أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - د. برهان غليون في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أزمة المجتمعات العربية والموقف من الحداثة والديمقراطية والاسلام / برهان غليون - أرشيف التعليقات - رد الى: حميد كشكولي - برهان غليون










رد الى: حميد كشكولي - برهان غليون

- رد الى: حميد كشكولي
العدد: 169302
برهان غليون 2010 / 10 / 4 - 00:37
التحكم: الكاتب-ة

لا، لا أعتقد أن العلمانية، حتى في تطبيقاتها العربية الناقصة أو المشوهة قد شكلت ضررا للمجتمعات. ولم تكن فكرة العلمانية الانسانية موجهة للحكومات التي لا تستطيع، وهي غير ديمقراطية، وفاشلة على مستوى برامجها العلمية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية، أن تستقل عن الدين كمصدر لشرعية إضافية أو جانبية. العلمانية الانسانية كانت شعارا موجها بالأساس ضد أولئك الذين يجعلون من العلمانية حصان طروادة ضد الديمقراطية والمشاركة الشعبية والمساواة الأخلاقية والقانونية بين الأفراد، أي يجعلون من تدين البعض مبررا لشرعنة نظام الإقصاء والتمييز والقهر. فيوجهون العلمانية ضد القيم الإنسانية العميقة التي كانت وراء نشوئها، وفي مقدمها احترام الانسان ووحدة الانسانية، بصرف النظر عن اختلاف الاعتقادات وتضارب المذاهب الدينية والفلسفية.

بالنسبة لقضية الاستعمار ومشاريع البناء والتحديث، هناك اليوم بالفعل حنين للاستعمار، لست أنت بالتأكيد من ممثليه. وهو حنين يفسره ما تشهده الشعوب من ظلم وقهر ومصادرة الحريات ونهب الموارد، وما تقود إليه خيانة النخب من فوضى واضطراب واقتتال. وليس من المبالغة ما يسود عند أغلبية الناس من اعتقاد بأن الدولة كانت أكثر تعبيرا عن الصالح العام وأكثر التزاما بتطبيق القانون، وبالمساواة بين المواطنين، بصرف النظر عن عشيرتهم وطائفتهم، وبالتالي مقدرة على بسط الأمن والاستقرار، وخلق فرص التنمية والبناء، في عهد الاستعمار مما هي عليه الآن. فما نعيشه اليوم هو حقبة تفكك الدول واستعمارها من الداخل من قبل نخب أكثر ما يميزها هو ضحالة الثقافة وانعدام الوطنية وسوء الإدارة وغياب الشعور بالمسؤولية. وهذا ما يتفق مع نظام الهيمنة الراهن وما يستجيب لحاجات الرأسمالية الكمبرادورية التي تسيطر سيطرة لا شريك لها على مصائر المجتمعات العربية.
بيد أن هذا لا يعني أن الحقبة الراهنة خالية من أعمال الإشادة والبناء. إنما ليس في الحقول التي كانت أساسية في وقت الاستعمار الاول حيث كان بناء الإدارة الحديثة شرطا للتمكين للسيطرة الأجنبية ولإضفاء الشرعية عليها في الوقت نفسه. البناء يتركز هنا في حقل الاقتصاد، والأسواق الحرة وغير الحرة، ومراكمة الثروات، كما يتركز في بناء الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تشكل جزءا لايتجزأ من عدة السيطرة الداخلية لحماية الاقتصاد الريعي ورأسمالية المضاربة، ونسف القانون، وتعزيز التفاهم والتحالف مع قوى الهيمة الدولية. فكما كانت النخب المحلية تستمد قوتها ونفوذها في العهد الاستعماري الاول من المشاركة في بناء الدولة الوطنية والصراع من أجل تحويلها إلى دولة مستقلة وسيدة، تستمد التخب الراهنة قوتها ونفوذها وبأسها، بالعكس، من تفجير الدولة من الداخل للاستفراد بمواردها وموارد المجتمعات، أي كشرط لبناء اقتصاد المضاربة والنهب والسلب الذي يشكل رصيدها وأساس اندماجها في نظام الهيمنة الدولي القائم واشتراكها فيه.
لكن ليست المقارنة بين الحقبتين هي التي تزعج هنا، وإنما ما تغيبه هذه المقارنة، أي طمسها تماما الحقبة الرئيسية التي تستحق التفكير والتأمل والمراجعة والنقد والتصويب، بوصفها حقبة المبادرة المحلية من أجل التحرر من الاستعمار والسعي إلى بناء الأوطان معا، أقصد حقبة التحرر الوطني التي شهدتها معظم مجتمعات العالم الثالث في الخمسينات والستينات. فمن دون فهم هذه الحقبة وأسباب إجهاضها أو إخفاقها، ليس لتاريخ الشعوب النامية أي معنى سوى التأكيد على عجزها عن مواجهة تحديات العصر والارتقاء إلى مستوى الفاعل التاريخي. وهذا فعلا ما تريده وتعمل عليه الدعاية الامبريالية الراهنة. فتيئيسس الشعوب من نفسها وضرب ثقتها بقدراتها وترسيخ الاعتقاد لديها انها كانت ولا تزال وستبقى شعوبا غير قادرة على ولوج الحداثة أو التحرر أو التطور أو البناء، هي الايديولوجية الحقيقية للهيمنة الامبريالية الجديدة.
وفي نظري أن هذه الحقبة كانت، بعكس من الحقبتين الاستعماريتين القديمة والراهنة، حقبة بناء وتأسيس قانوني وسياسي وفكري واخلاقي معا. وإخفاق هذا البناء وفشل تجارب التحرر الوطني والانعتاق السياسي والاجتماعي والاقتصادي لا ينبغي أن يقلل من مغزى هذه الحقبة ولا أن يدفعنا إلى نسيانها أو تناسيها. بل إن البناء لن يكون ممكنا في المستقبل إلا بدراسة نقائص هذه التجربة التحررية وأخذ العبر منها حتى يمكن تجاوزها في التجربة القادمة، تجربة التحرر والانعتاق والبناء الاجتماعي، التي لا مهرب لأي مجتمع من خوضها إذا لم يرد أن يحكم على نفسه بالتأخر والتحلل والتبعية الدائمة.


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
د. برهان غليون في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أزمة المجتمعات العربية والموقف من الحداثة والديمقراطية والاسلام / برهان غليون




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - ضوء تحت أقدامها / وهاد النايف
- من فضلك لا تشتم العرب / محمد رضا عباس
- الفشل في القاهرة الحلقة الأخيرة قبل قيام الممالك السبع / أفنان القاسم
- قطوف من -خزامى- سنان أنطون / فيحاء السامرائي
- كراسات شيوعية (أوكرانيا) أرض المواجهة بين الإمبريالية وروسيا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مأساة غزة واليسار العالمي / سليم زاروبي


المزيد..... - موظفو مستشفى أمراض نفسية -يستخدمون طفلة مريضة- في تعنيف آخر. ...
- كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش ...
- بريق الذهب يُغري المُقبلات على الزواج في الأردن والشباب يستد ...
- الغضب يجتاح مدينة تونسية بسبب تدفق المهاجرين الأفارقة الراغب ...
- يونيسف: 600 ألف طفل في رفح الفلسطينية مهددون بكارثة وشيكة
- وفاة -النحيف-.. رحيل أول مدرب قاد الأرجنتين للفوز بكأس العال ...


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - د. برهان غليون في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أزمة المجتمعات العربية والموقف من الحداثة والديمقراطية والاسلام / برهان غليون - أرشيف التعليقات - رد الى: حميد كشكولي - برهان غليون