|
رد الى: نهر من المحبة - ياسين الحاج صالح
- رد الى: نهر من المحبة
|
العدد: 160520
|
ياسين الحاج صالح
|
2010 / 9 / 7 - 16:32 التحكم: الكاتب-ة
|
يبدو لي أن هذا التدخل يحمل السمات الجوهرية للطرح الثقافوي: تحويل مشكلاتنا التاريخية النسبية المركبة إلى عاهات جوهرية مطلقة وبسيطة (بمعنى ثقافية فقط)، وتاليا جعلها مستحيلة الحل. والأخ -نهر من المحبة- لا يترك ذلك لاستنتاجنا، فهو يقول بالفعل إن -قوة إلهية وليست بشرية- هي ما قد تخلصنا. ولا يطالب بأقل من غسل عقول الأكثرية الساحقة من الناس لدينا، أي اعتماد تلك الآلية التوتاليتارية المجربة: غسل الأدمغة! ونجد هنا أيضا السمة الأسلوبية المعتادة للطرح الثقافوي: التهويل والمبالغة، في عبارات من نوع 1000 قرن وقوة إلهية وعودة إلى العصور الوسطى... وكذلك صنع الصور النمطية الثابتة: عقولهم بين فخذيهم. وكذلك أيضا الخلل المعتاد في المحاكمة عند الثقافويين، العلمانيين منهم والإسلاميين، الذي ألخصه في عبارة: باسمه، إذن بسببه (أو بفضله)! باسم الإسلام، إذن بسبب الإسلام (أو بفضله)؟ كأننا لسنا بشرا نعيش في مجتمعات في شروط عيانية معقدة مثل غيرنا، ونعاني من مشكلات حياتية متنوعة، وتتحكم بنا أوضاع وقوى قلما نتمكن من ضبطها أو التحكم بها! كأننا لا نكف عن استشارة القرآن في كل ما نفعل، فلا حاجة لفهم مجتمعاتنا المعاصرة غير اطلاع على القرآن ومعرفة أشياء قليلة متناثرة عن هذا الكائن الغريب الذي اسمه -الإسلام-. ووفقا لهذا -المنهج-، إذا فجر إسلامي فلسطيني بنفسه وبأعدائه في فلسطين فبسبب الحور العين والغلمان وأنهار العسل واللبن في الجنة! لكن إن كان هذا صحيحا فلماذا لا يفجر جميع المؤمنين أنفسهم؟ ولماذا لا يفعلون ذلك إلا في بلدان تعاني من مشكلات كيانية جذرية، مثل فلسطين والعراق وأفغانستان..؟ لست مع هذه العمليات، بل أراها تسيء إلى قضايا الشعوب المعنية حتى حين تستهدف أعدائهم حصرا، لكن ليس من العقلانية أو العلمانية في شيء تفسيرها وفقا لهذه الآلية -المثالية- والعامية. هذا فوق أن من يركزن عليها حصرا يمارسون ضربا غير أخلاقي في رأيي من -لوم الضحايا- (تعبير إدوارد سعيد)، ويقومون بإعفاء المعتدين الأقوياء من المسؤولية. وهذا باسم حداثة تنجذب آاليا إلى الغني القوي المزدهر الحال، وتنفر غريزيا من الفقير البائس المهمش. نعم، هناك فوضى دينية عارمة في الإسلام المعاصر. مفتين وفتاوى من كل نوع، وهذه ليست متضاربة فقط، وليس كثير منها خلو من أي محتوى أخلاقي فقط، وإنما هي مؤشر على أزمة عميقة في الإسلام تتجاوز الإفتاء والفقه إلى مجال العقائد والعبادات والأخلاق والذهنية العامة، بما يوجب حركة إصلاحية واسعة. وأزمة الإسلام يمكن أن تكون في تقديري محركا للتجدد الثقافي. كان الإسلام ميثاقنا مع العلم طوال 14 قرنا، وأصور أننا في حاجة إلى ميثاق جديد، الأمر الذي يمكن تحققه دون إعادة هيكلة أو إصلاح ميثاقنا القديم ودون تحويل علاقات السيادة العقلية والسياسية بين الميثاقين لمصلحة الأحدث منهما. الإسلام ليس علما ولا يستطيع منافسة العلم في شرح العالم، وعقيدة الإعجاز العلمي سخيفة ومتهافتة. والإسلام ليس دولة ولا يسعه أن ينافس الدولة الحديثة في ولايتها العامة، وعقائد الحاكمية الإلهية وتطبيق الشريعة فاسدة ورجعية. وأخيرا ليس الإسلام هو -الأمة-. إنه طائفة فحسب في مجتمعاتنا المعاصرة. قد تكون طائفة كبيرة، لكنها تبقى طائفة. وتاليا لا يمكن للسياسة الإسلامية إلا أن تكون طائفية. تناولت جوانب من هذه الأزمة في مقالات ودراسات متنوعة في السنوات الأخيرة، بعضها منشور وبعضها غير منشور، وآمل أن أجمع الكل في كتاب في العام المقبل.
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
ياسين الحاج صالح في حوار مفتوح مع القراء والقارئات حول : اليسار والإسلام و... اليمين / ياسين الحاج صالح
|
|
لارسال هذا
التعليق الى شبكات
التواصل الاجتماعية
الفيسبوك، التويتر ...... الخ
نرجو النقر أدناه
|
تعليقات
الفيسبوك
|
|
|
المزيد.....
-
توازن الثبات والإرادة المستديرة/ شعوب الجبوري - ت: من الألما
...
/ أكد الجبوري
-
كما لو أنها
/ بلقيس خالد
-
ترحب دولي بقرار الجنائية الدولية -باعتقال نتنياهو وغالانت-
/ سري القدوة
-
بِطاقةٌ حمَّالةٌ للقَهَر
/ علي الجنابي
-
كتابة التاريخ ليست مسألة إثبات أو طعن، بل هي أمانة علمية وأخ
...
/ ديار الهرمزي
-
أفكار في رسم خريطة طريق لحل استراتيجي لإشكالية الطائفية في ل
...
/ حسن خليل غريب
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
أعراض غريبة تعني إصابتك بفقر الدم.. اعرفها
-
برشلونة يتعثر على ملعب -بالايدوس- في الوقت القاتل
المزيد.....
|