أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - د. برهان غليون في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أزمة المجتمعات العربية والموقف من الحداثة والديمقراطية والاسلام / برهان غليون - أرشيف التعليقات - رد الى: نوئيل عيسى - برهان غليون










رد الى: نوئيل عيسى - برهان غليون

- رد الى: نوئيل عيسى
العدد: 169932
برهان غليون 2010 / 10 / 5 - 23:06
التحكم: الحوار المتمدن

الحركات الشيوعية واليسارية عموما شكلت جزءا من قوى حركة التحرر الوطني في العالم العربي والعالم الثالث أجمع. فهي مشمولة في تحليلي لهذه الحقبة. ومهام هذه الحركة التي اعتبرها فصلا مهما من فصول سيرورة الحداثة، التي تعني في نظري التحويل الديمقراطي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمعات، وإدراجها في الزمانية الحضارية الجديدة، هي ثلاث رئيسة: الاستقلال السياسي وتكريس السيادة الناجزة التي لا دولة حرة ولا رجال أحرار من دونها، وبناء الدولة الوطنية التي تعيد تكوين المجتمعات على أساس مفهوم الشعب والمواطنة مقابل العصبيات المذهبية والإتنية، وفي بلادنا القطيعة العميقة بين أبناء الريف وأبناء المدن، وثالثا استدراك التأخر بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والارتقاء بمستوى تأهيل السكان ومعيشتهم. وقد ارتبط انجاز هذه المهام الثلاثة في الخمسينات والستينات بالحركات القومية العربية لأنها هي التي نجحت في أخذ زمام المبادرة وقادت عملية تطبيق هذه المهام وتنفيذها في الواقع. ولعل هذه القيادة التي لم تكن دائما على مستوى عال من الصرامة والعقلانية هي من أهم أسباب فشل حركة التحرر الوطني في البلدان العربية.
على أن مصير هذه الحركة لم يكن أفضل كثيرا في معظم بلدان العالم الثالث الأخرى. فباستثناء الصين والهند اللتين يشكلان كل منهما لوحدها قارة كاملة لا يمكن للقوى الاستعمارية المتراجعة التحكم المستمر بها، لم تنجح أي حركة تحرر وطني في تجاوز حدود الاستقلال السياسي نحو ما هو أبعد منه. وبقيت جميعا رهينة شبكة المصالح والقوى والنفوذ الامبريالية المجسدة في هيمنة نواة الدول الكبرى الصناعية أو في تسلط شركاتها الرأسمالية العملاقة العابرة للقارات، بما في ذلك فيتنام التي كانت مثالا للتضحية في الكفاح ضد الامبريالية.
وليس صحيحا أن حركة التحرر الوطني ومنها الحركة القومية لم تكن سوى شعارات فارغة وعنتريات لم تفض إلى شيء. لقد كانت وراء تصفية الاستعمار وتحرير البلاد العربية من القواعد الأجنبية التي كانت رمزا للتحكم الخارجي بمصائر الشعوب وقرارها، ووراء بناء الدولة بمفهومها الوطني وتأسيس القاعدة الاقتصادية وإصلاح العلاقات الريفية المدينية لصالح إدماج المجتمع الريفي في الحياة السياسية والعمومية، وتعميم التعليم، وإصلاح الأزهر وتحويله إلى جامعة علمية، وتوسيع دائرة المستفيدين من الخدمات الاجتماعية ودعم الثقافة والفنون كما لم يحصل في أي حقبة من تاريخ المجتمعات العربية السابق. فإذا كان كل هذا لا يساوي شيئا في معيار الحداثة فلا أدري عن أي حداثة نتحدث.
لا شك أننا نميل اليوم إلى تجاهل كل هذا لأنه أصبح بديهة وأمرا طبيعيا في واقعنا. لكن الحقيقة أننا لا زلنا نعيش على هذه الإنجازات، أو ما تبقى حيا يرزق منها. فحقبة ما بعد الحركة القومية لم تقم بأي إنجاز ولكنها ستهلكت ما تم من قبل من إنجازات وهدرته وخربته وأفسدت معنى الاستقلال ومعنى الوطنية ومعنى العداء للاستعمار والثورة الصناعية والزراعية.
والذي يجعلنا نخطيء التحليل هو خلطنا المستمر بين حقبتين متناقضتين تماما وإن كانتا متعاقبتين ومتداخلتين: الحقبة القومية أو حقبة التحرر الوطني، وحقبة الردة التي بدأت بالانقلاب على الأهداف الوطنية والاجتماعية منذ استلام الرئيس السادات السلطة في مصر. والذي يساعد على هذا الخلط ويشوش الرؤيا، ويثير النقمة على المباديء والقيم الوطنية لحقبة الثورة على السيطرة الاستعمارية، هو أن النخب التي حكمت في الحقبة التالية للحركة التحررية خرجت من أحشاء هذه الحركة، لكنها قامت في الواقع على أنقاضها وفي عداء مكشوف لها. فكانت تستحق بحق اسم حقبة الردة. ولا يغير من هذا الواقع أنها سعت دائما إلى التمسح بها والتعيش على تراثها وهي تشتم فيها وبمبادئها، من أجل الحفاظ على مسحة من الشرعية المستعارة بسبب افتقارها، وهي بنت المؤامرات والانقلابات والدسائس الشخصية، لأي شعبية. ولا أرى أن التوحيد بين مبارك وعبد الناصر أو بين عبد الكريم قاسم وصدام حسين أو بين بومدين وبوتفليقة أو بين بورقيبة وبن علي وغيرهم كثبر، يحمل الكثير من الظلم لجيل من القادة كان رمزا للإرادة الوطنية، بالرغم من جميع أخطائه، وقدم مثالا للإخلاص والتضحية، يتناقض تماما مع جيل الردة المافيوزي، ولكن أخشى أن يكون مثل هذا التوحيد سببا في إساءة فهم التاريخ وزيادة التشويش على الأجيال الجديدة ورمي الوليد مع ماء الولادة الوسخ. ومن المؤلم أن يقع المثقفون انفسهم في الخطأ، فيعتقدون أن من يحكم اليوم هي الحركات الوطنية نفسها التي ناضلت من أجل تحرير بلدانها وتمكينها من حيازة فرص التقدم والحداثة الناجزة، وأن النظم الفاسدة والمتفسخة التي قادت البلاد إلى الهاوية هي الوريثة الشرعية للحركة الوطنية، فقط لأنها لا تزال مستمرة باستخدام الشعارات ذاتها بعد أن أفرغتها من محتواها وحولتها إلى غطاء للقمع لا أكثر.
ولن نفهم من تاريخنا الحديث شيئا إذا لم ندرك أن ما نعيشه منذ السبعينات، ليس إنجازات حركة التحرر الوطني العربية وإنما نتائج إخفاقها والارتداد عنها واغتيالها. وأن سياسة الارتداد والانتقام هذه من الحقبة الوطنية، أي من إرادة التحرر العربية، هي المسؤولة عما يجري في مجتمعاتنا اليوم، تماما كما كانت سياسات الحركة الوطنية التحررية القومية هي المسؤولة عن الفشل الذي لحقنا نيتجة في حركتنا التحديثية نتيجة اختلال الرؤيا والروح الشعبوية وانعدام الصرامة السياسية وسيطرة الحزازات والنزاعات الداخلية، والمواجهات الدامية بين القوى القومية واليسارية التي شلت قوى الأمة، في الوقت الذي كان من المفروض فيه تكتيل القوى لربح رهانات الاستقلال الناجز والتنمية المستقلة.


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
د. برهان غليون في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أزمة المجتمعات العربية والموقف من الحداثة والديمقراطية والاسلام / برهان غليون




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - قصيدة وهى / محمود العياط
- كورماك مكارثي: كاتب قوي كتب بشكل جميل عن نهاية العالم والانق ... / محمد عبد الكريم يوسف
- قصة قصيرة (قميص شاعر) / سمرقند الجابري
- عن ( الفساد الدينى / زهق / ألا ليت الشباب يعود يوما / تقبّل ... / أحمد صبحى منصور
- # أمة مأزومة ومهزومة # حسبما يقولون ويقرون هؤلاء / صلاح زنكنه
- ما تحتاج إلى قراءته قبل أن تقرأ كانط ، الدكتورة أنيا شتاينبا ... / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد..... - حفلات زفاف على شاطئ للعراة في جزيرة بإيطاليا لمحبي تبادل الن ...
- مباحثات مهمة حول القضايا الدولية تجمع زعماء الصين وفرنسا وال ...
- مصدر فلسطيني: حماس تتجه إلى وقف مفاوضات تبادل الأسرى بعد تهد ...
- -انتحل صفة غير صحيحة-.. فيديو اعتقال مواطن في الرياض والأمن ...
- مدير الأونروا في غزة: المكان الذي وجه الجيش الإسرائيلي بعض س ...
- الخارجية الروسية تستدعي سفير بريطانيا في موسكو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - د. برهان غليون في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أزمة المجتمعات العربية والموقف من الحداثة والديمقراطية والاسلام / برهان غليون - أرشيف التعليقات - رد الى: نوئيل عيسى - برهان غليون