المؤسسية التي تجسدها الدساتير والقوانين الناظمة لعمل الأفراد جميعا، مسؤولية وغير مسؤولين، والقائمة فوقهم، وفي المهام الوطنية أو المصالح العمومية التي ينتظر منها تحقيقها، وفي الالتزام بالأصول الاجرائية الخاصة بتنفيذ المهام والتي لا يمكن تجاوزها من دون المساس بطبيعة هذه المهام وغاياتها. فإذا اهتزت القواعد الدستورية والقانونية وصار بإمكان مسؤولي الدولة تغيير الدستور أو حتى إصدار القوانين او طلب التصويت عليها حسب مصالحهم ومصالح أنصارهم وأٌقاربهم ومشاييعهم، وإذا استخدمت اجهزة الدول وسلطتها من أجل تشليح الناس أو اضطهادهم والضغط عليهم لاجبارهم على التخلي عن مصالحهم، وتسهيل تسخيرهم لخدمة أغراض السلطة والفئة الحاكمة، بدل السهر على تاهيلهم وتنظيم مصالحهم ورعاية ضعفائهم وتكافلهم، وإذا دخلت المحسوبية والزبائنية على حساب الأصول القانونية المرعية، واستخدمت وسائل االعنف، كالاعتقال والخطف والقتل والإساءة المادية او المعنوية للأفراد، من اجل ردعهم وإبعادهم وحرمانهم من حقهم في المطالبة بحماية الدولة ورعايتها لهم، إذا حصل بعض ذلك أو كله، فقدت الدولة من دون شك هويتها، وتحولت إلى قشرة فارغة. وقد تبقى موحدة إذا توفرت القوة الكافية للضبط بالعنف للفئة الممسكة بها، وقد تنهار إلى دويلات إو بالاحرى إمارات سلطوية متعددة، كما هو الحال في الصومال وأفغانستان. لكن ما يربط السلطة بالأفراد في هذه الحالة ليس القانون ولا المواطنة ولا الوطنية أو الشعور بالرابطة السياسية كرابطة تعاون وتكافل وتضامن بين مجموعة إنسانية، وإنما العنف والخوف والاستسلام والتسليم بالأمر الواقع وغياب الخيارات الأخرى. وفي هذه الحالة لا يبقى من الدولة لا الدولة بمعناها المؤسسي، ولا السلطة العمومية التي تسيرها وترعى مصالح المجتمع وتبحث عن القاسم المشترك الذي يوحدها. ما يبقى هو سلطة الميليشيات الخاصة التي تستخدم الدولة ورمزياتها وجهاز تنظيمها وإدارتها المدنية والعسكرية، وشرعيتها الدولية، من أجل تعظيم مصالحها وزيادة نفوذها في الداخل والخارج وضمان سيطرتها. وهي ما ينبغي أن نسميه مضاد الدولة أو الدولة المضادة، الدولة ضد الأمة كما عنونت أحد كتبي القديمة.
ا


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
د. برهان غليون في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أزمة المجتمعات العربية والموقف من الحداثة والديمقراطية والاسلام / برهان غليون




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - القارئ لا يقرأ الرواية. بل يقرأ الكاتب/بقلم خوسيه ساراماغو - ... / أكد الجبوري
- رحلتي / صالح مهدي عباس المنديل
- حرب المهاجرين واحتلال دول / عماد الشمري
- وطنية الكنيسة القبطية الارثوذكسية / محمد رجب التركي
- الدواء الكوبي Heberprot-P مرخص للتجارب الطبية في الولايات ال ... / الحزب الشيوعي الكوبي
- هل الحياة عادلة ؟ / محمد قصي القرمزي


المزيد..... - القبض على جندي أمريكي في روسيا.. والكرملين لـCNN: يجب أن يحا ...
- بايدن وعاهل الأردن يؤكدان التزامهما بالعمل للتوصل إلى وقف مس ...
- عربة الإنزال المطورة تشارك في عرض النصر بمدينة تولا الروسية ...
- -حمام دم ومجاعة-.. تحذيرات من عواقب كارثية للهجوم على رفح
- -روستيخ- تطور منظومة جديدة لتوجيه الآليات في ظروف انعدام الر ...
- عالم يحل لغز رموز أثرية غامضة في العراق تعود إلى عام 700 قبل ...


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - د. برهان غليون في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أزمة المجتمعات العربية والموقف من الحداثة والديمقراطية والاسلام / برهان غليون - أرشيف التعليقات - رد الى: غسان المفلح - برهان غليون