|
رد الى: عبد الرحمن دارا سليمان - برهان غليون
- رد الى: عبد الرحمن دارا سليمان
|
العدد: 170563
|
برهان غليون
|
2010 / 10 / 8 - 15:04 التحكم: الحوار المتمدن
|
بداية ليس الحل للأزمة في الايديولوجية، دينية كانت أم قومية أم ماركسية. الحل هو في التنظيم والعمل من أجل تغيير الواقع والوقائع، ووظيفة الايديولوجية هي توجيه هذا العمل وتحديد اتجاه بذل الجهد وموقع الاستثمار الانجع لهذا الجهد. وتغببر واقع المجتمعات يكون من خلال إصلاح أو تغيير المؤسسات التي تنظم شؤونها وتتحكم في استثماراتها فتنميها أو تهدرها. وأهم هذه المؤساسات مؤسسة سياسة المجتمع ووضع قواعد عمله الكبرى، وتوزيع الموارد والمسؤوليات والمساءلة فيها، أعني الدولة. لكن إصلاح نظام الدولة وقواعد تداول السلطة وممارستها، وتحديد مهامها الرئيسية ونوعية أدائها، لا يكفي وحده وإنما هو مقدمة ضرورية وشرط لاصلاح المؤسسات الاخرى التي لا حياة لمجتمع في العصر الحديث من دونها، وهي مؤسسات الإدارة المدنية والأمنية، والتعليم والتربية والبحث العلمي والعبادة، والانتاج والاقتصاد، واالبيئة والمجتمع، إلخ. والسؤال هو على ضوء أي فكرة أو عقيدة أو ايديولوجية ينبغي توجيه عمل الاصلاح، وأي منها هي الأقدر على تحقيق هذا الاصلاح ومواجهة الأعطاب والنواقص والعجوزات والأداءات السيئة التي نشكو منها في جميع المجالات. أنا من الذين يقولون أن الاصلاح ليس مسألة نظرية وإنما هو في المجتمعات مسألة عملية تتعلق بالتفاهم بين القوى الاجتماعية ذات الرؤى والمصالح المتباينة والمتعددة. وما يسيء إلى جهودنا ويحرمنا من فرص التفاهم على مضمون الاصلاح وبالتالي على تحقيقه، لا يرجع لا إلى الاسلام الذي هو دين الأغلبية وجزء لا يتجزأ من ثقافتنا وهوية الجميع، ولا القومية التي هي انعكاس لخيارات سياسية قد تتحقق وقد لا تتحقق، ولا الماركسية التي هي نظرية في تحليل الديناميات الاجتماعية، وإنما في غياب الطريقة او المنهج الذي يسمح لجميع المؤمنين بهذه الايديولوجيات والآخذين بها بالحوار الجدي والتفاهم والتداول للوصول إلى رؤية مشتركة وموضوعية في تحديد مضمون الاصلاح ووسائله. فالديمقراطية بالنسبة لي هي التي تسمح لنا ببناء علاقات تخرجنا من دائرة النفي والانكار والتشهير والتحييد المتبادل، وتفتح لنا مجال الحوار الجدي والمسؤول لتحديد النواقص وبلورة الاجابات الكفيلة بإخراجنا من الازمة والمازق الراهنين. فلا تعني الديمقراطية خيارات جاهزة وناجزة، إسلامية أو قومية أو ماركسية، ولا انقلابا سياسيا بطربقة أو أخرى، ولكنها تقدم إطارا، أي مجموعة من القواعد والمباديء والقيم التي تمكننا من التعايش والتفاعل في ما بيننا لبلورة الخيارات السليمة، أي المقبولة من الأطراف جميعا، وللتوصل إلى الحلول المطلوبة والمنشودة. والديمقراطية بهذا المعنى ليست عقيدة جاهزة ولا انقلابا سياسيا ولا حلا جاهزا، وإنما هي منهج في العمل الجماعي والوطني يسمح بتعايش جميع العقائد والرؤى والقوى السياسية المختلفة، ويقدم لها وسيلة لتجاوز خلافاتها والتوصل إلى تفاهمات وإجماعات ضرورية لاستمرار الاجتماعي السياسي في الوقت نفسه. فإذا قبلنا بهذا المنهج وحولناه إلى قاعد تضبط عملنا المشترك وتوجهه، وعمل كل منا، في مجاله، على ترسيخ مبائدها والتقيد بها، نكون قد بدأنا من دون أن نشعر في بناء السلم الذي نصعد عليه من الحفرة التي وقعنا فيها بسبب عجزنا عن ضبط نزاعاتنا وهدر بعضنا جهود البعض الآخر، كما نكون قد امتلكنا السلاح الذي يمكننا من جمع جهودنا وتثميرها في تطوير أنفسنا ومجتمعاتنا.
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
د. برهان غليون في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أزمة المجتمعات العربية والموقف من الحداثة والديمقراطية والاسلام / برهان غليون
|
|
لارسال هذا
التعليق الى شبكات
التواصل الاجتماعية
الفيسبوك، التويتر ...... الخ
نرجو النقر أدناه
|
تعليقات
الفيسبوك
|
|
|
المزيد.....
-
تَرْويقَة: -إذا أردتَ الاقتراب من قلبي...-* لخورخي روخاس- ت:
...
/ أكد الجبوري
-
الديالكتيك*
/ إشبيليا الجبوري
-
عرض موجز لكتاب رزكار عقراوي الذكاء الاصطناعي
/ طارق فتحي
-
صداقة مع الله (16)
/ نيل دونالد والش
-
إعادة التدوير السياسي: حين تصر الدولة على استدعاء الماضي وتج
...
/ ويصا البنا
-
الفصل الثالث : ألفاظ التشريع ( الحلال والحرام ، الاجتناب ولا
...
/ أحمد صبحى منصور
المزيد.....
-
الحكومة البريطانية تتولى إدارة آخر مصنع للصلب بسبب قرار لمال
...
-
لندن.. تحذير من تراجع مؤشر الديمقراطية
-
قطاع غزة.. رحلة البحث عن الوقود
-
إيران وأمريكا تجريان محادثات -إيجابية- في عُمان وتتفقان على
...
-
B?n c? long d??ng 789club – Cu?c phiêu l?u h?p d?n gi?a bi?n
...
-
بعد وفاة مصممة الأزياء المغربية.. مضاعفات عمليات شفط الدهون
...
المزيد.....
|